هكذا تكلمت
خمسة أيام عشتها في مركز شرطة حي الصحافة. قالوا لي: اكسر قلمك ولا
تكتب، قلت: إنها رسالتي التي آمنت بها ولن أتخلى عنها حتى ولو ضاقت علي
سبل العيش.ابحثوا عن غيرها. قالوا: تراجع عن كل مقالاتك عن الوهابية.
قلت أنا عالم بالشريعة أكثر منكم، وأعلم جيداً أن الوهابية ليست إلا
بذرة للتطرف والإرهاب. قالوا لم كتبت في صحيفة دولة معادية؟ قلت لهم:
أمريكا أمة خيرة. أمريكا رعتكم وحمتكم من عاديات الزمن أكثر من نصف قرن.
قالوا مقالك في النيويورك تايمز أخطأت فيه. قلت أنا مؤمن بكل كلمة وحرف
ورد فيه.
بعد مداولات طويلة قلت لهم: ألا تريدون أن تأخذوا حقكم دونكم مؤخرتي الكريمة، ألهبوها بسياطكم. اعلموا أنكم لو جعلتموها ألفي جلدة فلن أتراجع عما أنا مؤمن به. قالوا لم قلت في نيويورك تايمز إن الملك السعودي مريض، عليك أن تعتذر منه. قلت لا شأن لكم بذلك. هو يحاسبني ولستم أنتم. أنتم لستم وكلاءه. قالوا: لم ادعيت أن وزارة المعرف تنشئ لجاناً للتحقيق مع المدرسين وتأديبهم على أفكارهم. أنت كاذب. قلت: هذا ليس من شأنكم، أمامكم أحد ممثليهم يستطيع أن يتحدث عن الأمر. قالوا لم دعوت إلى استماع الموسيقى وفي وقت السحر؟! قلت: لأنني لا أرى بها بأساً. أنتم لديكم حق شخصي خذوه مني، فأنا لم أنطرح بين أيديكم، ولم ألجأ إليكم. كما أن فيكم من هو صادق ومخلص وصاحب مبدأ لا يتنازل عنه، فأنا كذلك. قالوا لم ذكرت في أن حكم الجلد كان بسبب مقالاتك وانت تعلم أن السبب غير ذلك. قلت خير دليل هي شروطكم بأن أمتنع عن الكتابة وأن أتوقف عن توجيه أي نقد للوهابية وللشيخ ابن عبدالوهاب وابن تيمية. وكانوا قد أحضروا مقالاتي كلها، في ملف وقرأ أحدهم رسالة طويلة كانت قد أعدت مسبقاً، تتضمن المآخذ على مقالاتي وعبارات وردت بها.
منذ تم إيقافي في مركز شرطة حي الصحافة، والجميع يقول: ليس لدينا توجيه بتنفيذ الحكم. قلت لهم أنا لا أبحث عن شفاعة ولا عن وساطة، نفذوا أحكاما تغتبطون أمام العالم بأنها أحكام شريعتكم. ولأيام أربعة أفهمني الجميع أن الأمر لن ينفذ. قلت: لم؟ أليست أحكام الشريعة؟ وأنا لا أريد تنازلاً، وكانت الإجابات متنوعة متعددة، وأغربها أنه مستحيل أن يطبق عليك، فهي فضيحة وإساءة إلى البلد وإليك! يستحون من تنفيذ قانونهم!
منصور النقيدان
الخميس، 11/12/2003
|