|
مدير جامعة محمد بن سعود:
تركيا الفاجرة تحارب العقيدة السعودية الصحيحة! |
سيراً على سيرة السلف الوهابي
مدير جامعة الامام: تركيا فاسدة فاجرة!
يحي مفتي
لم يأت مدير جامعة الامام محمد بن سعود بالرياض بجديد
حين أطلق العنان للسانه كي ينال من تركيا الدولة ورئيس
وزرائها رجب طيب أردغان. قد يكون الخلاف سياسياً ويأتي
في سياق حرب ال سعود على الاخوان المسلمين، ولكن بالنسبة
للمجتمع الديني الوهابي هي قضية عقدية وتعود الى ما قبل
قرنين من الزمن، حين أرست عقيدة تكفير الآخر، أشخاص كانوا
أو جماعات أو دول. وكان خروج الوهابية على الدولة العثمانية
بوصفها الترميز السياسي للأمة الاسلامية والتي حظيت باجماع
علماء المسلمين من المذاهب كافة، وعاضدوها وحرّموا الخروج
عليها، يمثل خروجاً على اجماع الأمة وعلى الدولة الشرعية.
نستحضر هنا نتفاً من فتاوى علماء الوهابية ضد الدولة
العثمانية، فقد كتب الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب (ت 1233هـ) كتب رسالة بعنوان (الدلائل في
حكم موالاة أهل الإشراك) وتدور حول كفر الدولة العثمانية،
وبدأ الرسالة بما نصّه (أن الإنسان إذا أظهر للمشركين
الموافقة على دينهم: خوفاً منهم، و مداراة لهم و مداهنة؛
لدفع شرهم. فإنه كافر مثلهم ، وإن كان يكره دينهم ويبغضهم،
ويحب الإسلام والمسلمين). وقدّم أحد وعشرين دليلاً على
ردّة وكفر من أعان الدولة العثمانية وإن لم يكن موافقاً
لها على مذهبها...
ما يلفت في الرسالة هو تكرار الشيخ سليمان بن عبد الوهاب
في الدليل الثامن عشر، لعبارة (عباد القباب وأهل القحاب
واللواط) في توصيف تركيا وشعبها وهي تلتقي مع عبارة (نادي
العراة) التي استخدمها مدير جامعة الإمام. ومن ذلك قول
الشيخ سليمان بن عبد الوهاب في سياق المقارنة بين تركيا
ونجد :(ولا يخفى: أي الحزبين أقرب ـ إلى الله ورسوله وإقامة
الصلاة و إيتاء الزكاة ـ أأهل الأوثان والقباب والقحاب
واللواط و الخمور والمنكرات، أم أهل الإخلاص وإقام الصلاة
وإيتاء الزكاة..؟! فالمتولي لضدهم: واضع للولاية في غير
محلها، مستبدل بولاية الله ورسوله والمؤمنين ـ المقيمين
للصلاة المؤتين الزكاة، ولاية أهل الشرك والأوثان والقباب).
وجاء في رسالة من الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن
حسن آل الشيخ (ت1293هـ) الى الاخوان من بني تميم (..وقتال
الدولة ـ يعني الدولة العثمانية ـ والأتراك، والإفرنج
وسائر الكفار، من أعظم الذخائر المنجية من النار..). الدرر
السنيّة في الأجوبة النجدية، ط 2004، الجزء التاسع، ص
22 ـ 23.
وفي الدولة السعودية الثانية، بويع عبد الله بن فيصل
بن تركي آل سعود (1247هـ - 1307هـ) بالامامة لحكم الدولة
السعودية عام 1865، ولكن أخاه سعود عارضه وخرج عليه وقرر
أن يغادرالرياض ودارت بينهما مواجهات وحروب. فكتب الشيخ
عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ال الشيخ رسالة إلى الشيخ
حمد بن عتيق بشأن استعانة عبد الله بن فيصل بالعثمانيين
ضد أخيه سعود بن فيصل في معركة (جودة) في حوادث عام 1289
هـ قال فيها: (وعبد الله له ولاية وبيعة شرعية في الجملة،
ثم بدا لي بعد ذلك أنه كاتب الدولة الكافرة ـ يعني الدولة
العثمانية ـ واستنصرها واستجلبها على ديار المسلمين..).
أنظر: الدرر السنيّة في الأجوبة النجدية، ط 2004، الرياض،
مج 8، كتاب الجهاد، ص 391.
وقال في دخول العثمانيين للجزيرة العربية عام 1298
هـ: (فمن عرف هذا الأصل الأصيل - أي التوحيد - عرف ضرر
الفتن الواقعة في هذه الأزمان بالعساكر التركية، وعرف
أنها تعود على هذا الأصل بالهد والهدم والمحو بالكلية،
وتقتضي ظهور الشرك والتعطيل ورفع أعلامه الكفرية).
وكانت النتيجة أن عاد الأمير سعود إلى الرياض التي
غادرها أخوه عبد الله وبويع بالإمامة عام 1871 ثم توفى.
وبويع عبد الرحمن بن فيصل بالإمامة الإ أنه تنازل عنها
لأخية عبد الله في عام 1876 وحكم حتى مات في الرياض سنة
1307هـ/1891.
وكانت للشيخ حمد بن عتيق (ت 1301هـ) فتاوى في تكفير
الدولة العثمانية جاءت في ثنايا رسائله للشيخ عبد اللطيف
بن عبد الرحمن وثبتت في مجلدي السابع والثامن من مجموع
الدرر السنيّة.
وسئل الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف (ت 1339هـ) عن من
لم يكفر الدولة - أي العثمانية - ومن جرهم على المسلمين
واختار ولايتهم وأنه يلزمه الجهاد معهم، والآخر لا يرى
ذلك كله بل الدولة ومن جرهم بغاة ولا يحل منهم إلا ما
يحل من البغاة وإن ما يغنم منهم من الأعراب حرام، فأجاب:
(من لم يعرف كفر الدولة ولم يفرق بينهم وبين البغاة من
المسلمين لم يعرف معنى لا إله إلا الله، فإن اعتقد مع
ذلك أن الدولة مسلمون، فهو أشد وأعظم، وهذا هو الشك في
كفر من كفر بالله وأشرك به، ومن جرهم وأعانهم على المسلمين
بأي إعانة فهي ردة صريحة..). الدرر السنية في الأجوبة
النجدية، الجزء العاشر من كتاب الردة، الطبعة السادسة
سنة 2004 الرياض ص 429.
ومن المتأخرين، ذكر الشيخ عبد الرحمن بن عبد اللطيف
بن عبد الله بن عبد اللطيف ال الشيخ في كتابه (علماء الدعوة
ص 56) ما نصّه: (ومعلوم أن الدولة التركية كانت وثنية
تدين بالشرك والبدع وتحميها).
في ضوء ما سبق نتوقف عند ما جاء على لسان مدير جامعة
الامام محمد بن سعود الدكتور سليمان حمود أبو الخيل خلال
مؤتمر الارهاب الذي رعته الجامعة الاسلامية في الفترة
ما بين 23 ـ 24 إبريل الماضي. فقد شنّ أبو الخيل هجوماً
لاذعاً على تركيا ورئيس وزرائها رجب طيب أردغان ووصفها
بأنها (دولة فاسدة وفاجرة وتحارب عقيدة السعودية)، وتعرّض
لرئيس وزرائها، وتساءل: (كيف يمكن للعاقل أن ينتظر منه
أن يكون خليفة للمسلمين وهو يفتتح نادي للعراة في بلاده).
ومما قاله أيضاً: (هل يعقل أن يبرز رجل درس العقيدة
ونهلها ورضعها مع لبن أمه في هذه البلاد، يقول إننا ننتظر
من أردوغان في تلك الدولة الفاجرة الفاسدة الفاسقة أن
يكون خليفة للمسلمين؟!)؛ ويضيف: (يعيش في دولة الإسلام،
وفي محضن العقيدة، وفي دولة رفعت راية التوحيد في جميع
المحافل، ويقول نحن نرى أن هذا الرجل هو الذي سيعيد خلافة
المسلمين، بعد أن ضاعت ٨٠ عاماً).
وفي سياق ردّه على من أثنى على أردوغان في وقت مضى
قال: «هذه الدولة التي يمجدها، لأنه يسير على منهجها الإخواني،
هذه الدولة هي من أشد الدول عداوة لعقيدة هذه البلاد،
ومنهجها وما تقوم عليه. هذه الدولة ومن سيقول أنه سيعيد
الخلافة، يفتتح نادياً للعراة في بلاده! هذه الدولة التي
يشيد بها ويرفع من شأنها ومن شأن المسؤول فيها هي من أشد
دول أوروبا في الفساد والفجور والبعد عن دين الله).
نتوقف قليلاً عند كلام أبي الخيل، والذي يكاد يكون
مجرد إعادة إنتاج لما قاله السلف من مشايخ الوهابية في
بداية نشأة دولتهم وما بعدها، أي أن الموقف العقدي من
تركيا لم يتغيّر ولا يزال تكفيرها قائماً. بل لم يتردد
ابو الخيل في النيل من شعب تركيا بطريقة غير مباشرة كما
فعل من سبقه من مشايخ الوهابية.
السؤال لماذا صمت أبو الخيل وأهل دعوته عن تركيا حين
كانت العلاقة مع المملكة السعودية في أحسن حالاتها، وحين
كان التنسيق بين الدولتين بخصوص الملف السوري على أوجه،
فماذا تغيّر حتى يعاد إنتاج ما قرّ في الذاكرة التكفيرية
ليخرج دفعة واحدة، وينال من تركيا الدولة والشعب والحاكم؟.
ثم، كيف يمكن لجماعة عقدية ترى في كل ما حولها كفراً محضاً
أن تتواصل معه، وتزور بلاده، وتتعامل معه تجارياً، واجتماعياً،
وثقافياً، وسياسياً؟.
|