لا إصلاح أو حوار في ظلّ التكفير والقمع وغياب الحريات
اليماني: المخاطر القادمة أشد خطورة
في تهنئته السنوية بشهر رمضان المبارك، والتي تتضمن عادة مقالة حول
موضوع ذي صلة بالشهر الفضيل.. والذي كان هذا العام حول (الحوار الوطني..
الإصلاح والتطوير).. تحدث الشيخ أحمد زكي يماني عن عوامل إنجاح مشروع
الإصلاح، بحيث لا يتحول الى (أداة لكسب الوقت، فإذا تغيرت الظروف وجدنا
أنفسنا في طريق مسدود، ما كسبناه من إصلاح لا يسمن ولا يشبع من جوع،
وما أجريناه من حوار كان حوار الطرشان).
أحد العوامل المهمة التي شدد عليها الشيخ اليماني هي: (قبول إجتهادات
مختلف فئات المسلمين) إذ (لا يصح أن تفرض طائفة من المسلمين إجتهادها
على الآخرين مهما ظنوا ان اجتهادهم هو الحق) ملمحاً الى التيار السلفي
الوهابي. وأثنى اليماني على خطوة الدولة بدعوة مختلف طوائف المجتمع للتحاور
والتباحث تحت سقف واحد، ولذلك رأى أهمية (أن نحذف من قاموسنا عبارات
لاتزال مألوفة مثل الرافضة المجوس، والصوفي المنحرف، أو البدعي المشرك).
وأضاف: (يحزّ في نفسي أن أقرأ على شاشة الإنترنت مداخلات نفر من مواطنينا
وهم يقذفون سيلاً من الألفاظ النابية على غيرهم من المسلمين المؤمنين
الذين لا يستطيعون رد ذلك الهجوم، فقد كممت الأفواه. والمهاجمون وقد
شرعت لهم الأبواب اقتنعوا بأن رأيهم الحق نتيجة دروس تلقونها وأفكار
غرست في عقولهم). وطالب اليماني (أن توقف تلك الدروس وأن تزال تلك الأفكار
أو أن يفسح المجال للرأي الآخر).
وانتقد الشيخ اليماني تصرفات من يسمون أنفسهم أهل الحسبة، مطالباً
أن (يتوقفوا عن ممارسة القوة ضد فئات قدمت من الخارج للعمرة أو الزيارة
يمنعونهم من التمسك بأستار الكعبة المشرفة أو زيارة البقيع من خارج أسواره
ـ وقد قفلت أبوابه).
كما انتقد أولئك الذين يعتبرون وصف المدينة بالمنورة بأنه بدعة، وكذلك
المتطرفين الآخرين الذين يهاجمون الفقيه المجتهد الدكتور يوسف القرضاوي
بل ويطالب بعضهم (بأن تقطع رأسه الكريمة في ميدان عام عقوبة له لارتداده
عن الإسلام)!
ورأى اليماني لكي ينجح الحوار بعد تجاوز عقبة التكفير والإعتراف بالآخر،
أن يمنح المتحاورون الحرية فيما يقولون، آمنون من الإرهاب الفكري الذي
(تفوق قسوته قسوة السجون). بعد هذا يأتي العدل الذي هو أساس الملك، ولا
يتم ذلك إلا بتوافر ركيزتين: الأولى المساوة بين الناس، والثانية المشاركة
الشعبية. واليماني يرى أن الشورى ملزمة واجبة وليست معلمة، وأن أهل الشورى
لا يعرفون في هذا العصر إلا بالإنتخاب، حيث تمنى أن يشمل الإنتخاب مجلس
الشورى بكل أعضائه، وأن (يتمتع بمسؤوليات حقيقية، ويصدر قرارات لا توصيات،
يراقب ويستجوب، وتكون الميزانية من سلطاته، وتكون التشريعات من اختصاصه).
ومن عوامل نجاح الحوار والإصلاح، حسب اليماني، فإنه لا بدّ أن يحاط
بحرية حقيقية، وتمنى أن تكون عجلة الإصلاحات التي بدأت غير متأثرة بضغوط
الخارج بقدر ما تكون ذات دوافع حقيقية إصلاحية عند الحاكم. وخاطب اليماني
المراهنين على عدم ترشيح بوش وبالتالي الهروب من استحقاقات الإصلاحات:
(المخاطر القادمة قد تكون أشد خطورة، وهي وإن كانت إقتصادية في جوهرها
إلا أنها سياسية في نتائجها). وبين اليماني كيف أن المشاكل الداخلية
نفسها تفرض الإصلاحات، وأنها تمثل هواجس قلق حين تحدث عن الدين العام
كعبء يصعب تسديده، كما تحدث عن البطالة المرتفعة في مجتمع نصفه تحت سن
العشرين يحتاجون الى تعليم وخدمات ووظائف وغير ذلك.
وقال اليماني أن أسعار النفط ـ وحسب رأي الخبراء ـ ستهبط بسبب زيادة
الإنتاج من خارج أوبك، حتى ولو لم ينتج العراق كامل حصته. لكنه ألمح
الى أن ذلك قد لا يحدث إذا ما حدثت كوارث سياسية كغزو الكويت والإحتلال
الأميركي للعراق.. وهي التي أوقفت مسيرة تراجع أسعار النفط في السنوات
الماضية. كما أن هناك احتمال حدوث كوارث في بلدان نفطية منتجة أو أن
تسعى بعض دول الأوبك الى تخفيض الإنتاج. ويحاول اليماني أن يصل من هذا
الحديث الى القول بأن المملكة يجب أن تستعد للأسوأ وأن تتوقع يوماً تشدّ
فيه الأحزمة (إذ علينا أن نتهيأ له بإصلاحات سياسية واقتصادية). وأضاف
بأن دراسات أجريت تشير بأن المملكة ستخفض مستقبلاً إنتاجها الى مستويات
متدنية لا تستطيع العيش معها بإيراداتها أو التعايش مع ظروفها.
وأخيراً، عبر اليماني عن قلقه من ظاهرة الإرهاب المتصاعد في المملكة
وما يجره من إضطراب وإزهاق في الأرواح، وتمنى على المسؤولين محاربة هذه
الظاهرة وكذلك الإرهابيين (ممن يهاجمون الفكر ويحطون الكرامة، فأسلحتهم
من أسلحة الدمار الشامل، لن تقوم لدولتنا قائمة حتى ننزعها ونتخلص من
شرورها).
|