مخلف الشمّري: رجلٌ بقامة وطن
يقف مخلف الشمري مداناً بالإساءة إلى صورة المملكة،
لكن محاكمته وإدانته، وليست أقواله أو أفعاله، هي التي
تلطخ سمعة المملكة
(جو ستورك)
اعتقلوه جزافاً فرفع دعوى على المباحث في حالة نادرة
فكسبها، وطُلب من المباحث التعويض عن السجن، فرفضت لثلاث
مرات فقط؛ ومن سخرية القدر ان آخر تأكيد للتعويض جاء بعد
أيام من الأمر باعتقاله مرة ثانية!. والاعلام الحكومي
لم يشأ ان يذكر حتى اسمه في قضية انتصاره على ظلم المباحث!
جهاز المباحث لا يبحث عن تعويض وانما عن انتقام من
كل الناشطين الحقوقيين، وفي مقدمهم الشيخ مخلف الشمري،
الذي تم تدبير محاولة اغتيال له لم تصبه في مقتل، ولازال
يجرجر في دهاليز (ذات القضاء) بتهمة تشويه سمعة الدولة!
وقد حُكم عليه مؤخراً بالسجن خمس سنوات وبالمنع من السفر
١٠ سنوات!
الحكم استثار الكثيرين، فأصدرت العفو الدولية بياناً
للتحرك العاجل بشأن الناشط الحقوقي والمحامي مخلف بن دهام
الشمري وقد اثارتها الإتهامات ايضا والتي كان من بينها:
الاخلال بالنظام العام، وتشويه سمعة المملكة، وانتهاك
قانون تكنولوجيا المعلومات، وبذر الفتنة، وغيرها من الإتهامات
المرسلة التي تطلق على كل معتقلي الرأي تقريباً. بل ان
الادعاء العام اتهمه بالردّة وطالب باعدامه قبل أن يسحب
طلبه ذاك.
ورأى تقرير العفو الدولية العاجل بأن الشمري سيكون
معرضاً للتعذيب، حيث تجري محاكمته في محكمة مختصة بقضايا
الإرهاب، وقد بدأت محاكمته في ١١ مارس ٢٠١٢، بعد ١٦ يوماً
من خروجه من اعتقال دام ٢٠ شهراً، تعرض خلالها للتعذيب
والضرب المبرح والتسمم. وتؤكد العفو الدولية بان مخلف
الشمري له تاريخ طويل في العمل من اجل حقوق الإنسان في
السعودية ويتبين من خلال كتاباته ونشاطاته انه مدافع عن
حقوق الأقليات والمرأة. وقد أدان بيان المنظمة العقوبة
لمجرد ان الشمري مارس حقه في حرية التعبير السلمي، وطالب
بتوفير محاكمة عادلة ومحاكمة المسؤولين عن التعذيب، وحثّ
السلطات على انهاء مضايقتها واضطهادها للمدافعين عن حقوق
الإنسان.
وتعتقد العفو الدولية أن السلطات السعودية قد قامت
مؤخراً بحملة واسعة النطاق من الاضطهاد للمدافعين عن حقوق
الإنسان، من خلال المحاكم والإجراءات التعسفية مثل المنع
من السفر. وقد استهدفت السلطات النشطاء الذين لجأوا إلى
القضاء طلباً للتعويض عن انتهاكات وزارة الداخلية أو قوات
الأمن أو أولئك الذين انتقدوا مؤسسات الدولة لتقصيرها،
كما أظهرت السلطات عدم التسامح خاصة تجاه الذين كشفوا
الانتهاكات ضد أبناء الطائفة الشيعية بالمملكة العربية
السعودية.
من جهة أخرى، أصدرت هيومن رايتس ووتش بياناً تحت عنوان
(القمع على النشطاء يشتدّ) بشأن الحكم على الناشط الحقوقي
مخلف الشمري. وقال جو ستورك نائب مدير قسم الشرق الأوسط:
(الشمري هو الأخير في طابور نشطاء حقوق الإنسان السعوديين
المستمر في التمدد، ممن يُحالون إلى المحاكم ويوصمون بالإجرام
لممارستهم حقهم في حرية التعبير). وأضاف: (على الملك عبد
الله أن يصلح نظام العدالة الجنائية من أجل إنهاء هذه
الانتهاكات، إذا كان لا يريد أن يترك ميراثاً من القمع
بدلاً من الإصلاح). وأكمل: (يقف مخلف الشمري مداناً بالإساءة
إلى صورة المملكة، لكن محاكمته وإدانته، وليست أقواله
أو أفعاله، هي التي تلطخ سمعة المملكة). وأبلغ الشمري
هيومن رايتس ووتش بأن المحكمة لم تسمح لمحاميه إلا بحضور
جلسة واحدة من الجلسات الأربع عشرة. وأنه أُدين استناداً
لمقالات كتبها ونشرها بين عامي ٢٠٠٩ و ٢٠١٠ تنتقد الفساد
وازدواج المعايير ونفاق بعض الشخصيات الدينية الفاسدة.
مشاعر فيّاضة
مشاعر المواطنين فيّاضة تجاه مخلف، فقد كان شجاعاً
يدافع عن الجميع، نساء ورجالا، همّه الوحدة الوطنية، والضعفاء،
فكان ان غضبت عليه السلطات. لكن مشاعر التقدير لم تبارح
محبّيه، فكان أن تمّ تمجيده في هاشتاق خاص في تويتر باسمه.
طه الحاجي من مركز عدالة لحقوق الإنسان علق على الحكم
بسجن مخلف الشمري: (محاكمة عبدالكريم الخضر، هي ذاتها
محاكمة الشيخ مخلف الشمري، وهي ذاتها محاكمة الشيخ توفيق
العامر. تعددت الأسماء والسجن واحد). والمغردة المعروفة
رغد الفيصل قالت بأن مخلف كان (الوكيل الشرعي لفتاتين
معنفتين من ولي أمر مدمن، فيتهم بتشويه سمعة المملكة لأنه
آثر انسانيته ووقف بجانبهن قانونياً وإعلامياً). وأضافت:
(أعرفه شخصياً: إنسان شهم، وله مواقف انسانية عظيمة. لا
يتظاهر بها للإعلام. الوطن لا يتسع للإنسانيين). وأكملت
في مفارقة واضحة: (من يحرّض أبناء الوطن على بعضهم البعض،
ويروج للكراهية بين طوائفه حرٌّ طليق. ومنْ وزّع ورود
السلام بين السنة والشيعة، خلف القضبان).
الناشط الآخر ثمر المرزوقي قال عن التهمة الرسمية:
(بدون مواطنين، مالدولة؟ نحن من يعطيها معنى. لتكن تهمة
مخلف الشمري: المساس بطغيان نخبة صغيرة تحتكر الدولة،
وتستأثر بمقدراتنا ومستقبلنا). واضاف: (لا يوجد شيء اسمه
مساس بسمعة الدولة…. نقدها واجب وتحصينها طغيان). وسخر
مغرد: (واحد يدافع عن الحق ويسجن. والسبب: شوّهت سمعتنا!
لا يا شيخ!).
حنان القاسم تقول: (لأنني امرأة سعودية، مو بس أنا
تُسلب حقوقي، حتى اللي يفكر يدافع عنّي يروح السجن). ووجد
فهد الشريف ان ما حدث للشيخ مخلف يأتي ضمن منهج، فـ (لاتزال
الملاحقات والإعتقالات التعسفية مستمرة، وذلك لتصفية النشطاء
والمدافعين عن حقوق الإنسان. فقط أقول حسبي الله ونعم
الوكيل).
ويرى محمد الجديع، بأننا (بحاجة لمخلف الشمري أكثر
من حاجتنا لحكومات لا يعرفها الفقراء). ومفرح يقول: (عرفناه
رجلاً حقوقياً وطنياً من الطراز الفريد. لم يدع يوماً
بطائفية ولا بعصبية، ولم يتاجر بدينه. مثل هذا الرجل يفترض
ان يكرم لا يُسجن). وأيد المهندس الدعجاني الأمر فقال
بأن الشمري هو (من يقوّي الجبهة الداخلية وينبذ المذهبية
والطائفية. يدافع عن الحقوق المشروع، وكاد يدفع حياته
ثمناً لمواقفه).
المغرد مفيد صالح قال بأن الشيخ مخلف (أكبر وأشرف من
أن يحدّه قضبان او أربعة جدران. هو رجل بقامة وطن). وكذلك
رآه احمد الزهراني وسيد أحمد النمر الذي اعتبره رمزاً
للوحدة والخلق الرفيع.
|