رؤية من الداخل
الاقتصاد السعودي: الاستثمارات نموذجاً
في دراسة بعنوان (بيئة الاستثمار في المملكة العربية السعودية:الواقع
والتحديات) أعدها باحثان اقتصاديان سعوديان والصادرة في سبتمبر 2003
جاء في الملخّص التنفيذي ما يلي:
تميّز مسار النمو الاقتصادي بالتقلب خلال العقدين الماضيين، حيث برزت
مجموعة من الإختلالات الهيكلية في بيئة الاستثمار في المملكة تمثلت في
التالي:
1- تدني كفاءة الاستثمار في تحقيق النمو الاقتصادي إلى جانب تباطؤ
تأثيره في تحقيق عملية التحول الهيكلي وتنويع النشاطات الاقتصادية.
2- محدودية قدرة المملكة على جذب الاستثمارات الأجنبية.
3- القصور في البنية التحتيّة مقارنة بدول مماثلة.
4- استمرار عجوزات الموازنة العامة خلال أكثر من خمس عشرة سنة مع
وصول مستوى الدين العام إلى قرابة (96%) من إجمالي الناتج المحلي.
5- تقلبات التجارة الخارجية واستمرار عجز الحساب الجاري لميزان المدفوعات
من عام 1983 إلى 1999م.
وأخيراً: التحولات السكانية التي ساهمت مع عدم توافق مخرجات التعليم
مع متطلبات سوق العمل، ضمن عوامل أخرى، في تدني مشاركة القوة العاملة
المحلية في سوق العمل.
وفيما يخص الاستثمار والنمو الاقتصادي تشير الدلائل إلى استمرار تدني
حصة الاستثمار الرأسمالي إلى إجمالي الناتج المحلي من (28%) في بداية
الثمانينات إلى نحو (18.4%) في عام 2001، في الوقت الذي وصل فيه هذا
المتوسط إلى (27%) في الدول النامية ككل. ولقد انعكس تراجع معدلات الاستثمار
في المملكة على المتوسط السنوي لمعدلات النمو الكلي والقطاعي، حيث كانت
مستوياتها بالنسبة للمملكة الأقل بالمقارنة مع ماليزيا، كوريا الجنوبية،
وسنغافورة خلال الفترتين 1980-1990م وكذلك 1990-2000م. ولقد أدى تركيز
الخطط الخمسية نحو تنويع مصادر الدخل وبالذات من خلال القطاع التصنيعي
إلى تحقيق معدلات نمو تعتبر عالية مقارنة بالقطاعات الأخرى، حيث نمى
بنحو (7.5%) للفترة الأولى، إلا أن نموه تراجع إلى (2.7%) خلال الفترة
1990-2000م، في الوقت الذي سجل فيه القطاع التصنيعي في ماليزيا نمواً
عالياً قدر بنحو (9.3%) و (9.8%) للفترتين على التوالي. وفي حين تمكنت
كل من ماليزيا وسنغافورة من تحقيق تحول جذري في اقتصادهما، حيث بلغت
مساهمة القطاع التصنيعي (33%) و (26%) على التوالي، أظهرت المملكة تقدماً
بالغ البطء في تنويع هيكلها الاقتصادي، إذ لم تتجاوز حصة القطاع التصنيعي
(10%) من إجمالي الناتج المحلي.
وإذا نظرنا إلى أنماط تدفقات الاستثمار الأجنبي، فعلى الرغم من تمتع
المملكة بمزايا نسبية في قطاع الزيت والغاز، إلا أن حصصها من تدفقات
الاستثمار الأجنبي تبقى محدودة جداَ بالمقارنة مع دول أخرى في شرق آسيا
مثل ماليزيا وسنغافورة، إذ وصل المجموع التراكمي للاستثمار الأجنبي في
المملكة (6.4) مليار دولار في الفترة من 1984 وحتى عام 2000م، بينما
بلغ حجمه (75) مليار دولار في سنغافورة خلال نفس الفترة. ومما يدل على
محدودية قدرة بيئتها الاستثمارية على جذب الاستثمارات الأجنبية، بلوغ
نسبة صافي المتوسط السنوي للتدفقات الاستثمارية إلى تكوين رأس المال
الإجمالي بالمملكة حوالي (1.3%) خلال الفترة من 1993 إلى 2000م، بينما
بلغت (30.8%) في سنغافورة و (18.2%) في ماليزيا. وفي حين شهدت السبعينات
والثمانينات نمواً في الاستثمارات الأجنبية في المملكة العربية السعودية
وبالذات في قطاع البتروكيماويات، إلا أنها تباطأت كثيراً في عقد التسعينات،
ولم يتجاوز إجمالي رأس المال المدفوع للشركاء الأجانب في المشاريع المشتركة
نحو (39) بليون ريال سعودي حتى نهاية عام 2000م. ومن أجل تحفيز الاستثمار
الأجنبي، قامت الدولة بإقرار نظام جديد تضمن الكثير من الميزات مثل جواز
حصول المستثمر على أكثر من ترخيص، وكذلك جواز أن تكون الاستثمارات مملوكة
بالكامل للمستثمر الأجنبي، وتملك العقار وكفالة موظفيه الغير السعوديين
إلى جانب خفض الضرائب إلى (25%).
كما يأتي من ضمن الإختلالات الهيكلية في بيئة الاستثمار أوضاع البنية
التحتية التي شهدت تطوراً كبيراً فيما يتعلق بالطرق وبناء المدن الصناعية،
إلى جانب التوسع في إنشاء محطات الكهرباء وشبكات المياه في الثمانينات،
ولكنها أخذت مساراً تراجعياً في التسعينات في الوقت الذي استمر فيه الطلب
على هذه الخدمات في الارتفاع، مما بدأ يتسبب في رفع كلفة التشغيل للمشاريع
وأحيانا في عزوف المستثمر عن الاستثمار في المملكة. وتشير الأرقام إلى
تدني الإنفاق الحكومي على تجهيزات البنية الأساسية، إذ لم تتجاوز حصتها
من إجمالي الإنفاق (1.2%) من إجمالي موازنة الدولة في عام 2000م، مما
أدى إلى تراجع مستوى المملكة مقارنة بالدول الأخرى في تجهيزات البنية
التحتية وبالذات البنية التقنية، التي أصبحت تشكل عصب الاقتصاد الحديث.
لقد جاء تخصيص قطاع الاتصالات متأخراً، إذ يلاحظ تدني مستوى توفر الخدمة
وارتفاع كلفتها، ففي الوقت الذي وصلت فيه أعداد الخطوط الهاتفية الثابتة
(25.8) خط لكل مائة فرد في المملكة، وصل هذا الرقم إلى (50.9) خط و (119.5)
في كل من ماليزيا وسنغافورة على التوالي. ومما لا شك فيه أن حجم الفجوة
في مستويات البنية التحتية ما بين ما هو موجود في المملكة ودول أخرى
منافسة، سوف يؤثر سلباً على جاذبية بيئة الاستثمار للمستثمرين المحليين
والأجانب.
وتمثل عجوزات الموازنة العامة التي استمرت على امتداد معظم سنوات
العقدين الماضيين، وما ترتب عليها من ارتفاع معدلات الدين إلى الناتج
المحلي، أحد أهم الإختلالات الهيكلية في البيئة الاستثمارية في المملكة
لما لها من انعكاسات على متطلبات الإنفاق الرأسمالي، الذي شهد تراجعاً
حاداً خلال السنوات الأخيرة الماضية، حيث انخفض حجم الاستثمارات في قطاعات
الكهرباء، الماء، الطرق وغيرها من المرافق الأساسية والخدمية. ولا تقتصر
مشكلة الدين العام على مزاحمة الحكومة للقطاع الخاص على السيولة ولكن
ربما إلى رفع تكلفتها، كما أن خدمة الدين العام التي تتراوح ما بين (25)
بليون ريال إلى (30) بليون ريال سنوياً، تبعاً لأسعار الفائدة السائدة،
أصبحت تشكل عبءً متزايداً على برامج الإنفاق الحكومي.
لقد أدى استمرار عجز الحساب الجاري لميزان المدفوعات من عام 1983
وحتى عام 1999م إلى تراجع الأرصدة الرسمية وغير الرسمية في الخارج لتمويل
هذا العجز، وفي فترات متفاوتة شكل ذلك ضغوطاً ومضاربات على الريال السعودي،
كما حدث في عام 1998م. ومع تحسن أوضاع السوق النفطية وارتفاع الأسعار
منذ عام 1999م، شهد الحساب الجاري فوائض كبيرة بلغت أقصاها عام 2001م
بنحو (54.1) بليون ريال. بيد أن هذا التطور الإيجابي يجب أن يؤخذ على
حذر إذ أن هذا الأمر مرتبط بتطورات أسعار النفط التي تشير الدلائل إلى
تراجعها في المدى القريب. وربما تسبب ذلك في عودة مشكلة اختلال الحساب
الجاري لميزان المدفوعات في وقت استنزفت فيه مؤسسات التمويل المحلية
قدر كبير من أرصدتها الخارجية لتمويل هذا العجز في السابق.
وتأتي المتغيرات السكانية ومشاركة القوة العاملة كأحد أهم التحديات
الاقتصادية التي تواجه المملكة العربية السعودية لما لها من انعكاسات
سلبية على البيئة الاستثمارية. فبينما تشكل الفئة النشطة اقتصادياً ممن
تتراوح أعمارهم ما بين (15) و (60) سنة حوالي (66%) من السكان السعوديين
متقاربة مع كثير من الدول، إلا أن نسبة القوة العاملة من إجمالي الفئة
النشطة اقتصادياً جاءت منخفضة جداً عند (39%) بالنسبة للسعوديين بعد
استثناء الوافدين، بينما وصلت هذه النسبة إلى (69%) في ماليزيا كما وصل
المعدل العالمي إلى (77%). وبينما يرجع تدني مشاركة القوة العاملة من
السعوديين ضمن الفئة النشطة اقتصادياً بشكل كبيرإلى محدودية مشاركة السعوديات
في سوق العمل ((5%) فقط من القوة العاملة) إلا أن ارتفاع أعداد السكان
من فئة (15) و (20) سنة الذين لا يزالون في مراحل الدراسة وخارج سوق
العمل يعتبر سبباً آخر وراء تدني هذه النسبة، حيث وصلت نسبة الإعالة
استناداً على المستخدمين فعلياً في القوى العاملة السعودية إلى (5.69)
معال لكل عامل.
ومع تزايد نسبة المعالين، تزايدت المتطلبات الاستهلاكية أيضاً، ولكن
على حساب الادخار، حيث وصلت نسبة الادخار إلى الناتج المحلي (16.4%)
وهي أقل بكثير من مستوياتها في ماليزيا وكوريا الجنوبية، التي بلغت نحو
(38.7%) و (33.1%) على التوالي. ونتيجة لتأثر الاستثمار بالادخار فقد
جاء متوسط نسبة الاستثمار إلى الناتج المحلي في حدود (20.6%) في المملكة
مقارنة مع (37.4%) في ماليزيا خلال الفترة من عام 1990 وحتى 1999م، والذي
انعكس بدوره على تواضع معدلات النمو الاقتصادي في المملكة مقارنة بماليزيا
وكوريا الجنوبية خلال نفس الفترة.
ويعزى تدني مشاركة السعوديين في القوة العاملة ضمن عوامل أخرى إلى
عدم التوافق بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل، فبينما وصل عدد
الخريجين من الجامعيين للفترة ما بين 1995 و1999م حوالي (114) ألف خريج،
شكلت أعداد الخريجين في التخصصات الأدبية والإسلامية والاجتماعية حوالي
(49) ألف خريج، أو نحو (48%) من ذوي التخصصات الفائضة عن احتياجات سوق
العمل. وهذا يعني محدودية التخصصات المطلوبة، إضافة إلى تدني مستوى المهارات
الضرورية الداعمة لتطوير بيئة الاستثمار في المملكة.
وبينما ينظر بعض البيروقراطيين إلى العوائق الإدارية على أنها غير
مهمة، إلا أن الوقت والموارد التي تستهلكها هذه العوائق والذي كان بالإمكان
الاستفادة منه في تحقيق أهداف أكثر إنتاجية يجعلها مكلفة وذات أثر سلبي
على معدلات التنمية الاقتصادية. وللوقوف على واقع العوائق البيروقراطية
التي يعاني منها أصحاب الأعمال، تشير نتائج الاستبيان الذي تجاوب المستثمرين
معه جيداً، حيث شاركت فيه (206) منشأة، إلى التالي:
1- أبدى معظم المستثمرين السعوديين (77%) امتعاضهم من عدم استشارتهم
من قبل الجهات الحكومية في حالة صدور أنظمة أو قوانين جديدة، وعدم الأخذ
بتخوفاتهم حيال التغيرات الهامة في القوانين والسياسات التي تؤثر على
أعمالهم. ونتيجة لذلك فإن الغالبية العظمى من أصحاب الأعمال (حوالي 90%)
يخافون من التغيرات المهمة في اللوائح والقوانين إذ ينظرون لها كأحد
العوائق المهمة لنشاطاتهم الاستثمارية وهي أعلى وبفارق كبير من نسبة
المستثمرين في دول العالم النامي والمتقدم الذين يعتقدون بخطورة هذه
المشكلة والتي لم تتجاوز (50%) و (25%) على التوالي. ومن ناحية أخرى
فإن نحو (60%) من المستثمرين السعوديين يعتقدون بأن الحكومة تلتزم بما
تعلنه من سياسات مما يعكس مصداقية معقولة للحكومة في نظر المستثمرين
السعوديين.
كما تبين وأن كان بدرجة بسيطة زيادة في قدرة المستثمرين السعوديين
على التوقع بالقوانين والسياسات خلال العشرة سنوات الأخيرة بسبب التحسن
المحدود في مستوى الشفافية والتشاور مع الغرف التجارية في بعض الأنظمة
والقوانين مما يدعو للتفاؤل بمستقبل أفضل للعلاقة بين الحكومة وقطاع
الأعمال إذا ما تم تدعيم هذه العلاقة بمزيد من الشفافية.
2- يعتقد (80%) من المستثمرين السعوديين بأن تكلفتهم التشغيلية قد
ارتفعت بسبب الجريمة والسرقة، وينظرون للجريمة والسرقة بوصفهما من المشاكل
الخطيرة مقارنة بما كان الوضع عليه قبل عشرة سنوات مما يشير إلى حصول
تراجع في مستوى الشعور بالأمان وتزايد في معدلات السرقة والجريمة تبعاً
لتدهور الحالة الاقتصادية. كما يعتقد حوالي (60%) من المستثمرين بأن
السلطات لا تحمي أمنهم الشخصي بالقدر الكافي مقارنة بـ (45%) قبل عشرة
سنوات. ومع ذلك تظل السعودية في وضع أفضل من بقية دول العالم النامي
من حيث ثقة المستثمرين في إجراءات حفظ الأمن بل ومقاربة لمتوسط الدول
المتقدمة.
3- ترى الغالبية العظمى من المستثمرين صعوبة في التوقع بالإجراءات
والأحكام القضائية ويعتقدون بأنها عائق على درجة عالية من الأهمية لنشاطاتهم
الاستثمارية. وربما ترجع حالة الغموض وعدم القدرة على التوقع لدى المستثمرين
فيما يتعلق بالبيئة القانونية إلى أن النظام القضائي في المملكة والمحكوم
بالشريعة الإسلامية المدعمة بالعديد من النظم والإجراءات قد شهد العديد
من التغييرات في العشر سنوات الأخيرة والتي وإن جلبت الكثير من التحسينات
الإيجابية إلا أنها أحدثت حالة من عدم التناسق في الإجراءات وتسببت بدورها
في زيادة حيرة المستثمرين حول كيفية حل المنازعات التجارية في المحاكم.
وتبرز مسألة وجود فواصل زمنية طويلة بين إصدار الأنظمة وتطبيقها واستمرار
بعض المحاكم في العمل بالقوانين القديمة بدلاً من الجديدة وتأخر صدور
اللوائح التنفيذية كأهم المسببات لحالة الضبابية وعدم التناسق في الإجراءات
القانونية.
4- يعتقد المستثمرون إجمالاً بأن لوائح ونظم العمالة والتنظيمات والقوانين
للدخول في النشاط هما العائقان الأكثر خطراً وأهمية بين عوائق الاستثمار
المتعارف عليها عالمياً. ويلي هذان العائقان في الأهمية وبفارق ضئيل
كلِ من الفساد الإداري، إجراءات التقاضي وتنفيذ الأحكام القضائية، التغير
المفاجئ في القوانين، وفرض رسوم مفاجئة على الترتيب. وقد جاءت في آخر
الترتيب كل من لوائح الضرائب، واللوائح الخاصة بالسلامة البيئية، التضخم،
وأخيراً لوائح ونظم النقد الأجنبي التي اعتبرها المستثمرون الأقل أهمية.
وقد يعود تذمر المستثمرين من لوائح ونظم العمالة والاستقدام ووضعهم
لها في مقدمة الترتيب بالنسبة لكل العوائق الأخرى انعكاساً للتحديات
والمصاعب التي يواجهونها في الحصول على التأشيرات ورخص العمل والإقامة.
وتكمن هذه العوائق في كون إجراءات إصدار التأشيرات ورخص العمل والإقامة
مقيدة جداً ومعقدة وخاصة في تعبئة الطلبات، وكذلك السياسة المقيدة للعمالة
والمتمثلة في حصة محدودة من العمالة الأجنبية، إلى جانب السياسات غير
المرنة فيما يتعلق بالاستغناء عن خدمات العمالة السعودية.
أما فيما يتعلق بالاختلافات بين عوائق الاستثمار في المملكة وبقية
دول العالم، فقد تبين أن هناك ستة من أربعة عشر عائق للاستثمار قد صنفت
في المملكة على أنها تحظى بدرجة أهمية عالية كعائق استثماري مقارنة بمتوسط
الدول النامية أو المتقدمة أو العالم ككل وهي: (لوائح ونظم العمالة (استقدام،
سعودة، كفالة)(، التنظيمات والقوانين للدخول في النشاط، المشاكل المتعلقة
بالسوق (إغراق، ضعف تشجيع تصدير،...)، إجراءات التقاضي وتنفيذ الأحكام
القضائية، التغير المفاجئ في القوانين وفرض رسوم مفاجئة، وأخيراً اللوائح
المنظمة للاستيراد والتصدير. وتجدر الإشارة إلى أن لوائح ونظم العمالة
التي احتلت المراتب الأولى في الأهمية كعائق للاستثمار في نظر المستثمرين
السعوديين، قد جاءت في مراكز متأخرة كعائق في معظم دول العالم الأخرى.
كما أن التنظيمات والقوانين للدخول في النشاط والتي صنفها المستثمرون
السعوديون في المركز الثاني كعائق خطير ومهم، لم يُنظر لها كعائق من
قبل معظم المستثمرين المشاركين في استبيان البنك الدولي في أي دولة في
العالم. وفي المقابل فإن هناك ستة عوائق حظيت بدرجة أهمية قليلة كعائق
استثماري في المملكة مقارنة بمتوسط العالم والعالم النامي وهي: لوائح
ونظم الضرائب أو ضرائب مرتفعة، التضخم، القصور في البنية التحتية، السرقة
والجريمة، لوائح ونظم النقد الأجنبي، وأخيراً التمويل.
5- بلغت نسبة المستثمرين الذين يعتقدون بأن الحكومة معرقلة لأنشطتهم
حوالي (41%) تقريباً وهي أكثر من مثيلتها في الدول المتقدمة والنامية
والتي بلغت (25%) و(30%) على التوالي. ويلاحظ بأن الانطباع الإيجابي
لأصحاب الأعمال عن الحكومة قبل عشرة سنوات قد تراجع قليلاً في الفترة
الحاضرة، حيث أعرب (41%) من المستثمرين عن اعتقادهم بأن الحكومة معرقلة
لنشاطهم الاستثماري مقارنة مع (34%) قبل عشر سنوات.
6- تبين أن (75%) من المستثمرين المشاركين في الاستبيان يلجئون لتجاوز
النظام واستخدام طرق غير قانونية لتسيير أعمالهم. وجاءت الواسطة في مقدمة
أساليب تجاوز الأنظمة حيث استخدمها (62%) من المستثمرين يليها كل من
التحايل، المساعدات المادية، وأكثر من وسيلة بنسب (20%)، (5%)، (13%)
على التوالي.
7- هناك أقل من نصف إجمالي المستثمرين بالعينة (41%) يؤمنون بوجود
مراقبة ومحاسبة في النظام الإداري للموظفين المقصرين.كما أن المستثمرين
السعوديين يرون بأن هناك زيادة في صعوبة التعامل مع موظفي الحكومة مقارنة
بالعشرة سنوات الماضية وبدرجة أكبر عن دول العالم النامي والمتقدم على
السواء.
8- تبين أن ثلثي المستثمرين السعوديين قد أحجموا عن الاستثمار بسبب
صعوبات تطبيق اللوائح والنظم الحكومية مقارنة مع (40%)، (35%) للمستثمرين
في الدول النامية والمتقدمة على الترتيب. وقد أرجع (62%) من المستثمرين
في المملكة سبب إحجامهم عن الاستثمار لكون تكلفة اللوائح والنظم غير
معروفة على وجه التأكيد، ولم يشكل ارتفاع التكاليف طالما أنه معروف هاجساً
إلا لـ (15%) من المستثمرين. وقد فاق الصناعيون غيرهم من المستثمرين
في الأنشطة الاقتصادية الأخرى في تذمرهم من كون تكاليف اللوائح والنظم
غير معروفة.
9- يُصرف حوالي (30%) من وقت الإدارة العليا في مراجعة الدوائر الحكومية،
وهو يزيد بمقدار (65%) عن نظيره في الدول النامية. وبينما أمضى (25%)
من إجمالي المستثمرين السعوديين (15-25%) من وقتهم في مراجعة الدوائر
الحكومية، لم تتعدى هذه النسبة (2%) من المستثمرين في الدول المتقدمة.
10- لم ترضي الحكومة حتى (50%) من المستثمرين في كل من خدمة توفير
المعلومات، خدمة الرعاية الصحية، خدمة الجمارك، بينما حازت خدمات الطرق
وخدمة البريد على رضا أكثر من (50%) من المستثمرين. وتوضح النتائج أن
خدمة توفير المعلومات كانت الأسوأ في نظر المستثمرين، بينما حازت خدمة
الطرق على أكبر درجة رضا. كما أوضح حوالي (65%) من المستثمرين بأنهم
حصلوا على خدمة التليفون لأول مرة في أقل من شهر، وهي نسبة عالية ومقاربة
للوضع في الدول المتقدمة وتبلغ أكثر من ثلاثة أضعاف النسبة في الدول
النامية.
11- ولم يحدث تغيير في نسبة أصحاب الأعمال الذين يرون عدم كفاءة الحكومة
في تقديم الخدمات بصفة عامة خلال العشر سنوات الماضية، حيث ثبتت عند
(53%).
وبالنظر إلى مؤشر الحرية الاقتصادية الذي يصدره معهد التراث ويرتب
الدول من تقييم (1) للبلدان المتحررة اقتصادياً إلى (4) للاقتصاديات
المنغلقة، فقد حصلت المملكة على درجة (2.95) وترتيب (68) من بين الدول
المصنفة، مما يعني أنها تتمتع بـ'' حرية اقتصادية شبه كاملة''. ومن بين
عشرة عوامل يشملها هذا التصنيف كان وضع المملكة الأسوأ في التجارة الخارجية،
التدخل الحكومي في الاقتصاد، والمصارف بدرجة (4) لكل منهم. أما من ناحية
تدفق الاستثمار الأجنبي، وكذلك الأنظمة والقوانين فقد حصلت على درجة
(3) لكل منهما، بينما جاءت السياسة النقدية في درجة (1)، ورغم تبوء المملكة
لموقع أفضل في حريتها الاقتصادية بالمقارنة بمصر بدرجة (104) إلا أنها
صنفت كأقل دولة خليجية منفتحة اقتصاديا، حيث احتلت البحرين المرتبة (16).
أما بالنسبة لمؤشر اليوروموني للمخاطر القطرية، فقد حصلت المملكة
على تصنيف (65.25) من أصل (100). ليأتي ترتيب المملكة في المركز (40)
من بين (185) دولة في آخر تصنيف لها خلال السنة الحالية، بينما جاءت
قطر والإمارات العربية المتحدة في المركزين (28) و (33) على التوالي.
ولقد جاء تقييم المملكة منخفضاً نوعاً ما نتيجة لارتفاع نسبة النمو السكاني
وضعف معدلات النمو الاقتصادي المتأثر بتقلبات أسعار النفط.
ولكن أكثر التصانيف إثارة للقلق، هو تقرير التنمية الصناعية لعام
2003م، الصادر عن منظمة التنمية الصناعية التابعة لهيئة الأمم المتحدة،
إذ يشير التقرير إلى تراجع مرتبة المملكة من بين (87) دولة من المرتبة
(33) في عام 1985م إلى المرتبة (42) لعام 1998م في مؤشر القيمة المضافة
للصناعة، وكذلك تراجع موقع المملكة من المرتبة (39) إلى المرتبة (59)
في مؤشر تدفق الاستثمار الأجنبي، بالإضافة إلى تراجع مواقعها في بقية
الأربعة مؤشرات الأخرى التي شملها التقرير.
وبالنسبة لتقرير أي ام دي للميزة التنافسية IMD World Competitiveness
الصادر في عام 2002م، فقد تم ترتيب المملكة في المركز (26) بالنسبة للبنية
التحتية، والتي تتضمن الطرق ومختلف وسائل المواصلات، بينما جاءت في المركز
(47) فيما يخص البنية التحتية التكنولوجية و المركز (41) في بيئة الأعمال
التي تتضمن الانفتاح الاقتصادي والقوانين المتعلقة بسوق العمل.
وأما مؤشر ''هاربسون مايرز'' للمهارات المهنية (Harbison -Mayers
Index for Skills)، فقد حصلت المملكة فيه على درجة (13.45) لتحتل المركز
الـ (50) مقارنة بكل من الأردن ومصر التي حصلتا على درجة (18.055) و(16.45)
لتحتل المركزين (38) و (44) على التوالي.
وعلى الرغم من أن بعض هذه التصنيفات أشارت إلى الإصلاحات التي اتخذتها
المملكة، إلا أنها على اختلاف درجات التصنيفات العامة والائتمانية، تدل
على تدني جاذبية البيئة الاستثمارية في المملكة مقارنة مع الدول الناشئة
بشكل عام والدول الخليجية بشكل خاص..
يشكل تأخر انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية وتباطؤ الدولة
في مسيرة التخصيص مع استمرار غياب التنسيق بين خطط وزارة التعليم العالي
ومتطلبات مؤسسات القطاع الخاص من التخصصات إلى جانب أوجه القصور الحالية
في نظام البريد مع عدم وجود نظام للمدفوعات التجارية، كل هذه الأمور
تساهم في تدني ثقة المستثمر المحلي وكذلك الأجنبي في بيئة الأعمال في
المملكة.
|