السعودية.. زعيمة جبهة المنافقين
يحي مفتي
ليس غريبا على نظام آل سعود ان يكون في موقع الرئاسة
والقيادة لجبهة المنافقين في المنطقة وبين المسلمين. فهذا
النظام قائم على فرضية فكرية منغلقة، تأسر الدين وتجمده
في قنوات ضيقة من التفسير الغرضي العقائدي، بما يسلب منه
جوهره الإنساني، وقاعدة الرحمة والهدى التي بنيت عليها
الدعوة الاسلامية (وما أرسلناك الا رحمة للعالمين).. والدعوة
الوهابية في مسيرتها سخِرت بالدين وسخَّرته لتبرير قتل
المسلمين في كل مكان، بدعاوى لا يقرها عقل ولا دين ولا
شرع سماوي او وضعي.
لا أظن ان نظام الامراء السعوديين ينسجم مع فكر ودعوة
المعارضة الإيرانية، بكل تلاوينها، وخصوصا جماعة مجاهدي
خلق، او منافقي خلق بحسب التوصيف السياسي الإيراني لهم،
باعتبارهم جماعة ارهابية مارست اعمال القتل العشوائي،
وتعاونت مع اعداء الشعب الإيراني في كل مراحل الصراع التي
خاضها هذا الشعب ضد قوى الاستكبار وأدواته الاقليمية.
وقد عمد الاعلام في إيران الا استبعاد تسمية المجاهدين
عن هذه الجماعة، تنزيها للفظة القرآنية، ولكي لا يتشوه
مفهوم الجهاد بما قاموا به باعتبارهم جماعة سياسية عنفية.
في كل الاحوال، فإن نظام الامراء لا يقبل بأي فكر سياسي
اسلامي، ولا اي تفسير وتشريع للحكم ضمن المدارس الاسلامية،
سواء كان ذلك بحسب المناهج الفكرية السنية او الشيعية.
ففي الاصل يكفّر المذهب الوهابي كل المسلمين، ويستتيب
بعضهم ويمهلهم بعض الوقت، بينما يقضي على الآخرين بالشرك
والكفر، ويحكم عليهم بالقتل الفوري.
واذا كان هذا النظام قد تعلم من تجربته الطويلة حتى
الآن، كيف يتعامل مع الواقع الخارجي بغير الأساليب العقائدية
الوهابية الجافة، ويمد الخيوط مع مخالفيه في العقيدة،
لأسباب مصلحية وحاجات مؤقتة.. فإنه لا يتنازل قيد أنملة
عن خلفيته العقائدية المذهبية، حفاظا على حاضنته الشعبية
الداخلية (النجدية الوهابية)، وهو يعرف ان الخطر الأكبر
يأتيه من الداخل، حيث يفرض سلطة نظامه بالقوة القهرية
على جميع مناطق المملكة، ويعرف ان كل مكونات شعب هذه البلاد
تتحين الفرصة للخلاص من هذا الطاغوت المتحكم بالحريات
والحقوق والثروات، والمستأثر بها على حساب عموم السكان
والمواطنين.
إلاّ ان المسيرة التاريخية لهذا النظام تؤكد انه عادى
وحارب وتآمر وشهَّر بجميع الانظمة والحركات السياسية التي
تعاقب بروزها في المنطقة، سواء ذات الفكر الاسلامي، او
الوطني والثوري، على اختلاف مشاربها. فآل سعود حاربوا
الاخوان المسلمين في جميع المراحل دون هوادة، وتآمروا
على التجربة الوطنية الناصرية التي صارعت الهيمنة الاستعمارية
والمشروع الصهيوني، بفكر قومي تحرري واسلامي معتدل، بل
هم خاضوا حروبا دموية مع نظام جمال عبد الناصر.. كما انهم
ناصبوا التجربتين في العراق وسوريا العداء على طول الخط،
وعملوا على اثارة الفتن والنعرات في البلدين. ومثل ذلك
فعل الأمراء في النظام الجمهوري في اليمن، ومولوا الانقلابات
والاغتيالات حتى الحقوا النظام بمظلة التبعية لهم.. وهكذا
فعلوا من المحيط الى الخليج طيلة السبعين عاما الماضية،
والى اليوم.
لم تكن علاقة آل سعود بالنظام التركي الاردوغاني بأفضل
من ذلك، وعندما حاولوا التقرب منه في خضم الحرب التي اثقلت
كاهلهم، وهددت بخسارتهم المطلقة في اطار حركات الربيع
العربي، لم يستطيعوا إقامة علاقة سوية مع تركيا الاخوانية
يمكنها ان تستمر لاسابيع قليلة.
اذن كيف يمكنهم اليوم ان يقفوا لإعلان دعمهم المطلق
لجماعة مريم رجوي، ومجلس المقاومة الشكلي الذي تتزعمه
في خارج إيران؟
«مجاهدي خلق» تقول عن نفسها انها تحمل الفكر السياسي
الاسلامي بحسب المنهج الشيعي، وانها امتداد لحركة التحرر
الإيرانية، وتراث الدكتور محمد مصدق في الحركة الديمقراطية،
بمعنى أنها منظمة مسلمة ثورية وطنية وديمقراطية!
فأي من هذه الصفات المزعومة للحركة يشكل قاسما مشتركا
مع نظام العائلة السعودية الحاكمة: الوراثي المغلق، والفكر
الوهابي التكفيري، الذي يدعي انه وحده الفرقة الناجية؟
وما هي الأسس التي يقوم عليها التحالف بين نظام الامراء
وجبهة لا ترضى بالحكم الديني او النظام الاسلامي في السلطة؟
هذه العلاقة بين السعودية ومجاهدي خلق قديمة، الا انها
تعززت في السنوات الاخيرة، وبعد ان تحولت المنظمة الإيرانية
المنشقة الى فصيل تديره المخابرات الاميركية.
فقد عمدت واشنطن الى شطب اسم هذه المنظمة من لوائح
بعد خمسة عشر عاما من ادراجها فيها في العام 1995، مع
بداية المشروع الاميركي الصهيوني لحصار إيران، وبدء افتعال
المعركة معها لاسقاط نظامها، فرأت واشنطن ان هذه الحركة
التي رعاها ومولها صدام حسين، وخاضت معه المعارك ضد إيران
أثناء الحرب العراقية الإيرانية، والتي اتهمتها واشنطن
بقتل ديبلوماسييها.. يمكن ان يستفاد منها في المعركة المقبلة
مع إيران.
وافقت واشنطن على شطب المنظمة من لائحة الارهاب، بعدما
استجابت لشروط، من بينها قبول أكثر من ثلاثة آلاف من أعضائها
الانتقال من معسكر أشرف في محافظة ديالى شمال شرق بغداد
إلى معسكر آخر.. بعد ان بدأ العراق يطالب بإلغاء معسكرات
هذه المنظمة الارهابية التي كانت ذراعا لصدام حسين في
قمع شعبه.
وبادرت بريطانيا عام 2008 بشطب مجاهدي خلق من لائحة
المنظمات الإرهابية أيضا، ثم اتخذ الاتحاد الأوروبي قراراً
مماثلا في العام التالي.
ومنذ ذلك الحين تحولت هذه المنظمة التي عملت المخابرات
الاميركية على اعادة تموضعها، ونقل عناصرها الى ملاجئ
امنها، وربطها بالجهد المخابراتي الاميركي والاسرائيلي،
تحولت الى ذراع أمنية لتنفيذ العمليات القذرة ضمن مخطط
استهداف إيران.
ومن بين المهام التي اوكلت اليها، ما أكدته مصادر خليجية
عن تورط كل من السعودية وقطر والامارات في دعم مشروع امريكي
– بريطاني يقضي بتأمين مبالغ مالية لنشاط المعارضة الإيرانية
وخاصة «منظمة مجاهدي خلق»، التي تعمل على زعزعة الاستقرار
والامن في إيران قبيل الانتخابات الرئاسية الاخيرة والتي
اطلقت شعار: 2013 عام التغيير في إيران.. وذلك بدعم
من اجهزة المخابرات الغربية التي حضر ضباطها مؤتمر باريس
لمنظمة خلق الذي انعقد في الرابع من شهر فبراير العام
نفسه .
وقالت المصادر الخليجية ان ضباط مخابرات امريكيين وبريطانيين
وفرنسيين مختصين بالشان الإيراني، شكلوا غرفة عمليات بمشاركة
اعضاء في قيادة منظمة «مجاهدي خلق»، هدفها العمل على تنفيذ
سلسلة أعمال ونشاطات تستهدف زعزعة الاستقرار في إيران،
والعمل على «تنظيم تظاهرات واحتجاجات مفتعلة»، والعمل
على خلق فتنة بين مرشحي الرئاسة المتنافسين، وبالتالي
خلق الصدامات بين مؤيديهم في العاصمة طهران وبقية المدن
الإيرانية.
ولا شك ان هذه الالتفاتة السعودية المباشرة لرعاية
المنظمة الارهابية الإيرانية، هي بداية مخطط دولي جديد
ضد الجمهورية الاسلامية.
وكانت السعودية قد بدأت قبل ذلك بقليل بتمويل قناة
«راحة» الإيرانية، وهي قناة فضائية تعود إلى مجموعة «مجاهدي
خلق». كما اعلن عن لقاءات بين سفير المملكة السعودية في
لندن محمد بن نواف وممثلين لتلك الجماعة.
وواقع الحال ان «منافقي خلق» تحولت الى فصيل مخابراتي
اميركي بريطاني اسرائيلي فرنسي منذ العام الفين واثني
عشر.
وبعد سنوات من التعامل السري مع الرياض، اعلنت المنظمة
الارهابية بشكل علني عن تعاونها مع السعودية في التاسع
والعشرين من مايو 2015، إثر لقاءات عدة جمعت بين مريم
رجوي والسفير السعودي في فرنسا.
وتقدمت رجوي في تصريح نقلته وكالات الانباء، بالشكر
للسعودية على مساعدتها ودعمها المالي خلال السنوات الأربع
الماضية، واسهامها الكبير في حل مشاكلها المالية واللوجستية،
ومساعدتها لتخفيف الضغط عليها من قبل الحكومة العراقية
للخروج من العراق، وترك الحرية لأنصارها في إقامة معسكرات
على الأراضي السعودية ـ إن تطلّب الأمر، وكذلك انشاء قواعد
انطلاق لتنفيذ مهامها في الاماكن التي يتفق عليها الطرفان
في حال تصاعد التوتر بين ايران والسعودية.
وبالتالي فليس هناك أبلغ من الإعتراف دليلا على الجريمة
وإقراراً بتنفيذها.
ومن هنا يمكن فهم الخطوة المتقدمة الاخيرة التي أقدم
عليها تركي الفيصل بإعلانه التضامن مع المنشقين الإيرانيين،
ووعده لهم بأن مطالبهم ستتحقق. فهذه الخطوة هي مجرد قفزة
جديدة الى الأمام، للإفصاح عما كان يجري سراً في السنوات
الماضية، تماماً كما هي العلاقة بين مملكة الأمراء والكيان
الصهيوني المحتل في فلسطين.
إلا ان ما يمكن ملاحظته ان الامير السعودي، تركي الفيصل،
لم يوضح لنا ما هي هذه المطالب التي بدأ متيقنا من تحقيقها!
ولا نعلم اذا كان فعلا يؤمن بمشروع هؤلاء الإيرانيين،
وبكل ما تؤمن به مريم رجوي ـ زعيمة منظمة خلق!
الثابت انه اذا كان تضامن الأمير السعودي مع الشعب
الإيراني، على غرار تضامنه مع الشعب اليمني والسوري والعراقي
واللبناني والمصري والليبي، فإن المقصود هو دعم الجماعات
المنشقة والارهابية، لتخريب بلادها، وزرع بذور الارهاب
الوهابي، الذي ظهرت نتائجه في كل المحطات التي وصل اليها،
والتي غطّت تقريباً كل قارات العالم.
أيضاً، فإن الأمير السعودي لم يوضح لنا ما إذا كانت
إيران الصفوية والفارسية، كافرة مجوسية ارتدّت عن الإسلام
كما يروج الإعلام السعودي ويصفها في كل صحفه وقنواته وخطباء
منابره، أم هي إيران المسلمة المناهضة للصهيونية والامبريالية
العالمية، والداعية الى التقارب بين المذاهب ووحدة المسلمين
في وجه ناهبي ثرواتهم؟ وهل ستتحول (الدولة المجوسية) وشعبها
المجوسي، بتوصيفات آل سعود وعلماء بلاطهم، تتحول على يد
منظمة خلق، الى الإسلام السعودي الصحيح، ام ستتحول الى
دولة اخرى عربية او عروبية وصديقة وغير فارسية ولا صفوية
وغير مجوسية؟!
لا ندري كيف يضع أمير سعودي ثقته الى هذا الحد في امرأة
تقود جماعة ملتبسة الفكر والسلوك السياسي؟ هل يثق الامير
بالمرأة وقدراتها الى هذا الحد؟ خاصة أن أغلبية أعضاء
منظمة خلق هم من النساء، كما تقول تقارير إعلامية غربية؟!
فإذا كان الامر على هذا النحو، فلماذا لا يثق بالمرأة
السعودية بمقدار عشر معشار هذه الثقة في المرأة الإيرانية؟
هل لأن المرأة عندما تكون إيرانية تكون موضع ثقة، وذات
قدرات قيادية وإنسانية وفكرية متفوقة، وعندما تكون سعودية
مُسعوَدَة.. تصبح أقل قدراً وأحطّ شأنا، بنظر أمراء آل
سعود وجماعتهم الوهابية؟
واذا كان آل سعود، وأنظمة الحكم الرجعية المتخلفة،
قد أثار ذعرها وقلقها، أن تتحول الثورة في إيران الى نموذج
لشعوب المنطقة، وان تنتقل جذوتها الى ممالك النفط والتبعية
للأجنبي، فلجأت الى كل الاساليب لمحاربتها، وإقامة السدود
المذهبية حيناً، والعقائدية حيناً آخر، لحماية عروشها
وممالكها بما في ذلك اشعال الحروب المدمرة.. فهل يعتقد
آل سعود ان النموذج الذي تبشّر به مريم رجوي، أكثر اعتدالاً،
وأكثر مقبولية في الدول الاسلامية؟ هل سيسمح لهذا النموذج
«الثوري» النفاقي الجديد «بالتصدير» الى مزارع الخليج
وممالكه؟ وهي التي سارعت تضامناً مع آل سعود، الى إرسال
ممثليها لحضور المؤتمر في باريس، في حين أنها لم تفعل
ذلك مع أيّ من حركات التحرر الفلسطينية اسلامية كانت ام
وطنية، بما فيها حركة فتح.
هل بات آل سعود فعلا أكثر ثقة بالاسرائيلي والصهيوني،
بحيث يأتمنونه على مستقبل أجيالهم وثرواتهم وثقافتهم ودينهم،
بحيث لا يتوقف تركي الفيصل عند ما كشفته مصادر امريكية
ونشرته ان بي سي، ونيويورك تايمز، وصحيفة نيويوركر، بأن
الموساد الاسرائيلي قام بتدريب عناصر منظمة منافقي خلق،
وتعاون معها، لاستهداف العلماء النوويين الإيرانيين وقتلهم
بدءا من العام 2007؟!
أم أن هذه اللفتة الاعلامية كانت كافية للأمير الذي
ينشرح صدره للقاءات التي تجمعه بالمسؤولين الصهاينة والاسرائيليين،
لكي يطئمن الى ان النسخة الرجوية التي تبشر بها القائدة
مريم، لا تعادي أهل السنّة، وليست رافضية، بل هي من صلب
الاسلام، ولا يجوز تكفيرها؟
أسئلة كثيرة أوحت بها مشاركة ممثل آل سعود، في مؤتمر
لجماعات إرهابية ومرتزقة تعيشت على موائد الاميركيين والاسرائيليين
والفرنسيين، وحافظت على وجودها في أوكار مخابراتهم لسنوات
طويلة.
هذه الجماعة خانت بلدها وشعبها في أدقّ الاوقات وأحرج
الازمات، وتحولت الى أدوات رخيصة لخدمة اي متآمر عليه،
وآخرهم نظام العائلة السعودية الاستبدادي التكفيري. وليس
لنا الا ان نذكّر الأمير السعودي، وكل الذين يؤملون بهؤلاء
المنافقين ولو بمقدار قيد أنملة، بمقولة نابليون بونابرت
لجاسوسه النمساوي، وقد صارت مثلا لكل خائن لوطنه، وكل
سارق من بيت أبيه ليطعم اللصوص.. فلا أبوه يسامحه ولا
اللصوص يشكرونه.
فقد استطاع نابليون احتلال النمسا في العام 1809، بمساعدة
جاسوس نمساوي، دلّه على نقاط الضعف في جيش بلاده.. وبعد
أن استقر الوضع لفرنسا، جاء الخائن النمساوي لمقابلة القائد
المنتصر وقبض ثمن خدماته، فأدخلوه على الإمبراطور الذي
اكتفى بأن رمى له بقبضة من النقود على الأرض وأمره بالخروج..
فقال الجاسوس: سيدي العظيم، يشرفني أن أصافح قائداً عظيما
مثلك. فرد عليه بونابرت: أما أنا فلا يشرفني أن أصافح
خائناً لوطنه مثلك.. وبصق عليه حتى انصرف.
القليل القليل من ممارسات هذه الجماعة الارهابية يكفي
لقراءة سجلها وطبيعة دورها، فبعد انتصار الثورة الإيرانية
قامت بتنفيذ العديد من العمليات العسكرية ضد النظام الجديد
في إيران، لتدميره وإسقاطه وهو لا يزال في بداياته طري
العود.. وكان من أبرزها :اغتيال بعض رموز الحكم في الجمهورية
الاسلامية الإيرانية.. وتفجير مبنى البرلمان الإيراني،
على النحو الذي أدى إلى مقتل عدد كبير من النواب.. وتدمير
الكثير من المنشآت الاقتصادية الإيرانية، وتنفيد حملة
تفجيرات لضعضعة الامن في البلاد.. واخيرا قيامها بتلفيق
القصص والمعلومات، بناء لتوجيهات الموساد الاسرائيلي،
ونقل معلومات مضللة عن البرنامج النووي الإيراني، لاقناع
الكونغرس الاميركي والادارة الاميركية بمهاجمة إيران،
وتدمير جيشها ومنشآتها المدنية وبنيتها التحتية، على غرار
ما فعلت جهات صهيونية في العراق بالأسلوب نفسه، وهو ما
أكده اخيراً تقرير (جون تشيلكوت) في بريطانيا.
إن تعاطف المملكة السعودية مع هذه الجماعات ودعمها
بالمال والسلاح والاعلام، لا ينم عن قناعة بها، وبمنطلقاتها
السياسية والفكرية، بل هو استكمال للدور الذي اضطلعت به
مملكة الامراء هذه، لتخريب المنطقة وشرذمة مجتمعاتها،
وتوسيع آفاق الحروب التدميرية التي لا تنتهي، خدمة للمشروع
الصهيوني الاميركي الذي بات الضامن الوحيد لاستمرار سلطة
آل سعود وتحكمهم بثروة البلاد.
السعودية تثبت مرة أخرى انها مستمرة في استراتيجية
تدمير المنطقة، وتعميم الحرب والدمار فيها، بصرف النظر
عن القوى التي تسخرها لتحقيق هذا الهدف، وبالتالي فإن
هذا النظام المأزوم، تحوّل بما لا يقبل الشك، الى رجل
المنطقة المريض، الذي ينشر جراثيم الفساد والارهاب والقتل
الاعمى في عموم المنطقة.. وكل محاولات التسوية والتفاهم
مع هؤلاء الامراء لن تجدي نفعا، فهم بعد ان اغرقوا المنطقة
بالدم والدمار وفتنة الارهاب التكفيري المتوحش، يسعون
لتوسيع مديات هذه الفتنة الى الدول المجاورة، بحيث لا
تنجو دولة من هذا الشر المستطير.
كما ان السعودية تثبت مرة جديدة انها لا تقيم وزنا
لكل الشعارات التي ترفعها الجماعات المعارضة، ما دامت
تسير في ركب التفجير والتدمير وتوسيع دائرة الخراب.. فالشعارات
التي ترفعها المعارضة الإيرانية تختلف عما يريده المعارضون
السوريون، وهؤلاء يختلفون عن العراقيين، واللبنانيين والليبيين،
والجامع الوحيد بينهم هو المال السعودي، والهدف السعودي
في تدمير المنطقة وشل قدرتها عن مواجهة الصهاينة وداعميهم.
يبدو ان النظام السعودي قد تعلم درسا جوهريا من استراتيجية
الصهاينة والنازيين، فهو يقيم الدنيا ولا يقعدها لأن إيران
بزعمه تتدخل في شؤون الدول العربية الداخلية المستباحة
أساساً للصهاينة والغرب بفعل إضعاف قوتها المركزية التي
نتجت عن التدخل السعودي وتآمره. إلا أن النظام السعودي
يجيز لنفسه ان يقف جنبا الى جنب مع جماعات ارهابية، ويصرح
احد امرائه علنا برغبة عائلته في اشعال النار وقلب نظام
الحكم في بلد آخر!
لا مجال لمواجهة هذا الخطر السعودي الوهابي التكفيري
الداهم الا بتوحيد الجهود، ورسم استراتيجية مواجهة شاملة
وواضحة، يشارك فيها كل المتضررين من هذه العدوان والتوحش
السعودي الارهابي.
وواقع الحال ان لا شيء يجمع بين نظام العائلة المأزومة،
وجماعة تخلت عم كل قيمها الوطنية، الا هذا الارتهان للمشروع
الاميركي الصهيوني. والسعودية تملك كل الاستعداد الفكري
والبنيوي، لقيادة معسكر المنافقين في اي اتجاه، دون ان
تجد في ذلك اي حرج، فهي في الاساس تستبطن الحقد والضغينة
على كل الاطراف، كما هو حال الصهيونية في هذا المجال،
ويهمها توسيع دائرة الدمار والخراب، لتضمن هيمنتها، ولا
تتورع عن التضحية بأي دم، حتى بالدم السعودي او المُسَعوَد
نفسه.
|