|
|
|
من تفجيرات 9/11
الى تفجيرات باريس.. الوهابية الداعشية وآل سعود
مصدر الشرور |
بعد أن كانت بنظره تمثل الإسلام المعتدل..
الـعـالـم يتّـجـه الى تجـريـم الـوهـابيـة
يحي مفتي
كان الغرب يرى الإسلام السعودي، النسخة التي تناسبه
من الإسلام المعتدل الطيّع، الذي يمكن استخدامه ضد الشيوعية،
ونصرة الغرب المسيحي باعتباره (أهل كتاب)!
منذ الحلف الإسلامي، الذي أطلقته السعودية في الخمسينيات
بغية مناصرة الأمريكيين مقابل السوفيات.. والى ما قبل
عقد من الزمان فقط.. كان الإسلام السعودي، فاعلاً ضد خصوم
الغرب: شيوعية السوفيات، وشيعية إيران! سقط السوفيات،
وتفككت الإمبراطورية؛ وكافح الإسلام الوهابي الداعشي إيران
برعاية غربية، من خلال تفجير الصراع الطائفي بين المسلمين،
وقد نجح في ذلك بشكل نسبي.
كان الغرب حين يحاول ذم الإسلام الشيعي الإيراني، يقول
بأن الإسلام الصحيح، هو الإسلام السعودي (المعتدل)، مقابل
الإسلام الإيراني (المتطرف)!
الإسلام السعودي بمواصفاته الحالية، هو (الإسلام الأمريكي)،
وهي الصفة التي أطلقها سيد قطب عليه وعلى أمثاله من الإسلامات
في الخمسينيات الميلادية من القرن الماضي، والذي أريد
له أن يكون فاعلاً ضد الشيوعية، وليس ضد الرأسمالية. وضد
المعارضة وليس ضد أنظمة الطغيان.
الآن.. لا يوجد شيء يهدد العالم سوى الوهابية ـ الإسلام
السعودي الأمريكي المعتدل ـ والتي أصبحت مصدر القتل والعنف.
هذه بعض المقالات والكتابات التي نشرتها الصحف الغربية
بعيد تفجيرات باريس، ودور السعودية في تمويل العنف الداعشي.
لعلها مفاجئة من حيث الوفرة، ومفاجئة من حيث الصراحة في
توجيه الإتهام الى الوهابية، والى آل سعود الذين يدعمونها
ويتلفعون بأغطيتها.
العالم يتجه الى محاربة (منتجات الوهابية) كأيديولوجية،
ومن بين تلك المنتجات: (القاعدة وداعش وبوكو حرام وانصار
الشريعة وغيرها من المسميات). كل هذه التنظيمات تتبنى
الأيديولوجية الوهابية، وتعتمد على التمويل السعودي، الرسمي
تارة، وغير الرسمي تارة أخرى. وكل هذه التنظيمات اعتمدت
على فتاوى وآراء علماء السعودية الوهابيين دون غيرهم.
كما أن معظم هذه التنظيمات تعتمد على العنصر السعودي في
عملياتها العسكرية وقيادة ألويتها المسلحة، ومناصبها العليا
خاصة في التوجيه الأيديولوجي.
السؤال.. هل العالم يتجه الى محاربة نظام آل سعود السياسي،
المتحالف معها، والممول لها، والمخطط لأعمالها، والمستثمر
لمنهجها التكفيري التدميري المشين؟
دوتش فيلة: الوهابية في قفص الإتهام
نشر موقع دوتش فيلة الالماني في 20 نوفمبر الماضي مقالاً
حول دور العقيدة الوهابية في هجمات باريس التي وقعت في
13 نوفمبر الماضي. وجاء في المقال:
تجاوزت التساؤلات التي تطرحها اعتداءات باريس الإرهابية
المجالات الأمنية والسياسية، لتشمل وبشكل ملفت الأسس الأيديولوجية
والعقائدية التي تغذي وتحفز الإرهابيين، ولم يكن مفاجئا
أن تتجه أصابع الاتهام للوهابية السعودية القطرية. منذ
الاعتداءات الإرهابية على نيويورك وواشنطن في أيلول 2001
ونفس السؤال يتكرر حول علاقة المذهب الوهابي بإيديولوجية
الحقد والكراهية التي يتغذى منها الإرهاب الإسلاموي.
ورغم أن النظام السعودي أظهر إرادة في محاربة الارهابيين
الذين يهددون الأمن الداخلي للمملكة، إلا أن العقيدة الوهابية
نفسها لم تخضع لأي مراجعة جوهرية، بل إن تكريسها يزداد
يوما بعد يوم كما يدل على ذلك الافتتاح المرتقب لمركز
جديد للأبحاث حول الفكر الوهابي قرب الرياض، تكريما للشيخ
محمد بن عبد الوهاب مؤسس الوهابية في القرن الثامن عشر
والذي شارك في تأسيس الدولة السعودية.
وترمز هذه الخطوة للدور الجوهري الذي يلعبه إرثه الفكري
في السعودية رغم أنه فكر يُتهم بتغذية التطرف الإسلاموي
خصوصا السني بما في ذلك تنظيم داعش. «للإرهاب وجهان: الخطاب
والفعل، فالعملية الإرهابية يسبقها دائما خطاب إرهابي»
كما أوضح رياض الصيداوي المفكر والباحث التونسي في العلوم
السياسية.
لقد ندد مجلس كبار العلماء، أعلى هيئة دينية في السعودية،
على لسان مفتي المملكة بهجمات باريس، كما واظبت نفس الهيئة
على استنكار والتنديد بالمتطرفين ووصفهم بـ «الضالين والكفار».
غير أن النخبة الدينية السعودية واظبت في الوقت ذاته على
ذم الشيعة ووصفهم بـ»الرافضة» وهو لفظ شائع بين المتطرفين
السنة الذين يرفضون اعتبار الشيعة مسلمين.
وفي هذا السياق أوضح رياض الصيداوي أنه اكتشف إماما
في مكة يقول «اكرهوهم، احقدوا عليهم، ابغضوهم، ابغضوا
اليهود والنصارى والشيوعيين والليبراليين والشيعة والصوفية،
هذا هو خطاب الكراهية الذي يتكرر لدى شيوخ الوهابية..
لا ننسى أن التحريض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون
في أوروبا».
التحالف الاستراتجي بين المؤسسة الدينية والعائلة المالكة
بحسب دوتش فيلة الالمانية، يمنع أي مراجعة جوهرية للوهابية،
المذهب الديني الرسمي في المملكة. وبهذا الصدد أوضح رياض
الصيداوي أن القاعدة وداعش هما النسخة العملية للوهابية،
فالقاعدة التي أسسها أسامة بن لادن هي التقاء بين الوهابية
السعودية المتطرفة مع الجهادية المصرية التي انشقت عن
الإخوان المسلمين(...) والقاعدة أنشأت بدورها داعش.
هناك سؤال يحير المحللين كلما تعلق الأمر بالعلاقة
المعقدة بين الغرب والنظام الوهابي في السعودية، فإذا
كان الأخير يغذي الإرهاب، فلماذا يدعمه الغرب؟ فكيفما
كان النظام البديل فسيكون في حاجة لبيع نفطه في الأسواق
العالمية. يرى رياض الصيداوي أن الأمر يتعلق «بصراع بين
المبادئ والمصالح، السعودية بلد غني جدا ينتج حوالي 11
مليون برميل نفط يوميا، وله ميزانية تفوق 500 مليار دولار
كدخل سنوي وهو من أفضل الأسواق الاستهلاكية في العالم».
في حوار سابق مع DW أجاب غيدو شتاينبيرغ الخبير الألماني
في شؤون الإرهاب بقوله «إنها فرضية خطيرة، لأنه لا يوجد
حالياً بديلاً مقبولاً للنظام الحالي في السعودية. هناك
معارضة سلفية قوية لها علاقات مع الإخوان المسلمين، كما
أن التنظيمات الإرهابية هناك لها أتباع كثيرون إضافة للمعارضة
الشيعية القوية في شرق البلاد». وأضاف الخبير الألماني
أن «السعودية حليف موثوق به للغرب، وصارت منذ عام 1979
من ثوابت السياسة الخارجية الأمريكية. وهناك توافق أمريكي
سعودي بشأن العداء لإيران. ومنذ 1990 حلّت إيران محل الاتحاد
السوفييتي كعدو. كما أن هناك توافقاً بين الجانبين بشأن
قضايا إقليمية أخرى. وأكد شتاينبيرغ أن هناك مخاوف، في
حال سقوط حكم آل سعود، من أن تنقسم البلاد إلى ثلاث أو
أربع مناطق وأن يستحيل تشكيل حكومة مركزية.
التايمز: السعودية وداعش.. شريكان
في القتل
نشرت صحيفة «التايمز» البريطانية، في 28 نوفمبر الماضي
كاريكاتيراً بريشة الرسام البريطانى الشهير «بيتر بروكس»،
صوّر فيه المملكة السعودية، كقرين لتنظيم داعش في القتل
والارهاب، في انتقاد لعقوبة الإعدام المطبقة في الرياض
من خلال قطع الرأس بالسيف، والتي لا تختلف عن أسلوب داعش
في قتل ضحاياه.
ويتألف الرسم من مقطعين، الأول، لأحد عناصر داعش ملثماً
ويمسك بسكين ملطخ بالدماء، وأمامه أحد ضحاياه فى البدلة
البرتقالي، التى إشتهر التنظيم الوحشي باستخدامها كملبس
للإعدام، وفى الخلفية الراية السوداء للتنظيم، ويعلق صاحب
الرسم بالقول»عبادة الموت الوحشية».
وفي الصورة المقابلة في مشهد مماثل، يمسك سعودي بالسيف
الملطخ أيضا بالدماء، ويهم بقطع رأس شخص ما، فيما علم
السعودية يظهر في الخلف، مع عبارة «صديق وحليف»، فى انتقاد
للغرب الذي يرفض جرائم داعش، ويسكت على نظيرتها في السعودية.
السعودية تزرع بذور التطرف في
بلجيكا وأوروبا
كشفت صحيفة الاندبندنت البريطانية في مقال للكاتب ليو
سندراويكس في 23 نوفمبر الماضي بعنوان (كيف يزرع النفوذ
السعودي التطرف في بلجيكا) جاء فيه:
إن أحد أهم الأسباب التي تقف وراء تحول بلجيكا إلى
مرتع للمتطرفين هو اتفاقية تعود إلى فترة الستينيات من
القرن الماضي بين الملكين البلجيكي بودوين والسعودي فيصل
تحافظ بموجبها بروكسل على عقود نفطية مع السعودية في مقابل
استقبالها رجال دين سلفيين تدربوا على يد المملكة واسهموا
فيما بعد بشكل فعال في نشر الوهابية المتطرفة في بلجيكا.
ونقلت الاندبندنت عن جورج داليمان عضو البرلمان البلجيكي
قوله إن «الكثير من المهاجرين الأتراك والمغاربة الذين
استقدمتهم بلجيكا للعمل كعمال لديها تم غسل أدمغتهم وإعادة
رسم صورة مغايرة للتي ألفوها عن الإسلام عن طريق هؤلاء
السلفيين السعوديين وقد قدمت السلطات السعودية للكثير
منهم بعثات للدراسة في السعودية لتشرب الفكر الوهابي».
وتابع داليمان الذي كان رعا العديد من القرارات المقترحة
في البرلمان البلجيكي لتخفيف العلاقة مع السعودية وخفض
التأثير السلفي على بلاده «أن رجال الدين السلفيين القادمين
من السعودية حاولوا بشكل متواصل تقويض محاولات المهاجرين
المغاربة الاندماج في المجتمع البلجيكي». وقال «نحن نحب
أن ندعو السعودية بالبلد الحليف والصديق ألا أن السعوديين
أثبتوا أنهم كانوا دائماً يعتمدون خطاباً مزدوجاً مع الغرب
فهم يصادقونه عندما تقتضي مصلحتهم وفي الوقت نفسه يعملون
على نشر أيديولوجيتهم المتطرفة في العالم».
وكان موقع ويكيليكس الألكتروني قد نشر في أغسطس الماضي
برقية دبلوماسية بين الملك السعودي ووزير داخليته تكشف
عن طرد دبلوماسي يعمل في السفارة السعودية في بلجيكا قبل
سنوات بسبب دوره في نشر ما يدعى «العقيدة التكفيرية» المتطرفة
في البلاد. وأشارت البرقية إلى مطالبة بلجيكا بمغادرة
هذا الدبلوماسي واسمه خالد العربي بلجيكا لأن رسائله تحمل
أفكاراً في غاية التطرف وأن مركزه كمسؤول سعودي يمنعه
من أعطاء دروس دينية بكل الأحوال .
وتحدّثت الصحيفة عن السبب الذي جعل بلجيكا في قلب الموجة
التدميرية للارهاب في أوروبا. وتشرح الصحيفة بالقول بأنه
بلجيكا كانت تشجّع العمال المغاربة والأتراك للمجيء الى
البلاد باعتبارهم عمالة رخيصة. وكانت الصفقة بين الملكين
البلجيكي والسعودي تجعل من المسجد المكان الرئيسي لعبادتهم.
وتعد بروكسل المكان المناسب. وتقضي الصفقة التي تمّت
في العام 1967 بإعطاء السعودية إعارة مبنى شرقي لمدة 99
عاماً في حديقة سينكوانتنير في العاصمة الذي بناه المعماري
البلجيكي ارنست فان هومبيك في العام 1879 ولكنه بقي مهملاً..
فقام السعوديون بإعادة تأثيثه وتم افتتاحه في العام 1978
وتحوّل الى أكبر مسجد في بروكسل، وكذلك كمركز إسلامي وثقافي
في بلجيكا.
وبالرغم من أن المسجد تم التعامل معه بكونه الصوت الرسمي
للمسلمين في بلجيكا، فإن التعاليم السلفية الراديكالية
جاءت من تيار مختلف للإسلام من قبل المهاجرين الجدد. واليوم،
هناك ما يقرب من 600 ألف مسلم من أصول مغربية وتركية في
بليجيكا، البلد ذي الـ 11 مليون نسمة.
ويقول جورج داليماغن، عضو البرلمان البلجيكي في اليمن
الوسط لحزب المعارضة بأن «الجالية المغربية تتحدر من المناطق
الجبلية والأودية وليس الصحراء. وينتمي أعضاء هذه الجالية
للمذهب المالكي، وهم أكثر تسامحاً وانفتاحاً من المسلمين
من المناطق الأخرى مثل السعودية».ويضيف «على أية حال،
فإن كثيراً من هؤلاء جرت إعادة أسلمتهم من قبل الدعاة
والمعلّمين السلفيين في المسجد الكبير. كما تم منح بعض
المغاربة بعثات دراسية للدراسة في المدينة، في السعودية».
وقال داليماغن بأن المشايخ السلفيين سعوا الى تقويض
محاولات المهاجرين المغاربة للإندماج في بلجيكا. ويقول
«نحن نرغب في الاعتقاد بأن السعودية هي حلق وصديق، ولكن
السعوديين كانوا دائماً يخوضون معنا في حديث مزدوج: يريدون
تحالفاً مع الغرب حين يأتي الكلام عن محاربة الشيعة وايران،
ولكن برغم ذلك لديهم ايديولوجية هجومية حين يأتي الكلام
عن مذهبهم في بقية العالم».
وطالب داليماغن، الذي تبنى عدداً من المقترحات في البرلمان
البلجيكي، لجهة التخفيف من الروابط مع السعودية وخفض النفوذ
السلفي في بلجيكا، بأنه لا يمكن إجراء حوار مع دول تريد
زعزعة استقرار بلاده، في إشارة الى السعودية. ويضيف بأن
المشكلة هي أنه فقط أخيراً بدأت السلطات في بلاده تفتح
عيونها على ما يجري..
العالم يتجّه الى معاقبة الوهابية
نشر موقع Consortium News مقالات متتالية بتاريخ 14
و20 و23 نوفمبر حول الدعم المالي الخليجي والسعودي للإرهاب.
ففي 14 نوفمبر نشر الموقع مقالاً لدانيال لازر، مؤلف العديد
من الكتب بما في ذلك جمهورية مجمدة: كيف يشل الدستور الديمقراطية،
بعنوان )كيف تقدّم السعودية ودول الخليج المال للإرهاب(.
وجاء في المقال:
مع أن عدد القتلى في الهجمات الإرهابية في باريس مازال
يرتفع فإن الرئيس الفرنسي هولاند يعدّها «عملاً من أعمال
الحرب» من قبل الدولة الإسلامية، ولكن الحقيقة الأساسية
هي أن أصدقاء فرنسا الأثرياء في الخليج هم الشركاء الرئيسيون
في الفوضى.
في أعقاب أحدث إعتداء إرهابي في باريس، السؤال الكبير
ليس أي جماعة محددة هي المسؤولة عن الهجوم، ولكن من هو
المسؤول عن الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة في المقام
الأول. الإجابة التي قدّمت كما هو واضح بشكل متزايد في
السنوات الأخيرة هو أنه من القادة الغربيين الذين استخدموا
أجزاء متزايدة من العالم الإسلامي مكاناً لألعابهم العسكرية
ويذرفون الآن دموع التماسيح على النتائج.
وكان لهذا النمط بداياته في الثمانينات في أفغانستان،
حين اخترعت وكالة الاستخبارات المركزية والأسرة المالكة
السعودية عملياً الحالة الجهادية الحديثة في محاولة لإخضاع
السوفييات إلى حرب على غرار فيتنام في عقر دارها. كان
الحال نفسه أيضاً في العراق الذي غزته الولايات المتحدة
وبريطانيا العظمى في عام 2003 مما أدى الى حرب أهلية بشعة
بين الشيعة والسنة.
الحال نفسه يتكرر في اليمن حيث تساعد الولايات المتحدة
وفرنسا المملكة العربية السعودية في حربها الجوية المكثفة
ضد الحوثيين الشيعة. وهذا هو الحال في سوريا، مسرحاً لعبة
الحرب الأكثر تدميراً من كل منهم، حيث المملكة العربية
السعودية ودول الخليج العربي الأخرى تقوم بتحويل الأموال
والاسلحة لتنظيم القاعدة، والدولة الإسلامية (المعروف
أيضا باسم ISIS، ISIL وDaesh)، وقوات مماثلة معروفة بصورة
كاملة لدى للولايات المتحدة.
يشجع قادة الغرب هذا العنف وينتقدونه في الوقت نفسه.
ففي أبريل 2008، شهد مسؤول الخزانة في جلسة استماع في
الكونغرس أن «السعودية اليوم لا تزال الموقع الذي ينتقل
منه المال إلى الجماعات الإرهابية السنيّة وحركة طالبان
أكثر من أي مكان آخر في العالم». [انظر راشيل اهرنسفيلد
: النفط أكثر سماكة من دمائنا «، في في سارة ستيرن: المملكة
العربية السعودية والشبكة العالمية الإرهابية الإسلامية:
أمريكا وعناق الغرب الفادح نيويورك: بالغريف ماكميلان،
2011)، ص. 127.]
وفي ديسمبر 2009، لاحظت هيلاري كلينتون في مذكرة دبلوماسية
سرية «الجهات المانحة في المملكة العربية السعودية تشكل
أهم مصدر لتمويل الجماعات الارهابية السنية في جميع أنحاء
العالم.» وفي أكتوبر 2014 أبلغ جو بايدن طلاّب كلية هارفارد
كينيدي أن «السعوديين، و الإمارات، الخ ... كانوا مصممين
لاطاحة الرئيس السوري بشار الأسد ويكون أساساً لحرب الوكالة
بين السنة والشيعة...[بأن] سكبوا مئات الملايين من الدولارات،
وعشرات الآلاف من الأطنان من الأسلحة العسكرية إلى أي
شخص يقاتل ضد الأسد..
في الشهر الماضي، اشتكى كاتب افتتاحية صحيفة نيويورك
تايمز ان السعوديين والقطريين والكويتيين يواصلون تحويل
التبرعات ليس فقط لتنظيم القاعدة ولكن إلى الدولة الإسلامية
أيضاً. لكن على الرغم من وعود لا تعد ولا تحصى لاغلاق
هذا التمويل، ظلت الصنابير مفتوحة على مصراعيها. من جانبها
الولايات المتحدة لم تكن على علم فقط عن مثل هذه الأنشطة،
بل شاركت فيها بقوة. في يونيو 2012، كتبت الصحيفة أن C.I.A
كانت تعمل مع جماعة الإخوان المسلمين على تحويل الأسلحة
الموردة من قبل تركيا والسعودية وقطر إلى المتمردين المناهضين
للأسد.
بعد شهرين، حسبما ذكرت وكالة استخبارات الدفاع، سيطر
تنظيم القاعدة، ومعهم السلفيون والإخوان المسلمون على
حركة التمرد السورية، وأن هدفهم هو إقامة «إمارة سلفية
في شرق سوريا» حيث تقع دولة الخلافة الإسلامية الآن، وهذا
هو «بالضبط ما أرادته القوى الداعمة للمعارضة» - أي الغرب
ودول الخليج وتركيا - «من أجل عزل النظام السوري».
وفي الآونة الأخيرة، لم تتقدم إدارة أوباما بأي اعتراض
على إمداد السعوديين النصرة، وهو الفرع السوري لتنظيم
القاعدة بصواريخ TOW بالتكنولوجيا الفائقة فى دعم هجومها
في محافظة إدلب شمال سوريا. لم تعبر عن تحفظها أو تشتكي
هذه الإدارة عندما تعهد السعوديون بزيادة المساعدات إلى
هذه المجموعات رداً على تدخل روسيا في دعم نظام الأسد.
أشار بن هوبارد في (التايمز) أن 50 عنصراً من قوات
العمليات الخاصة الأمريكية ضخت في شمال سوريا وتم تعيينها
للعمل مع الثوار العرب الذين تعاونوا سابقاً مع جبهة النصرة
وعلى الرغم من هوبارد لم يقل ذلك - فإن من غير شك أن ذلك
سوف يحدث مرة أخرى بمجرد مغادرة الأميركيين.
العمل بالقفاز
بينما تعهدت الولايات المتحدة بالبقاء على العداوة
الأبدية ضد تنظيم القاعدة فإن حلفاءها الخليجيين يعملون
جنباً إلى جنب مع نفس القوى في السعي لتحقيق أهداف أخرى.
لكن يجلس حالياً القادة من واشنطن الى الرياض مع بعضهم
في حالة حزن بأن الجماعات نفسها تعض اليد التي تطعمها.
هذا هو النمط الذي بات مألوفاً جداً في السنوات الاخيرة.
«الإرهاب» هي كلمة لا معنى لها، هي تحجب الحقيقة وتربط
أكثر مما توضح وتضيء الطريق.. فهجمات 11/9 قادت الى «حرب
عالمية على الإرهاب»، وفي الوقت ذاته، إلى التستر بصورة
واسعة على الذين كانوا في الواقع مسؤولين عن الفعل.
كستار الصمت ينحدر حول الدور الأميركي ـ السعودي في
أفغانستان، حيث نشأت شبكة أسامة بن لادن، فإن إدارة بوش
سمحت لـ 140 سعودياً بينهم نحو عشرين عضوا من عائلة بن
لادن، بالسفر إلى خارج البلاد بعد عملية استجواب سطحية
من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالية اف بي آي.
عندما زار ولي العهد السعودي عبد الله بن عبد العزيز
- قبل أن يعتلي رسمياً العرش بثلاث سنوات - تكساس في مزرعة
جورج دبليو بوش في نيسان 2002، لم يكد يذكر الرئيس مركز
التجارة العالمي واختصر المراسل الذي أصر على تظهيره:
«نعم، أنا - كولي للعهد، أدين يشدة أولئك الذين ارتكبوا
جريمة قتل مواطنين أمريكيين. ونحن نعمل بشكل متواصل مع
الرئيس بوش وحكومته على تبادل المعلومات الاستخباراتية
وقطع المال...الحكومة تعمل على ذلك وأنا أقدر ذلك كثيرا».
ما قاله بوش كان كذبة. شهر واحد فقط في وقت سابق، شكى
مساعد المدير السابق لاف بي آي روبرت كالستروم من أن السعوديين
كانوا مستعجلين فيما يتعلق بالتحقيق: «إنه لا يبدو أنهم
يفعلون الشيء الكثير، وبصراحة لا شيء جديد».
في أبريل 2003، أطلق فيليب زيليكو، المدير التنفيذي
للجنة المحافظين الجدد 11/09، ومحقق، دانا ليسيمان، عندما
أثبتت أنها قوية جداً في التحقيق في دعم الاتصال السعودي
د(انظر: فيليب شينون، اللجنة: التاريخ غير المكتوم لتحقيق
9/11، نيويورك: إثني عشر، 2008)، ص ص 110 ـ113.
أغرب من ذلك كله هو ما حدث للفصل المؤلف من 28 صفحة
في تقرير للكونغرس مشترك للتعامل مع مسألة التواطؤ السعودي.
فقد تم حجب التقرير بشكل كبير، كما تم قمع الفصل نفسه
بصورة كاملة. على الرغم من أن أوباما وعد أرملة 11/09
كريستين بريتويزر بعد وقت قصير من توليه ادارة البيت الابيض
من أنه سيتم الإعلان عنه، إلا أن هذا الفصل بقي طي الكتمان
حتى الآن.
بدلاً من تحديد المسؤولين عن ذلك، يفضل أن تبقي واشنطن
الشعب الأمريكي في الظلام. بدلاً من تحديد الجناة الفعليين،
فإن إدارة بوش، مدعومة من قبل الديمقراطيين والصحافة،
يفضل القاء اللوم كله على «الأشرار» بصورة غامضة وبلا
شكل من عالم آخر. حدث الشيء نفسه في أعقاب مجزرة شارلي
ابدو في يناير الماضي. فهناك تقارير مستمرة عن التبرعات
السعودية المتدفقة إلى تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية..
تتفق التقارير على أن الرياض تعاونت مع القاعدة في
جزيرة العرب منذ حربها ضد الحوثيين. كما نشرت الطائرات
السعودية الموت والدمار في جميع أنحاء اليمن، وقد اكتسب
تنظيم القاعدة السيطرة على شرق مدينة المكلا، مركز النفط
والميناء البحري، واتخذت أيضاً السيطرة على أجزاء من عدن،
لتراكم ترسانة مؤلفة من العشرات من 55 عربة مدرعة و 22
دبابة بالاضافة الى صواريخ مضادة للطائرات وأسلحة أخرى
كذلك.
لا أجراس إنذار
قد يتصور المرء أن هذا من شأنه أن يفجّر أجراس الإنذار
في واشنطن، ولكن كانت النتيجة (لا يمكننا ذلك) جماعية.
تواصل إدارة أوباما دعمها للمملكة العربية السعودية في
هجومها على أفقر دولة في منطقة الشرق الأوسط، وتزويدها
بالتقنية المساندة والدعم البحري، في حين أن فرنسا، حريصة
على أن تحل محل الولايات المتحدة باعتبارها مورداً للاسلحة
الرئيسية في المملكة، وتدعم كذلك.
وبالتالي فإن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يدعم المملكة
التي بدورها تدعم القوى التي نفذت مجزرة شارلي ابدو. ويؤيد
أيضاً مملكة تسمح بتدفق التبرعات إلى داعش، الذي بات الآن
مسؤولاً عن أحدث الفظائع.
هولاند يفضل أن يضرب صدره وإصدار رنين المكالمات لـ
«التعاطف والتضامن» بدلاً من فعل أي شيء على أرض الواقع
حيال العلاقات التي تولّد مثل هذه الهجمات في المقام الأول.
في أبسط مستوى لها، وهذا هو مشكلة النفط والمال والامبراطورية
الأمريكية التي تقف مشلولة قبل وقوع الكارثة التي أحدثتها
في منطقة الشرق الأوسط. عندما أصدر اوباما دعوته الشهيرة
في أغسطس 2011 بتغيير النظام في دمشق - «من أجل الشعب
السوري، فقد حان الوقت للرئيس الأسد إلى التنحي» - يبدو
أنه كان بلا تفكير.
لكن الأسد أثبت بأنه أكثر استمرارية، وذلك أساساً لأنه
يتمتع بتأييد حزب جماهيري وأنه على الرغم من الفساد والتحجر،
لا يزال يتمتع بقدر كبير من الدعم الشعبي. ويعد كذلك قادراً
على البقاء في السلطة، وبالتالي فإن الولايات المتحدة
وجدت نفسها محاصرة بصورة أكبر في حرب طائفية على نحو متزايد
من قبل المتطرفين السنة الممولة من الخليج.
مهما كان صعباً يحاول الغرب عزل نفسه ضد الاضطرابات
التي هو نفسه خلقها، وسوف يجد أن أي حاجز وقائي من المستحيل
الحفاظ عليه. لقد ضاعفت المملكة العربية السعودية أربع
مرات في شراء الأسلحة في السنوات الأخيرة، في حين دول
مجلس التعاون الخليجي الست هي الآن ثالث أكبر منفق عسكري
في العالم.
هذا خبر رائع لصانعي الأسلحة ناهيك عن السياسيين الطامحين
لزيادة طفيفة في الناتج المحلي الإجمالي، ولكن هو غير
ذلك بالنسبة لجماهير الناس العاديين في اليمن وسوريا ولبنان
وباريس الذين هم الآن في الطرف المتلقي لجميع الأسلحة
والعنف. والتحالف الغربي و»حلفاؤه» في الخليج يصر على
نشر الفوضى في الشرق الأوسط، فإن المزيد من كراهية الأجانب
ورد فعل اليمين تكون النتيجة في أوروبا والولايات المتحدة.
وفي مقال للكاتب الصحافي الأميركي روبرت باري كتب بأن
«السعوديين والقطريين والكويتيين، إضافة الى الاتراك هم
جزء كبير من المشكلة المتمثلة بالجماعات الارهابية المتطرفة.
وقال الكاتب ان هذه الدول استخدمت ثرواتها من أجل تمويل
وتسليح القاعدة وحلفائها والجماعات التي انبثقت عنها،
بما في ذلك داعش».
كما رأى الكاتب أن قيام المتطرفين بقتل الشيعة على
وجه الخصوص، جعلهم ليسوا فقط «محببين لدى المتبرعين السعوديين
والقطريين والكويتيين»، وانما كذلك لدى إسرائيل التي تعتبر
«ايران الشيعية» بأنها تشكل التهديد الاستراتيجي الأكبر
لها. وانطلاقا من ذلك أشار الى أن المحافظين الجدد في
اميركا، الذين قال أنهم يتعاونون عن كثب مع رئيس الوزراء
الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، يملكون مواقف متباينة تجاه
المتطرفين ايضاً.
ولفت الكاتب الى ان تنظيمي القاعدة وداعش لا يروجان
لأجندة المحافظين الجدد والاسرائيليين والسعوديين عبر
شن هجمات ارهابية في سوريا ضد حكومة الرئيس الاسد في سوريا
وضد حزب الله في لبنان فحسب، وانما يشنون ضربات على اهداف
اميركية واوروبية من تلقاء انفسهم، حتى في افريقيا، حيث
أعنلت القاعدة مسؤوليتها عن عملية احتجاز الرهائن في احدى
الفنادق في مالي.
الكاتب حذر من ان هذه الهجمات الارهابية تهدد التماسك
السياسي والاقتصادي في اوروبا وتعزز الضغوط لانشاء دولة
مراقبة قوية بالداخل الاميركي، الامر الذي يضع الحريات
الفردية بخطر.
ودعا الكاتب الى فرض عقوبات مالية صارمة على السعودية
بسبب دعمها المتواصل للقاعدة وداعش، حيث اعتبر أن تجميد
أو مصادرة الحسابات المصرفية السعودية حول العالم قد يجعل
الامراء الخليجيين يدركون ان هناك ثمناً حقيقياً يدفعونه
جراء التورط بالارهاب. وأضاف ان مثل هكذا اجراء ضد السعودية
قد يوجه رسالة مشابهة لدول خليجية اخرى بانها قد تكون
التالية، متحدثاً بالوقت نفسه عن أخذ اجراءات ضد تركيا،
مثل طردها من حلف الناتو.
الوهابية السعودية تحت الأضواء
بعد هجوم باريس
كتب انجوس مكدوال في 18 نوفمبر الماضي تقريراً لوكالة
(رويترز) من الرياض جاء فيه:
يرى كثير من الأجانب وكذلك بعض الليبراليين السعوديين
أن النهج الديني الصارم في المملكة هو السبب الأساسي في
الخطر الجهادي الدولي الذي ألهب الوضع في الشرق الأوسط
منذ سنوات وكانت آخر ضرباته في باريس في 13 نوفمبر. ورغم
أن الرياض عمدت إلى تضييق الخناق على الجهاديين في الداخل
فزجت بالآلاف في السجون ومنعت المئات من السفر للقتال
في الخارج وقطعت خطوط تمويل المتطرفين فقد أثار نهجها
الديني معضلة.
فهي تهاجم عقيدة المتطرفين الذين يعلنون الجهاد على
من يعتبرونهم كفارا أو ملحدين وهي في الوقت نفسه تحالف
المؤسسة الدينية التي تدعو لعدم التسامح مع مثل هذه الفئات
نفسها وإن لم تكن تدعو للعنف.
ويعتبر المذهب الوهابي - وهو المذهب الديني الرسمي
في المملكة - أن المذهب الشيعي انحراف عن صحيح الدين ويثني
على الجهاد ويحض على كراهية الكفار. ويدير رجال المؤسسة
الدينية النظام القضائي في المملكة وميزانية لنشر نفوذهم
في الخارج.
وقال أحد كبار رجال الدين السعودي لرويترز في العام
الماضي «يجب أن يكون المسلمون منصفين لغير المسلمين. ولهم
أن يتعاملوا معهم وعليهم ألا يعتدوا عليهم. لكن هذا لا
يعني ألا يكرهونهم ويتجنبونهم.” وبالنسبة للحكومة فإن
التركيز على هذا التفريق بين قبول الكراهية والتحريض على
العنف سمح لها بالاحتفاظ بدعم رجال المذهب الوهابي والمجتمع
السعودي المحافظ بشدة وفي الوقت نفسه تنفيذ عملية أمنية
كبرى تستهدف المتطرفين.
وتجيء المذبحة التي شهدتها باريس يوم الجمعة على أيدي
تنظيم الدولة الإسلامية في أعقاب سلسلة من التفجيرات والهجمات
بالأسلحة النارية من جانب أنصار الجماعة نفسها في السعودية
خلال العام الأخير سقط فيها العشرات وأغلبهم من الأقلية
الشيعية في المملكة.
وتدافع الحكومة عن سجلها في التصدي للتشدد الإسلامي
وتشير إلى اعتقال الآلاف من المشتبه في تطرفهم وكذلك تبادل
معلومات الاستخبارات مع الحلفاء ومنع رجال الدين الذين
يشيدون بهجمات المتطرفين من ممارسة نشاطهم. وفي مقابلة
خلال الصيف رفض اللواء منصور التركي المتحدث باسم وزارة
الداخلية فكرة أن الوهابية نفسها تمثل مشكلة وشبه 2144
سعودياً سافروا إلى سوريا بما يقدر بنحو 5500 مسلم أوروبي
فعلوا الشيء نفسه.
وأضاف أن رجال الدين والدعاة الذين يحثون المسلمين
بمن فيهم السعوديون على السفر إلى سوريا والعراق من أجل
المشاركة في القتال أو لشن هجمات في مناطق أخرى يعيشون
هم أنفسهم في مناطق خاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية
لا في المملكة نفسها.
رد فعل المتطرفين
وقد ندد مفتي المملكة أرفع رجال الدين في المذهب الوهابي
ومجلس كبار العلماء أكبر مؤسسة دينية للمذهب بهجمات باريس
وهما يستنكران منذ سنوات المتطرفين ويصفانهم بأنهم من
الضالين والكفار.
ولكن رجال الدين السعوديين يذمون الشيعة صراحة ويسمونهم
«الرافضة» وهو لفظ شائع متداول بين المتطرفين من أصحاب
المذهب السني في الصراع الطائفي الذي نكب به عدد من دول
الشرق الأوسط وفي كثير من الأحيان يرفضون اعتبار الشيعة
مسلمين.
ولا يختلف تفسيرهم للجهاد عن تفسير الجماعات المتشددة
سوى في أنهم يرون ضرورة الحصول على موافقة العاهل السعودي
ومن يمثل المؤسسة الدينية الرسمية.
وبالنسبة للغرباء والليبراليين السعوديين ممن ينتقدون
أسرة آل سعود الحاكمة يبدو الفرق غاية في الدقة بين هذين
التفسيرين.
غير أن هذا التمييز يصب مباشرة في سياق السياسة الداخلية
السعودية التي تعتمد فيها الأسرة الحاكمة على المؤسسة
الوهابية لدعم شرعيتها وكثيراً ما تبدي مخاوفها من انتفاضة
قد يشنها المتطرفون ضد حكمها.
ومن المؤكد أن التاريخ يبين أن أكبر التهديدات لاستقرار
المملكة أكبر دول العالم تصديراً للنفط جاءت من ردود فعل
المحافظين تجاه الليبرالية.
فقد ثار جيش الإخوان القبلي لمؤسس المملكة ابن سعود
عليه بسبب معاهداته مع غير المسلمين. واغتيل الملك فيصل
عام 1975 انتقاماً لمقتل أمير عام 1966 خلال أعمال شغب
احتجاجاً على دخول التلفزيون المملكة.
وفي 1979 اجتاحت مجموعة من المتشددين الإسلاميين بدافع
من مشاعر الغضب تجاه واشنطن الحرم المكي. وانتشرت احتجاجات
إسلامية واسعة في التسعينات. وفي العقد الماضي شن تنظيم
القاعدة هجمات مميتة.
وساهمت هذه الهجمات والتفجيرات التي سقط فيها مئات
القتلى في دفع أسرة آل سعود للتصدي للتطرف الصريح بين
رجال الدين وتطبيق إصلاحات تهدف إلى تشجيع التسامح وتوظيف
المزيد من الشبان السعوديين.
ومن هذه الإصلاحات برنامج للبعثات الدراسية سافر من
خلاله مئات الألوف من السعوديين من الجنسين للدراسة في
الخارج وحملة كبرى لتوظيف المزيد من السعوديات وكذلك إصلاحات
هادئة للنظام القضائي والتعليم ومنع مئات الدعاة من ممارسة
الدعوة.
وأدت تلك الإصلاحات إلى تصاعد الاستياء الوهابي من
صاحبها العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله. وعلاقة
الملك سلمان برجال الدين تسير على نحو أفضل رغم أنه لم
يتخذ بعد تسعة أشهر من توليه الحكم أي خطوة كبرى نحو الرجوع
عن هذه الإصلاحات.
نفوذ عالمي
ويرد منتقدو الأسرة الحاكمة بأن المؤسسة الدينية التي
تمولها الدولة تذعن أكثر مما يبدو لرغبات الأسرة الحاكمة
ويتهمون الأسرة بأنها تلوح بخطر التشدد الديني لتجنب القيام
بإصلاحات قد تعرض سلطتها للخطر في نهاية الأمر. ويضيف
هؤلاء أن الامتيازات السابقة التي صدرت في مواجهة مخاوف
من رد فعل المحافظين منحت رجال الدين الوهابيين نفوذا
عزز رسالة عدم التسامح.
وأحد المشاكل التي تواجهها أسرة آل سعود في محاولة
التخفيف من صرامة الوهابية هو أن هذا المذهب نشأ صراحة
للقضاء على ما يعتبره معتقدات إلحادية خاطئة. ومنها أيضا
شروط اتفاق يرجع للقرن الثامن عشر بين الأمراء ورجال الدين
يقسم السلطة بين الطرفين. ويمثل تحدي أي من هذين المبدأين
ضربة لمعتقدات جوهرية وللعقد الاجتماعي الذي يقوم عليه
المجتمع السعودي.
ومع ذلك فقد حدثت بعض التغييرات. فبعد أن هزم ابن سعود
الإخوان قام بترقية رجال الدين الذين أقرّوا تفسيراً أكثر
شمولية للوهابية اعترفوا فيه بأن السنة من أصحاب التوجهات
الليبرالية مسلمون وقبلوا فكرة التعامل مع كفار.
وعلى مر العقود لانت مواقف المؤسسة الدينية الرسمية
بدرجة أكبر على مضض وأصبح دعاة ورجال دين ممن لا يجدون
غضاضة في التواصل مع الغرب ومع الأفكار الحديثة ينضوون
تحت لواء الوهابية الآن.
ورغم أن السعودية تموّل دعاة ومساجد ومعاهد دينية في
أماكن متفرقة من العالم ورغم تنامي المذهب السلفي بين
المسلمين على مستوى العالم فقد أصبح نفوذ السعودية في
هذه الحركة مخففاً.
ولا تزال الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة من
أهم مراكز تعليم المذهب السلفي للطلبة من مختلف أنحاء
العالم لكن خريجيها لا يتمتعون بأي نفوذ أكبر من خريجي
مثل هذه المؤسسات في دول أخرى.
وقال ستيفان لاكروا الذي نشر كتاباً عن السلفية والإسلام
في السعودية «أصبح المشهد السلفي مفتتاً ومتبايناً في
مختلف أنحاء العالم حتى أنه لم تعد للسعوديين سيطرة عليه.
وعندما يتجه الناس لدراسة السلفية لا يذهبون إلى هناك
وما يدرسونه هو سلفية لا سيطرة للسعوديين عليها.”
وفيما بين المتطرفين لم يعد النفوذ الديني السعودي
واضحاً كما كان من قبل. ففي كثير من الأحيان يلجأ الجهاديون
إلى نصوص كتبها علماء راحلون من علماء الوهابية وكثيراً
ما يتبنون أسلوباً سعودياً في الخطابة في خطبهم الدينية
لكنهم يسخرون من رجال الدين المعاصرين في المملكة ويصفونهم
بأنهم ألعوبة في أيدي نظام فاسد مؤيد للغرب.
|