مملكة حقوق الإنسان!
أمير منطقة القصيم فيصل بن بندر آل سعود يقول أن سجون
عائلته لم توضع للتعذيب أو القهر أو الإهانة، وإنما أنشأها
آل سعود كمحاضن للإصلاح، وأضاف بأن العائلة المالكة تطبّق
مبادئ حقوق الإنسان المستلهمة من الدين الإسلامي.
وتمادياً في المزاعم، فإن نائب رئيس هيئة حقوق الإنسان
(الرسمية) زيد آل حسين، كرر اثناء لقائه رئيس قسم الشؤون
الخليجية بوزارة الخارجية السويدية فريدريك فلورين وسفير
السويد لدى الرياض داغ دانفيلت، بأن بلاده تطبق الشريعة
الاسلامية وأنها ليست حديثة عهد بتطبيق مبادئ حقوق الإنسان،
بل طبقتها ـ حسب زعمه ـ منذ قيامها، ما جعلها تقدم (نموذجاً
تطبيقياً رائداً)! وقبلها استقبل آل حسين مسؤولة القسم
السعودي في وزارة الخارجية البريطانية نيكولا جودويت وقال
ببجاحة بأن المملكة لديها الكثير لتضيفه للعالم في مجال
إثراء قيم حقوق الإنسان.
وفي اجتماعات مجلس حقوق الإنسان بجنيف، كرر فيصل طراد
السفير السعودي والمندوب الدائم هناك، المزاعم ذاتها،
وقال بأن بلاده حريصة كل الحرص على تعزيز حقوق الإنسان
باعتبار ان بلاده تطبق الشريعة الاسلامية، ووصف المنتقدين
لسجل حكومته الأسود بأنه يزايدون عليها في هذا الأمر،
مؤكداً رفض بلاده استخدام مبادئ حقوق الإنسان للتدخل في
الشؤون الداخلية لبلاده لفرض التغيير عليها.
ودافع طراد في كلمته عن سجل حكومة البحرين الحقوقي
الذي اتفق العالم كله على أنه مريع، وقال ان المنامة ملتزمة
ـ كما السعودية ـ باحترام حقوق مواطنيها.
وكان السفير السعودي في المنامة قد اجتمع مع وزير حقوق
الانسان البحريني صلاح بن علي، وقد أشاد هذا الأخير بجهود
الرياض الحقوقية وتكريس العدالة، فرد السفير السعودي ممتدحاً
تجربة البحرين الحقوقية.
هذه صورة المزاعم السعودية.
في المقابل، أطلقت النائبة العمّالية البريطانية كاتي
كلارك صرخة بوجه الحكومتين البريطانية والسعودية لتخليص
الأميرات ـ بنات الملك عبدالله ـ من الإحتجاز الذي طال
أمده (١٣ عاماً). وقد أبلغها وزير الخارجية هيغ، ورئيس
الوزراء كاميرون بأنهما غير مستعدين للتدخل في القضية؛
وهو ما اعتبرته النائبة سياسة مزدوجة حين يتعلق الأمر
بالسعودية.
وفي سابقة غير مألوفة، أعرب أربعة من أكبر خبراء الأمم
المتحدة في مجال حقوق الإنسان عن القلق إزاء إصدار أحكام
ضد المدون السعودي رائف بدوي تشمل السجن لمدة عشر سنوات،
وألف جلدة، وغرامة تقدر بمليون ريال سعودي. وذلك في بيان
مشترك وقع عليه هاينر بيليفيت، المقرر الخاص المعني بحرية
الأديان، وفرانك لارو مقرر حرية التعبير، وخوان منديز
مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بقضايا التعذيب، ومادس
أنديناس رئيس مجموعة العمل الخاصة بالاعتقال التعسفي.
وشدد الخبراء على ضرورة إلغاء تلك الإدانة «المشينة»
لرائف بدوي والإفراج فورا عنه مؤكدين أن إدانته جاءت بسبب
التعبير السلمي عن آرائه. وحث المقررون الحكومة السعودية
على إدخال إصلاحات ليتوافق نظامها القضائي مع المعايير
الدولية.
ولكي تثبت الرياض قلّة حيائها، وتهافت مزاعمها باحترام
حقوق مواطنيها، أشاعت في ـ جس نبض للشارع ـ بأنها بصدد
إغلاق الإنترنت كليّة عن المواطنين، فلما انتشرت الشائعة
مع ردود حادة، عادت وقالت حسب المتحدث باسمها: (لن نحجب
الإنترنت)!
المواطن في مملكة الإنسانية! قد يموت بالكورونا أو
بحمّى الخنازير، أو بحمّى الوادي المتصدّع، أو بالرصاص
المباشر كما يحصل لمتظاهري ومعارضي القطيف، أو عبر السيول
المتكررة في مكة وجدة والتي تدمر المنازل وتغرق المركبات
والبشر في بلد التريليونات؛ ويمكن أن يتوفى تحت التعذيب
في السجون؛ أو في مطاردة مع الهيئة، أو باعتداء من قبل
أعضائها، وما أكثر اعتداءاتهم، بل قد يتوفاه الله أمام
الكعبة المشرفة لمجرد أن أمير جاء بجنده فمنع الطواف وأحدث
الإزدحام والتدافع كما حدث مؤخراً.
آخر الصرعات، هو أن شبيحة آل سعود، وكثيرون لا يعرفون
ان هناك مليشيات خاصة بالنظام، تسمى (المجاهدين) تتوزع
على كل مناطق البلاد، قاموا بقتل المواطن أحمد بن علي
الغزواني من مدينة جازان وهو في سيارته لأنه لم يمتثل
لهم بالتوقّف؛ وحين همّ المواطنون لنجدته قبل ان يفارق
الحياة منعوهم وهددوهم وحدثت ملاسنة بين الطرفين. وبانتشار
فيديو الحادثة علق المتحدث باسم محمد بن ناصر آل سعود،
امير جازان، بأنه تلقّى شكوى من شقيق الضحية حول تعرّض
أخيه لإطلاق نار وهو متوقّف في سيارته، وأن أفراد الدورية
منعوا شهود الواقعة من إسعافه (وبناء على ذلك أصدر سموه
أمراً بتشكيل لجنة تحقيق لمعرفة ملابسات الحادث).
وتشكيل لجان تحقيق تعني عند المواطنين، ضياع الدم كالعادة.
لكن المتحدث الرسمي لفرع مليشيات (المجاهدين) بجازان خالد
عبدالله بن قزيز، وللتنصّل من المسؤولية، وكما يفعل رجال
هيئة الأمر بالمعروف، واستباقاً لأي تحقيق، زعم أن السائق
لم يتوقف رغم الأوامر فأطلق عليه الرصاص، وبالصدفة حين
تم تفتيش السيارة وجدوا فيها مخدرات وعشرة آلاف ريال (أقل
من ثلاثة آلاف دولار).
وعموماً ليست هذه الحادثة الأولى، فقد سبق لمجاهدي
آل سعود ان قتلوا مواطناً هو حراز البقمي بنفس الطريقة
في محافظة (تَرَبَةْ)، وقال الأمراء انهم سيحققون في الأمر،
وضاع دمه سدى.
يتساءل أحد المغردين: سمعت أنهم مجاهدين. كيف مجاهدين
وعسكر؟ وهل يوجد مجاهدين هنا؟! وكيف؟ ما فهمت؟
سيرى المواطنون قوات مجاهدي آل سعود كلما شعر الأخيرون
بأن حكمهم يتضعضع، ما يلزمهم إخراج تلك الميليشيات من
الجحور. هذه الميليشيات هي التي قتلت الحجاج، وهي التي
اعتدت وقتلت العمالة الأثيوبية في الرياض، وكلها بلباس
مدني، تُستدعى وقت الحاجة.
|