رجل الغرب المطيع
محمد بن نايف في لندن
سعدالدين منصوري
لن يجد الغرب، الولايات المتحدة وبرطانيا على وجه الخصوص،
أفضل من محمد بن نايف موفداً بإسم عائلته اليه، فالرجل
مطيّع «ويلبّي» وليس لديه ما يحول دون إرضاء الحلفاء،
فلا هو بالمعترض ولا المناكف ولا المشاكس ولا حتى المسائل
والمحاسب..هو يريد السلطة ويريد تأمينها بأي طريقة ممكنة.
يصغي جيداً، ويسعى لكسب ود من يرى فيهم داعمين لموقعه.
|
محمد بن نايف في داوننغ ستريت |
فضّله الأميركيون على كل أقرانه من أمراء الجيل الثاني
بمن فيهم بندر بن سلطان ومتعب بن عبد الله، اختبروه في
مواقف كان مطلوباً فيها أن يكشف عن مدى استعداده للذهاب
في العلاقة مع الغرب فأبدى مرونة غير مسبوقة..وقع اتفاقيات
أمنية لم يحلم الأميركيون بها في عهد والده، حتى صاروا
هم من يقدّمون له الدعم في بلاده، وهم من أشار على سلمان
أن يمنحه موقعاً متقدّماً في السياسة (ولي ولي العهد)
وفي الأمن (وزير الجاخلية ورئيس لجنة الشؤون السياسية
والأمنية).
وعلى ما يبدو، فإن محمد بن نايف طالما حقق ما يريده
سلمان منه بأن ضمن حماية الولايات المتحدة لعرشه فمالذي
يمنع من أن يفوض اليه مهمة الموفد الخاص له في مناقشة
الملفات الأمنية مع الحلفاء، فقد بات رسمياً هو المسؤول
الأول والمرجع الأعلى للأمن في البلاد بعد إلغاء مجلس
الأمن الوطني..
في 23 فبراير الماضي زار محمد بن نايف بريطانيا والتقى
بوزيري الخارجية والدفاع معاً، وحضرت ملفات سياسية وأمنية
مثل «داعش» والمسألة اليمنية، وكانت على رأس اولويات مباحثاته.
علاقات آل سعود ببريطانيا قديمة وتاريخية وقد لعبت الأخيرة
دوراً جوهرياً في تأسيس الكيان السعودي بل كان المندوب
السامي البريطاني في العراق بيرسي كوكس هو من رسم معالم
الكيان السعودي في عشرينيات القرن الماضي.
وقد شهدت العلاقات السعودية البريطانية رغم الفتور
في بعض المحطّات تعاوناً أمنياً متقدماً الى جانب التنسيق
في ملفات إقليمية كما في سوريا، والعراق، وحزب الله، فيما
تستعد السعودية لخوض تجربة جديدة في دعم المقاتلين السوريين
المعتدلين حسب زعمها..رغم أن ملف المقاتلين كان السبب
وراء إعفاء بندر بن سلطان من منصبه وتكليف محمد بن نايف
لمتابعة المقاتلين السعوديين المدنيين والعسكريين..
في الملف اليمني، بدا الموقفين البريطاني والسعودي
متطابقين بسحب البعثات الدبلوماسية من صنعاء احتجاجاً
على إطاحة عبد ربه منصور هادي الذي حظي بدعم بريطاني سعودي،
والمطالبة بانسحاب الثوّار وعلى رأسهم حركة أنصار الله
الحوثية من العاصمة اليمنية صنعاء..
اللافت في الزيارة أنها تضمنت صفقة أسلحة تستخدم في
الغالب لقمع التظاهرات الشعبية. وبحسب صحيفة الغارديان
البريطانية فإن السعودية بأنها من أكبر أسواق السلاح البريطاني،
حيث أعلن في العام الماضي عن صفقة تسليح بقيمة 1.6مليار
جنيه استرليني (2.7 مليار دولار) لشراء قطع لأجهزة عسكرية
لأغراض المتفجرات، وقطعا لإنتاج رشاشات، وقنابل يدوية
«سي اس»، وقطع لخراطيم المياه والغاز المسيل للدموع، ورصاص
يستخدم في قمع التظاهرات.
تأتي هذه الصفقة عقب الاعلان عن شراء السعودية لعدد
من طائرات التايفون الأوروبية التي صنعت بريطانيا معظم
أجزائها، خلال زيارة الأمير تشارلز للمملكة خلال فبراير
من العام الماضي، والتي قدرت تكلفتها بمليارات الجنيهات
الإسترلينية، كما يعتقد أن الأمير المعروف عنه أنه تاجر
سلاح عالمي، أنه قام بعقد صفقات تسليح أخرى خلال زيارته
للرياض مطلع الشهر فبراير الماضي.
وكانت شركات التسليح البريطانية، خاصة شركات الطيران
قد زودت الجيش السعودي بعدة صفقات من الطائرات البريطانية
أو الأوروبية التي تستحوذ عليها بريطانيا، حيث اتفق البلدان
على شراء المملكة لـ 72 طائرة يوروفايتر التي تنتجها شركة
BAE البريطانية، بعد مفاوضات استمرت قرابة السنتين.
وزودت شركة BAE البريطانية السعودية بطائرات تورنيدو
التي تم التعاقد عليها في عام 1985 والتي عرفت إعلاميا
باسم صفقة اليمامة والتي اتهمت السعودية فيها بتلقي بعض
أمراء الأسرة المالكة من بينهم بندر بن سلطان وخالد بن
سلطان ومحمد بن فهد وغيرهم لرشى من الشركة البريطانية
لتسهيل توقيع الصفقة، والتي وصلت بحسب بعض التقارير الصحفية،
إلى قرابة 60 مليار جنيه استرليني.
تتحدث بعض التقارير الاعلامية عن مناقشة محمد بن نايف
لملف الإخوان المسلمين مع الجانب البريطاني بعد هجرة عدد
من قادة الجماعة الى بريطانيا قادمين من قطر، واتهامهم
بالارهاب.. وتفيد التقارير بأن من أكبر الأدلة على دور
السعودية والإمارات في قيام الحكومة البريطانية بالتحقيق
في اتهام الإخوان بالإرهاب، أن رئيس لجنة التحقيق المكلّف
بذلك كان سفيراً سابقا في الرياض لفترة طويلة، كما أنه
يعرف عنه عداؤه للإخوان.
|