ويح الثقافة حاميها حراميها
وزير الثقافة الطريفي يسطو على قصيدة شوقي
فريد أيهم
|
|
الطريفي يلقي أبيات الشعر المسروقة في معشوقه خالد الفيصل!
|
معالي وزير الإعلام والثقافة السعودي، الدكتور عادل
الطريفي، جلس في ختام مهرجان سوق عكاظ الثقافي، الى جانب
أمير مكة خالد الفيصل، وتلى عليه شعراً مديحاً في سموّه!
أبيات الشعر التي امتدح فيها الوزير الطريفي، أمير
مكة خالد الفيصل، مسروقة، وصاحبها هو أمير الشعراء أحمد
شوقي. أي أن السرقة مفضوحة بداهة.
لكن القضية هي أن أبيات الشعر التي نسبها الوزير الطريفي
الى نفسه، كان أحد معاونيه قد أعدّها له ليجعل من الوزير
شاعراً، وكل ما فعله الموظف أن غيّر بعض الألفاظ في بعض
الأبيات، وأبقى بعضها الآخر كما هي بدون تغيير.
قال الطريفي مخاطباً خالد الفيصل ممتدحاً إياه بالنص:
(اسمح لي سيدي، أن أقرأ شيئاً لكم أعددته:
أيها المنتحي بمكّةَ دارا
فضّ ختم الزمان والشعر فضّا
قفْ بتلك الربوع ربع عكاظٍ
ممسكاً بعضها من المجد بعضا
رُبّ نقش كأنما نفضَ الصانعُ
منه اليدين بالأمس نفضا
شابَ من حوله الزمانُ وشابتْ
وشبابُ النفوس مازال غضّا
|
النص الأصلي لشوقي هو هذا:
أيها المنتحي بأسوانَ دارا
كالثّريا تريدُ أنْ تنقضّا
قف بتلك القصور في اليمّ غرقى
ممسكٌ بعضها من الذّعر بعضا
ربّ نقشٍ كأنما نفض الصانع
منه اليدين بالأمس نفضا
شاب من حولها الزمان وشابت
وشباب النفوس مازال غضّا
|
الوزير الشاب الطريفي، نشأ سلفياً متعصّباً، ثم انتقل
الى الضفّة الأخرى. أي من الجناح السلفي الذي يمثّل العضد
الأيمن لآل سعود، الى الجناح التكنوقراطي النجدي الذي
يدير الدولة، ويمثل العضد الأيسر لآل سعود في دولتهم النجدية.
سرقة الوزير للشعر، تجعلنا نشكك في رأسماله كدكتور
تخرج من بريطانيا بتخصص في العلاقات السعودية الايرانية،
مع إرث مقالات قليلة عن إيران، وبضع مقابلات مع ملك الأردن
والسيسي وعبدالله غول ومسؤولين آخرين. ولعلّ التفتيش يقودنا
الى أن هناك من أعانه في إعداد رسالة الدكتوراة أيضاً.
اختير وزيراً، لأنه نجدي من بريدة أولاً، وثانياً لصلته
بالإعلام في الشرق الأوسط التي أصبح رئيس تحرير لها لبرهة
قصيرة، وقناة العربية، وايضاً لأنه شاب، فحين استوزر في
يناير ٢٠١٥، لم يكن عمره يصل
الى الخامسة والثلاثين.
كوزير للثقافة والإعلام، شهد عصره، الذي هو عصر الملك
سلمان، المزيد من التضييق والقمع لحرية التعبير، وما أكثر
من دخلوا السجون وفصلوا من الأعمال بسبب هذا القمع.
لم تتطور الثقافة ولا الإعلام في عهده، اللهم الا في
حرب الخصوم داخلاً وخارجاً، واضعاً إمكانات وزارة الاعلام
بيد وزارة الداخلية، حتى كأنها أضحت ملحقاً لها، وإحدى
أياديها التي تبطش بها خصومها.
الآن، وقد وقع الطريفي في سرقته المفضوحة، تجرّأ عليه
السلفيون (عضد الدولة الأيمن) والمنافس للنخبة التكنوقراطية
النجدية التي يُحسب الطريفي عليها. وكانت لدى القليل جداً
من الكتاب والنخبة الثقافية في البلاد، الجرأة لأن يسخروا
من الوزير، وأن يطالبوا بمحاكمته وفق قوانين وزارته، وتغريمه
ثلاثمائة ألف ريال، وطرده من الوزارة!
الدكتور محمد المعيلي، ذكّرنا باستقالة رئيس المجر
بول شميت بعد فضيحة سرقة علمية عام ٢٠١٢،
والناقد عبدالله الغذامي تحدث عن السرقة بلطف، فقد اصبحت
سرقته مشكلة حقوق فكرية خاصة لوزير مسؤول عن حقوق الملكية
الفكرية؛ وأضاف: (هذه قضية رأي عام) وطالب الوزير بالتوضيح؛
وختم: (القضية خطيرة جداً ولا مجال للمجاملة. من العدل
ان نسمع توضيحاً من المُتهم ـ الذي هو الوزير ـ ثم نطلق
الحكم. هذه محكمة ثقافية علنية).
لكن أنّى للص أن يعترف بلصوصيته؟
ام كيف يستطيع ان يقول بأن أحد موظفيه أعطاه الأبيات
وظنّه هو قائلها بالنيابة عنه، ثم تبين سرقتها؟
الشيخ عادل الكلباني كان له تعليق لاذع: (ليش مستغربين
ان الوزير سطا على قصيدة شوقي؟ أليس وزير إعلام؟!)؛ والناشط
علي آل حطّاب وصف سرقة وزير الإعلام لأبيات امير الشعراء
بأنه غباء: (كان لطش أبيات شاعر على قدّ حاله)! والإعلامي
سلطان الجميري هجا الوزير ببيت شعر على غرار أبيات شوقي
المسروقة:
أيها المُنتَحِي بالوزارة دارا
إنّ عُصمان، قدْ جابَ فيكَ
عيدا
|
فمن هو عصمان. هل هو مدعي كتابة القصيدة التي ورطت
الوزير؟ أم هو عثمان العمير رئيس تحرير الشرق الأوسط الأسبق؟
ويضيف الجميري بأن على الوزير الإعتذار لشوقي وللشعر
والأدب وللثقافة والمنصب؛ وإذا انتهى من ذلك، فعليه أن
يعتذر مرة اخرى للثقة التي مُنحت له!
يا لها من ثقة ملكية!
وهل الطريفي إلا ضمن جوقة اللصوص. بعضهم يسرق المال
والعقود والنفط والأراضي، وبعضهم يسرق مخصصات وزارته والشعر
أيضاً، ولديه من يغرّد عنه، ويكتب المقالات لمعاليه!
ثم إن الوزير المادح الطريفي، لم يقل سوءً عن الممدوح
الذي هو خالد الفيصل الذي ظهر لنا كرسام فنان، وكشاعر
شعبي. وكثير من قصائده مسروقة، أسوة بأخيه عبدالله الفيصل،
أول وزير صحة وداخلية، والذي بالكاد كان يفك الخط، ومع
هذا أصدر عدة دواوين شعر فصيح، كتبها له الأخطل الصغير
بإسم سموه، ومن بينها (وحي الحرمان، وحديث قلب) وغيرها،
بل ترجموها لسموه باللغة الإنجليزية تأكيداً لعبقريته.
لهذا يقول سعود الرويلي بأن من يقول ان الطريفي يسطو
على قصيدة شوقي: (على أساس ان اللي جنبه ـ اي خالد الفيصل
ـ طالع منها)، اي غير سروق! أو بتعبير صريح من معلق: (عادي
الموضوع. الحرامي الصغير يلقي قصيدة أمام الحرامي الكبير).
ولفت آخرون الى ان الوزير الطريفي حجب نصف المواقع الإخبارية
تحت بند: انتهاك حقوق النشر. انها مهزلة.
ويسخر ماجد التريباني من سرقة الوزير، فيقول أن معاليه
لم يخطئ، وإنما (جمعية حماية المستهلك، فكيف لم تقم بحماية
المشتري ـ الذي هو معاليه ـ من غش البائع)؟ وجلدت مغردة
الوزير فقالت: (سكت دهراً ونطق كفراً. تولى الوزارة وما
له لا حسّ ولا خبر؛ ويوم نطقْ، سرقْ!) وخاطب ساخر معاليه:
(لو أنّكْ شاري قصيدةْ من شعراء الغفلَةْ المُغيّبين عن
الأدب بثمن بخس، كانت أشوى لكْ من هالمسخرة والله).
توالى الجلد لمعالي وزير الثقافة، فقال صالح الغامدي:
(كنتُ أحدّثُ نفسي أنه من المستحيل ان يسرق من يزعم أنه
بها زعيم، ولكني فوجئتُ بالحقيقة الصادمة). والمغرد الطريف
مُرجان وصف الطريفي بأنه (وزير بمرتبة لص)، على وزن (أمير
بمرتبة لص)؛ وأضاف: (هل يستحق ان يكون مؤتمناً على الثقافة؟)،
وبعث نسخة مع التحية الى عايض القرني. الشيخ الذي سرق
كتاب سلوى العضيدان وليس فقط قصيدة، وما أكثر القصائد
التي سرقها القرني، وقد تم تغريمه بعد محاكمته، لأن جداره
هبيط، كما يقولون!
وعموماً ذكرت سرقة الوزير الكثيرين بسرقة عايض القرني
الذي سرق مؤلفين إثنين ونسبهما لنفسه.
المحامي عبدالرحمن الصبيحي يضيف الى السخرية سخرية
أخرى: (يجب محاسبة الموظف الذي وَهَّقْ معاليه)! ومحمد
عزيز يقول ان في البلاغة تضمين ومجاراةٌ ومعارضة. لكن
ما فعله معاليه يسمى بلاغياً: (لطْشٌ في رابعةِ النهار)!
والدكتور عباس العصيمي يقول ان المشكلة ليست في السرقة
وإنما في بقاء الوزير السارق في منصبه.
د. عبدالمحسن الهيضل يقول: (كنتُ بمانشستر أدرس دكتوراة؛
ومعاليه بدأ الماجستير في بيرمنغهام، وأصبح وزيراً، وأنا
مازلتُ أنتظر) يقول ذلك ساخراً. وحاول عبدالله الشليخي
ان يجد مخرجاً لمعاليه من سرقته فقال: (معالي الوزير قال:
أعدَّ، ولم يكتب. وأعدّ فعلٌ: أعدّ، يعدُّ، مُعدّ. وأعدّ
الشيء: جهّزه) ويضيف ساخراً: (طمنوني، تِجِي؟) يعني ممكن
يقبل هذا التبرير؟!
ومن التعليقات النثرية الى التعليقات الهجائية شعراً.
فقد علق الشاعر عبدالله المقحم على سرقة الطريفي فقال:
(لو كان شوقي حيّاً لقال من عجبٍ: ويحَ الثقافةِ حاميها
حراميها).
فتنادى البعض وأكملوا شطر البيت الآخر.
حذيفة العرجي قال:
ويحَ الثقافةِ حاميها حراميها
حتى القصائدُ لمْ تَسْلَمْ
معانيها
|
وقال آخر:
يا أيّها السارقُ المفضوحُ معذرةً
منّا إليكَ، كفى زيفاً وتشويها
سرقتَ قبل القوافي مجدَ أُمّتنا
ويحَ الثقافةِ حاميا حراميها
|
ومشعل الشيباني يقول:
ويحَ الثقافةِ حاميها حراميها
هلاّ تنحّى وأعطى القوسَ باريها؟
|
وثالث قال:
إنّ الذي سرقَ الأبياتَ حارِسُها
ويحَ الثقافةِ حاميها حراميها
|
ورابع
يقولُ أعددتُ أبياتاً لِأُلْقيها
في منتدىً لرجالِ الشعرِ أشديها
فناحتِ الثكلى بكرْمِ امُّ هانئٍ
ويحَ الثقافةِ حاميها حراميها
|
والشيخ سعد الغنيم أتحفنا:
لمّا رأيتُ وزيراً ساقَ قافيةً
مِنْ قولِ شوقي، ولمْ يَعْبَأْ
بما فيها
قولوا معيْ هَزُلَتْ، واللهِ قدْ
هَزُلَتْ
ويحَ الثقافةِ حاميها حراميها
|
والشيخ صالح العايد يقول:
شوقيْ يقولُ لأرضِ الوحيِ في دَهَشٍ
ويحَ الثقافةِ حاميها حراميها
|
وزايد الزيادي يسأل:
هل الثقافةُ أنغامٌ نُرتِّلُها
يشدو بها صادِحٌ في السوقِ
يحييها
أم الثقافةُ نَهْبٌ لا حُراسَ
لهُ
ويحَ الثقافةِ حاميها حراميها
|
ومن السخرية بمعالي وزير الثقافة يقول أحدهم:
كُنّا نظُنُّكَ للأبياتِ حارسُها
وأنكَ للفُصحى خيرُ المحامينا
فيا أسفاً ماذا نقولُ لها؟
ويحَ الثقافة حاميها حراميها
|
وأمطر شاعر متنكر الوزير هزؤا:
ويحَ الثقافةِ حاميها حراميها
بالسطوِ أضحى وزيرَ اللغوِ
يُدْمِيها
كانتْ تُصانُ بأفذاذٍ أُوليْ شَرَفٍ
واليومَ ضاعتْ مع الخَرْقى
مراميها
|
وأخيراً يهجو حامد العلي، الإخواني الكويتي، وزير الإعلام
السعودي فيقول:
سمعتُ بأنّ محتالاً ترقّى
لأعلى منصبٍ تحت الأميرِ
وكان يريدُ إنشاداً لشعرٍ
ليبدو بالعيون كما الكبيرِ
فمدَّ يدَ السّروقِ لشعرِ شوقي
على أنْ يبلعوهُ بلا شعورِ
فصارَ فضيحةً إذْ كان أمراً
كنهبِ عروسةٍ بين الحضورِ
أتسرقُ يا أُحَيْمِقُ شعرَ شوقي
لعمري ما اختلفتَ عن الحميرِ
|
|