هل يتكرر السيناريو؟
خطة غزو أميركي لحقول النفط في حرب 1973
رغم أن خطة غزو حقول النفط في الخليج من قبل الولايات المتحدة قد
أعلن عنها بعيد حرب حزيران 1973 ونشرت باللغة العربية، الا أن تلك الخطة
لم تنل إهتماماً إعلامياً واسعاً، بسبب أجواء الصراع بين الشرق والغرب،
والتحالف الاستراتيجي الصلب بين الولايات المتحدة ودول الخليج. الآن
وقد تبدّلت المعادلة الدولية وبدأت شبكة التحالفات الاستراتيجية تخضع
لتحوّلات دراماتيكية وخصوصاً بعد الحادي عشر من سبتمبر، تكتسب كثير من
الخطط والتقارير القديمة أهمية خاصة، كونها تأتي في مناخ تحوّل في العلاقات
الدولية. التقرير الذي نقوم بعرضه هنا يأتي في سياق اضطرابات متنامية
في العلاقات السعودية الأميركية، ما يضفي على التقرير أهمية خاصة.
فقد حذّر رجال الجاسوسية البريطانية في تقرير سري لحكومة المحافظين
حينذاك بأن الولايات المتحدة تستعد لغزو السعودية والكويت من أجل السيطرة
على حقول النفط في أعقاب حرب 1973 بين العرب واسرائيل.
إن الملفات المفرج عنها من قبل الارشيف الوطني البريطانية بموجب قانون
الثلاثين عاماً الخاص بالوثائق السرية تظهر بأن وكالات الاستخبارات كانت
تعتقد بأن الولايات المتحدت تستعد للقيام بعمل عسكري لمنع إضطرابات مستقبلية
في مجال تدفق النفط. وقد جاء ذلك عقب قرار الدول العربية بتخفيض حاد
في انتاج البترول في اكتوبر 1973، الامر الذي أدى الى إرتفاع كبير في
الاسعار، فيما تم فرض حظر كامل على الاميركيين بسبب دعمهم لاسرائيل.
وفي بريطانيا، فقد إضطر رئيس الوزراء لحكومة المحافظين ادوار هيث
الذي تبنى خطاً مؤيداً للعرب، لرسم خطط لتحصيص توزيع الغاز بعد هلع الشراء
الذي قاد الى نقوصات في محطات التعبئة.
وبالرغم من أن الحرب في الشرق الأوسط قد انتهت بعد ثلاثة اسابيع الا
أن تقييماً سرياً من قبل لجنة الاستخبارات المشتركة (والتي تضم رؤساء
جهازي إم آي فايف وإم آي سيكس) قد تضمن تحذيراً لوزراء الحكومة بأن الولايات
المتحدة قد ترجّح مخاطرة العمل العسكري كيما لا تكون رهينة لقيود العرب
مرة أخرى.
التقرير المؤرخ صدوره في الثاني عشر من ديسمبر عام 1973 والمشار اليه
بعنوان (UK Eye Alpha) يصف السيطرة على مناطق انتاج النفط في المنطقة
باعتبارها (الاحتمالية القصوى في التفكير الأميركي).
وقد عدّت لجنة الاستخبارات بأن الولايات المتحدة قد تؤمّن لنفسها
ولحلفائها كميات نفطية كافية من خلال السيطرة على حقول النفط في السعودية
والكويت وابو ظبي، والتي تسيطر على اكثر من 28 مليون طن من الاحتياطي
النفطي.
وقد حذر التقرير بأن الاحتلال الأميركي قد يستمرعشر سنوات، فيما يقوم
الغرب بتطوير مصادر بديلة للطاقة، وقد يؤدي ذلك الى عزلة تامة للعرب
وهكذا الكثير من باقي أجزاء العالم الثالث، كما سيؤدي الى إنقسام داخلي
في الولايات المتحدة.
وعلى أية حال، فقد قيل بأن الادارة الجمهورية برئاسة ريتشارد نيكسون
قد تكون مستعدة للاقدام على مخاطر كهذه، فيما إذا واجهت سيناريو مظلم
بفعل تجدد الصراع العربي الاسرائيلي وما يعقبه من قيود على انتاج البترول.
كما قيل بان الولايات المتحدة قد تقدم على قرار بالاحتلال فيما لوبدأت
الحكومات العربية، في غمرة نشوة نجاح سلاحها النفطي، بفرض طلبات جديدة..
وحتى لو لم يحدث ذلك، فإن الحكومة الأميركية قد تفكر في أن ذلك وضع لا
يحتمل حيث يضع الولايات المتحدة وحلفاؤها تحت تأثير رحمة مجموعة صغيرة
من الدول غير العاقلة.
وبالنظر الى النتائج غير المحسوبة للعمل العسكري ضد العرب، نحن نعتقد
ـ بحسب معدي التقرير ـ بأن الغزو الأميركي يحتمل أن يكون متأخراً كخطوة
أخيرة..ولكن ليس بامكاننا إستبعاد احتمال وقوع غزو مبكر. إن قوة التدخل
الأميركي الأولي قد لا تكون كبيرة الحجم، أي قد تضم فرقتين فقط للسيطرة
على حقول النفط السعودية وفرقة واحدة للسيطرة على الحقول النفطية في
كل من الكويت وأبو ظبي. وبالنظر الى عنصر المفاجأة، فإن الخيار الأميركي
الأول قد يكون عبارة عن هجوم جوي، ولكن اذا ما ثبت فشله عملياً فقد يلجأ
الأميركيون الى إرسال قوة عسكرية برمائية.
بالنسبة للسعودية، فإن العملية ستكون مباشرة الى حد كبير، فالوقت
الذي يستغرقه الهجوم على الموقع العسكري في الظهران سيضطلع به فوج عسكري
من الحرس الوطني المسلح وبطاريات صواريخ هاوك سام. إن الهجوم الأولي
الذي ستشنه فرقة مكلفة باطلاق صواريخ هاوك، سيؤدي الى السيطرة على المجال
الجوي، وبالتالي منع تدمير محتمل لحقول النفط.
بالنسبة للكويت فإن المشاكل العملياتية أشد خطورة، حيث يضع الكويتيون
ما يقرب من 100 دبابة متمركزة غالباً بالقرب من المطار، وهذا يعني بأنه
بالرغم من أن الهجوم الأولي قد تقوم به فرقة، الا أن قوة الهجوم ستكون
بحاجة الى تعزيزات سريعة، أي في حدود ست ساعات من قبل الدبابات تلك.
إن تعقيدات حالة ابو ظبي هي بسبب وجود عدد من الضباط البريطانيين
في قوة دفاع ابو ظبي، ولهذا السبب فإن اللجنة ترى بأن الأميركيين قد
يطلبوا من بريطانيا شن تلك العملية. وقد يقوم الأميركيون بصورة شبه مؤكدة
بالطلب بإستعمال التسهيلات العسكرية البريطانية في جان ودييغو غارسيا
في المحيط الهندي.
ويقول التقرير بأن الولايات المتحدة قد تعطي الاتحاد السوفيتي بلاغاً
سابقاً عن نواياها، وأن معارضة الكرملين قد توقف قليلاً التدخل العسكري
المباشر.
وعلى أية حال، وعلى عكس ما توقع حدوثه بعد 18 سنة لاحقة، فإن اللجنة
تقول بأن الأميركيين اذا سيطروا على الكويت، فإن العراق قد يحاول القيام
بغزو مضاد بهدف طرد الأميركيين من الكويت. إن الخطر الأكبر في الخليج
قد يأتي من الكويت، إذ من المحتمل قيام العراق، بدعم سوفييتي، بالتدخل.
وحذّر التقرير من أن التدخل العسكري الأميركي قد يخلق مشاكل بين حلفاء
الغرب. وحيث أن الولايات المتحدة قد تزعم بانها تقوم بعمل لصالح الغرب
بكامله، ولذلك تتوقع دعماً كاملاً من الحلفاء، فإن خلافات اوروبية ـ
اميركية قد تقع.
|