|
|
|
الملك سلمان يرى الترويج
للطائفية الدينية وليس فقط الاستثمار السياسي
للطائفية |
|
الطائفية السعودية: تحصين
الداخل من خطر الخارج، وأداة لاحتكار نجد الوهابية
الأقلوية للسلطة |
مستقبل الخطاب.. مستقبل الدولة السعودية
أسئلة جمّة تبرز أمام أي مراقب لأوضاع المملكة السعودية
بعد ثورات الربيع العربي. السؤال الكبير اليوم هو: ما
طبيعة الخطاب الذي ينتج اليوم في المملكة السعودية؟ ومن
هو المستهدف بالخطاب، وما علاقة هذا الخطاب بالدولة؟ وهل
يعبّر عن الخطاب عن عموم المكوّنات السكّانية، وهل ينسجم
مع متطلبات الدولة الوطنية؟ وما تأثير هذا الخطاب على
مستقبل السعودية؟
خالد شبكشي
توطئة:
قبل شروع عبد العزيز في إقامة دولة تحمل إسم إسرته،
كان سكان الجزيرة العربية منقسمين مذهبياً، قبلياً ومناطقياً.
ولم تُحدِث ولادة الدولة السعودية في العام 1932 أدنى
تغيير في البنى الاجتماعية والثقافية، بل حدث ما يشبه
ترسيخ الواقع القائم كونه يبطن ضمانة استقرار وتماسك السلطة
السياسية. وهنا التقت عوامل متعدّدة: الإنقسامات السكانية
الفطرية/ البدائية ما قبل الدولة، والارادة السياسية بتعزيز
الانقسام بوصفه خياراً ناجعاً لوحدة السلطة ورسوخ أركانها،
وجاء خطاب الدولة الذي يكتسي طابعاً طائفياً في الغالب
ومناطقياً أحياناً، وقبلياً نادراً وخصوصاً في مراحل حسّاسة
لتجعل من الإنقسام سمة عامة في العلاقات البينيّة بين
المكوّنات السكانية المحلية.
تجدر الإشارة الى أن التصنيف قارٌّ في الموروث الاجتماعي
والثقافي، وقد تطوّر سؤال (الحمولة) بالمعنى القبلي من
اندكاكه في المجال الاجتماعي ليمتد الى مجالات أخرى سياسية
وأيديولوجية، لتأخذ أبعاداً أخرى مذهبية وإيديولوجية (شيعي
صوفي ليبرالي اسماعيلي علماني...)، وحتى داخل القبيل الواحد
(جامي سروري..).
لقياس منسوب الطائفية وحدّته، تظهر نوعية المصطلحات
المستعملة في التنابذ الطائفي لدى الأطراف المسؤولة عن
انتاج تلك المصطلحات وجغرافيتها وانتقالها المكاني واختلاطها
بمصطلحات أخرى.
من الناحية التاريخية، تفرّدت السعودية بكونها الدولة
العربية التي تتبنى بصورة شبه رسمية سياسات تمييز طائفية.
ويجري التعبير عن ذلك من الناحية النظرية في التعليم الرسمي
وخصوصاً المناهج الدينية في المدارس والجامعات، ومناشط
المؤسسة الدينية (الكتب، الخطب، الفتاوى، المجلات، المحاضرات..الخ)،
كما يعبّر عنها عملياً في إقصاء مكوّنات سكانيّة من المناصب
الادارية العليا وكذلك المؤسسات الأمنية والعسكرية، والتهميش
الاقتصادي والخدمي..
مصطلحات من مثل (الرافضة، المبتدعة، أهل الضلال، الفرق
الضالة..الخ) كانت محدودة التداول في المملكة حتى آواخر
السبعينيات من القرن الماضي، وتقتصر على الكتب الدينية
الصادرة عن مشايخ الوهابية. وحتى مناهج التعليم الديني
في المدارس والجامعات الرسمية لم تتأثر بالمعجم الوهابي
حتى ثمانينات القرن الماضي، إذ كانت اللجان المعنية بإعداد
المناهج تنتمي في الغالب لجماعة (الإخوان المسلمين) في
مصر من أمثال محمد قطب، مؤلف مقرّر مادة (التوحيد) من
قبل وزير المعارف الأسبق الشيخ حسن آل الشيخ، وصدرت الطبعة
الأولى منه سنة 1977. وكانت وزارة المعارف السعودية وإدارات
الإفتاء طبعت كتباً للإخوان المسلمين منها كتابي (شبهات
حول الإسلام) و(قبسات من حياة الرسول) لمحمد قطب على نفقة
وزارة المعارف. وكان د. كمال الهلباوي، الرئيس السابق
للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، يتولى رئاسة لجنة مستشاري
بناء المناهج المدرسية في وزارة (المعارف) السعودية.
على أية حال، فرضت المتغيّرات السياسية الكبرى في المنطقة
نفسها على الداخل السعودي، وكان للثورة الاسلامية الايرانية
سنة 1978 تأثير مباشر على تحوّل الخطاب الديني في السعودي.
وفور وصول الملك فهد الى العرش سنة 1982 خلفاً للملك خالد،
جرى ما يشبه عملية «تطهير» للمؤسسات الدينية والتعليمية
والقضائية من عناصر (الاخوان المسلمين) في سياق عملية
إعادة وهبنة للدولة السعودية لمواجهة استحقاقات المرحلة
الجديدة عقب قيام دولة دينية في ايران ذات طابع ثوري.
وفجأة، شهد الفضاء العام انفجاراً طائفياً غير مسبوق،
وعبّر عن نفسه في مقررات التعليم الديني في المدارس والجامعات
الرسمية والتي تنال من المذاهب الاسلامية غير الوهابية
وعلى وجه الخصوص الشيعة الإثني عشرية والاسماعيلية والصوفية،
وتالياً التيارات الفكرية والسياسية الحديثة مثل العلمانية
والليبرالية والوطنية، وكذلك الكتب والخطب الطائفية التي
غمرت الساحة الداخلية، وصولاً الى سيطرة المشايخ على القضاء
الشرعي الذي راح يصدر أحكاماً ضد الناشطين السياسيين بتهمة
(الإفساد في الأرض، أو الردّة، أو سب الرسول، أو الزندقة..).
بقي الخطاب الطائفي، كأحد أدوات التحصين الداخلي في
مقابل الخطاب الثوري الإيراني، طيلة سنوات الحرب العراقية
الإيرانية. وشارك في صوغ وتعميم الأدبيات الطائفية فريق
من المتخصّصين في العلوم الشرعية في الجامعات الدينية
السعودية التي خصّصت كليّات لدراسة العقائد الشيعية بكل
فروعها وكذلك الصوفية والرد عليها. وأمكن العثور بسهولة
على كميات كبيرة من المصنّفات المذهبية ذات الطبيعة السجالية..
ويمكن أن نلحظ عملية إحياء للمعجم الطائفي الذي كان
فيما مضى مقتصراً على دوائر ضيقة ليكون مورد تداول في
الشارع، والإعلام، وفي خطب المساجد، والمحاضرات الدينية
في المراكز الدعوية وغيرها..
يجدر هنا الانتقال الى ساحة أخرى ساهمت في بناء المعجم
الطائفي على نطاق واسع. ويقدّم فنار حدّاد، الباحث في
في معهد الشرق الأوسط بالجامعة الوطنية في سنغافورة، مقاربة
للخطاب الطائفي في العراق بصورة أساسية ما قبل وما بعد
2003. ويرى حدّاد بأنه على امتداد عقود أي منذ عشرينيات
القرن الماضي وصولاً الى سقوط نظام صدام حسين في إبريل
2003، كان المصطلح الذي جرى استخدامه لتوصيم المعارضين
الشيعة في العراق هو كونهم «عجم» أي من أصول إيرانية بهدف
نفي آصالتهم العربية والعراقية. ولكن بعد 2003، تمّ استبدال
مصطلح «عجم»، وبرز أسلوب في مناوئة التشيّع كان حكراً
إلى حد كبير على الدوائر الدينية الرسمية في السعودية.
خطاب الاقصاء هذا يستند في المقام الأول على الآخر الديني
الذي يتجسد في كلمة «رافضة». هذا الشكل الجديد من العداء
الطائفي يصنّف الشيعة كمشتبه بهم ليس بسبب الولاءات الوطنية
الغامضة زعماً من قبل البعض ولا بسبب ما يسمى بـ «الاختلاط
العرقي» من قبل آخرين ولكن بسبب المعتقدات التي تعرّف
الطائفة ككل.
في المصطلح الأول (عجم)، تتمّ محاكمة الشيعة على أساس
جذورهم القومية والعرقية، ولكن في المصطلح الثاني (الرافضة)
تتم محاكمة الشيعة على أساس معتقداتهم. في العراق، يبدو
مصطلح عجم ملتبساً، لأن ليس كل الشيعة من أصول إيرانية،
بل الغالبية العظمى من الشيعة تتحدّر من أصول عربية، وعليه،
فإن الاقصاء قد يشمل قسماً من الشيعة وليس كلهم، ولكن
حين يستخدم مصطلح الرافضة فإن الإقصاء يشمل جميع الشيعة،
لأن الإقصاء يستند على أساس المعتقدات الشيعية.
لابد من إلفات الإنتباه الى أن الحرب العراقية الايرانية
افرزت معجمها الخاص، الذي بقي هو الآخر في حدود العراق
وخلال فترة الحرب (1980 ـ1988). ومن بين المصطلحات التي
برزت آواخر الحرب كانت (صفوي)، في إشارة الى العهد الصفوي
في إيران، و(مجوسي) في إشارة الى الديانة المجوسية القائمة
على عبادة النار في إيران، و(نظام الملالي) في إشارة الى
النظام السياسي في إيران بقيادة رجال الدين. وقد خصّص
كتّاب حزب البعث العراقي مقالات لتعميم مصطلحات (الصفوية،
المجوسية، نظام الملالي) في سياق الحرب على إيران وعلى
المعارضة العراقية التي كانت تعمل على إسقاط النظام البعثي
في العراق.
كان نفي عروبة الشيعة العراقيين أحد الأهداف التي عمل
الكتّاب البعثيون في نظام صدام على تكريسها، وبقيت آثار
ذلك حتى بعد سقوط النظام. وفيما لايزال النسب العربي للشيعة
يخضع للمساءلة، فإن خطاب مناهضة الشيعة اليوم يتعلّق بدرجة
طاغية بالآخر الديني. إنه المشهد الطائفي لما بعد 2003،
والتهاب الأساس الطائفي بطابعه الديني الذي شكّل النزوع
الطائفي للحرب الأهلية في سوريا، على حد فنار حدّاد.
بيئة ما بعد 2003 أفضت الى انتشار التوتر السني الشيعي
الى خارج بؤره الجغرافية المعروفة. المشهد الطائفي الجديد
يرتسم من خلال تصرفات عنفية ذات طبيعة طائفية واللهجة
الاستئصالية المصاحبة غالباً معها.
قبل 2003، نادراً ما كانت الهوية المذهبية في حد ذاتها
التفسير الصريح للتمييز أو العنف سواء من خلال تهجير عشرات
أو مئات الآلاف من الشيعة العراقيين في السبعينيات أو
الثمانينيات الى إيران.
ولكن اليوم، لم يعد صادماً لأن ترى العنف يتمّ تأطيره
أو تبريره بمصطلحات الهوية الطائفية وفي حد ذاتها كجزء
من الشجب الاجمالي لإقصاء للآخرين. منذ 2003، فإن الخطاب
منغمس في العقيدة الدينية التي برزت وتركت فراغاً قليلاً
للمصالحة بل وفراغاً أقل لـ «الشيعة الطيبين»، كما كان
الحال في السابق. فمصطلح «عجم» كان يسبغ على الشيعة السيئين،
بحكم اختلاط أعراقهم بالأصول الإيرانية، ولكن تصوّير الشيعة
كرافضة هو توصيم ديني لكل الشيعة، لكونهم شيعة(1).
سوف يظهر بوضوح عقب سقوط النظام السياسي العراقي في
عهد صدام حسين في إبريل 2003، أن ثمة معجمية مختلطة بدأت
تعكس هوية الأطراف المشاركة في صنعها. فمصطلحات (الصفوية،
الرافضة، المجوسية...) كشفت عن ائتلاف جديد غير مكتوب
يضم مجموعات من النظام البعثي السابق وعناصر من المقاتلين
السلفيين الذين جاءوا من خلف الحدود أو اجتمعوا داخل العراق
بعد الحملة الايمانية التي انطلقت في آواخر التسعينيات
من القرن الماضي، حين بدأ عدد من قادة البعث الأمنيين
والعسكريين بالإنخراط في التيار السلفي في عملية إعادة
تموضع أو بالأحرى إعادة إنتاج للبعث العراقي ضمن بيئة
دينية سلفية متشدّدة، إذ تنامت الظاهرة بوتيرة متسارعة
عقب سقوط النظام البعثي في التاسع من إبريل 2003.
وقد سعى قادة في النظام البعثي السابق إستدراج القيادة
السعودية الى الانخراط في المواجهات المسلّحة في العراق
في محاولة لإعادة عقارب الساعة الى الوراء. برغم من نجاح
بعض المحاولات في إقناع الملك عبد الله وعدد من كبار الأمراء
لناحية تقديم الدعم المالي بهدف تخريب العملية السياسية
العراقية، إلا أن المستوى الرسمي نأى بنفسه عن الإنخراط
المباشر، أو حتى تشجيع مواطنين على الهجرة والقتال مراعاة
لحساسية العلاقة مع الولايات المتحدة، دولة الاحتلال للعراق
وفق قرار مجلس الأمن رقم 1483 الصادر في 22 مايو 2003.
والأمر الآخر، أن السعودية لا تزال حتى ذلك الوقت خاضعة
تحت تأثير تداعيات هجمات الحادي عشر من سبتمبر سنة 2001،
بعد أن ثبت ضلوع 15 مواطناً سعودياً من أصل 19 انتحارياً
في الهجمات تلك.
بعد اندلاع ثورات الربيع العربي في آواخر عام 2010،
أخذت الطائفية منحى خطيراً، نتيجة وقوع ثورات في بلدان
عربية ذات طبيعة مذهبية مختلطة: البحرين، اليمن، سوريا.
كان يمكن أن تحقّق الثورات في هذه البلدان أهدافها بحسب
ما تقرّره شعوبها، ولكن لعبت العوامل الخارجية دوراً محورّياً
في حرف مسار الثورات نحو غايات القوى الخارجية الاقليمية
والدولية.
في البحرين، دخلت قوات درع الجزيرة بقيادة السعودية
في 15 مارس 2011 بهدف القضاء على الثورة الشعبية بدعوى
حماية المنشآت الحيوية، وتقدّم مجلس التعاون الخليجي بتوجيه
من السعودية بمبادرة أطلق عليها (المبادرة الخليجية) في
3 إبريل 2011 لاحتواء الثورة الشعبية في اليمن، وفي سوريا
قرّرت السعودية التدخل المباشر بدعم الجماعات المسلّحة.
واجهت الثورة في هذه البلدان تحديّات كبيرة وبالغة الصعوبة،
ففي البحرين جرى استخدام القمع الشديد للقضاء على الثورة
الشعبية سواء عبر حملة اعتقالات واسعة النطاق طالت قيادات
ورموز الثورة، أو استخدام الرصاص الحي والمباشر ضد المتظاهرين،
أو الحصار الاقىصادي والمعيشي، وسحب الجنسيات، والتسفير.
وفي اليمن، سعت السعودية عبر حلفائها اليمنيين من أمثال
عبد ربه منصور هادي وخالد بحّاح ووزرائه من أجل تنفيذ
أجندة سعودية تفضي الى القضاء على الثورة، وإعادة إنتاج
سلطة مرتبطة بالخارج، وهو ما رفضته غالبية الشعب اليمني
وخرج في مظاهرات أدّت الى استقالة هادي وهروبه وحكومة
خالد بحّاح من اليمن الى الرياض إيذاناً بإشعال حرب شرسة
على اليمن عشية السادس والعشرين من مارس 2015. وفي سوريا
التي شهدت مظاهرات شعبية تطالب بالحرية والتغيير الديمقراطي
ما لبث ان واجهت تحديّات خارجية، ازدادت خطورتها بعد تسلّم
الأمير بندر بن سلطان، رئيس الاستخبارات العامة الأسبق،
ملف المعارضة السورية في صيف 2012، فانتقلت الثورة الى
مرحلة جديدة عنوانها الفوضى وتخريب سوريا الدولة والبلد.
ما يتعلق بموضوعنا هنا أن الثورات الشعبية في البحرين
واليمن وسوريا وما طرأ عليها من أشكال تدخّل خارجي، فجّرت
الخطاب الطائفي على نطاق غير مسبوق، وأصبح التدخّل السعودي
في هذه البلدان علنيّاً، وبكل الأشكال حسب تصريح لوزير
الخارجية السابق سعود الفيصل، في إجابته عن سؤال حول الموقف
السعودي من دعوات الجهاد، إذ قال: إننا نجاهد بكل شيء(2).
ما يلفت في الموجة الطائفية الثالثة أنها لم تعد مهمّة
فريق دون آخر، بل ثمة انخراط شامل يشارك فيه السياسي،
والمثقف، والليبرالي، ورجل الدين، واللاديني. ولم يعد
هناك خطوط حمراء في الحرب الطائفية، في تجاوز واضح لمنطق
الأوطان، واستحضار ثقافة ومصطلحات ما قبل الدولة، يترجم
تفاقم الصراع من جهة، ويعبّر عن انسداد أفق الحل السياسي
من جهة ثانية.
وبدا واضحاً غياب من يزاول مهمة الناقد لخطاب غرائزي
منفلت من عقاله، بل حضر وبكثافة لافتة من يجنح الى التماهي
مع الخطاب الطائفي من المصنّفين على النخبة الثقافية والمساهمة
في تزخيمه وترسيخه. وبات التفاعل مع هذا النوع من الخطابات
الثقافية سبيلاً لكل من يتطلع لتحقيق ذاته في هيئة جديدة.
وفي النتائج، ظهرت الطائفية كما لو أنها فرصة لأولئك الذين
يبحثون عن المال والوجاهة في وجهة ما، ولتحصين الجبهة
الداخلية من وجهة أخرى، في ظل هواجس حول احتمالية انفراط
القاعدة الشعبية للنظام السعودي في نجد، والتي لا يمكن
الحفاظ عليها بدون خطاب شديد الخصوصية.
شعر كثيرون بخيبة الأمل عقب رفض أغلبية أعضاء مجلس
الشورى السعودية مشروع نظام (حماية الوحدة الوطنية) بنسبة
(74 في مقابل 47) في جلسته الـ 48 بتاريخ 16 يونيو 2015
بدعوى أن النظام الأساسي للحكم يتضمن مادة بهذا الخصوص(3).
وفي حقيقة الأمر، أن قانوناً من هذا القبيل من شأنه إرباك
الساحة الداخلية المشبعة بأدبيات تحرّض على الكراهية الطائفية
والعنصرية، وسوف تواجه الحكومة السعودية سيلاً من الاتهامات
والأسئلة حول الجهات الراعية أو المتساهلة إزاء انتشار
هذا الخطاب في مجالات عدّة، إعلامية وسياسية وثقافية ودينية
واجتماعية.
وكيما يتسنى لنا فهم الخطاب المنتج في المملكة السعودية،
وما هي الجهات المشاركة في إنتاجه، وتداعياته على علاقة
الدولة بالمجتمع وعلى الفئات الاجتماعية بعضها ببعض لابد
من استعراض تظهيرات هذا الخطاب في مجالاته السياسية والاعلامية
والثقافية والدينية.
المنتج السياسي
برغم من سياسات التمييز بأشكاله الطائفية والمناطقية
والقبلية التي تتبناها الدولة السعودية منذ نشأتها العام
1932، إلا أن الملوك السعوديين دأبوا على استخدام لغة
ملتبسة تنطوي على عبارات تؤكّد على الوحدة الداخلية، والإنسجام
بين المجتمع والسلطة.
باستثناء الملك عبد العزيز، مؤسس المملكة السعودية،
الذي أبدى استعداده بتطبيق فتوى صدرت عن مؤتمر الرياض
في يناير 1927 حضره شيوخ القبائل وعلماء الوهابية وقادة
الاخوان (باستثناء سلطان بن بجاد الذي لم يكن حينذاك يعترف
بشرعية حكم عبد العزيز وطالب بعزله) بإلزام الشيعة بالبيعة
على الإسلام وعدم إظهار شعائرهم الدينية(4)، فإن بقية
الملوك السعوديين لم يتبنوا مواقف علنيّة من المكوّنات
السكانّية الشيعية (الإثني عشرية والإسماعيلية)، والصوفية.
وحتى في ذروة التصعيد الطائفي في ثمانينات القرن الماضي،
ولجوء النظام الى تدابير صارمة ضد الشيعة في مجال التوظيف
والحريات الدينية لم يصدر عن القيادة السياسية ما يفيد
بوجود توجّه مذهبي واضح.
في عهد الملك سلمان، الأقرب الى عهد الملك فهد في سياسته
الطائفية، بدا الأمر مختلفاً الى حد ما. الملك سلمان ألقى
كلمة بمناسبة حلول شهر رمضان لعام 1436هـ الموافق 18 يونيو
2015 جاء فيها:
«إننا ماضون بحول الله تعالى على النأي ببلادنا ومواطنينا
عن الفتن والقلاقل والاحتقانات الطائفية، ونؤكد رفضنا
التام للتصنيف المذهبي والطائفي، إدراكاً منّا بمخاطره
على اللحمة الوطنية في بلادنا»(5).
في مضمون الكلمة رسالة وطنية لافتة، ولكن في وضعها
على محك التجربة العملية، فإنها تتجاوز الواقع القائم
بكل انفلاتاته الخطابية، كما تبطن تجاهلاً مقصوداً لسياسات
التمييز والتصنيف على قاعدة مذهبية. وعليه، هناك من طالب
فريق الملك سلمان بترجمة رؤية الأخير في الوطنية، بحسب
الكاتب الحجازي أحمد عدنان(6).
امتثالاً لأعراف محلية بإخراج الملك من دائرة النقد،
يحاول عدنان إرجاع أي إخفاق في تسييل الخطاب الوطني الى
الفريق المحيط بالملك، بما يجعل الأخير وكأنه كائن معطّل،
أو ذات مقدّسة لا تقبل النقد.
عدنان يرى بأن الحديث عن المواطنة في المملكة ناقص
من دون التطرّق ـ في المستوى الأول ـ إلى الإسماعيلية
والشيعة، وطالب بإجراء مراجعية ذاتية لعمل الأجهزة الرسمية
التي «تصر على التعامل مع الملفات السياسية
كملفات أمنية، وليس هناك ردع لمتطرفي السلفية الذين يريدون
قتال إيران عبر استهداف الشيعة السعوديين، ولم يصدر أيّ
تشريع رادع يجرم العنصرية والطائفية، فانصرف جمهور تلك
القوى المعتدلة والوطنية إلى الإحباط أو إلى التطرف»،
حسب عدنان.
في المستوى السياسي، ثمة متغيّر غير مسبوق في عهد الملك
سلمان، إذ يشارك أمراء في الردح الطائفي وبشكل مبتذل.
ونحن أمام مثالين فاقعين جرى تعمّد إبرازهما إعلامياً.
ـ الأول: نص كلمة لأمير المنطقة الشرقية سعود بن نايف
بتاريخ 8 إبريل 2015 ينال فيها من الشيعة ويصمهم بأنهم
أحفاد عبد الله بن سبأ. وقد نقلت أكثر الجرائد المحلية
اليومية نص الكلمة، فيما انفردت صحيفتا (اليوم) التي تصدر
في المنطقة الشرقية و(المدينة) التي تصدر في المدينة المنورة،
وفيهما تقطن الغالبية الشيعية، بمانشيت شبه موحّد يذكر
فيه إسم عبد الله بن سبأ في إشارة استفزازية للشيعة في
المملكة(7).
ولعل الفقرة الأكثر استفزازاً في كلمة سعود بن نايف
هي التالي: «..فهناك حثالة شر وهؤلاء في الوقت الذي بلادهم
تتعرض إلى ما تتعرض إليه وتقف صفاً واحداً خلف قيادتها
نجد أحفاد عبدالله بن سبأ المتلوّن الصفوي من يخرج بوجهه
البشع، محاولين شق الصف..».
ـ المثال الثاني: مقالة كتبها أمير القصيم فيصل بن
مشعل بن سعود بن عبد العزيز آل سعود بعنوان (الأبعاد التاريخية
للعداء على السلفية.. والتهجم على النهج السلفي السعودي
لماذا؟)، تمّ نشره في جريدة (الجزيرة) بتاريخ 10 سبتمبر
2015، ونال فيها من الشيعة والصوفية وكتب:
«لاشك أننا نرى أن للغرب عذره وللأيدلوجيا
المضادة لمذهب السنة والجماعة من المانويين والشيعة الباطنية
عذرها كذلك في أن تحارب وتعادي كل ما هو سني، ولكن كيف
نجد العذر والمبرر للآخرين ممن يصنفون ضمن المذهب السني..».
وفي التفاصيل كتب: «ونتيجة للصراع التاريخي
الذي كان قائماً قبل الإسلام بين العرب والفرس فقد ظهرت
الدعوة للشعوبية التي قادها المانويون الوثنيون في فارس
وما حولها من بلاد خراسان للقضاء على الإسلام ممثلاً في
النهج النبوي السني حتى ظهور المذهب الشيعي الباطني الهرمسي
«والهرمسية عبارة عن فلسفات وعقائد وثنية»، ومنذ ذلك التاريخ
وحتى يومنا هذا وهذه الطوائف المنحرفة عن الحق تحارب الإسلام
السني وبكل الوسائل المتاحة الفكري منها والثقافي».
ثم نال من المذهب الشيعي وقال عنه بأنه متأثر
«بالعقائد الوثنية المانوية والهرمسية
التي كانت سائدة في بلاد فارس..» وختم بأن المملكة السعودية
هي «الآن رأس الرمح في الدفاع عن عقيدة المسلمين القائمة
على التوحيد ومذهب أهل السنة والجماعة»(8).
إن ما يخلص إليه القارىء للمقالة أن المذهب الشيعي
يمثل خصماً لعقيدة أهل السنة والجماعة التي تدافع المملكة
عنها، ومن شأن هكذا خلاصة حين تندمج في بنية الخطاب الرسمي
أن تجعل من الشيعة ومكوّنات أخرى خصوماً للدولة، وأن المملكة
هي رأس الرمح في الدفاع عن عقيدة المسلمين التي يمثّل
الشيعة مصدر خصومة لها..
مهما يكن، فقد أثارت المقالة تعليقات نقدية، كون ربط
مشروعية الدولة السعودية بالسلفية يفقد تمثيل الأخير للأغلبية
السكانية، وينزع مشروعيتها، فضلاً عن ارتباط السلفية في
نسختها الوهابية بالإرهاب. في تعليقه على مقالة الأمير،
كتب أحمد عدنان:
«ربط شرعية النظام السعودي بالسلفية يحرج الدولة لالتصاق
الارهاب بالسلفية لا بالسنة، ويضعف كيان الدولة ويهدّد
مستقبله بسبب انتهاك المواطنة وتضييق شريحة الموالين بحصرها
في الوهابيين وحدهم وتحقير غيرهم»(9).
النزوع الإيديولوجي لدى الطبقة الحاكمة يختزل الدولة
في هيئة سياسية تضطلع بمهمة إدارة شؤون الحكم وليس المجتمع.
ومن الناحية النظرية، فإن نحل الدولة طابعاً غائياً، لا
صلة له بالوظائف التقليدية للدولة المتعارف عليها والمتمثلة
في حفظ المصالح ودرء المخاطر وتنظيم الروابط بين فئات
المجتمع والسلطة. في حقيقة الأمر، إن الإصرار على تأكيد
الهوية السلفية للدولة يؤول الى انتقاص مشروعيتها لأنها
تصبح غير ممثّلة لبقية المكوّنات السكانية، التي تعتنق
مذاهب أخرى غير سلفية. وفي النتائج، إن أدلجة الدولة يتعارض
مع دعوى وطنيتها، لعدم تناسب مساحة التمثيل لكل منهما.
من تجارب سابقة، يظهر ميل الطبقة الحاكمة لجهة تأكيد
هويتها الدينية كلما تعرضت للمسائلة أو التهديد. في أجواء
الربيع العربي، وصعود نموذج (الإخوان المسلمين) في مصر
وتونس، شعرت الأسرة المالكة في السعودية بحاجة الى إعادة
تأكيد مشروعيتها الدينية وفق التفسير السلفي الوهابي.
في 27 ديسمبر 2011، أقامت جامعة الإمام محمد بن سعود
ندوة بعنوان (السلفية منهج شرعي ومطلب وطني) برعاية الإمير
نايف بن عبد العزيز، ولي العهد ووزير الداخلية الأسبق.
وجاء في كلمة الأخير ما نصّه: «إن المنهج السلفي مصدر
عزّ وتوفيق ورفعة للمملكة، كما أنه مصدر لرقيها وتقدمها
لكونه يجمع بين الأصالة والمعاصرة، فهو منهج ديني شرعي،
كما أنه منهج دنيوي يدعو إلى الأخذ بأسباب الرقي والتقدم،
والدعوة إلى التعايش السلمي مع الآخرين واحترام حقوقهم».
في مثال واحد، على الأقل، صرّح الأمير نايف بعد حادثة
مقتل الحجاج الايرانيين العام 1987، للصحافة المحلية ما
نصّه: «لن نسمح للأفكار المذهبية أن تروج.. وأن الشيعة
في المملكة مواطنون أصليون وهم يقدّمون انتماءاتهم الوطنية
على انتماءاتهم المذهبية، ولكن إذا ظهر غير ذلك فإننا
نعرف كيف نتعامل معهم لنؤدّبهم»(10).
على أية حال، فإن من النادر جداً حصول تطابق تام بين
الحدود الدينية/ المذهبية والوطنية في أي من دول العالم.
وعليه، فإن المستوى الثاني من النقاش ينحصر في قدرة معتقد/
مذهب ما على التعايش مع باقي المعتقدات. وفي ضوء تجربة
الدولة السعودية، فإن ثمة صعوبة بالغة في إثبات نجاح المذهب
الرسمي للدولة السعودية، أي الوهابية، في التسامح مع بقية
المذاهب أو التعايش معها.
أمير القصيم، فيصل بن مشعل آل سعود، من بين أمثلة كثيرة،
يؤكد هذه الحقيقة في دفاعه عن الوهابية حين يصف أتباع
المذاهب الأخرى بـ»أهل الباطل» وهم بحسب قوله
«ممن ينسبون طرقهم لأشياخهم الذين يعبدونهم
من دون الله، كما يقول مثلاً «القادرية، والشاذلية والإسماعلية،
الخ» في أخطر ظاهرة للشرك عمل على محاربتها الشيخ محمد
بن عبدالوهاب وجاهد في سبيلها». ثم يحيل الى موقف
للشيخ صالح الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء، يقوم على
تنزيه الذات (العقيدة الصحيحة) ونفي شامل لما عداها (المبتدعة)
بقوله: «فالشيخ محمد بن عبدالوهاب لم
ينفرد بمذهب خاص به ينسب إليه، كمذهب الجهمية المنسوب
إلى الجهم والمعتزلة والأشاعرة والصوفية ونحوهم ممن خالفوا
منهج السلف، ونسبت مذاهبهم إليهم»(11).
بالغ الملك سلمان بن عبد العزيز في المنافحة عن العقيدة
الوهابية من منطلق مذهبي، وحذّر الباحثين من استخدام مصطلح
«الوهابية» لكونه ينطوي على بعد ازدرائي وتشويهي. ما يلفت
في مقالة سلمان هو الإعلاء من مكانة المذهب الى مستوى
الوحي، بما يؤول الى إخراجه من دائرة الجدل، النقد، والمساءلة،
وقال بأن الوهابية «دعوة للعودة إلى مبادئ الدين الإسلامي
كما جاءت في الكتاب والسنة النبوية الشريفة». وعليه، رفض
سلمان أصل فكرة الاصلاح في الدعوة الوهابية على قاعدة
«كيف نطالب بإصلاح مضامين الدعوة وهي تلك المضامين التي
نادى بها القرآن الكريم والسنة النبوية؟»(12). في الرسالة
المضمرة والبعيدة للفكرة، يؤكد سلمان على رهان الإيمان
بالوهابية كشرط وجود للدولة السعودية.
وفي كلمة مكتوبة ألقاها سلمان، أمير الرياض حينذاك،
بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة بعنوان: «الأسس التاريخية
والفكرية للدولة السعودية»، حضرها جمع من الأمراء والعلماء
والمسؤولين والإعلاميين، يقول فيها:
«وعندما ظهرت الدولة السعودية في الدرعية، أعادت للمنطقة
الدولة المركزية القائمة على الدين مثلها مثل الدولة الاسلامية
الاولى..»(13). نص شديد الكثافة في الشعور بالاصطفاء الديني،
إذ يتم تتويج العقيدة الوهابية بكونها التفسير الرسمي
والوحيد للإسلام وكذلك الدولة السعودية بوصفها التجسيد
السياسي والديني للعقيدة الصحيحة، ونفي كل ما سواها من
الدول الاسلامية عبر التاريخ بما فيها الدول الأموية والعباسية
والعثمانية.
في النتائج، هي دعوة تحتكر حق تفسير النص الديني، وتفرض
نفسها تجسيداً نهائياً ومثالياً وأميناً للوحي. وإن تحصين
المذهب الرسمي بشهادات التنزيه وترسيخها كمرجعية أيديولوجية
وحيدة للدولة يبطن إقصاءً مطلقاً لبقية المعتقدات التي
تتحوّل بشكل أو آخر غير شرعية من الناحية الرسمية، وهذا
يفسر غياب نص واضح في أي من التشريعات يكفل حق أتباع كل
معتقد بمزاوالته بحرية تامة ودون قيد أو شرط.
سوف تبدو هكذا مقاربات بمثابة الظلال التي تتفيأها
الأفكار المشجّعة على تركيز الهوية الدينية وليس الوطنية
كأساس للعلاقات بين فئات المجتمع والتراتبية التي يجب
أن يقوم عليها النظام البيروقراطي للدولة، فيصبح المعيار
الديني وليس الوطني هو الأساس الذي يحكم مواقع الأفراد
وامتيازاتهم.
جدالية الهوية، بحسب الكاتب الحجازي عبد الله فرّاج
الشريف في ردّه على أتباع المذهب الوهابي، تحوم حول ثنائية:
الدين والوطن، في تشكيل هوية الأفراد داخل مجال الدولة،
وليس الجماعة. وعليه، طالب الشريف بوضع مادة التربية الوطنية
تتناسب والهوية الوطنية للدولة. ولفت الشريف الى الخطاب
المناهض لمشروع الدولة الوطنية وكتب ما نصّه:
«ولا شك أننا في الوطن ابتلينا ببعض
من يتعصبون لتياراتهم وطوائفهم ومذاهبهم، ويشتدون على
مخالفيهم حتى تنشأ بينهم العداوة والبغضاء، وأصبحنا نقرأ
هذا في الكتب ونسمعه على المنابر وتشيعه اليوم وسائل التواصل
الاجتماعي»(14).
لم يكن بالامكان المضي في تحييد المذهب الرسمي للدولة
عن الجدل الثقافي الدائر في وقت يلعب فيه المذهب دوراً
محورياً في حوادث خطيرة على مستوى العالم. في سبتمبر من
العام 2010 بثّت قناة (العربية) المموّلة من الحكومة السعودية
برنامجاً تلفزيونياً خلال موسم رمضان لعام 1431هـ بعنوان
(الإسلام والغرب) وتناول دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب
وعلاقته مع محمد بن سعود. وصف أحد ضيوف البرنامج دعوة
الشيخ بـ «الوهابية»، وأن أنصارها هم «فريق مُتزمّت ومُتعصّب
أثار الفتن في الجزيرة والتخريب في المدينة المنورة،
وسرقوا ممتلكات القبر النبوي وهدموا بقية القبور بحركات
فوضوية، وأنهم يزعمون أنهم يمثلون الإسلام». أحد الضيوف
حمّل الوهابية مسؤولية وصم الإسلام بالإرهاب، فيما حمّل
آل سعود سبب انتشار الوهابية في أرجاء العالم.
تقدّم مدير القناة عبد الرحمن الراشد باستقالته، ولكن
رئيس مجلس الإدارة رفضها بعد تسوية المشكلة، واكتفى بتأنيبه.
وقبل ذلك بشهور، في مايو 2010 أعلنت صحيفة (الوطن)، والتي
يرأس مجلس إدارتها نجل أمير مكة، الأمير بندر بن خالد
الفيصل، في خبر مُقتضب عن «استقالة» رئيس تحريرها الأسبق
جمال خاشقجي على خلفية مقال للكاتب إبراهيم طالع الألمعي
بعنوان «سلفي في مقام سيدي عبد الرحمن»، وصف فيه زيارة
شخص سلفي الى مقام عبد الرحمن الثعالبي في الجزائرة العاصمة،
وصوّب فيه على أتباع السلفية وقال عنهم «يحملونَ ثقافةً
جرداء مُسطَّحة الفكر لا تملك التوغُّلَ في الفكر ولا
اتِّساع التَّمذْهب بسبب نوع البيئة التي جاؤوا منها..».
وانتقد العقيدة الوهابية في زيارة القبور القائمة على
قطع الصلة بين الأموات والأحياء، فيما يؤكّد الألمعي على
العلاقة الروحية والطقوسية بين العالمين، وقدّم توصيفاً
إطرائياً لتجربة زيارة مقام الثعالبي من قبل السكان المحليين
أو الزوّار من خارج العاصمة(15). على أية حال، فإن المقال
وضع نهاية لمشوار الخاشقجي في الصحيفة.
في ظل القيود الصارمة المفروضة على النقاش العام، يصبح
إخضاع عقيدة الدولة الرسمية للفحص والمراجعة أمراً محظوراً.
على الضد، فإن ثمة تسامحاً مفرطاً إزاء نقد المعتقدات
الأخرى، يصل الى حد تجريمها وتكفيرها بل وفي بعض الحالات
تبرير القتل ضد أتباعها..
يملي إصرار الطبقة الحاكمة على تماهي الدولة مع المذهب
فرض معادلة في الحكم تقوم على احتكاره من قلّة واقصاء
الأغلبية عنه. استمرار العلاقة بين الدولة والمذهب يجعل
النقاش حول أصل وجود الطائفية في هذا العهد أو ذاك دون
طائل، والصحيح أن النقاش يكون حول شكل الطائفية وتمظهراتها
بين عهد وآخر.
وبالمقارنة بين عهدي الملك عبد الله (2005 ـ 2015)
والملك سلمان (2015 ـ الآن) يظهر أن الطائفية في عهد الملك
عبد الله كانت ذات طبيعة سياسية وتستهدف تغطية نزاعات
المملكة السعودية مع الخارج مثل ايران والعراق وتالياً
سوريا، فيما كان البعد الديني مخفّضاً، فلم يسمح للتيار
الديني السلفي، خصوصاً التيار المقرّب من جماعة (الإخوان
المسلمين)، بالإفادة من الطائفية السياسية للتمدّد إجتماعياً
وإعلامياً وسياسياً. في حقيقة الأمر، شكّلت الطائفية الدينية
حينذاك خطراً على النظام نفسه، بسبب تموقعها سياسياً..
نلحظ ذلك بوضوح مع تصاعد تيار السلفية الجهادية المتمثل
في القاعدة، والمشتق من تيار الصحوة الذي انبثق في مطلع
التسعينيات من القرن الماضي. إذ ما إن بدأت موجة العنف
تضرب المملكة السعودية في 12 مايو 2003، حتى تصاعدت الأصوات
المطالبة بمجابهة الفتاوى المؤيّدة للعمليات الإنتحارية،
مع تزايد أعداد المجنّدين في عمليات مسلّحة داخل العراق.
وشهدت البلاد حملات متبادلة بين كبار العلماء ومشايخ التنظيمات
الجهادية، واستعمل خلالها الطرفان كل أنواع الفتوى تقريباً،
ووصلت إلى حد صدور فتاوى بتكفير إبن باز وابن عثيمين،
بسبب وقوفهما مع السلطة.
وفي ظل تصاعدة موجة العنف، ولجوء الحكومة الى العلماء
لتعزيز الجبهة الدينية للدولة، إنتقد عناصر الجماعات الجهادية
تصريحات المفتى العام الحالي الشيخ عبد العزيز آل الشيخ
بتجريم من نزع الطاعة من الحكومة السعودية، ووصفه آل سعود
بأنهم (سعوا في إصلاح الأمة والدفاع عنها)(16). وكان واضحاً
الجرعة الدينية العالية في التصريحات السياسية للعلماء،
فقد ذكر المفتي في تصريح له في 25 يونيو 2003 ما نصّه:
(من أحدث حدثاً في البلاد لا يجوز التستّر عليه، بل يجب
الإبلاغ عنه ورفع أمره مباشرة إلى ولي الأمر بما يتوافق
والشريعة الإسلامية). كما اعتبرت هيئة كبار العلماء التفجيرات
بأنها (كبيرة من كبائر الذنوب العظام)، وقال الشيخ أسامة
عبد الله خياط، إمام وخطيب المسجد الحرام، في 12 يونيو
2003 بأن التفجيرات (عمل إرهابي يأباه الله ورسوله وصالح
المؤمنين)، فيما قال الشيخ عبد الباري الثبيتي، إمام وخطيب
المسجد النبوي، بأنها (كبيرة من الكبائر ليس لها ما يبرّرها
لا شرعاً ولا عقلاً)، وحذر (من الغلو الاعتقادي)(17).
وفي رد فعل على الإنقسام الحاد في المجتمع السلفي إزاء
ظاهرة الجماعات المسلّحة التي حظيت بشعبية لافتة، أعلنت
وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية
في 27 مايو 2003م طي قيد وإعادة تأهيل 1710 من الأئمة
والخطباء والمؤذّنين في المساجد في مناطق مختلفة من السعودية.
وقال الوزارة بأنها تلقّت توصيات رسمية بطي قيد 353 شخصاً
من العاملين في المساجد هم 44 خطيب جمعة و160 إمام مسجد
و149 مؤذناً، وذلك بعد التأكد من عدم صلاحيتهم للعمل في
المساجد، في حين ألحقت بدورات شرعية 517 إماماً و950 خطيباً
و750 مؤذناً(18).
في سياق شديد الاحتقان، انبرى الشيخ سفر الحوالي، من
أبرز رموز التيار الصحوي في المملكة السعودية منذ تسعينيات
القرن الماضي، وألمح في مقابلة تلفزيونية في نوفمبر 2003
إلى وقوع الدولة في مطب الكفر وطالبها بأن (تلغي كل القوانين
الوضعية، وتتحاكم فعلاً إلى الشريعة، وتعدِّل نظام القضاء،
وتلغي المعاهدات والولاءات غير الشرعية، وتزيل المنكرات
التي تستفز هؤلاء، وتمنع الكُتَّاب الذين يكتبون بعض الكلام
الذي فيه إلحاد وسخرية بالدين في الإعلام وغيره)(19).
إذاً، أدرك النظام السعودي في مرحلة مبكرة بأن الطائفية
في بعدها الديني لا تخلو من ارتدادات على النظام نفسه.
في عهد الملك عبد الله، لم تظهر الطائفية في بعدها الديني،
بل كانت طائفية سياسية، تستهدف مواجهة خصوم السعودية خصوصاً
ايران والعراق وسوريا وحزب الله في لبنان وأنصار الله
في اليمن.
نقرأ في انتقادات مشايخ الصحوة لعهد الملك عبد الله
ما يؤكد على خصومة الملك عبد الله مع الطائفية الدينية.
وكانت قناة (روتانا خليجية) قد بثّت مساء التاسع والعشرين
من يونيو 2015 حلقة من برنامج (في الصميم) وكانت عبارة
عن لقاء مع الشيخ السلفي المتشدد محسن العواجي، الذي قال
بأنه: «راضٍ عن القيادة الحالية»، يقصد الملك سلمان، وأوضح:
«ولا أعتقد أنني في حياتي رضيت، مثل ما رضيت في وضع القيادة
الحالية»، ولكنه استدرك قائلًاً: «سجناء الرأي ما كان
لهم أن يسجنوا فضلاً عن أن يبقوا إلى الآن». في إشارة
لأزمة السجناء السياسيين الذين قدّرهم الدكتور محمد القحطاني
وناشطون حقوقيون آخرون بنحو ثلاثين ألف سجين رأي.
وفي إجابته عن سؤال حول سبب الرضا، قال العواجي بأنه
تمّ «استدراك» الأوضاع في المنطقة نتيجة أخطاء العهد السابق،
وإن عصر «المجاملات» انتهى، وإن الزعم بأن «البلاء من
البطانة ولا طويل العمر ما قصّر، هذه انتهت الآن»، وختم:
«طويل العمر مسؤول عن كل صغيرة وكبيرة في الدولة». وأضاف:
«الذين جاملوا الملك عبد الله في وقته، الآن هو في قبره
لوحده يواجه كل هذه القضايا بينه وبين الله عزوجل»، وواصل:
«لن ينفعه وزير الإعلام ولا المتملّق والمتزلف».
على الضد، بدا العواجي مرتاحاً لعهد الملك سلمان وقال:
«إن القيادة الحالية ستبذل قصارى جهدها في «تصحيح الأخطاء
القاتلة» التي كانت خلال عهد الملك الراحل»، وأضاف: «أن
الملك وولي العهد وولي ولي العهد وجميع المواطنين السعوديين
يعلمون أننا عشنا معاناة العهد الماضي، ولكن الكل يجامل».
وفي سؤال عن طبيعة المعاناة التي يقصدها العواجي ذكر من
بينها تعهّدات أخذتها السلطات السعودية على من أسماهم
«الدعاة» أن لا يتحدثوا ضد «الحوثيين»، في الوقت الذي
كان فيه «الحوثيون» ينتشرون في اليمن.
قد لا تكون الأمثلة التي ساقها العواجي لعقد مقارنة
بين عهدي الملك عبد الله والملك سلمان كافية بحد ذاتها
لبيان ما وصفه بـ»المعاناة». وقد تكون الإجراءات الصارمة
المفروضة على تيار الصحوة القريب من الإخوان المسلمين
هي السبب الحقيقي وراء شعور العواجي بالإنفراج في عهد
سلمان.
الشيخ الصحوي المتشدد ناصر العمر وجّه في لقاء تلفزيوني
آواخر يونيو سنة 2015 انتقاداً لسياسات الملك عبد الله
ووقوع مخالفات شرعية كبرى ومخالفته لهيئة كبار العلماء،
حسب قوله. وفي جوابه حول دخول المرأة في الانتخابات البلدية
في نوفمبر ـ ديسمبر 2015، قال بأن: «في الزمن الماضي ـ
أي عهد الملك عبد الله ـ مع كل أسف في اندفاع لاقحام المرأة
في كل شيء: في مجلس الشورى، وفي الجامعات وغيرها؛ وهذا
أمر خطير جداً وله آثاره..ولذلك ولخطورة الأمر، أتوجّه
الى مقام خادم الحرمين الشريفين ـ سلمان، والذي عرف بتقريب
العلماء؛ ومن أول عهده بدأ مع العلماء ويرجع إليهم، ويقول
لا أخرج عن رأيكم..أن يعاد الأمر الى هيئة كبار العلماء..لأن
في الماضي ما كان يؤخذ برأي هيئة كبار العلماء، يؤخذ إذا
وافق رأيهم..)..ثم علّق: «وأنا أقول نأمل، وسمعت هذا من
عدد من العلماء يريد أن يحيل هذا الموضوع الى هيئة كبار
العلماء، وهم محلة ثقته، هم الذين عيّنوهم وهم محل الثقة
والحمد لله فيحال الى هيئة كبار العلماء ليبت في الموضوع
برأي شرعي واضح ونحن نقبل بهذا الموضوع ونقبل بما تتوصل
اليه الهيئة في هذا المجال»(20).
في ضوء المعطيات هذه، يبدو واضحاً أن انتقادات التيار
الصحوي لعهد الملك عبد الله تتمحور حول تقليص دور العلماء
في السياسة وفي صنع القرار. إرتفاع منسوب الطائفية السياسية
في عهد الملك عبد الله يشي بحقيقة أنه كان مليئاً بالطائفيين،
ولكن بدون طائفية دينية، وإن جزءاً كبيراً من المخزون
الطائفي الذي جرى إفراغه كان محمولاً على مشروع سياسي
وشعارات سياسية بدرجة أساسية..
في المقابل، تشبه الطائفية في عهد الملك سلمان (2005
ـ ...) بالطائفية في عهد الملك فهد (1982 ـ 2005)، باستثناء
أن الطائفية في عهد الأخير كانت تأسيسية، ولكن ثمة مشترك
بينهما في الزخم. ويمكن المجادلة الى حد ما، أن الطائفية
السديرية (أي التي يتم إنتاجها في ظل عهد يديره أحد أفراد
الجناح السديري) كانت دائماً ذات طابع ديني، وحتى الأمير
نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية وولي العهد الأسبق كان
يميل الى هذا الشكل من الطائفية، في سياق استرضاء العلماء..
المشتركات بين عهدي فهد وسلمان تبدو كثيرة، إلى حد
يمكن إدراجهما في سياق تاريخي واحد. فقد سمح فهد لرجال
الدين بأن ينشطوا في العمل الدعوي داخلياً وخارجياً. وبحسب
المعطيات الواردة في سيرته الذاتية أن الملك فهد كان ينفق
ما معدّله 4 مليار دولار سنوياً على المساجد، والمدارس،
والدعاة، والطلبة، والمناهج، لنشر الوهابية خلال العقود
اللاحقة(21). وقدّر الباحث والسفير الأميركي السابق في
كوستاريكا كيرتن وينسور، ما أنفقته السعودية على نشر الوهابية
في العالم خلال عقدين بـ 87 مليار دولار، فيما لم ينفق
الاتحاد السوفيياتي على نشر الشيوعية في الفترة ما بين
1921ـ 1991 سوى 7مليار دولار(22).
لقد سمحت الولايات المتحدة للسعودية بنشر نموذجها الديني
لمواجهة خطرين: الخطر الإيراني بعد نجاح الثورة الاسلامية
عام 1979، والخطر الشيوعي إبان الحرب الباردة والذي نجحت
الولايات المتحدة في مقاومته عبر نموذج ديني متصالح معها
في أفغانستان وفي الشرق عموماً.
في عهد سلمان، بدت ملامح الطائفية تبرز دينياً منذ
الأيام الأولى، فقد قرّب سلمان التيار الديني ورفع القيود
المفروضة على نشاطه، خصوصاً المنع من السفر، ومزاولة النشاط
الدعوي محلياً وخارجياً.
الصحافية الأميركية كاريل مورفي كتبت مقالاً في 25
فبراير 2015 في مجلة (فورين بوليسي) لامست فيه نقاطاً
حسّاسة وتناسب ما نحن بصدده. ترى مورفي بأن سلمان تحرّك
بشكل سريع منذ وصوله الى العرش لجهة إظهار أن حكمه سيكون
مختلفا عن حكم سلفه، وأثارت تحركاته المخاوف لدى بعض السعوديين
بشأن الوجهة الجديدة للملك خاصة في تحوّله بشكل أكبر نحو
المؤسسة الدينية الوهابية، بالإضافة إلى السلطات الواسعة
التي منحها لنجله الأمير محمد بن سلمان.
وتخلص مورفي من خلال لقاءاتها مع حوالي 24 سعودياً
من أطياف اجتماعية وسياسية متنوعة بالمملكة - رفض كثير
منهم الإفصاح عن هويته لحساسية مناقشة سياسات العائلة
المالكة - كانت النغمة السائدة والمتكررة خلال الحوارات
متمثلة في أن سلمان ربما يُعيد إحياء نظام حكم فهد. وتصف
مورفي الأخير بأنه كان استبدادياً، واعتمد على علاقته
الوثيقة مع الولايات المتحدة، فضلا عن ممارسة الرقابة
الاجتماعية المُتمثلة في الشرطة الدينية(23).
ثمة ما يجعل الجدل مشروعاً حول دور الطائفية الدينية
في تغذية النزعات العنفية لدى تنظيمات سلفية متطرّفة مثل
(داعش). إذ يستفيد الأخير من الاحتقانات المذهبية المتصاعدة
لجهة تشجيع أفراد التنظيم على القيام بأعمال قتالية بدعوى
الامتثال لإملاءات دينية خالصة.
في الاسبوع الثاني من توليه العرش، دعا الملك سلمان
المشايخ وكبار علماء الدين في المؤسسة الرسمية لزيارته
في الديوان الملكي، في مؤشر واضح على أنه سوف يولي التيار
الديني السلفي أهمية خاصة في عهده، بل ويعوّل عليه في
مواجهة الضعف الذي يعاني منه نظامه. أراد الملك سلمان
بهذه الخطوة إيصال رسالة واضحة بأن عهده يختلف كلياً عن
عهد سلفه، وأن رهاناته تختلف عنه أيضاً. على أية حال،
فإن تلك الخطوة لم تكن مفاجئة، فإن حالة الضعف التي يعاني
منها الملك سلمان تتطابق مع ميول ذاتية نحو تعزيز الروابط
مع المؤسسات التقليدية الاجتماعية والدينية، بالنظر الى
التبدّلات الجوهرية التي قام بها منذ توليه العرش والتي
تستوجب توفير الحد الأدنى من التوافق على الأقل وسط الحاضنة
الشعبية للنظام السعودي.
هوامش
(1) Fanar Haddad, The Language of Anti-Shiism,
Foreign Policy, 9 August 2013;
http://foreignpolicy.com/2013/08/09/the-language-of-anti-shiism
(2) https://www.youtube.com/watch?v=RmnGNrdR5pg
(3) http://www.alriyadh.com/1057477
(4) جبران شاميّة، آل سعود ماضيهم ومستقبلهم، دار رياض
نجيب الريس، بيروت، 1986 ص 198
(5) خادم الحرمين: نؤكد رفضنا التام للتصنيف المذهبي
والطائفي، صحيفة (الحياة) بتاريخ 18 يونيو 2015 أنظر الرابط:
http://goo.gl/dbnzvT
(6) أحمد عدنان، الشيعة في السعودية، صحيفة (العرب)
بتاريخ 15 مارس 2015 أنظر الرابط:
http://www.alarab.co.uk/?id=47542
(7) «أحفاد عبد الله بن سبأ يحاولون شق الصف»، صحيفة
(اليوم)، 8 إبريل 2015 أنظر الرابط:
http://www.alyaum.com/article/4058928
وأنظر أيضاً: أمير الشرقية: شرفاء الوطن لن يسمحوا
لشرذمة «ابن سبأ الصفوي» بشق الصف، صحيفة (المدينة) بتاريخ
8 إبريل 2015:
http://www.al-madina.com/node/599508
(8) الأمير/ د. فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز،
الأبعاد التاريخية للعداء على السلفية.. والتهجم على النهج
السلفي السعودي لماذا؟، صحيفة (الجزيرة)، 10 سبتمبر 2015
الرابط:
http://www.al-jazirah.com/2015/20150910/ar9.htm
(9) أحمد عدنان، أمير القصيم و تصنيف «الوهابية السعودية»،
صحيفة (العرب)، 15 سبتمبر 2015 أنظر:
http://www.alarab.co.uk/?id=61835
(10) أنظر: موسى الهادي، الطائفية سلاح العدو الخطير
الأخير، دار المنهل، بيروت، 1988، ص 80
(11) الأمير فيصل بن مشعل بن سعود بن عبد العزيز آل
سعود، الأبعاد التاريخية للعداء على السلفية.. والتهجم
على النهج السلفي السعودي لماذا؟، صحيفة (الجزيرة) مصدر
سابق
(12) سلمان بن عبد العزيز، فليحذر الباحثون من فخ مصطلح
«الوهابية” ، صحيفة (الحياة)، 28 إبريل 2010، الرابط:
http://goo.gl/0M6D3g
(13) الأمير سلمان: الدولة السعودية امتداد للدولة
الإسلامية الأولى.. وبقاؤها مرهون بالمحافظة على دينها،
صحيفة (المدينة)، 30 مارس 2011، أنظر الرابط:
http://www.al-madina.com/node/296064
(14) عبد الله فراج الشريف، الهوية الوطنية بين زمانين،
صحيفة (المدينة)، 21 نوفمبر 2015 أنظر الرابط:
http://www.al-madina.com/node/643543
(15) إبراهيم طالع الألمعي، سلفي في مقام سيدي عبد
الرحمن، صحيفة (الوطن) بتاريخ 13/5/2010، أنظر الرابط:
http://www.alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleId=229
(16) جواب سماحة المفتي الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ ـ
حفظه الله ـ حول البيعة، موقع (الأمن الفكري)، بتاريخ
22 رمضان 1431هـ/ 1 أكتوبر 2010، أنظر الرابط:
http://amnfkri.com/articles.php?action=show&id=1309
(17) أئمة وخطباء المساجد منتقدين أحداث مكة المكرمة،
جريدة (اليوم) بتاريخ 21 يونيو 2003، أنظر الرابط:
http://www.alyaum.com/article/1086787
وأنظر ايضاً:
http://www.al-waie.org/home/issue/197/htm/197w03.htm
(18) اعتقالات في السعودية وتوقيف 1700 من أئمة المساجد
والخطباء عن العمل، صحيفة (الدستور) بتاريخ 29 مايو 2003،
أنظر الرابط:
http://goo.gl/bcHir0
(19) مطالب دعاة الإصلاح في السعودية، برنامج (بلا
حدود) في قناة (الجزيرة) مداخلة للشيخ سفر الحوالي، موقع
(الجزيرة نت)، بتاريخ 5 نوفمبر 2003، الرابط:
http://goo.gl/qqhkVG
(20) مقابلة مع الشيخ ناصر العمر في قناة (المجد)،
مقطع على موقع اليوتيوب بعنوان (نأمل من خادم الحرمين
إحالة مشاركة المرأة في الانتخابات البلدية لهيئة كبار
العلماء)، بتاريخ 1 يوليو 2015، أنظر:
https://www.youtube.com/watch?v=UsWwCqZLNJg
(21) Carol E. B. Choksy and Jamsheed
K. Choksy, The Saudi Connection: Wahhabism and Global
Jihad, World Affairs, May/June 2015; see:
http://www.worldaffairsjournal.org/article/saudi-connection-wahhabism-and-global-jihad
(22) Amb. Curtin Winsor, Ph.D, Saudi
Arabia, Wahhabism and the Spread of Sunni Theofascism,
Live Leak, May-12-2013; see:
http://www.liveleak.com/view?i=b95_1368351158
(23) Caryl Murphy, In With the Old in
the New Saudi Arabia, Foreign Policy, 25 February 2015;
see the link:
http://foreignpolicy.com/2015/02/25/in-with-the-old-in-the-new-saudi-arabia-king-salman/
|