متزعم كتائب عبد الله عزام
الماجد.. سرٌّ لم يمت بعد!
محمد فلالي
عاد جثمانُ متزعمِ كتائب عبد الله عزام ماجد الماجد
الى الديار ولكن بقيت الاسئلةُ الكبرى حول موتِه والتعجيلِ
في إغلاق القضية حتى تُنسَى..وبالرغم من صدور تقريرٍ طبيٍ
حول موته إلا أن الأسبابَ المذكورةَ في التقرير لم تضع
حدّاً للأسئلةِ حول سرِ موتِه المفاجىء، بعد أيامٍ من
إعلانِ القبضِ عليه رغم أن تاريخَ وقوعِه في قبضة السلطاتِ
اللبنانيةِ يعود الى أكثر من اسبوعين من تاريخ الاعلان..
ما زاد الشكوكُ هو تضاربُ المواقف السعودية بين نفي
الصلة به مطلقاً حتى على مستوى المطالبة بتسليمه باعتباره
مطلوباً لديها، ومن ثم كشفِ صحيفة (الحياة) السعودية عن
خبرِ مطالبةِ السفارة السعودية من السلطات اللبنانية بتسليمه،
ثم تبدأ رواياتٌ خلف الستار حول الفريقِ الطبيِ السعودي
الذي جاء الى بيروت لإجراءِ فحصِ الدي إن أيه، وانخراطِ
السفارةِ السعوديةِ بصورةٍ مباشرةٍ في ملفِ الماجد، وقيل
حينذاك عن صفقاتٍ تحت الطاولة وقد تكون هبةُ الثلاثة مليارات
دولار للجيش اللبناني جزءً من الصفقة..
على أية حال، يعود جثمانُ الماجد الى الديار بسرِّه،
ولكنَّ حملةَ الانتقادات ضد الأمير بندر بن سلطان لا تتوقف،
وليست الحملةُ مصدرها طهران أو دمشق بل تصدرُ من عواصم
الغرب، منها ما نشر في موقع (جلوبال ريسيرتش) حول ضلوع
الامير بندر في تشكيل شبكة إرهابية على مستوى عالمي (أنظر
هذا العدد).
البصمةُ السعوديةُ تكاد تكون حاضرةً في كلِ مكانٍ تقع
فيه مواجهاتٌ مع الجماعات الإرهابية ولا يكاد يغادرُ إسم
رئيس الاستخبارات السعودية كلما جرى الحديثُ عن معاركِ
القاعدة سواءٌ في سوريا أو العراق أو لبنان أو اليمن وصولاً
الى روسيا..
وفيما تبدي الولاياتُ المتحدة والغربُ عموماً حماسةً
عاليةً في دعمِ الحربِ على تنظيم (داعش) في العراق وحتى
في سوريا، فإن التنازلات التي تقدّمها السعوديةُ في ملف
التسوية في الصراع الاسرائيلي الفلسطيني تؤجِّل إلى حين
العقابَ الدوليَ للسعودية التي باتت دولةً راعيةً للإرهابِ
بامتياز..
تقرير اللجنة الطبية المؤلفة من ثلاثة أطباء الذين
عاينوا جثة الماجد، أكد أن (الوفاة ناتجة عن الأمراض والاشتراكات).
وفي التقرير جاء أن الماجد أصيب بـ(التهابات حادة في الرئتين،
قصور في عمل الكلى، تدّني نسبة البلاكات في الدم وهبوط
في ضغط الدم، وكل ذلك أدّى في النهاية إلى الوفاة). ونقلت
الصحف اللبنانية عن أحد الخبراء في علم الطب الشرعي، إلى
أن ثمة شكوكاً لناحية أن تكون قد أجريت كل الفحوص السميّة
اللازمة، لأن (بعض هذه الفحوص يحتاج إلى أسبوع كامل لظهور
النتائج، كما أن هناك فحوصاً لا يمكن أن تصدر نتائجها
قبل 3 أسابيع، وبالتالي يمكن الجزم بأن هذه الفحوص لم
تُجر كلها). وفيما تعتمد الكثير من الدول إجراء تشريح
الجثة في كل حالة وفاة غامضة أو يدور حولها الشك، وذلك
حفاظاً على سمعة الدولة طبياً، فإن السعودية رفضت أمر
تشريح جثة الماجد لأسباب دينية، حتى لو كان هذا يعني مخالفة
لقواعد علمية، وذلك بحسب فتوى شهيرة للمفتى السابق عبد
العزيز ابن باز. وتبقى الشكوك تحوم حول سر مقتل الماجد.
ولكن السؤال: من هو ماجد الماجد؟
في المعلومات، ماجد الماجد من مواليد الرياض سنة 1973،
انتقل الى اليمن بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر وظهور
القاعدة، وبعد صدور فتاوى الجهاد من قبل علماء الوهابية
بعد سقوط النظام العراقي في نيسان (إبريل) 2003، انتقل
مع مجموعة من السعوديين الى لبنان وتمركز في مخيم عين
الحلوة، ثم انتقل منه الى مخيم نهر البارد شمال لبنان
ضمن مجموعة فتح الاسلام بقيادة يوسف شاكر العبسي، في منتصف
العام 2007.
وقد ثبت تورط (تيار المستقبل) اللبناني وبندر بن سلطان
في قضية فتح الاسلام كما كشفت عن ذلك قصة بنك البحر المتوسط،
حيث اندلع الخلاف على الأموال القادمة من الرياض، حيث
قامت فتح الاسلام بالسطو على البنك المذكور واشتبكت مع
الجيش في الحادث المعروف صيف عام 2007.
ارتبط الماجد بعلاقة وثيقة مع مجموعة المقاتلين التسعة
ويدعى عايض القحطاني، وكان يكنى بأبي مصعب الجزراوي، وهو
احد السعوديين الذين كانوا مع الماجد في نهر البارد، والقي
القبض على القحطاني من قبل مخابرات الجيش اللبناني وهو
يتصل بالسفارة السعودية في بيروت!
تولى الماجد قيادة كتائب عبد الله عزام في مطلع 2013،
عقب إصابة مؤسس الكتائب، صالح بن عبد الله القرعاوي، بالاعاقة
إثر مواجهات في افغانستان، وكان الماجد لفترة قصيرة قبلها
أميراً لتنظيم القاعدة في بلاد الشام وأرض الكنانة. وهو
ثالث سعودي يتولى منصب في كتائب عبد الله عزام منذ تأسيسها
على يد السعودي صالح القرعاوي عام 2004.
الرواية اللبنانية في كيفية القاء القبض على الماجد
تفيد بأنه قدم من سوريا الى عرسال ومنها الى بيروت (مستشفى
المقاصد) لاجراء غسيل كلى ثم عاد الى عرسال حيث ألقي القبض
عليه في الطريق.
أعلنت كتائب عبد الله عزام عن مسؤوليتها عن تفجيرات
الضاحية والسفارة الايرانية وتهديد الشيعة في لبنان بالابادة
ما لم ينسحب حزب الله من سوريا..
اعتقال الماجد شكل ضربة قاصمة للمخابرات السعودية والمجموعات
التكفيرية في لبنان، فيما نظر مراقبون الى ذلك بأنه وقت
دفع الاثمان، حيث باتت المملكة في دائرة الاتهام في موضوع
الارهاب وهذا ثمن عليها ان تدفعه وهناك ضحايا كثر ينتظرون
من المجتمع الدولي انصافهم ولكن قوانين السياسة ليست هي
قوانين التجارة فقد تكون البضاعة في سوق ويكون الدفع في
مكان اخر وقد يكون قانون المقايضة وحده الفاعل في سوق
السياسة..
فقد زار وزير الخارجية الاميركي جون كيري الرياض وخرج
بتصريح لافت عن حماسة القيادة السعودية للتسوية الاسرائيلية
الفلسطينية والسؤال الذي يلي ذلك ما سر الحماسة السعودية
وماذا تغير في هذا الملف حتى يبدي الجانب السعودي هذه
الحماسة...؟!
هل تدفع السعودية فلسطين ثمنا مقابل اخطائها في ملفات
المنطقة وعلى رأسها ملف الارهاب التي باتت معنية به كجهة
ضالعة وراعية له..؟
تواصل المملكة مغامراتها في العراق وسوريا وكانت على
استعداد لان تخوض في لبنان أخطر مغامرة باستدراج حرب اهلية
تكون فيها القاعدة الوكيل السعودي في الحرب من أجل تعويض
خسائرها في سوريا فيما تتأهب كل الاطراف لما هو اسوأ في
النتائج على الارض..
المحصلة النهائية، أن السعودية دخلت آخر وأخطر معاركها
مع خصومها وهي على استعداد لبيع فلسطين والتطبيع الشامل
مع الكيان الاسرائيلي من أجل أن تربح ولو بالاوهام حروباً
مع دول عربية واسلامية..ولكن في آخر المطاف على الباغي
تدور الدوائر
موت الماجد لم يغلق ملف القضية كما شاءت الدولة الراعية
له بل أبقت قضيته ساخنة وصرنا أمام واقع جديد تعبر عنه
وسائل أعلام أجنبية حول ضلوع المملكة السعودية في دوامة
الارهاب..
فلم يعد مقنعاً التلطي وراء دعوى أن المملكة من الدول
المتضررة من الارهاب فتلك دعوى لا تصمد أمام فيض الادلة
على تورط أمراء ورجال دين وجمعيات خيرية ومنابر اعلامية
ودينية في دعم النشاط الارهابي في أكثر من بلد عربي وأجنبي
تحت لافتة الجهاد...
الماجد كان أحد أدلة الادانة التي تعمّد الراعي له
طمسها، ولكن لايزال هناك أسئلة كثيرة تضعها حكومات اقليمية
وغربية حول مصادر تمويل ومنابع توجيه الجماعات الارهابية
المرتبطة بالقاعدة...
تكشف سلسلة المقالات والتقارير الاعلامية المستندة
لمعلومات استخبارية عن ان هناك مزاجاً عاماً بدا يتشكل
على مستوى العالم وينحو باتجاه تحديد الدول الضالعة في
دعم الارهاب، وأن المملكة تأتي في مقدمة هذه الدول وأن
لا شيء يمكن أن يُذهِل الضحايا عن هوية الدولة الراعية،
وقد لايطول الزمن الذي تخضع فيه المملكة لمحاكمة على مستوى
العالم بتهمة التحريض والتجنيد والتمويل للارهاب.
فقد اقتربت النار من الدار فهبت الدول الصغيرة والكبيرة
لخوض حرب حقيقية ضد الارهاب المتمثل اليوم في القاعدة
وفروعها في سوريا...
هبّة تنطوي على موقف من خطة بندر بترايوس التي وضعت
في منتصف عام 2012 والتي تقوم على توظيف مقاتلي القاعدة
في مشروع اسقاط النظام قبل التخلص منهم...
في النتائج، لم يسقط النظام السوري وتزايد أعداد مقاتلي
القاعدة الى حد لم يعد هناك إمكانية للسيطرة عليها بل
إن النشاطات الارهابية المتزايدة لتنظيمات القاعدة والتي
تضرب الى جانب سوريا بلداناً أخرى مثل العراق واليمن ولبنان
وصولا الى روسيا جعل من القاعدة مجرد ورقة بيد المشغل
السعودي الذي ثبت أنه يدير مجموعات فيها بما فيها كتائب
عبد الله عزام..
حملة دولية على الارهاب وليس بعيداً ان يشار بالاصبع
الى المملكة كدولة راعية لجماعات ارهابية..
فالعناصر السعودية القيادية في فروع القاعدة ليست مجرد
صدفة أو وفق مؤهلات استثنائية خصوصا تلك المتعلقة بالتمويل
والافتاء والتنسيق...
في المعلومات تتخذ العناصر السعودية من المخيمات الفلسطينية
في لبنان ملاجيء لهم فيما لا مكان فيه لفلسطين القضية
في أهدافهم وهذا مايؤسف له أن تغيب فلسطين بتاتاً عن تفكير
هؤلاء المهاجرين من أجل الجهاد ويتحول هؤلاء الى مجرد
مرتزقة في النزاعات الداخلية والاخطر ان يكونوا ارهابيين
في خدمة اجندات مشغلهم السعودي المعروف.
ثمة حذر وترقب سادا لبنان عقب وقوع ماجد الماجد المطلوب
بدماء عشرات الضحايا...أكثر من دولة وجهاز استخبارات اقليمية
ودولية تطالب بالمشاركة في التحقيق معه وانتزاع كل المعلومات
التي بحوزته حول خارطة العمليات الارهابية التي دبرها
تنظيمه او هي مدرجة علي جدول اعماله...
المشغل السعودي للماجد يعمل في الخفاء للحيلولة دون
فتح صندوق باندورا، فالماجد شأن سلفه صالح القوعاوي لا
يخرج من عباءة الاستخبارات السعودية ونعلم من تفاصيل عودة
القرعاوي الى الرياض أن الحنين للديار ليس هو سبب العودة
وان وقوع الماجد في قبضة الجيش اللبناني يعني بنك معلومات
خطير سوف يكون في متناول خصوم المشغل السعودي وقد تكون
مفجرة حارة حريك رسالة فورية قبل أن تحين لحظة الحقيقة
مع ابرز رموز الارهاب في لينان خلال الشهور الثلاث الاخيرة...
في الافق يبدو ان عام ٢٠١٤ سيشهد مواجهات ساخنة مع
الارهاب وقد تتداخل العناوين ويخشى من ضياع الدماء البريئة
مع الامن والاستقرار..وقد بات سلاح الارهاب الاداة الفاعلة
في تقويض الحراك الديمقراطي وبات الانتحاريون وعناصر القاعدة
في مرتبة سواء مع المدافعين عن حقوق الانسان والمناصرين
للتحول الديمقراطي في بلادنا...
وفي عام اختلطت فيه الاوراق باتت القاعدة بفروعها داعش
والنصرة ومن نشأ مؤخراً على ضفافها مثل جيش الاسلام وتالياً
الجبهة الاسلامية مكونات مألوفة في الثقافة الشعبية طالما
انها تتفيأ المظلة المذهبية وهذا مايجعل أعلام القاعدة
ترفرف في اكثر من عاصمة عربية من القاهرة الى تونس وطرابلس
الغرب وبيروت وطرابلس حتى صارت شعاراً يرتديه معتمرون
الى بيت الله الحرام..
|