عزوف شديد عنها ومشايخ الوهابية يحذرون
خطر انتخاب امرأة في المجالس البلدية
ناصر عنقاوي
بعد اسابيع قلائل ستجري الانتخابات البلدية بعد تعطيل
وللمرة الثالثة.. وقد سبق أن وُصفت الإنتخابات السابقة
بأنها (ربع انتخابات). فمن كان يحق لهم الانتخاب هم من
في الحادية والعشرين من العمر. ثم ان الانتخاب لنصف أعضاء
المجلس البلدي، في حين تعيّن الحكومة النصف الآخر، وزيادة
على ذلك فإن النساء لم يُسمح لهن بالمشاركة في الانتخابات
البلدية. وعليه، لم تكن التجربة البائسة مغرية أو تحوي
أية فائدة في تغيير الوضع على المستوى البلديات. فالمنتخبون
بلا صلاحيات، ويكاد يكونوا بلا عمل! ما دعا الكثيرين الى
العزوف عنها في تجربتها الثانية.
وقد كان الاصلاحيون ينتظرون تطور تجربة الانتخابات
البلدية ليلحقها الشق السياسي أي الانتخابات التشريعة
لبرلمان منتخب، وكذلك انتخابات المناطق، وهو ما لم يحدث.
فالاصلاح السياسي محرّم ومسكوت عنه، والحجج هي ذاتها:
الشعب غير جاهز؛ الأولوية لمكافحة الإرهاب، وربما أضافوا
هذه المرة ذريعة الحرب في اليمن. الحقيقة ان آل سعود ليسوا
جاهزين لأي عمل اصلاحي له علاقة بالمشاركة السياسية، بل
وحتى في المشاركة في المجالس البلدية التي جاءت تحت الضغط
ولتفادي تقديم تنازلات سياسية.
الجديد في الأمر، ان الملك عبدالله وقبل وفاته، قرّر
ان تشارك المرأة في الانتخابات البلدية هذه المرة، بالإنتخاب
والترشيح. بالطبع فإن المشايخ اعترضوا على مشاركة المرأة،
ولكن مع وصول سلمان الى كرسي العرش، وهو الحليف للتيار
السلفي، بادر مشايخ التكفير والتخلف والرجعية بزيادة الضغط
من اجل منع مشاركة المرأة، مؤكدين ان المفتي ومشايخ المؤسسة
الوهابية الرسمية غير راضين عن ذلك، وان المشاركة في ذاتها
باب للفساد، ومخالفة للشرع حسب التفسير الوهابي.
اسس دواعش الفكر والسلوك من مشايخ موالين للسلطة هاشتاقاً
على تويتر بالمناسبة بعنوان: (خطر انتخاب المرأة للمجالس
البلدية)، جاء فيه بعض السجال، الذي يكشف عن عقول ملتاثة
ومريضة قتلت المجتمع، وأقعدت الدولة، وفجرت التناقضات،
مع أن الرغبة الشعبية ـ وكما تحكي أرقام السلطة نفسها
بشأن المسجلين للإنتخابات ـ ضعيفة جداً، بل تافهة، ولا
تزيد عن 17% من مجموع من يحق لهم الإنتخاب. ولا يتوقع
أن ينتخب حتى عشرة بالمائة ممن يحق لهم الإنتخابات، وهذه
هزيمة للنظام السياسي، كما يقول كثيرون.
بيد أن شيخاً وهابياً صغيراً، هو احمد القحطاني، يحرّض:
(يا علماءنا كفى صمتاً. بيّنوا لولاة الأمر والناس خطر
انتخاب المرأة للمجالس البلدية، فقد أخذ الله الميثاق
عليكم بعدم كتمان الحق). والشيخ المتطرف عبدالعزيز الطريفي
يتهم محمد العيسى وزير العدل السابق، وهو شيخ وهابي ايضاً،
بأنه (جوّز اختلاط الجنسين) بل هو أوّل من أجاز ذلك في
جزيرة العرب. وهذا من الكذب الصريح، والقراءة الموتورة،
والفهم الديني المتدني. محتسب من الطائف لم يكشف عن اسمه،
عدد المنكرات التي ستترتب على مشاركة المرأة في الانتخابات
البلدية الهزيلة مثل: الاختلاط، ونشر صور المرشحات بوسائل
الاعلام، ومشاركتها خارجياً. يعني سوف تسافر المرأة المنتخبة
للخارج، وهذا من اعظم الآثام عند مشايخ الوهابية!
غير هذا، هناك الاعلامي الوهابي شديد التطرف عبدالله
الداوود، الذي كان وراء هاشتاق (يا علماءنا كفى صمتا)،
فحرّض مشايخ الوهابية، الذين هم مشايخ سلطة، على منع مشاركة
المرأة، ومذكراً بأن ما أفسده التغريب في مصر قبل تسعين
سنة (ظهر امامكم في بلاد التوحيد). وأضاف بان النساء لا
تدرك خطر الانتخابات (لطيبة قلوبهن)؛ مذكراً بتجربة تعيين
عضوات الشورى، دون ان يحدد ما هو الخطر الذي وقع. وختم:
(أقبل مشروع التغريب، ليقحم محارمنا في المجالس البلدية)،
ونشر فيديو للشيخ ناصر العمر، الذي بادر قبل غيره لمحاربة
(آفة انتخاب امرأة) او مشاركتها في الانتخاب اساساً.
متطرف دوسري طلب من المشايخ الرسميين: (لتعلوا أصواتكم
ضد هذه الزمرة الفاسدة التي تعبث بثوابت المجتمع وقيمه)،
فمن هي هذه الزمرة؟ هل يقصد العائلة المالكة؟ كلا.. فهؤلاء
المحتسبون المزعومون أجبن من ان يواجهوا صاحب القرار وهو
الملك واخوته، وانما يقصد من يسميهم بـ (بطانة الحاكم)
من عامة الشعب. وحذر متطرف آخر من ان سكوت العلماء عن
الانتخابات، وعدم الاعتراض عليها، سيؤدي الى مشاهدة صور
النساء في الشوارع. فيا للفاجعة العظيمة! وقد قام المتطرفون
بتغطية وجوه سعوديات محجبات يدعين الى المشاركة!
وعاد الينا الشيخ المتطرف ناصر الغامدي بنغمة قديمة
وهي أن طبيعة المرأة لا تناسب دخولها المجالس البلدية،
وفي مشاركتها مخالفة للحشمة. والشيخ الضويحي يقول بأن
(تأنيث المحلات، ودخول المرأة الشورى، زعموا انها على
الضوابط الشرعية، ثم صارت على ضوابط اتفاقية سيداو. النهاية
واحدة).
اغتاظت مؤيدة للإنتخابات، وسألت مشايخ التطرف الوهابي:
(بما أن المرأة مخلوق خطر على البشرية.. ليش تخلفوا بنات؟).
وهدى البكر خاطبت احدهم: (الخطر هي عقليتك يا سيدي). وثالثة
قالت: (في كل يوم يزيد إيماني بأن ذكور الصحوة، يتمنون
أن تعود عادة وأدْ البنات، لكنهم ـ أي المشايخ ـ مستحين
يصرّحون). وفسرت إحداهن سبب تشدد الوهابية ضد المرأة في
الإنتخابات وغيرها، فقالت أنهم يخشون (فقدان السيطرة على
المجتمع). الطريف ان المغردة الجوهرة تقول ان المتطرفين
(يحاربون المرأة نهاراً، ويبحثون عنها ليلاً. لا عجب فهؤلاء
هم بني صحيون). ورد الصحفي جميل فارسي على من قال بخطر
الإنتخاب للنساء بأنه (ذات خطر تولّي السيدة والدتك تربيتك
لتصبح رجلاً عضواً في المجالس البلدية).
|