|
|
|
تفجير الضاحية
الجنوبية |
|
تفجير طرابلس
|
إدارة الموت في بلاد الشام
فتّـش عـن بـنـدر
خالد شبكشي
ليس هناك من يتوقع منه أعمالٌ عدائية في الضاحية الجنوبية
لبيروت سوى بندر بن سلطان، الإسم الحاضر بقوة منذ تفجير
بئر العبد العام 1985، فليس هذا النوع من الأعمال القذرة
مستغرباً منه، ولن يخطىء أحدٌ في اتهامه له، حتى وإن لم
يكن هو الطرف المباشر في الاعمال الارهابية هذه. ولذلك،
كان لافتاً أن يعزف الملك أو أي من الجهات المسؤولية في
المملكة السعودية عن إدانة التفجير الارهابي في منطقة
الرويس في الضاحية الجنوبية في أغسطس الماضي، فقد تجاهل
الجميع الحادث، وكاد الأمر يتكرر مع الحادث الارهابي المزدوج
في طرابلس شمالي لبنان، ولكن انتظر آل سعود ثلاثة أيام
قبل أن يصدر بيان تعزية لعوائل الضحايا وإدانة للجريمة
الإرهابية.
وسواء كان بندر بن سلطان هو من يقف وراء تفجيري طرابلس
أو غيره، بما في ذلك المخابرات السورية، فإن صورة الرجل
تبدو في أسوأ ما يمكن تخيّله، ما دفع بعض المراقبين والصحافيين
اللبنانيين لترجيح احتمال ضلوع بندر بن سلطان في تفجيرات
طرابلس بهدف خلط الأوراق وتخصيب اجواء الفتنة التي يراد
اشعلها ضمن تحضيرات الحرب في سوريا.
صحيح أن اللبنانيين توقعوا سلفاً بأن السيارات المفخخة
(سوف تقف على مسافة واحدة من جميع المناطق اللبنانية)
وفق مبدأ المسافة السعودية، إلا أن ما لم يتوقعوه أن يضرب
الارهاب بهذا القدر من العنف وبالقرب من دور العبادة ووسط
حشود المصلّين. أصابع الاتهام تبدو حائرة فسواء كان الضالع
سعودياً أو سورياً أو قاعدياً فالجميع لا يتورّع عن مثل
هذه الأعمال القذرة والدموية والبشعة..
التعويل الأول في مثل هذه التفجيرات المتنقلة هو تفجير
الغرائز المذهبية التي يراد استفزازها دائماً في هذه المرحلة
وتحريك وتحريض العصبيات الطائفية كيما تكون حاضرة لأي
طارىء..
وإذ لا يمكن فصل ما يجري في سوريا عما يجري في لبنان
وبالعكس، فإن الربط بينهما في صراع المحاور ليس جديداً،
وإن بندر الذي كان يخطط للإمساك بلبنان وسوريا عبر حكومة
انتخابات يشكّلها تمّام سلام لتعيد فريق 14 آذار وتلتقي
مع مخطط اسقاط بشار الأسد ليكتمل مخطط سقوط لبنان وسوريا
في الحاضنة السعودية، أصيب بخيبة أمل كبيرة بعد معركة
القصير، التي أغلقت المنفذ الاستراتيجي للأسلحة والمسلّحين
من لبنان، وأطاحت مشروع اسقاط النظام السوري وقضت على
حلم عودة فريق 14 آذار.
كان أول تفجير في الضاحية الجنوبية رسالة ليس لحزب
الله فحسب، بل الى لبنان بكل أطرافه أن لا حكومة لبنانية
مرتقبة، ولا استقرار ولا أمن ولا تسويات، وجاء إصرار الجانب
السعودي على استبعاد حزب الله من أي حكومة لبنانية ليزيد
في ضياع الفرص المحتملة لتشكيل الحكومة. وما إن وقع التفجيرا
الرويس وطرابلس حتى باتت الرسالة واضحة: لبنان مكشوف أمنياً
وسياسياً واقتصادياً وعسكرياً وعودة ظاهرة الأمن الذاتي
التي تعني أول وآخر ما تعني تقسيم لبنان الى دويلات..
بندر بن سلطان، الذي يناور خلف الستار لإسقاط النظام
السوري وحليفيه الإيراني وحزب الله، يحضر الى الواجهة
دائماً. مسؤولون داخل وكالة الاستخبارات المركزية يدركون
بأن السعودية كانت جادة في الإطاحة بالرئيس السوري بشار
الأسد حين عيّن الملك عبد الله بندر بن سلطان لقيادة هذا
المخطط.
يعتقد هؤلاء أن بندر بن سلطان، الخبير في الجهود الدبلوماسية
لدى واشنطن والعالم العربي، قد ينجح فيما تعجز السي آي
أيه عنه بأدوات واضحة: أموال طائلة وأسلحة، أو كما يصفها
دبلوماسي أميركي، بالواسطة، أي اتفاقات تحت الطاولة..
الأمير بندر ـ كان على مدى عقدين من الزمن أحد صانعي
الصفقات النافذين في واشنطن كسفير سعودي ولكن اختفى بصورة
كبيرة من المشهد العام ـ يستعيد دوره كعامل جيوبوليتيكي.
في هذا الوقت حان دفع أهداف السياسة الخارجية للمملكة
السعودية قدماً، بإنزال الهزيمة ببشار الأسد وحلفائه ايران
وحزب الله، هذا ما يفكّره فيه بندر وداعموه في وكالة السي
آي أيه.
وكان يتحرك بندر بصورة سريّة بين مراكز القيادة على
الخطوط الأمامية في سوريا الى قصر الإليزيه في باريس والكرملين
في موسكو بحثاً عن سبيل لتقويض نظام الأسد، بحسب مسؤولين
عرب وأميركيين وأوروبيين.
في غضون ذلك، فإن السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير
يقود حملة موازية، الى جانب منظمة أيباك الاسرائيلية الأميركية،
لتشجيع الكونغرس وإدارة أوباما المتردّدة على توسيع دور
الولايات المتحدة في سوريا.
الصراع هناك بات حرباً بالنيابة بين أطراف الشرق الأوسط،
وأن الجهود السعودية في سوريا ليست سوى مؤشر واحد على
جهدها الواسع لتمديد نفوذها الاقليمي. وكان السعوديون
داعمين صريحين للمؤسسة العسكرية المصرية في سعيها لازالة
الاخوان المسلمين داعمين ذلك بكميات كبيرة من النقد.
الضغط السعودي هو جزء من الحسابات حيث توزن الولايات
المتحدة خياراتها عشية الهجوم الكيميائي المحتمل في الغوطة
الشرقية في 21 أغسطس الماضي. ضواحي دمشق التي يقال بأنه
جرى استهدافها هي في قلب ما يصفه السعوديون الآن بأنها
(الاستراتيجية الجنوبية) بالنسبة لهم لتقوية الثوار في
المدن شرق وجنوب العاصمة.
وكجزء من هذا، فإن عملاء الاستخبارات من السعودية،
والولايات المتحدة، والأردن، ودول حليفة أخرى يعملون في
مركز عمليات سري مشترك في الأردن لتدريب وتسليح مجموعة
منتقاة من المتمرّدين السوريين، بناء علىى مسؤولين سابقين
وحاليين من الولايات المتحدة والشرق الأوسط..
وقد وضعت السي آي أيه حدوداً غير معينة على جهود التسليح.
ولكن الوكالة كانت تساعد في تدريب المتمرّدين للقتال بصورة
أفضل. وفي مطلع هذا العام بدأت بدفع مرتبات لعناصر الجيش
السوري الحر المدعوم من الغرب، كما يقول مسؤولون أميركيون
وعرب. وهناك الآن المزيد من عناصر السي آي أيه في قاعدة
الأردن أكثر من العناصر السعودية، بحسب دبلوماسيين عرب.
أنكرت الأردن أي تدريب أو تسليح للمتمردين السوريين
على أراضيه، وهو شيء يقول وزير الدولة للشؤون الاعلامية
محمد موماني بأنه يتعارض مع المصالح الوطنية وسياسية (البقاء
على الحياد) حيال سوريا.
(ليس هناك قواعد عسكرية في الأردن للمعارضة السورية..
وليس هناك قواعد من أي نوع. وهذا لا يتطابق مع موقف الأردن
الداعي الى حل سياسي للأزمة السورية)، على حد قول الوزير.
وقد أضاف بأن الملك عبد الله قال بقوة أن (الأردن لن يكون
قاعدة لتدريب أي شخص ولن يكون قاعدة لانطلاق أي عمل عسكري
ضد سوريا).
لعقود، الواسطة كانت (بطاقة المكالمات) لدى الأمير
بندر. وقد حظي الأخير بثقة المسؤولين الأميركيين، جزئياً
لأن خلفيته أميركية، بطريقتها الخاصة. وبالرغم من أن والد
كان ولي العهد، إلا أن أمه كانت عادية، وقد تربى في إطار
تراتبية ملكية مكتظة وتقوم على قوة الإرادة.
|
بندر والأسد:
من تآمر على الآخر؟ |
شارك في دورة ضابط في القوة الجوية الأميركة في ألاباما،
وعمل دراسات التخرّج في جامعة جونز هوبكنز وعمل بطريقته
على الوصول الى عدد من الرؤوساء الأميركيين. وقد طلى طائرته
الشخصية في دالات بألوان الكاوبوي..ليس كل من يعمل في
إدارة أوباما مرتاح للشراكة الجديدة للولايات المتحدة
مع السعوديين في الملف السوري. وقد قال بعض المسؤولين
بأنهم يخشون بأن الشراكة تحمل ذات خطر انفلات زمام السيطرة
كما في المشروع الأول حين تورّط الأمير بندر في برنامج
السي آي أيه في الثمانينات بخصوص التمويلات السرية لثوار
الكونترا في نيكاراغوا ضد الحكومة اليسارية. البرنامج
السري قاد الى اقترافات إجرامية بالنسبة للعمليات الأميركية
وانتقادات دولية.
مسؤول سابق قال (قد تؤول هذه العملية بصورة سيئة)،
مشدّداً على خطر انتقال الأسلحة الى أيدي إسلاميين عنفيين
معادين للغرب.
كثير من المحليين الاستخباريين الأميركيين الكبار يعتقدون
أيضاً بأن المتمردين السوريين يفتقرون بصورة بائسة لتوازن
عسكري مع حلفاء الأسد، أي ايران وحزب الله، بحسب مسؤولين
في الكونغرس ودبلوماسيين.
أبلغ بندر وعادل الجبير الولايات المتحدة بأنهما لا
يتوقعان بالضرورة انتصار المسلحين السوريين قريباً، ولكنهم
يريدون ترجيح كفة المعركة تدريجياً لصالحهم، بحسب مسؤولين
أميركيين التقوا بهما.
الخطة السعودية هي العمل على تقوية وبوتيرة ثابتة مجموعات
منتخبة بحذر من المقاتلين المتمرّدين ليسوا من المعسكر
الاسلامي الراديكالي، على أمل أن يرى هؤلاء في موقع السلطة
في دمشق يوماً ما. صعوبة جهد كهذا يثبت، بحسب التفكير
السعودي، حين لا تحاول بما يهدد المستقبل الذي خضعت فيه
سوريا سواء من قبل إسلاميين متطرّفين من بين المتمرّدين
او من قبل ايران، وهي المنافس المحوري للرياض في البحث
عن الهيمنة الاقليمية.
في الأردن، قال مسؤولون بأنهم لا يستيطعوا القول ما
ان كان العمل المشترك قد حقق نجاحاً في فصل المتمرّدين
السوريين المعتدلين عن المتشدّدين. قال البعض بأنهم لا
يستبعدون احتمالية أن بعض الأموال والأسلحة السعودية قد
وجدت طريقها للراديكاليين، ببساطة لمواجهة نفوذ الاسلاميين
المنافسين المدعومين من قبل قطر. مسؤولون أميركيون قالوا
بأنهم لا يستبعدون بأن أخطاءً سوف تتم.
الملك عبد الله، الذي تنتمي أمه وإثنتان من زوجاته
الى قبيلة من خارج الحدود نافذة في سوريا، حاول لأكثر
من عقد أن يبعد الأسد عن إيران، ولكنه فشل. وتزايد سلوك
الملك شدّة في 2011 عقب أن قام نظام الأسد بتجاهل النصيحة
الشخصية من الملك بتخفيف التوتر، وقام بمهاجمة المعارضين
السياسيين بصورة وحشية وفعل ذلك خلال شهر رمضان المبارك.
ومن ثم قرر الملك لعمل كل ما من شأنه لإطاحة الأسد، بحسب
دبلوماسيين أميريكيين وعرب.
قطر أيضاً أرادت الإطاحة بنظام بشار الأسد. وبينما
كان الأمراء منقسمين في البداية حول البداية، فيما كان
البعض قلقاً بأن الثوار المسلّحين قد يهددوا لاحقاً الاستقرار
السعودي، وقد تدخلت قطر على وجه السرعة وكسبت النفوذ مع
الثوّار، بحسب مسؤولين عرب وأميركيين.
بدأ السعوديون بدعم المعارضين في بداية 2012، في البداية
من خلال القوى المشتركة مع قطر والامارات بتمويل ما كان
حينذاك جماعة المعارضة الرئيسية، المجلس الوطني السوري.
ولكن سريعاً ماغيرت السعودية وجهتها حيث لم يكن المجلس
يشتري الأسلحة بتلك الأموال، بحسب دبلوماسيين، وبدأ يدفع
باتجاه تسليح مقاتليه. كما بدأت بالعمل مع قطر عبر مركز
قيادة في تركيا لشراء وتوزيع الأسلحة..
ولكن التوترات تزايدت حول المسلحين الذين يراد دعمهم.
وكان المسؤولون السعوديون والأميركيون قلقين من أن قطر
وتركيا كانا يوجّهان الأسلحة لجماعة الاخوان المسلمين.
وقد نفى مسؤوليون قطرين وتركيين بأن يكونوا فضّلوا مجموعات
مسلّحة محددة.
كان الملك عبد الله غيرر مرتاح في تقاسم السيطرة على
الملف السوري مع قطر، المنافس الخليجي لها. وفي لقاء لتنسيق
شحن الاسلحة للمعارضة المسلحة في سوريا في الصيف الماضي،
تحدّث الأمير بندر بن سلطان عن قطر بتهكم وقال عنها بأنها
(مجرد 300 شخص وقناة فضائية..)، في إشارة الى الجزيرة.
وكان الأمير بندر يصرخ في التلفون، بناء على شخص ذي صلة:
(هذا لا يجعل منها بلداً)، وقد رفض المسؤولون السعوديون
التعليق على ذلك في البداية ولكن نفى مسؤول لوكالة الانباء
السعودية ذلك في وقت لاحق. ففي 30 أغسطس الماضي نفى مصدر
مطلع لوكالة الأنباء السعودية أن يكون الأمير بندر بن
سلطان رئيس الاستخبارات العامة الأمين العام لمجلس الأمن
الوطني السعودي قد أدلى بأي تصريحات مؤخراً لصحيفة (وول
ستريت جورنال) حول قطر. وقال المصدر بحسب الوكالة تعليقاً
على ما نشرته مؤخراً الصحيفة على لسان الأمير بندر: (إن
سموه لم يدل بأي تصريحات صحفية ولم يلتق بأي صحفي من هذه
الصحيفة أو غيرها، وبالتالي فلا صحة لما نُسب لسموه في
تلك الصحيفة).
وفي تغريدة اعتبرت ردا على تصريح الأمير السعودي قال
وزير الخارجية القطري في صفحته على تويتر إن (مواطناً
قطرياً يعادل شعبا، وشعب قطر عن أمة بأكملها، هذا ما نلقنه
لأبنائنا مع كامل الاحترام والتقدير للآخر).
على أية حال، فإن كلام بندر يؤشر الى توجّه جديد وأكثر
عدوانية لدى الأمير بندر، وتحوّل سعودي للعمل من الأردن
بدلاً من تركيا. وفي يوليو 2012، ضاعف الملك عبد الله
مهمات إبن أخيه، فهو لا يزال يتولى رئاسة مجلس الأمن الوطني،
الى جانب وظيفته الجديدة كرئيس للاستخبارات العامة.
يقول السياسي اللبناني نهاد مشنوق، المقرّب من القيادة
السعودية، بأن (تعيين الامير بندر يؤشر الى مرحلة جديدة
في السياسة السعودية).
ناقدون داخل المملكة وفي واشنطن يصفونه بأنه ميّال
الى المبالغة والتفاؤل المفرط حول ما يمكنه انجازه. وقال
مدافعون عنه بأن حماسته واندفاعه كان هو ما جعله حلاّل
مشاكل الملك.
السفير السعودي، عادل جبير، كان يلتقي مع أعضاء في
الكونغرس من أجل الضغط على الادارة الأميركية لمزيد من
التورط في سوريا. وقد حظي بدعم مبكّر من السيناتور الجمهوري
جون ماكين، أريزونا، وليندسي جراهام لجنوب كارولينا.
وقد تواصل أيضاً مع المركزيين، لجهة المساهمة في عقد
لقاء على مستوى فردي مع بعضهم مثل بن نيلسون (نبراسكا)،
مع الملك عبد الله في الرياض. وقال نيلسون بأنه أبلغ الملك
بأنه في حال تحرّك القوى الاقليمية مع بعضها في استراتيجية
مشتركة، فسوف يكون من السهل بالنسبة للولايات المتحدة
أن تكون شريكاً.
استخدم الجبير كل نفوذه لدى صنّاع السياسة، بما في
ذلك الرئيس، للدفع برسالة الى أن عدم قيام الولايات المتحدة
بعمل ما ضد سورية سوف يؤدي الى اضطراب كبير في الشرق الأوسط،
بحسب مسؤولين أميركيين.
وصف مسؤول استخباري أميركي كبير السعوديين بأنهم (شركاء
لا غنى عنهم في سوريا)، وقال بأن جهودهم تركت تأثيراتها
على التفكير الأميركي. يقول المسؤول (ليس هناك من أحد
يريد أن يعمل أي شيء بمفرده)، كما يقول المسؤول شارحاً
لماذا توسّع إطار الشراكة.
الهدف السعودي كان الحصول على دعم الولايات المتحدة
لبرنامج تسليح وتدريب المعارضين السوريين في قاعدة بالأردن.
كان رئيس السي آي أيه ديفيد بترايوس الداعم الأول لهذه
الفكرة، كما يقول مسؤولون عرب وأميركيون، وساعد في الحصول
على الدعم العسكري للقاعدة العسكرية في الاردن. الجنرال
بترايوس رفض التعليق على ذلك.
الامير بندر واجه أردنيين غير سهلين حول فكرة القاعدة.
وكانت لقاءاته في عمّان مع الملك عبد الله في بعض الأحيان
تستغرق ثمان ساعات في جلسة واحدة. يقول شخص قريب من تلك
اللقاءات (الملك عبد الله ينكّت: أوه، هل يأتي بندر مرة
أخرى؟ دعونا نخصص يومين للقاء).
الاعتماد المالي الأردني على السعودية وهب السعوديين
سلطة قوية، بحسب مسؤولين في المنطقة والولايات المتحدة.
وقالوا بأنه مع مباركة الملك الأردني، فإن مركز عمليات
في الاردن بدأ بالعمل في صيف 2012، بما يشمل مخازن أسلحة
وصواريخ مضادة للطائرات. ويقول مسؤولون عرب بأن قاذفة
أيه كيه ـ 47 التي تزودها السعودية قد وصلت الى المركز.
وكان بندر بن سلطان قد أرسل أخاه الأصغر ومن ثم نائبه
في الأمن الوطني، سلمان بن سلطان، للإشراف على العملية
في الاردن. بعض المسؤولين الاقليميين راحوا ينادونه بـ
(بندر الصغير). وفي بداية الصيف، تمت ترقية الأمير سلمان
الى نائب وزير الدفاع.
السيد بترايوس في منتصف 2012 ربح موافقة البيت الأبيض
علىى تزويد المعارضة المسلّحة السورية بالمعلومات الاستخبارية
والتدريب في تلك القاعدة، بما يشمل استعمال الاسلحة التي
يزوّدونها بهم الآخرون. بدأ العملاء السعوديون والاردنيون
باختبار المقاتلين على التدريب، كما يقول دبلوماسيون عرب
ومسؤول عسكري اميركي سابق.
الأمير بندر يمضي أكثر وقته خارج واشنطن ولكنه يجري
لقاءات مع مسؤولين أميركيين في المنطقة. واحدة من تلك
اللقاءات جرت في سبتمبر 2012 مع السناتور جون ماكين وجراهام،
والذين كانا في استانبول، والتقيا بندر في فندق أوبولنت
على ضفاف البوسفور.
وقال ماكاين بأنه عرض القضية على بندر بأن الثوّار
لا يحصلون على أنواع الأسلحة التي يحتاجونها، وأن الأمير
في المقابل شرح خطط المملكة. وقال السناتور بأنه في الشهور
القادمة رأى (زيادة دراماتيكية في الانخراط السعودي، ووضع
اليد، من قبل بندر).
وفي ستبمر وأكتوبر، طلب السعوديون من كراوتيا بشحن
المزيد من الاسلحة التي تعود الى زمن الاتحاد السوفيياتي.
وبدأ السعوديون توزيع هذه الأسلحة في ديسمبر ولحظوا على
الفور تحوّلاً باتجاه الثوار. وقد نفى المسؤولون في كراوتيا
بأنها تورّطت في عمليات بيع أسلحة.
كما بدأ السعوديون في الشتاء بالسعى من أجل اقناع الحكومة
الغربية بأن الأسد قد تجاوز ما وصفه الرئيس باراك أوباما
قبل عام (الخط الأحمر): باستعمال الاسلحة الكيميائية.
يقول دبلوماسيون عرب بأن العملاء السعوديين نقلوا جريحاً
سورياً الى بريطانيا، حيث كشفت الاختبارات وجود غاز السارين.
وكانت خلية الأمير بندر، التي توصّلت في فبراير الماضي
الى أن الأسد كان يستعمل أسلحة كيميائية، وقد توصلت الولايات
المتحدة، الى نتيجة مماثلة بعد أربعة شهور. نظام الأسد
نفى استعمال مثل هذه الأسلحة.
كانت لدى الاجهزة الاستخبارية الاميركية وخصوصاً مديرها
الحالي جون برنان المقرب من السعودية يرى بأن ثمة خطورة
بالغة في تقوية القاعدة، ويرى التريث في ضخ الأسلحة الى
سوريا، خشية وقوعها في أطراف أخرى متشدّدة ولذلك تقلصت
اللقاءات بين بندر وبيرنان.
|