ماذا بقي من رصيد شعبي لولي العهد؟
كان ولي العهد ولسنوات طويلة مجرد رئيس للحرس الوطني.. شخصية ضعيفة
مترددة، لم يثبت أن كان لديها دور مميز في صناعة القرار السياسي للمملكة.
وحدهم السديريون، فهد وإخوانه من يسيّر شؤون المملكة ويتخذ كل قراراتها.
كان كل هم الأمير عبد الله البقاء في منصبه كولي العهد، فهذا خط أحمر
لا يمكن أن يقبل التنازل عنه. كان يعلم بأن ذلك يعتمد على بقائه رئيساً
لجهاز عسكري منافس وهو الحرس. ولقد حمى ولي العهد رأسه مراراً بتجنّب
الصدام وترك الأمور والقرار الرئيسي في يد السديريين، حتى أنهم استخفّوا
به، وأطلقوا عليه النكات، وكانوا يعتقدون أن بإمكانهم إزالته في أي لحظة
يريدونها.
لكن ولي العهد، وبقدر ما خسر من دور، فإنه لم ينظر إليه شعبياً كشخصية
ملكية ملوّثة مثل بقية إخوانه. كان خارج القرار، وبالتالي خارج حدود
المسؤولية. وكانت الأصابع قليلاً ما تشير الى فساد ضخم كذلك الذي عودنا
عليه فهد وسلطان. وهكذا بقيت سمعته نظيفة نسبياً، ولربما تعاطف الكثيرون
معه وأملوا فيه الخير كثيراً لأنه شخصية لم تجرب بعد، ولأنّ الشارع بدأ
بالتحول ضد رموز الفساد السديري.
وحين مرض الملك فهد وأصابته الجلطة الدماغية، بدأ تلميع الأمير عبد
الله، وأنه الشخص القادم من عمق العروبة والصحراء والتديّن! لينقذ مملكة
عبد العزيز. فلقد حان دوره. لكن السديريين لم يتركوه. حتى الملك نصف
الميت لم يتركه وشأنه ليستلم دوره، بل أن الأميركيين أنفسهم بدوا مترددين
في التسليم له بسلطات الملك أو ما دونها. ورغم الصلاحيات التي انتقلت
اليه وهي ليست كثيرة على أية حال، بدا ولي العهد واثقاً من نفسه في ضبط
السفينة السعودية. ولكن إخوانه الذين يسيرون الدولة لم يمنحوه الفرصة.
لقد تأكد أنه الملك القادم بشكل شبه كامل، لكن لم يتأكد بعد أنه قادر
على إدارة الدولة بطاقم جديد. بالعكس ثبت ان الحرس السديري القديم لازال
مهيمناً على كل شؤون الدولة تقريباً. ولذا تحولت المملكة الى ممالك شبه
منفصلة لا تستقي قرارها من الملك القادم. ولي العهد غير قادر على فرض
آرائه والقيام بإصلاحات ولا على إزالة إخوانه. ولذا بدأت شعبيته في الإنحطاط
التدريجي والتآكل الخطير.
|