سلمان العودة مجدّداً..
خرج من القفص.. ولم يعد!
محمد شمس
بات كثيرون يترقّبون متى آخر مرة ثبت فيها الداعية
الصحوي الشيخ سلمان العودة على موقفه، ولم يغادره لأسباب
سياسية أو إجتماعية أو أمنية..هو دون ريب ليس الذي كان
في سنوات الصحوة الوهابية في مطلع تسعينيات القرن الماضي،
وليس هو الذي بعد مرحلة السجن، وليس هو أيضاً الذي كان
في مرحلة سقوط بغداد في إبريل 2003، وليس هو كذلك في مرحلة
الربيع العربي، وليس هو الآن..في كل مرحلة كانت للعودة
حلية يلبسها، وخطاب يعتنقه، وأهداف يرجو تحقيقها..ليس
بالضرورة يكتب له النجاح في ذلك..وفي كل مرة كان يصاب
جمهوره، المتغيّر هو الآخر، بصدمة مع نهاية مرحلة وبداية
أخرى..
وكان العودة على استعداد لأن يواجه جمهوره بأنه لم
يتغيّر الى القدر الذي يحدث أضراراً فادحة في جمهوره،
ولعل عبارته الشهيرة بأن أكثر ما كان يؤذيه هو اتهامه
بالتحريض على هجرة الشباب للقتال في الخارج.. ولفرط إصراره
على النفي المشفوع بلغة وجدانية وعاطفية يكاد المرء يرتاب
فيما قرأه من نصوص واضحة للعودة تؤكد بما لا يدع مجال
لأي شك بأنه كان محرّضاً فعّالاً على القتال..
المصيبة أن أبا معاذ وهو الخبير في عالم الاتصال والاعلام
الجماهيري يدرك بأن مجرد «جوجلة» بسيطة سوف تخرج كل التراث
السابق الذي تركه وراءه وما يحمله من أدلة على أن الشيخ
العودة كان من بين أولئك الذين شاركوا في صوغ وعي جهادي
لدى جيل بأكمله سواء عبر محاضرات مثل «حي على الجهاد»
أو من خلال المقالات والمقابلات التي توجّه رسائل واضحة
لجمهور محدد وتحرّضه على الانخراط في صفوف المجاهدين لمحاربة
أعداء الله ورسوله وتشجّع الخيّرين على نصرتهم بالمال
والنفس وتبشّر بوصول المجاهدين الى سوح الجهاد لنصرة إخوانهم
في العقيدة..
لقد كتب أنصاره الذين تأثروا بأفكاره ردوداً غاضبة
عليه لأنه تخلى عنهم بأن انتقلوا هم الى سوح الجهاد وانخرطوا
في صفوف القاعدة، ثم قال لهم لم أدعكم الى مثل ذلك، وراح
يغرق حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي بمواقف مناقضة
للتشويش على مواقفه السابقة.
- كلمات العودة في حلقة بعنوان «الثورة اليتيمة»
ضمن حملة «من أجل سوريا» على قناة المجد هي أكبر محفز
لكل شاب سعودي مراهق مغرر به تأخذه الكلمات الحماسية والخطب
الرنانة حتى وإن كان الخطاب موجهاً للسوريين أنفسهم، فمثل
هذه الدعوات كانت سبباً في انغماس الشباب في فكرة الجهاد
ونصرة المسلمين.
ـ في 8 يوليو 2012 وجّه العودة من موقعه (الاسلام اليوم)
دعوة واضحة: على السوريين أن ينقطعوا إلى الله وألا ينتظروا
موقفا دولياً.. وقال بأن «على مسلمي العالم دعم سوريا
بكل ما يستطيعون والدعاء وحده لا يكفي»، إن لم تكن هذه
دعوة مفتوحة لانتقال المقاتلين المسلمين من كل أرجاء الأرض
الى سوريا فما هي الدعوة؟.
وكان العودة من بين من وقّعوا على بيان حول سوريا في
7 فبراير 2012 دعا فيه الى:» دعم الجيش الحر وتعزيزه وتقويته
والانضمام إليه..» ويضيف»ونوجه النداء للمسلمين وللعالم
الحر بدعم تشكيلات هذا الجيش ومساعدته بكل وسيلة ممكنة
مادية أو معنوية.. كما دعا البيان الى «وجوب دعم الثوار
في سوريا بكل ما يحتاجونه من إمكانيات مادية أو معنوية،
ليتمكنوا من إنجاز ثورتهم والمضي في سبيل نيل حريتهم وحقوقهم».
فهنا لا يتعلق الأمر بالسوريين وحدهم لأن الخطاب موجّه
للمسلمين عامة بل وللعالم الحر بدعم الجيش الحر «بكل وسيلة
ممكنة مادية أو معنوية..».
ونذكّر هنا بما كتبه العودة في الأيام الأولى لسقوط
نظام صدام حسين وتحريضه على القتال في العراق ودعوته لهجرة
المقاتلين اليه..
نعود الى مقالة العودة في صحيفة (الجزيرة) الصادرة
في الرياض بتاريخ 6 إبريل 2004 بعنوان (أيها العراقيون)
حين أطلق بشارته لهم بقدوم المقاتلين من الخارج وقال:
«يا أهل العراق: لقد وفد إليكم من أبناء الإسلام النجباء
من لم تسعهم الأرض وهم يشهدون القصف المجرم عليكم، فانطلقوا
وقد باعوا لله نفوساً كريمة، يطلبون الشهادة في سبيل الله،
ويرومون قتل المعتدين المتجرئين وهم يعلمون أن العديد
البشري لديكم من المدربين المسلحين كثير، ولكنهم يأبون
إلا المشاركة والتعبير عن التضامن في إحدى صوره النبيلة”.
فهل يمكن وضع ذلك في إطار آخر غير إطار التحريض على
القتال، اللهم إن لم يكن العودة لا يعي ما يقول حين يطلق
مثل هذه التصريحات وما تحمله من شحنات نفسية عالية تقود
الى الانخراط في سياحة الجهاد والدم.
|