نهاية سياسة (تصدير الوهابية)
الوهابية فكر متطرّف، أحرق المواطنين في الداخل بناره، قبل أن يتم
تصديره للخارج. إنه فكر تكفيري يدعو الى الفرقة ويؤسس للعنف، ولذا ما
وجدت الوهابية في بلد أو جالية مسلمة أو مركز إسلامي في الخارج إلاّ
وانقسم المسلمون فيه، وارتفعت حدّة الصراع بينهم. وقد نبّه كثير من الرموز
الإسلامية الى خطر هذا المعتقد التكفيري، وحذروا من انتشاره، وحاول الكثير
منهم مناقشة مشايخ الوهابية بشأنه للوصول الى نقاط اتفاق وتلاقي، ولكن
هؤلاء لا يقيمون وزناً لغيرهم، ولا لفكر غير فكرهم، ولا يهتمون بمشاعر
المسلمين في كل مكان، والذين تطعنهم الوهابية في دينهم، تكفيراً وتبديعاً
وتفسيقاً.
حاول الشيخ محمد سعيد البوطي مراراً أن يناقش مشايخ الوهابية، ولكنهم
يعدون ثم يتهربون، والغرض ليس إثبات باطل التكفير، ولكن لتخفيف آثار
هذا المعتقد الخطير على الأمة، وحسب البوطي: (الوضع المؤلم الذي كاد
أن يستولد من أرض نجد إسلاماً جديداً لا عهد للسلف الصالح به، ومن ثم
أصبح سبباً لأسوأ مظاهر التناحر والشقاق في العالم الإسلامي بل في جلّ
المراكز الإسلامية في أوروبا وأميركا).
لقد أسس السعوديون في كل سفارة لهم وكراً ظاهره نشر الإسلام، وواقعه
نشر الوهابية الذي يتضمن قسراً مصادمة حادة مع غير أتباعها، ومن ثم تؤدي
الى شقاق بين المسلمين. في كل سفارة تمّ تعيين ما يشبه الملحق الديني،
في ظاهرة لم توجد في العرف الدبلوماسي، وتحت هذا الغطاء، وبتمويل من
الدولة ومؤسستها الدينية، يجري توزيع الكتب ونشر الفتنة، والتي أفرزت
فيما بعد عنفاً في أصقاع إسلامية مختلفة.
اليوم جاء السيد الأميركي بضغوطه على آل سعود، بعد أن استنفذ الجميع
أغراضهم من الوهابية، فقرر هؤلاء بأن يقفلوا جميع أقسام الشؤون الإسلامية
في جميع سفاراتهم في العالم. وكانت خطوات سبقت قرار الإقفال، إذ توقف
تقديم المساعدات لبعض المراكز الوهابية منها معهد العلوم الإسلامية والعربية.
كما قرروا عدم منح الصفة الدبلوماسية لعلماء الوهابية ومدرسيها في الخارج،
وحسب مسؤول سعودي فإن هذا القرار يندرج في إطار جهد أوسع لوضع حد لاهتمام
السفارات السعودية بالترويج للفكر المتطرف.
|