رفض جبهة علماء مخابراتية لمقاتلي سوريا فاعتقل
الشيخ العريفي طليقاً دون لسانه وروحه!
سعدالدين منصوري
اطلقت السلطات السعودية سراح الشيخ محمد العريفي دون
ان يعرف احد سبب اعتقاله، ولا كيفية اطلاق سراحه، ولماذا
لم يحاكم ان كانت هناك تهم، ووفق اي جناية تم اعتقاله.
وعلق مصدر سعودي بأن العملية كلها فركة اذن فقط، ولكن
بدون مسوغ قانوني.
وكانت السلطات السعودية قد اعتقلت العريفي على خلفية
مواقفه السياسية رغم انه لا يعتبر ناشطاً سياسياً. وقيل
ان سبب الإعتقال يعود الى نقده للحكم في مصر، ثم نقده
لقطار المشاعر المقدسة حيث كتب سلسلة تغريدات امتدح فيها
جهود المسئولين عن موسم الحج، لكنه انتقد في أحدها ما
يعرف بقطار المشاعر بسبب عدم انضباط مواعيده، وما ترتب
عليه من ازدحام شديد، وعدم القدرة على التعامل الصحيح
مع الحشود، وتعطُّل بعض أبواب القطار، والمصاعد، والسلالم،
وحالات الإغماء.
مصدر مطلع أبلغ الصحافة بأن اعتقال الشيخ العريفي لم
يكن بسبب انتقاده لقطار المشاعر، ولكن بسبب رفضه المشاركة
في خطة استخباراتية سعودية تستهدف المقاتلين في سوريا.
وبحسب المصدر فإن المخابرات السعودية قررت قبل عدة شهور،
تشكيل جبهة علماء لتكون مرجعية للمقاتلين في سوريا، على
أن يكون العريفي طرفاً فيها، وهو ما وافق عليه العريفي
في البداية على أساس أنه سيسدي النصح والمشورة للمقاتلين
هناك، وبعد استشارات قام بها ونصائح قدمها له مشايخ آخرون،
سافر الى تركيا ـ التي تشكل مرجعية للإخوان المسلمين ـ
وكان معه عدد من المشايخ من ذوي الميول السلفية/ الإخوانية،
واتضحت هناك له الصورة كاملة حين التقى بقيادات سورية
معارضة، كما نصحه الأتراك بعدم المساهمة في مشروع الحكومة
السعودية الإستخباراتي.
بعدها رفض العريفي المشاركة في مشروع حكومته، وتيقن
أنه مخطط يستهدف المقاتلين السوريين أنفسهم. وجاء موسم
الحج فأدى العريفي الفريضة، وفي ذات الوقت كان الحكومة
السعودية لاتزال تؤمل إقناعه بالانضمام لجبهة علمائها،
وحين تيقنت بأنه اتخذ قراره النهائي وانه لن يغير موقفه،
اعتقله جهاز المباحث مباشرة بعد انتهاء موسم الحج، دون
ان توضح الحكومة السبب، ليبقى نحو شهرين في المعتقل، ولتطلق
سراحه، قيل ان ذلك جاء ضمن صفقة، لم يعلم المواطنون ايضاً
كنهها، ولا سبب عدم محاكمته ان كان ارتكب خطأ.
قبل ان يطلق سراحه بأيام تساءل الناشط السياسي د. حمزة
الحسن عن عشرة ملايين متابع للعريفي في تويتر، و١٥ عشر
مليوناً في الفيس بوك، أينهم عن شيخهم؟ لماذا لم يدافعوا
عنه؟ بعدها كتب عبد الرحمن، نجل العريفي في حسابه على
تويتر: (الحمد لله.. أبشركم والدي العزيز موجود في البيت
الآن، ولله الحمد يارب العالمين). ما إن اطلق سراح العريفي،
حتى هلل جمهوره وخرج الى العلن، وقال الاعلامي عبدالله
الملحم بأن (سحباً غائمة حجبت القمر/ العريفي، فظنناه
خسوفاً، ولكن انجلت سريعاً وعاد بدراً كما كان)!
الكاتب والصحفي محمد العمر، المقرب من السلطات الأمنية،
تمنى ان العريفي فهم بعد ان ذاق طعم الاعتقال حدوده (عرف
ما له وما عليه) محذراً: (الأيام كفيله بالتزامه).. التزامه
بشروط اطلاق سراحه كما يروج مغردون مقربون من مباحث السلطة.
الإخواسلفي عبدالله القصادي ـ كما مواطنين آخرين تساءلوا
بحثاً عن الحقيقة: لماذا سجن العريفي؟ ما هي تهمته؟ هل
ثبتت براءته ام إدانته؟ بمعنى لماذا لم يُحاكم فنعرف القصة؟
احدى المغردات عبرت عن خشيتها وهي خشية اقرب الى التنبؤ:
(يا خوفي بأول لقاء معه، يقول العريفي: أشكر خادم الحرمين
ووزير الداخلية). وتساءل ظافر الشهري في تغريدة على تويتر:
(متى يأتي يوم لا يتم في سجن اي مواطن إلا بأمر قضائي؟)
وتابع محذراً العريفي من تحريض السلطة على خصومه لتعتقلهم:
(ان عاد وطلب اعتقال من يختلف معه فهو بلا عقل). على ذات
المنهج تمنى محمد الغامدي من العريفي (بعدما ذاق السوط
الذي أراد ان يذوقه الآخرين ان يتوقف عن التحريض، ويطالب
بالحرية لسعاد ورائف).
الجموع التي خرجت لتهنئة الشيخ العريفي في المسجد ازعجت
عبدالعزيز الهاشمي: (اين كانت هذه الجموع عن نصرة الشيخ
عندما كان معتقلاً؟ شعب غريب عجيب). واضاف بأن جسد العريفي
اطلق سراحه، ولكن لازال لسانه حبيساً بأمر رسمي. وتساءل
الصحفي البراء العوهلي عن رد فعل العريفي حين يعلم ان
ملايين متابعيه لم تنبس ببنت شفة حين اعتقل، وأضاف بأن
ذلك (أمرٌ موجع).
الصحفي الرسمي سلطان القحطاني، تحدث عن صفقة بين العريفي
والمباحث، تتضمن تغيير مقر اقامته، وان يتوقف عن التغريد
والندوات مؤقتاً. هذه الصفقة ليست مستبعدة بالطبع، وكثير
من مشايخ (الصحوة) لم يطلق سراحهم الا بتعهدات واشتراطات،
بمن فيهم سلمان العودة، وناصر العمر، وعوض القرني، وسفر
الحوالي، وعائض القرني وعشرات غيرهم.
|