مصيبتنا في ولي العهد
نحن مصابون بالألم من هذا الأمير.. فهو يرسل الى الجمهور
ودعاة الإصلاح إشارات متناقضة.
فمرة هو إصلاحي أكثر من الإصلاحيين.. يدعو الى الحوار،
والى التسامح. يستلم عرائض الإصلاح ويستقبل دعاتهم، ويؤكد
لهم بأنه مثلهم لا يختلف مع أي مطلب تقدموا به!
ومرة تراه صامتاً غير قادر على فرض أجندته، ولا أن
يطبق ما يقول انه يعتقده، وحتى الآن لم نرَ منه سوى الكلام،
والكلام فقط! بل حتى هذا الكلام لم نرَه حين اعتقل دعاة
الإصلاح الذين بوجودهم يتعزز موقعه في السلطة، وهذا ما
يجعل منه متآمراً أكثر من كونه فاشلاً ضعيفاً.
يشتكي الأمير بأن أخوته ـ نايف وسلطان ـ لا يريدون
الإصلاح، وأنهم يعوقون قراراته الإصلاحية؛ وفي نفس الوقت
لا نرى منه حماسة لتفعيل ما يريد، ولا استخدام صلاحياته
كنائب عن الملك، أي كملك غير متوج.
الأمير عبد الله متردد، محاط بشلّة من (البرامكة) التويجريين،
ومجموعة اخرى منتفعة من الجهلة، والمترددين الذين يلعبون
على حبلي آل سعود (السديريين وجناح عبد الله).
والأمير عبد الله الذي انتعشت الآمال بأنه سيقود عجلة
الإصلاح، ويجدد شباب الدولة، أظهر من خلال الدعاية أنه
كفؤ لما يقول، فرفع سقف تطلعات المواطنين ولكن ليخسف بها
من جديد جراء توقف الدولة عن الحراك، وعدم قدرته على الحسم
في المواقف الصعبة، وفشل معظم ما قام به من خطوات انتهت
الى رفوف الجمود وربما مزابل الديوان الملكي.
يحيرنا هذا الأمير! الذي تخطى عتبة الثمانين عاماً
ببضع سنوات. فالعقل يقول لنا أن عجز الدولة ناتج من عجز
قادتها، وجمود الدولة من جمودهم. ولكننا رأينا أنه الطريق
الأسهل والأفضل والأقل كلفة للإصلاح، ولكن الآمال خبَتْ
والنفوس فقدت الثقة بمن يحكمها، وبأن غداً جميلاً ينتظرها.
يتساءل المواطنون: هل حقاً ان الأمير عبد الله هو الرجل
الأول في الدولة؟! وكيف يكون ذاك، وهو غير قادر على فرض
أبسط القرارات على إخوته؟ كيف يكون إصلاحياً وهو يرى توقف
عجلة الإصلاح، ويرى الإصلاحيين يساقون الى المعتقلات ويضيق
عليهم في الرأي والحركة فلا ينبس ببنت شفة؟ وكيف يكون
واعياً سياسياً وهو يرى سلطاته الى تضاؤل وقوته الى تسافل،
ثم لا يحرك ساكنا، ولا يحافظ على ما بيده؟ العاجز في الدفاع
عن نفسه وعن الكرسي الذي يجلس عليه، لا يؤمل منه أن يدافع
عن حقوق مواطنين ولا عن مصالح وطن.
يحيرنا هذا الأمير! هل هو ملك فعلاً؟ هل يستحق أن يكون
ملكاً فعلاً؟ بل هل هو قادر على أن يكون ملكاً فعلاً؟
هل ولي العهد هذا، يدرك ما يجري حوله، يعي المخاطر التي
تهدد أركان الدولة؟ هل لديه برنامج عمل ما لا نعرفه؟ فلسفة
ما لم نفقهها؟ قضية محورية ما ينطلق منها؟ رجال ما! أهلٌّ
للمشورة والدعم والإنطلاق؟!
لا.. لا، كبيرة واضحة!
ليس هذا هو رجل الإصلاح.
ولا هذه تصرفات صاحب سلطة.
ولا هذا هو الشخص الذي يمكن لأحد من العاقلين الإصلاحيين
المراهنة عليه.
يبدو أنه أدنى من مستوى الملك سعود، وأرفع قليلاً في
الوعي من الملك خالد، وهو أدنى ـ من حيث الإدارة والإقدام
والكفاءة ـ من اخوانه الماسكين بزمام السلطة الآن: نايف
وسلمان وسلطان!
هؤلاء يعلنونها انهم ضده وضد الإصلاح.. هؤلاء لا يرون
فيه رجلاً حاكماً يستحق الطاعة، ولربما يكونوا صادقين.
على الأقل فإن المواطن يدرك أن الحزب السديري حزب معاد
للإصلاح، ويدركون أنه حزب فاسد ودموي، ويدركون أنه حزب
طاغٍ تمرّس في الجريمة ومستنقع الفساد. المواطن يعرف هؤلاء
جيداً وله موقف واضح منهم!
وبقي على هذا المواطن أن يعرف أيضاً، ان ولي العهد
شخصية ضعيفة فاشلة، كان ضعفها وقلة وعيها سبباً اضافياً
يستكمل أسباب الفساد والضعف في بنيان الدولة والذي جاء
به الحزب السديري.
لو كان الأمير شجاعاً، واعياً، محاطاً برجال الإصلاح،
لأمكن ترقيع الضعف في الشخصية والإدارة والوعي. ولكن بمن
يغزي هذا الأمير؟ ومن يغزو؟ وكيف يغزو؟ والامَ يستهدف
هذا الغزو؟!
إغسلوا أيديكم من هذه الأسرة المكابرة التي أشاعت الفساد
وأوصلت البلاد الى الحضيض.
لن تقدم على إصلاح أبداً فهي في داخلها مسكونة موبوءة
بالإنحراف والفساد.
لن تجدوا بدائل صالحة فيها، لا في الجيل الثاني ولا
الثالث ولا الرابع!
حتى خيار السيء والأسوأ ما عاد واضحاً هذه الأيام!
كل واحد أسوأ من الآخر!
هم في الغالبية متحالفون ضد الإصلاح في السر أو العلن.
وآن لنا أن نفكر بصورة أخرى!
لتذهب هذه العائلة الى الجحيم، ليبقى الوطن معافى.
لتستقر في نجدها ومع شيوخ وهابيتها، ولنبحث عن خلاص
لنا منفردين إن لم نكن قادرين على النجاة بشكل جماعي!
|