|
|
|
|
|
فرسان الطائفية والفوقية السعودية: الخاشقجي؛
الدخيل؛ الشريان! |
عنصرية وغطرسة وغرور
الإعلام السعودي.. جنون بلا حدود
محمد شمس
بلغ جنون الاعلام السعودي الذروة. العنصرية والغطرسة
والغرور لدى ما يسمى بالنخبة السعودية، كما لدى آل سعود،
صفات لا يمكن إخفاؤها حتى ولو حاول أصحابها التذاكي.
ستفضحهم أقوالهم وتصرفاتهم، ولو بعد حين.
وأفضل من يعكس هذه الرزايا أولئك الذين يعملون في صحف
سعودية تصدر في الخارج، كـ «الحياة» و»الشرق الأوسط».
يتسابق الكتاب في صحيفة «الحياة»: جمال خاشقجي،
وخالد الدخيل، وداوود الشريان، في التحريض المذهبي والعرقي،
بأسلوب متطرف، ينطوي على عنصرية مقيتة، وغطرسة بغيضة،
وغرور أرعن.
فها هو خاشقجي يدعو، في مقال في «الحياة» في 9 مايو
2015، الى الجهاد ضد.. كل الدول التي يعتبرها عدوة. وهو
يضع لتحقيق ذلك خارطة طريق: أولاً باستخدام «عاصفة الحزم،
في اليمن وسوريا وما تبقى من العراق ولطرد ايران من عالمنا».
ويضيف «وبالجهاد نحارب ايران بالطريقة الايرانية، بمتطوعينا
...».
يفضح خاشقجي نفسه بنفسه، فبينما يتهم ايران (والعراق
وسوريا واليمن) بالطائفية واستخدام الميليشيات، ها هو
يدعو الى ما ينتقد الآخرين عليه.
على ان الأخطر ما في كلام خاشقجي هو التضليل الذي يمارسه
في سياق التحريض المذهبي، إذ يسعى الى إخفاء تورط آل سعود
في هذه الدول منذ سنوات، ويتعامى عن مئات الانتحاريين
وآلاف المقاتلين السعوديين الذين زجت بهم الاستخبارات
السعودية في العراق منذ أكثر من 12 عاماً، يعملون قتلاً
وتدميراً في هذا البلد استناداً الى ايديولوجية مذهبية
(وهابية) مقيتة، وانخراط مئات السعوديين في صفوف التنظيمات
الارهابية كـ»داعش» و»النصرة» وأخواتهما يقاتلون في سوريا
والعراق واليمن وليبيا، فضلاً عن الدعم المادي الذي تقدمه
الرياض لهذه التنظيمات.
وعلى نفس المنوال من التحريض توالت مقالات خاشقجي في
«الحياة» خلال الأشهر الماضية، فمن «دروس فتح كابول الى
فتح دمشق» (2 أيار 2015) الى «احذروا ايران» (25 ابريل
2015) الى «أخي الحوثي: السعودية ثابت... وايران متحول»
(11 نيسان 2015) الى «5 زائد واحد، ما بعد عاصفة الحزم»
(4 نيسان 2015)؛ وانتهاء، أو ابتداء، بـ»مبدأ سلمان» (28
آذار- مارس 2015)، حتى يخال القارئ نفسه امام «داعشي»
لا إعلامي.
الدخيل والغطرسة الفارغة
الكاتب خالد الدخيل يبزّ خاشقجي تطرّفاً، ويزيد عليه
غطرسة. مقدمة مقاله «المشكلة في واشنطن وليس طهران» المنشور
في «الحياة» في 10 مايو 2015 يصلح ليكون نموذجاً يُدرّس
في فن الغطرسة. يقول الدخيل في مقدمته: «بما أن القمة
الخليجية - الأميركية عن كل شيء يتعلق بإيران والخليج
العربي، وامتداد ذلك في المشرق العربي، فلماذا أصبحت واشنطن،
وليس الخليج العربي، الرياض مثلاً، هي مكان انعقادها؟
(...) أما انعقادها في الرياض فكان سينطوي على رسالة مختلفة
توازي في رمزيتها وآثارها التغيير الكبير الذي يطمح الرئيس
باراك اوباما الى إحداثه في السياسة الأميركية تجاه المنطقة».
كما يكثر الدخيل من استخدام عبارات مثل «ينبغي» و»يجب»
و»كان من المفروض»... في محاولة فاشلة لاضفاء مظهر من
القوة والقدرة والسيطرة على نظام يعتمد على الولايات المتحدة
بالكامل للدفاع عن نفسه وبقائه.
هل يعتقد الدخيل، فعلاً، ان دول الخليج في موقف يسمح
لها باختيار مكان عقد القمة مع أوباما، فضلاً عن جدول
اعمالها، وبيانها الختامي؟ ألا يرى الدخيل، كما يرى كل
العالم، ان قادة الخليج تم استدعاؤهم استدعاء الى الولايات
المتحدة؟ وهل يريد الدخيل اقناعنا فعلاً بأن عدم مشاركة
الملك سلمان في قمة كامب ديفيد، هو حركة احتجاجية ستجبر
البيت الأبيض على تغيير سياساته، لتخفيف هواجس آل سعود؟
ألم يقرأ الدخيل الخبر الذي نشره البيت الأبيض عن الاتصال
الذي أجراه الملك سلمان بأوباما معتذراً عن عدم مشاركته
في قمة كامب ديفيد؟ أم انه يصدق رواية الاعلام السعودي
عن اتصال اوباما بسلمان؟
الدخيل يبدو مقتنعاً بقدرة آل سعود على إحداث هذا الفرق،
حتى انه يصف هذا «التغيير الكبير في السياسة الأميركية
تجاه المنطقة» بأنه مجرد «طموح» أميركي تقف دون تحقيقه
إرادة آل سعود وقوتهم الضاربة، ليخلص الى ان أوباما «يطمح»
الى «تغيير كبير» فيما «تقرر» الرياض غير ذلك، بحسب الدخيل.
كيف يستقيم هذا التحليل مع طلب السعودية من الولايات
المتحدة المزيد من التطمينات بشأن أمنها والدفاع عنها
أمام تهديدات ايرانية محتملة، بما في ذلك معاهدة حماية،
وخشية الرياض من تداعيات الاتفاق بين الدول الغربية وايران
بشأن برنامجها النووي؟
وفي محاولة لاقناع الذات، أو الضحك عليها، يذهب الدخيل
الى محاولة التقليل من أهمية التطمينات، ويقول «لا ينبغي
ان ينحصر الموقف الخليجي بموضوع التطمينات».
وكأن قادة الخليج لديهم موضوعاً آخر في قمة كامب ديفيد
غير الحصول على التطمينات!
وبالاضافة الى الغطرسة التي تتميز بهما كتابات
الدخيل، يشارك الأخير، في معظم مقالاته زميله خاشقجي في
التحريض المذهبي. ولا يكاد يخلو أي مقال كتبه الدخيل في
الأشهر الأخيرة من تكرار معزوفتين ممجوجتين: الأولى ان
ايران منبع الخطاب المذهبي بسبب تركيبة نظامها. والثانية
انه لا يجوز التركيز على التنظيمات الارهابية السنية من
دون التركيز على المنظمات الارهابية الشيعية.
وبين هذه وتلك، يبدو الدخيل دائماً مهجوسا بالجمهورية
الاسلامية الايرانية، ويغيظه كثيراً وقوف ايران في وجه
القوى الكبرى وصمودها أمام الضغوط والعقوبات الغربية حتى
استطاعت انتزاع اعتراف الولايات المتحدة بها دولة نووية،
وفرضت على العالم احترام خياراتها، واستقلال قرارها السياسي.
الدخيل يتمنى ضمناً ان تتعامل ايران مع الولايات المتحدة،
كالسعودية، بتبعية كاملة كي يشعر بالرضا بأن الجميع متساوون
بالتبعية أمام واشنطن!
وأكثر ما يغيظ الدخيل تنامي دور ايران الاقليمي والدولي.
وهو لا يجد مجالاً للتنفيس عن غيظه وحقده على ايران سوى
اتهام الولايات بأنها المسؤولة عما آلت اليه الأوضاع في
المنطقة، خصوصاً بروز الدور الايراني، بسبب ما يراه من
عدم حزم واشنطن في التعاطي مع طهران والاتفاق النووي المرتقب،
كما في مقالاته «المشكلة في واشنطن وليس في طهران» (10
مايو 2015)، و»أوباما يدفع المنطقة نحو الهاوية» (22 فبراير
2015)، و»السياسة الأميركية المدمرة» (15 فبراير 2015)،
و»أوباما وحلم التفاهم مع ايران الشيعية ضد الجهاديين
السنّة» (4 يناير 2015).
ومن فرط الشعور بالغطرسة الفارغة يعتقد الدخيل ان الولايات
المتحدة «كان يجب» ان تكون أكثر حزماً مع ايران، احتذاء
بالنظام السعودي.
ومن جهة أخرى، لا ينفك الدخيل في كل مقالاته عن سعيه
لشيطنة ايران، وهو يأتي بكل مساوئ النظام السعودي ويلصقها
زوراً بايران: يصف ايران بأنها «أول دولة دينية» في المنطقة،
ثم يتهمها بالتكفير كما في مقاله «ايران: التكفير المباشر
والتكفير المستتر» (26 ابريل 2015).
ويبدو ان الدخيل في كل مقالاته كان يسعى الى الوصول
الى خلاصة مفادها، ان ايران هي العدو وليست اسرائيل، ولا
مناص من التصدي لها ومواجهتها بكل السبل، كما في مقاله:
«ايران إسلامية... لكنها عدو» (5 أبريل 2015)، الأمر الذي
تجلى بعملية «عاصفة الحزم» إذ قال: «إذا كانت عاصفة الحزم
موجهة عسكرياً للحوثيين، فإنها سياسياً موجهة لايران».
الغرور الأرعن
ورغم المآلات الكارثية لما سمي بـ»عاصفة الحزم»،
وفشلها في تحقيق أي من الأهداف التي وضعها النظام السعودي
لعدوانه العسكري على اليمن، وبدلاً من الانكفاء ومراجعة
الذات واستخلاص العبر وانتهاء بتغيير المسارات، يزداد
«مثقفو» النظام السعودي تطرفاً واستعلاء وغروراً. وذهب
الكثير منهم الى حد الجزم بالتخطيط لشن «عواصف حزم» لـ»تحرير»
سوريا والعراق وانتهاء بايران، بل قال بعضهم بتحرير روسيا
نفسها!
فهذا الدخيل يراهن على «تشكيل تحالف إقليمي آخرعلى
وزن عاصفة الحزم لوضع حد للمأساة السورية»، مشيراً الى
«معطى آخر يفرض ان تكون سورية على قائمة مفاوضات كامب
ديفيد» في تبني واضح لميليشات مرتبطة بتنظيم «القاعدة»
التي أحرزت مؤخراً تقدماً في إدلب وجسر الشغور.
يبدو الدخيل منتشياً بـ»عاصمة الحزم» باعتبارها «فعل
قوة سعودية»، و»استعادة الكرامة المهدورة»، رغم عدم تحقيق
أي من أهدافها الرئيسية في اليمن، ووصل غروره الى حد اعتباره
الحرب العدوانية على اليمن، رافعة لـ «المشروع العربي
المفقود»؟
تناسى الدخيل كيف استمات النظام السعودي، ولا يزال،
لاستدعاء قوات من دول أخرى للحرب البرية بالنيابة عنه
في اليمن. قوات من باكستان وماليزيا والسنغال؟ أبمثل هذه
القوات كانت الرياض ستشكل ما تسميه بـ»المشروع العربي»؟
على ان أطرف ما يقوله الدخيل، في إطار شعوره بالغرور
والثقة الكاذبة بالنفس، هو: «يجب على دول الخليج ان تطالب
في قمة كامب ديفيد بأن يكون ما حصلت عليه ايران، تقنياً
وسياسياً، من خلال اتفاقها النووي مع الدول الست حقاً
متاحاً لها أيضاً».
ينسى الدخيل، أو يتناسى، ان ايران حصلت على ما حصلت
عليه ببذل الكثير من التضحيات، وبدماء علمائها وصبر شعبها
على العقوبات والحصار لأكثر من 36 عاماً. والانجاز النووي
هو من صنع علمائها رغم الحصار والعقوبات، كما تقدمها العلمي
والعسكري، فيما يعتمد النظام السعودي بشكل شبه كامل على
الغرب في معظم المجالات ويستورد كل شيء من الخارج تقريبا.
فهل يعتقد الدخيل ان مثل هذا النظام يستطيع ان يفرض
على الادارة الأميركية منحه ما ستحصل ايران عليه نتيجة
الاتفاق النووي معها؟ تستطيع الرياض ان تشتري مفاعلات
نووية، لكنها لا تستطيع ان تنتج علماءها وخبراءها وتبني
منشآتها بنفسها، لأن التخلّف العلمي السعودي بالقياس الى
ايران يعدّ بعشرات السنين. ثم إن أحداً لن يبيع الرياض
قنبلة نووية، ان كان هذا قصده!
والغريب انه، فيما قادة دول الخليج يطالبون في كامب
ديفيد بمزيد من الحماية الأميركية، خوفاً من ايران كما
يعبرون، نرى كتابهم يقولون بحتمية المواجهة مع ايران.
من أولى مهمات المثقف - الصحافي ان يكون نقدياً، إلا
ان معظم المثقفين السعوديين يسيرون على خط واحد، ليس بتناغم
كبير مع النظام وحسب، بل ويزايدون عليه في كثير من الأحيان.
ولذلك، لا يرى «مثقفو» النظام السعودي أنفسهم عنصريين
ومتغطرسين ومغرورين، وربما يعتبرون نعتهم بهذه الاتهامات
أنه من باب الحسد، وعلامات النجاح والتفوق.
ويفوت هؤلاء «المثقفين» ان إنكار التهمة لا يعني نفي
حصولها، وان الانكار هو أولى علامات الجهل.
ولو ان الجهل يؤلم لكان معظم «مثقفي» النظام السعودي
في المستشفيات.
الشريان بين مقالين
يُجهد داوود الشريان نفسه كي يبدو متميزاً عن أقرانه.
ولا يتوانى عن تقديم نفسه كـ»أستاذ»، ووصف بعض زملائه
بأنهم «حديثو عهد بالكتابة الصحافية».
ولكن الحقيقة هي أن الشريان لا يشذ عن أقرانه بكتاباته
العنصرية والاستعلائية إلا بالأسلوب فقط.
في اقل من شهر تراجع الشريان عن موقف بدا حينها انه
ينطوي على قدر من الانسانية. لكن سرعان ما فضح نفسه.
في 16 ابريل 2015 كتب الشريان في «الحياة»
مقالاً بعنوان «اعتذار لمواطن لبناني»، على خلفية (وليس
رداً) حملة كتّاب سعوديين على الشعب اللبناني بسبب مواقف
«حزب الله» من الحرب السعودية على اليمن. تلك الحملة التي
توّجها مساعد رئيس التحرير في صحيفة (الحياة) جميل الذيابي
بمقال «اطردوا الأشرار» (22 ابريل 2015)، والمقصود بالأشرار:
اللبنانيون العاملون في الخليج.
ورغم ان الشريان يقول: «وسيبقى تأثير هذه الحملة محصوراً
في من يقف خلفها»، وانه «لن يكون لهذه الحملة تأثير أو
مس بمصالح اللبنانيين وكرامتهم» في السعودية.. إلا انه
يعود ليكتب سلسلة مقالات متشابهة في «الحياة» يركز فيها
على «حزب الله» والشيعة والنقاش المذهبي، ويتوجها بمقالة
بعنوان: «ما هو موقف الشيعة في لبنان؟» (10 مايو 2015)
يجبّ فيه كل ما كتبه في مقاله «الاعتذاري»، ويكرر بشكل
شبه كامل ما كتبه الذيابي بحق اللبنانيين، وليؤكد التحاقه
بحملة الكتاب السعوديين العنصرية والاستعلائية.
الاستعلاء يكاد يتجلي في كل كلمة في مقال الشريان،
بدءاً من العنوان: «ما هو موقف الشيعة في لبنان؟».
كأن الشريان قاض أو مفت في «المدينة الفاضلة» يسأل
ويحاكم ويعاقب. وهكذا بالجملة. كل الشيعة مطالبون بالادلاء
بمواقفهم لدى محكمة الشريان.
وماذا إذا كانت مواقفهم لا تعجبك؟ تطرد اللبنانيين
العاملين في دول الخليج؟ تسحب استثمارات بلدك من لبنان؟
تعاقب كل اللبنانيين، كما دعا زميلك الذيابي؟
وفي نبرة استعلائية لا تخلو من مذهبية مقيتة يقول الشريان:
«نريد من العرب الشيعة في لبنان موقفاً عربياً، يليق بتاريخهم
ووطنيتهم».
الشريان يشكك بوطنية الشيعة العرب فقط لأنهم لم يصدروا
موقفاً يعجبه. هل هناك عنصرية واستعلاء أكثر من ذلك؟
ولفهم الخلفية الحقيقة التي ينطلق منها الشريان، تكفي
نظرة خاطفة على عناوين المقالات التي نشرها في «الحياة»
في الفترة الماضية: «المواجهة الجديدة مع حزب الله» (7
مايو 2015)، «هل نستمر في النقاش المذهبي أم نتوقف»
(25 ابريل 2015)، و»حكاية تاريخنا المذهبي» (26 أبريل
2015)، و»ماذا قدّم حزب الله للعرب الشيعة؟» (23 أبريل
2015)، و»إعلام حزب الله بين قطيش والذايدي» (21 أبريل
2015)، و»نزع سلاحه ضرورة» (20 أبريل 2015).
تُرى ألا توجد مواضيع أخرى تستحق الكتابة عنها؟ أم
أن الأفكار أعيت صاحبها؟!
ليست هذه المرة، أو المرات، الأولى التي يسقط فيها
الشريان مهنياً. سقطته المهنية المدوية حصلت العام الماضي
خلال تغطية برنامجه «الثامنة» لجريمة مجزرة الدالوة في
الاحساء في 4 نوفمبر 2014.
|