|
|
|
اوباما مع الملك في روضة خريم
|
|
مها المنيف تتسلم جائزة من اوباما
|
أوباما في الرياض
زيارة مجهضة قبل أن تبدأ
كيف أجهض السعوديون أهداف زيارة اوباما للرياض؟ وهل
يعني هذا تحولاً استراتيجياً في السياسة السعودية، ام
مؤقتاً انتظاراً لفرصة ما؟
عبد الوهاب فقي
بات واضحاً اليوم ان هناك خلافاً امريكيا سعودياً غير
مسبوق في تاريخ العلاقات بين البلدين. لا يستطيع احد ان
يقلل من حجمه، وأهميته، وربما خطورته على عرش العائلة
المالكة.
نقول انه خلاف غير مسبوق، ولا يعني ان الحليفين لم
يكونا مختلفين في الماضي. لكن الخلافات الماضية كانت تضيع
في بحر الإتفاقات والمصالح المشتركة.
مثلاً، يقال دائماً ان هناك خلافاً بين السعودية وامريكا
بشان القضية الفلسطينية. هذا لم يكن خلافاً عميقاً في
يوم ما، وانما يهبط الى مسألة (عدم التوافق) بحيث انه
لم يؤثر في العلاقات بين البلدين، باستثناء اسبوعين او
ثلاثة هما عمر حرب اكتوبر 1973. ولذا يشاع بأن الملك فيصل
دفع ثمن مغالبته حليفته الأميركية، فأدّى ذلك الى تدبير
مقتله بالتواطؤ مع الجناح السديري، بقيادة الملك فهد،
الذي يرى ابن الملك فيصل (محمد الفيصل) ان والده قد تم
قتله بمؤامرة دبرها الثلاثي فهد وسلطان وسلمان أمير الرياض،
الى حد أن الأمير القاتل فيصل بن مساعد، لم يعدم لأنه
قتل الملك، اذ اصرّ القضاة انه لم يقم بالقتل، ورفضوا
شهادة الكاميرا التلفزيونية التي تصور الحدث.. بل قُتل
بضغط من الملك خالد، وبعنوان (الإفساد في الأرض)! ويمكن
الرجوع الى تفاصيل تلك الحادثة في الأرشيف.
الخلاف الآخر الذي سبق هذا، وهو الأهم، كان في فترة
الصراع بين الملك سعود وولي عهده الأمير/ الملك فيما بعد،
فيصل، الذي زار واشنطن، واستقبله الرئيس كندي، وتعهد فيصل
بإجراء اصلاحات محددة قطعها كوعود على نفسه، في حال وقفت
واشنطن معه ضد أخيه. وهذا ما تمّ فعلاً، وسرعان ما ارسل
كندي الى فيصل مطالباً اياه بإيفاء العهود، فخرج علينا
بإسم اصلاحات جاء في آخرها: (إلغاء الرقّ وتحرير جميع
الأرقّاء)!
لم توجد خلافات حقيقية بين واشنطن والرياض في معظم
الملفات الأمنية والسياسية ان لم يكن كلها.
هذه المرّة تضخمت الملفات منذ عهد الرئيس بوش، صديق
العائلة السعودية، ومنقذها الحقيقي من تبعات تفجيرات القاعدة
في احداث سبتمبر 2001 وتوجيه الغضب الأميركي الى افغانستان
والعراق اللتان احتلتا امريكيا، ولم يصب السعوديين ـ الذين
هم أساس المشكلة ـ شيء، اللهم إلا تطويع سياستهم ضد العدو
الجديد والمشترك وهو القاعدة وتحت عنوان مكافحة الإرهاب،
ولو مؤقتاً! وقد ساهمت الرياض تبعاً لذلك في احتلال البلدين
العراق وافغانستان، ولكن الخلافات بدأت منذ ذلك الحين.
خلافات متراكمة منذ عهد بوش
الخلاف بشأن العراق كان واضحاً، فقد قبلت الرياض باحتلاله
على مضض، لا كرهاً في احتلال بلد عربي، او حباً في صدام
حسين، ولكن خشية ان تأتي الأكثرية الشيعية الى الحكم،
سواء عبر صناديق الإقتراع أو غيرها. لكن الرياض أملت ان
يؤدي الاحتلال لبغداد تقريب الحرب للخباء الإيراني الذي
تمنى السعوديون ان حملة واشنطن العسكرية تتواصل فتطيح
بنظام طهران او بنظام دمشق، ولكن ذلك لم يحدث.
تأكدت هواجس الرياض ومخاوفها، حين وصلت الأكثرية فعلاً
الى الحكم، ما دفعها الى التحذير مراراً وتكراراً، بل
والتشنيع بواشنطن التي كانت تريد عوناً من الرياض، لكن
الأخيرة ارسلت القاعدة لتزيد الطين بلّة وتفتك بذلك البلد،
ولازالت الرياض في شبه قطيعة سياسية ونفسية مع بغداد،
ولم تعترف بالوضع القائم، وتشنّ عليه الحملات، وترسل له
القاعديين والمفخخات.
أي ان الرياض قامت بعكس ما كان تريده واشنطن تماماً،
فبدل ان تعترف بالوضع القائم، حتى لا يتصاعد الدور الإيراني،
اصرت الرياض على القطيعة ولاتزال.
ذات الأمر تكرر مع سوريا، إذا رأت واشنطن أهمية في
التقارب بين الرياض ودمشق، منعاً لبشار الأسد من التحالف
أكثر مع طهران، ولكن الرياض، خاصة بعد حرب تموز 2006 فعلت
العكس، وأعلنت الحرب على الرئيس السوري ولاتزال، وإن كان
الطرفان الأميركي والسعودي أصبحا متفقين في العداء للنظام
السوري في السنوات الأخيرة بعد اندلاع الاحتجاجات.
فحين ظهرت بوادر الإعتراض على النظام في دمشق، حولها
السعوديون والقطريون والأميركيون الى ثورة مسلحة، وجلبوا
لها المقاتلين والأسلحة والتغطية السياسية والإعلامية،
ولكن هذا فشل في اسقاط الأسد، فغضبت السعودية على الحليف
الأميركي لأنه لم يشن الحرب المباشرة على دمشق. الرياض
لا يهمها ديمقراطية ولا غيرها في سوريا، بل يهمها ـ ومن
خلال اسقاط نظام الأسد ـ استعادة مكانتها التي خسرتها
في المنطقة على يد حلف قوي، فأرادت تسديد ضربة له في الصميم
على يد الأميركي او حتى الصهيوني لا فرق. وهذا ما يفسر
غضب السعودية على واشنطن، لأنها تراجعت عن ضرب سوريا عسكرياً.
ومن أوجه الخلاف السعودي الأميركي التي تراكمت في عهد
أوباما، موضوع الثورات العربية، فقد استاءت من وقوف امريكا
والغرب ضد حليفها ابن علي في تونس، واصابها الفزع من سقوط
مبارك، والأكثر: وصول الإسلاميين (الإخوان) الى الحكم،
ما يعني تفجير نموذج الحكم الديني المضلل الذي تقدمه العائلة
السعودية الحاكمة، وتشجيع التيارات الدينية في السعودية
والخليج على التفكير بإسقاط النظم الملكية اما عبر صناديق
الإقتراع، او بالقوة.
في البحرين فرضت السعودية ارادتها على امريكا، وأدخلت
قواتها العسكرية لقمع الثورة، واضطرت امريكا الى مسايرتها
ولازالت.
وفي اليمن قبل الأميركيون الحل السعودي او ما سمي بالمبادرة،
ولكنها لم تنتج حتى الآن نظاماً مستقراً.
الخلاف الأكبر مع واشنطن ـ في موضوع الثورات العربية
ـ انحصر في الموقف من مصر. فلأول مرة تجد السعودية ان
لديها استعداداً للتضحية بعلاقة وثيقة مع واشنطن من أن
تغيّر سياساتها المصرية. لماذا هو الموضوع المصري خطيراً
بالنسبة للعائلة المالكة السعودية؟
بقاء حكم الإخوان بالتحالف مع السلفيين او بدونه، يعني
قرب سقوط الحكم السعودي نفسه. هذا لم يفهمه الأميركيون
حتى الان. فالرياض لا تتحمّل مصر ديمقراطية، فكيف بها
ان تكون تحت حكم الإسلاميين؟ وكيف يمكن لواشنطن التضحية
بحلفائها من اجل حلفاء جدد تناصبهم الرياض العداء؟ يبدو
ان الطرفين لهما لغتان مختلفتان.
واشنطن لا تستطيع ـ بين يوم وليلة وحسب قوانينها هي
ـ ان تقبل بحكم العسكر الذي انقلب على الديمقراطية. ومن
هنا جاء الإختلاف، الى حد ان السعودية اعلنت انها مستعدة
للتعويض عن كل المساعدات الأميركية والغربية التي تقدم
للقاهرة. هذه الحماسة تقابلها حماسة موازية من الكويت
والإمارات مثلاً.
وزاد الطين بلّة الخلاف السعودي الأميركي بشأن الموقف
من إيران. فلعقود والسعودية تعلن الحرب الخفية والعلنية..
السياسية والإعلامية والمالية والطائفية ضد ايران، ولطالما
اعلنت انها مستعدة ـ حسب ويكيليكس ـ لتمويل اية حرب سواء
قامت بها اميركا او حتى اسرائيل. كيف تستطيع الرياض التي
تماشت مع الغرب، ووضعت كل ثقلها من أجل يوم تتخلص فيه
من نظام طهران ـ الذي وسع نفوذه على حسابها ـ او تقزيمه
واشعال ثورة عليه ومحاصرته، ان يطلب منها في يوم وليلة
ان تغير خطابها السياسي وتقبل بالأمر الواقع الذي يقرره
الأميركيون انفسهم، والذين طبخوا وصفة لحل ازمة الملف
النووي الإيراني بعيداً عنها؟
لا تخفي الرياض غضبها الشديد من اوباما، فهو بعد ان
سحب معه دولة خليجية (سلطنة عمان) لتستضيف حوارا سريا
مع طهران، لم يبلغ السعودية بذلك، فلم تدع الأخيرة للمشاركة
في المفاوضات النووية، وكأن الرياض دولة نووية! ولكن مع
الرياض حق، فقد كانت رأس حربة في الصراع الغربي ضد ايران
لعقود.
ويزداد السعوديون ألماً حين يترافق التوافق الايراني
الغربي بشأن الملف النووي مع نوايا انسحاب جزئي غربي استراتيجي
من المنطقة لصالح جنوب شرق آسيا والمحيط الهادي، ما يتحتم
معه ضرورة توفير استقرار إقليمي من خلال توافق ايراني
سعودي، لا تريده الرياض لأنه يضعها في كفة غير متعادلة
مع القوة الايرانية الصاعدة التي ستتولى أمن الخليج وغيره
كما كانت، والتي ستصبح ـ إن رُفع عنها الحصار ـ محجّاً
للشركات الغربية والعالمية، وستتضاءل قيمة السعودية أكثر
فأكثر على المستوى الإقليمي العربي والإسلامي.
هذا ما لا تتحمله الرياض مطلقاً. لقد شعرت بان امريكا
استسلمت لطهران، وسلمتها ملفات المنطقة على حسابها. وتركتها
وحيدة لا تستطيع ان تواجه ايران منفردة، ولا ان تتشارك
معها النفوذ إلا من موقع الدونيّة.
زيارة أوباما للرياض
واضح ان اوباما حين قرر زيارة الرياض، اراد شرح موقف
بلاده بالذات من الملف الإيراني، وليقول للسعوديين بأن
لبلاده اهتمامات اكبر استراتيجيا وانه لا يمكن القضاء
على قوة ايران ولا محاربتها وبالتالي لا يمكن مواصلة السياسة
العقيمة لخمسة وثلاثين عاماً، والحل هو ان تتشارك ايران
مع السعودية في استقرار المنطقة. هذا بالتحديد ما طالبت
به اللجنة الخارجية في البرلمان الأوروبي السعودية في
فبراير الماضي.
ايضاً اراد اوباما وضمن سياسة التخفّف من مشاكل المنطقة
والإهتمام بالصراع الاستراتيجي مع القوى الإقتصادية والسياسية
الناهضة، ان يحل الملف الفلسطيني، ولكن برضوخ فلسطيني
عربي لمطلب يهودية الدولة الصهيونية وان تعترف السعودية
ودول الخليج بذلك.
واراد اوباما ان يشرح للسعوديين ان الموقف من الانقلاب
العسكري المصري ودعمه ليس في صالحهم على المدى البعيد،
وان سياسة الرياض الحالية تتعارض في الصميم مع سياسة دول
الاتحاد الأوروبي وامريكا، وتشتت جهودها.
لكن ماذا لدى اوباما من اوراق ليضغط على السعوديين؟
الورقة الأولى لها علاقة بالحماية الغربية للنظام السياسي
السعودي. وقد التفّ عليها السعوديون بطلب ثلاثين الف مقاتل
باكستاني، وزار ولي العهد وزير الدفاع سلمان الباكستان
لهذا الغرض بالتحديد، ولشراء صواريخ بعيدة المدى، لمواجهة
ايران، وهناك حديث عن محاولات شراء قنبلة نووية من الباكستان.
وهاتان رسالتان لاوباما قبل زيارته للرياض، تفيدان بأن
الأخيرة لن تقبل التفاهم مع طهران، وانها مستمرة في حربها
معها، وان الحاجة لحماية العرش السعودي حقيقة، ولكن يمكن
ان تُشترى من مكان آخر موثوق!
الورقة الثانية التي كانت بيد أوباما، هي ملف دعم السعودية
للقاعدة بتفرعاته، وهو ملف متضخم، حذر منه البرلمان الأوروبي،
والبرلمان البريطاني ايضاً في مراجعة العلاقات السعودية
البريطانية، اكتوبر الماضي. دعم التطرف والإرهاب نفته
السعودية عن نفسها لسنين طويلة، الى ان جاء بندر ولعب
على المكشوف مع الروس وغيرهم، وهدد الجميع بالقاعدة، وقال
ان مفاتيحها عنده. ما دفع بروسيا الى تسليم الأميركيين
ملفاً يعرفون مسبقاً تفاصيله في سوريا والعراق ومالي وايران
والباكستان وحتى الجزائر والمغرب وبنغلاديش وأندونيسيا.
ولكي يبرر اوباما عدم اعلان حرب غير مضمونة على سوريا
والصدام مع ايران وروسيا عسكرياً بما يشكل مجازفة، لا
بد ان يكشف للعالم خطر القاعدة وداعش، وكأنه اكتشاف جديد،
وكأن الغرب لا يعلم طيلة السنوات الماضية من يدعم في سوريا،
وماذا تفعل السعودية وقطر في العراق وغيرها! اوباما وزعماء
دول الغرب يقومون اليوم بابتزاز الرياض بملف دعمها للإرهاب.
لكن الرياض استبقت زيارة اوباما بارسال محمد بن نايف ـ
وزير الداخلية ـ الى واشنطن لحل المشكل قبل الزيارة، وقد
فرضت امريكا شرطاً ان اوباما لن يزور الرياض قبل ان يحل
هذا الملف، وتحديداً قبل تسليم محمد بن نايف المحبوب لديها
ملف حرب القاعدة في سوريا، مثلما هو يحاربها داخل السعودية،
ولينظّف القذارات التي قام بها بندر بن سلطان ـ رئيس الإستخبارات
ـ والذي فتح الباب على مصراعيه من جهة الدعم لكل المتطرفين
القاعديين والداعشيين. وافقت الرياض، وأقفل الملف قبل
فتحه في الرياض، على الأقل الى حين. لكن الملف نفسه مفتوح
على المستقبل، بل لازال مفتوحاً من قبل دول غربية عديدة.
ملف آل سعود الأسود في مجال حقوق الإنسان، كان ورقة
أخرى بيد أوباما، وقد طلبت منه العفو الدولية وهيومن رايتس
ووتش، ومنظمات حقوقية دولية كبرى ان يطرح هذا الملف، سواء
في بعد حقوق المرأة، او الاعتقال التعسفي، او الحريات
الدينية، او حقوق الأقليات، او العمالة الأجنبية، او غيرها.
لكن اوباما وبسبب جو التوتر المشحون في الزيارة، آثر ان
لا يطرح هذا الملف، واكتفى، بمبادرة مدروسة، حيث سلّم
ناشطة في مجال الدفاع عن المرأة تجاه العنف المنزلي، وهي
مها المنيف جائزة تمنحها الخارجية الأميركية، في اشارة
صغيرة الى منجز سعودي وليس كنقد لسجل أسود قائم.
جاء اوباما ليطالب السعودية ويضغط عليها، ان تعترف
بيهودية الدولة الفلسطينية، والرياض ليست في وضع ان تفعل
ذلك، على الأقل خشية من الداخل، فكان المخرج لمحمود عباس
ودول الخليج عامة، ان يصدر رفض جماعي من القمة العربية
التي انعقدت في الكويت ليهودية الدولة، وعلى لسان جميع
القادة العرب، وحتى لا تظهر الرياض وحيدة. وهذا ما حدث،
وبالتالي أفشل مخطط أوباما في هذا الصعيد. لم تشأ الرياض
ان تتحمل وزر الاعتراف بدولة عربية محتلة، دولة يهودية،
فيثور عليها العالم العربي وربما شعبها المحتقن ضد آل
سعود.
وكان من المتوقع ان يزور اوباما دولة خليجية واحدة
على الأقل، وكانت قطر تتمنى ذلك لتوازن الضغط السعودي
عليها بسبب دعمها للإخوان. وكان يمكن ان يتوسط اوباما
لحلحلة التوتر في العلاقات القطرية السعودية، لكن سعود
الفيصل رفض التدخل الأميركي الذي يعلم انه سيكون لصالح
قطر، فصرح قبل وصول اوباما بأيام، بأنه ليست هناك وساطات
وان السعودية لا تقبل وساطات بل تريد من قطر الالتزام
بما تعهدت به.
بقي أمرٌ خشيت بعض اجنحة الحكم ان يفجر العلاقات بين
واشنطن والرياض، وهو التدخل المباشر لترجيح محمد بن نايف
ليكون ملكاً، والإقتراح على الملك وولي عهده بالإستقالة،
على غرار ما حدث في قطر. لكن الملك وقبل اقل من يومين
من الزيارة اكد ان النيابة الثانية لرئيس مجلس الوزراء،
والتي هي بيد الأمير مقرن، تعني حرفياً أنه ولي عهد ولي
العهد سلمان، اي انه الرجل الثالث في الدولة وسيكون ملكاً
في المستقبل، مع فتح الباب ليكون متعب ابن الملك الشخصية
التالية له، وليس محمد بن نايف. لذا لم يظهر الأخير اثناء
زيارة اوباما، بل كان مقرن حاضراً، ومهندس الخلاف كان
ايضاً حاضراً، ونقصد به خالد التويجري، مستشار الملك عبدالله.
إزاء هذه الخلافات العديدة بين واشنطن والرياض، وتصلّب
الأخيرة، هل يمكن ان تنقلب الرياض على حماتها الغربيات؟
سيكون ذلك جزئياً ومؤقتاً. فقد اثبتت الرياض انها لا
تستغني عن حماية العرش، بغض النظر عمّن يكون الحامي: بريطانيا
ام امريكيا ام باكستانياً.
كل ما يأمله الأمراء السعوديون هو ان يواصلوا المسيرة
المتصلبة في المواقف التي هم عليها، وعدم التنازل بشأن
أي من الملفات: الإيراني والعراقي والسوري والمصري والبحريني،
الى أن يرحل الديمقراطيون عن الحكم في الإنتخابات القادمة،
ويأتي الجمهوريون الذين ـ تاريخياً ـ يحب الأمراء السعوديون
التعامل معهم، وأنهم قريبون من عقليتهم.
يعتقد السعوديون ان المشكلة في اوباما خاصة وفي حزبه
الديمقراطي عامة. وإن تغييراً لصالح الحزب الجمهوري في
الإنتخابات القادمة، سيعيد الدفء في العلاقة بين البلدين،
وسيقترب الجمهوريون من الموقف السعودي.
بمعنى آخر، يظن الأمراء السعوديون بأن مواقف أوباما
خليط من الشخصية والحزبية، وليس لها علاقة بالإستراتيجية
الأميركية التي تغيرت، وبالتالي فإن تغيير الرئيس وحزبه،
يمكن ان يغير كل شيء، وتتواصل المعركة حسب مزاجهم او حسب
ما يرغبون.
هو وهم.. ولطالما عاش الأمراء اوهاماً، لكن هذا أخطرها.
|