الإصلاحيون وعنف الدولة
هل نحن مقبلون على عنف غير مسبوق تقوم به أجهزة الأمن؟
يبدو السؤال بالنسبة للبعض سخيفاً؛ ذلك أنالجهاز الحكومي بمجمله أخذ
يميل الى التحلّل، والعائلة المالكة في وضع بائس، وهي تتراجع مرغمة أمام
ضغوط الداخل والخارج، ولهذا يرى هذا البعض، بأن المملكة مقبلة على إصلاحات،
وليس على عنف وتكسير أطراف وعظام!
هذا الإحتمال هو ما نؤمله.. أي الإصلاح والتغيير الشامل، الذي يبقي
البلاد موحدة، مع بقاء قيادة العائلة المالكة كرمز، بعد أن يتم تخفيف
سلطاتها، وبعد أن يستعيد المواطن حقوقه المدنية والسياسية، والتي تساعد
في المدى المنظور على تأطير المشكلات عميقة الجذور وتفكيكها واحدة بعد
أخرى ووضع برنامج إقتصادي اجتماعي لحلها، قد يستغرق سنوات طويلة.
لكن هذا الأمل ـ الذي طال انتظاره ـ قد لا يأتي أبداً. فشعور المسؤولين
بالضعف والتراجع، ومعرفتهم المسبقة بأن الآخرين (إصلاحيي الداخل) يدركون
هذه الحقيقة.. فإنهم ـ وزير الداخلية بالخصوص ـ قد يرون في لحظة من اللحظات
بأنه لا بدّ من رفع العصا، ليس للتهديد، بل للضرب وبعنف، وذلك لإيقاف
التدهور المريع لمكانة الدولة في نفوس المواطنين، وإعادة فرض الإحترام
القسري لهيبة العائلة المالكة على النخب الإصلاحية وباقي الفاعلين سياسياً
وفكرياً في البلاد. ما نقصده هو أن الدولة التي قد تكون قاب قوسين أو
أدنى من التغيير والإصلاح، فإن حكامها ـ خاصة في حال لم يكن قرار الإصلاح
اختيارياً أو متأخراً أو غير مجمع عليه كما هو الحال في المملكة ـ قد
يعمدون الى عكس ذلك تماماً، فيقلبون الطاولة على رؤوس الجميع. القرب
من الإصلاح قد يعني القرب أكثر من احتمالية الإرتداد والعنف.
هذا هو المدهش في موضوع الإصلاح في السعودية، فإنك ترى مؤشرات متناقضة
له، بعضها قد يقرب الباحث الى الإقتناع بأنه قاب قوسين أو أدنى، وبعضها
الآخر يعطيه الإنطباع بأن هذه المملكة لا يمكن أن تُصلح في المستقبل
المنظور. ولهذا السبب أيضاً، هناك من يتفاءل بين الإصلاحيين وبين من
هو متشائم. وهناك بين من هو متأكد من الإصلاح ومن هو متأكد بأن العائلة
المالكة غير راغبة فيه ولن تقبل به ولذلك يتوقع الأسوء على شكل عنف قادم
س10سيصيب الإصلاحيين بأكثر سهامه.
وأمراء العائلة المالكة يقدمون وجهين: وجه يقول بأن الإصلاحات قادمة
بل ويدعو لها: الأمير عبد الله وطلال وسعود الفيصل كما قال مؤخراً في
الجنادرية، والوجه الآخر: قمع، وفصل وإيقاف ومنع من السفر وتهديد بالإعتقال،
وربما بأكثر من ذلك. وهذا ما يقوم به وزير الداخلية، وإبنه محمد، وأحياناً
ينضم الى الطاقم عبد العزيز بن فهد.
ما نريد قوله هو: إن الإصلاح وعنف الدولة أمران محتملان في المملكة،
مع اختلاف طفيف في نسبة تحققهما لصالح الإصلاح. ولكن على الإصلاحيين
أن يستعدوا للبلاء والتضحية، فالقمع وارد أيضاً.
|