ارتدادات الهزيمة في سوريا
العنف مستقبل الدول الداعمة
اغتيل السفير الروسي في أنقرة. فاهتزّت الدنيا، وانقسم
السعوديون كما الأتراك وغيرهم، بين مؤيد ومعارض.
ما جرى كان بكل حال انعكاس لهزيمة المعارضة السورية
خاصة المتشددة منها كجبهة النصرة في مدينة حلب. حيث الإنكسار
النفسي، وحيث الإتهامات الداخلية بين فصائل المعارضة،
وحيث اللوم الشديد للأنظمة العربية اضافة الى تركيا.
كان من البديهي ـ ونحن في بداية الطريق ـ أن تتحول
المعركة بين من صنعهم التشدد بمختلف توجهاتهم، الى الذات،
الى العدو الداخلي الذي يرونه سبباً للهزيمة. وأقرب الأعداء،
سيكون بلا شك في ثلاث دول: الأردن، تركيا، السعودية. فأنظمة
هذه الدول متهمة بالتواطؤ، ومتهمة بالتخاذل، والمطلوب
الآن رأسها، بعد أن خسرت هذه الدول المعركة في سوريا او
قاربت على ذلك.
سيكون الى جانب صبّ الغضب على الأنظمة العربية وتركيا،
انتقال للمقاتلين الاجانب بالتحديد الى بلدانهم، وسيكون
هناك تفعيل للقوى الصامتة التي كانت ترجح السكوت مادامت
المعركة قائمة مع العدو الأكبر (النظامين في سوريا والعراق).
اما وقد انتهت تلك المعركة بالفشل، فلم يبق الا تفجير
الوضع، وهذا هو المتوقع مستقبلاً.
راينا أحداث مدينة الكرك في الأردن، وتلاها اغتيال
السفير الروسي في انقرة، الذي هو عقاب لروسيا ولأردوغان
ايضاً؛ ثم جاءت محاولة انتقام في برلين بالشاحنة التي
دهست البشر، ثم تفجيرات متواصلة في مدن تركية. والقادم
في الطريق.
اغتيال السفير الروسي، ولّد ارتياحاً داخلياً لملايين
المحتقنين الذين لم يتقبلوا الهزيمة على خلفية طائفية
وسياسية، ولم يعد الكثير منهم يبالون بالتعبير عن فرحتهم
وتأييدهم لقتل السفير، حتى ولو كانت التعاليم الدينية
تخالف ذلك.
محطات تلفزة تركية مقربة من اردوغان وحزبه، ايدت قتل
السفير الروسي، ووصفت القاتل بالشهيد، في انفجار للعواطف
غير مسبوق. وفي السعودية حدث مثل هذا لدى الجمهور الداعشي
النجدي الوهابي بالتحديد. حتى رجال المباحث الذين يفترض
ان يلتزموا بالموقف الرسمي، لم يخفوا فرحهم وتأييدهم للإغتيال.
اما النخب النجدية وحتى غيرها، فأكثرها صمت، وكأنها لا
تريد ان تخرب لحظة الفرح الشعبية او حتى تريد مقاومتها
في الأساس. والإخواسلفيون السعوديون كما زملاؤهم الأتراك
أيدوا الاغتيال، وبعضهم انحاز الى الموقف الرسمي التركي،
الذي أعلنه اردوغان.
وفي كل الأحوال، فإن ربيع العنف قد انتعش في تركيا،
وسينتعش في الأردن، والأهم في السعودية.
إنها مسألة وقت فقط، فطابخ السمّ آكله.
من ربّى وسمّن ودعم داعش والقاعدة وسخّرها لخدمة أهدافه،
سيأتيه الردّ منها، وهذا يشمل حتى الدول الأوروبية والولايات
المتحدة الامريكية، حيث الحرص ان لا يعود الدواعش الى
دولهم الأوروبية والعربية والإسلامية. لكن هيهات، فحتى
لو لم يعودوا، فإن بيوض الداعشية والقاعدية سرعان ما تفقس
ناراً وإرهاباً وعنفاً.
تلك تجربة تاريخية لا يريد كثيرون أن يتعلّموا منها.
|