غانم الدوسري.. قاهر آل سعود!
حين بدأ نشاطه على مواقع التواصل الاجتماعي، لم يكن
أحد يعتقد بأنه سيتحول الى ظاهرة مقلقة (تقهر آل سعود
فعلاً)، أو يكون له ذلك التأثير الكبير على المواطنين
السعوديين.
لكن الوصف الذي أطلقه على نفسه منذ البداية: (قاهر
آل سعود)، لم يؤخذ بجدّ، لكنه أثبت أن اللقب لم يكن مماحكة،
فقد اقترب كثيراً من الحقيقة.. ولا ادلّك على ذلك، حجم
المشاهدات بالملايين لمقاطع الفيديو التي يبثها بانتظام،
وتتناولها عدّة محطات فضائية بالنشر، وكذلك حجم ونوعية
التعليقات التي ترد على تلك المقاطع، والتي هي أساساً
من صنع عدّة جيوش الكترونية تتبع الأجنحة الحاكمة وتشتغل
بإمرتها وتمويلها (حزب مطنوخ؛ الجيش السلماني، جيش رونالدو،
وغيرها).. وهي تعليقات هابطة قذرة حادة تكفيرية تهديدية
بالقتل والسحل والاختطاف.
المشاهدات لمقاطع الفيديو في تصاعد مثير للبهجة من
جهة، ومثير لقلق آل سعود من جهة ثانية. لذا كانت شكاوى
ال سعود لدى مسؤولي اليوتيوب والفيس بوك وتويتر لا تهدأ،
ولقد أُغلقت العديد من المحطات التابعة لغانم الدوسري
بطلبات مباشرة وأكاذيب مدبّرة من هيئة الإعلام السعودي،
ومن المحطات السعودية مثل الإم بي سي والعربية وغيرها،
والتي شاركت ولاتزال في الحملة ضد غانم من اجل حذف قنواته
وإخماد صوته.
هذا كله لم ينفع.. وكذلك لم تنفع حملات (السبام)، و
(الإبلاغ) بحجة أن غانم يحرض على الكراهية! وغير ذلك من
المزاعم.
في كل معركة كان غانم الدوسري يظهر منتصراً، مع المزيد
من المشاهدات، حتى أصبح ظاهرة مقلقة للعائلة المالكة،
خاصة في الآونة الأخيرة، حيث بدأت تصله معلومات من داخل
القصور، وخفايا الزوايا الملكية، وأخذ ينشرها بانتظام
على تويتر، اضافة الى ما ينشره في مقاطع الفيديو على اليوتيوب
ووسائل التواصل الأخرى.
ظاهرة غانم الدوسري لم تنشأ من فراغ. بل هي في ذاتها
انعكاس لهمجية العائلة المالكة، وعنفها ضد معارضيها، ما
جعله يتبع تكتيكاً غير مسبوق في الإعلام المعارض، فغطّى
عليه، وعلى الإعلام الرسمي في آن.
الخطاب الذي يقدمه غانم الدوسري من خلال مقاطع الفيديو،
يعيد الى الأذهان ما فعله باسم يوسف في برنامجه (البرنامج)
بحكم الإخوان، ورئيس الإخوان محمود مرسي!
لكن لغانم الدوسري نكهته الخاصة.
فهو قد جمع في خطابه وتوجيهاته ثلاثة عناصر صنعت منه
خطابا صاعقاً، شديد التأثير، وشديد التحريض، وشديد السخرية.
العنصر الأول ـ ان فيديوهات غانم تحوي كمّاً من المعلومات
الخاصة غير المسبوق نشرها. نعم هناك فيديوهات تحوي أخباراً
عامّة، قد تكون منشورة في صحف ومجلات غربية. لكن غانم
يبحث عميقاً، ويقدّم وثائق في كثير من الأحيان، كما يقدم
معلومات يعرف المطلعون أنها صحيحة، سواء تعلقت بسلوكيات
الأمراء الخاصة، او بمراسلاتهم، كما في مقاطعه التي تحمل
عنوان (مرخانيات) حيث يعتمد في كثير من الأحيان ليس فقط
على الكتب المنشورة، بل على الوثائق العربية في الخزانة
البريطانية، وكذلك على معلومات لم يسبق نشرها أصلاً ويتم
تداولها شفاهاً.
العنصر الثاني ـ لا يقدم غانم المعلومة فقط لجمهور
الشعب المسعود او العربي بشكل عام، وهو جمهور مضلّل، لا
تجرؤ وسائل الإعلام عربية او محلية او اجنبية على نشرها..
بل يقدم غانم ـ قاهر آل سعود ـ ايضاً، التحليل العميق
للسياسات السعودية، المحلية والخارجية، كما يقدم رؤية
مستقبلية متوقعة للأحداث القائمة، وبالتالي فهو يرشد المواطنين
الى ما سيحدث مستقبلاً (في المدى المنظور، او القريب،
او البعيد). وفي الغالبية الساحقة من تحليلاته كانت مصيبة،
وهذا واضح لكل من يتابعه بدقّة.
العنصر الثالث ـ وقد يكون هذا أكثر أهمية، وهو اعتماد
غانم الدوسري الكوميديا السوداء في فيديوهاته وبرامجه
الكثيرة والمتواصلة. أي أنه يقدم المعلومات والتحليلات
بأسلوب كوميدي ساخر من العائلة المالكة وأمرائها، وهو
أسلوب يصفه معارضوه بالإبتذال، وهو يرد بأن الإبتذال الحقيقي
ما يفعله الأمراء ويمارسونه، وما يرد به “دبابيسهم” عليه
في تعليقاتهم.
الفكرة من اعتماد الكوميديا السوداء، والسخرية حدّ
التسقيط لرموز العائلة السعودية المالكة، ليس فقط من أجل
تشويق المتابع والمشاهد فحسب؛ بل الأهم هو إسقاط قداسة
الأمراء، وكشف طويتهم، ومسلكهم المنافق والبعيد عن الأخلاق
والإسلام. وهذا الأسلوب، يحطّم شخصيات الملوك والأمراء
ومن يعضدهم، ويُجرّيء المواطنين على تناولهم بالألسن،
فيكونوا حديث المجالس وفاكهتها!
وفي ظل القمع المستمر، وفي ظل رفض آل سعود لخطابات
العقل الإصلاحية، والنصائح التي تقدم لهم، بل ووضع الناصحين
في السجون، فإن خطاب السخرية والكوميديا والإستهزاء برموز
العائلة المالكة وصبيانها، يعتبر الرد المناسب في الزمن
المناسب. فمن لا يقبل الخطاب المتزن، ويعتمد على الابتزاز
للمعارضين والتعدّي على أعراضهم، عليه أن يقبل بحملة التسقيط
من غانم الدوسري، جزاءً بالمثل.
ومن شأن خطاب كوميدي مليء بالمعلومات والوثائق، والتحليلات
السياسية العميقة، أن يلهب المعارضين في الداخلين، ويجرّئ
الجيل الشاب على مواجهة آل سعود ونظام حكمهم.
لهذا كله، نجح خطاب غانم الدوسري وأصبح ظاهرة، آخذة
بالإتساع ليس فقط على مستوى المملكة المسعودة، بل على
المستوى العربي، حيث يتكاثر عدد المشاهدين من كل العرب
في كل أصقاع الدنيا.
حقاً.. أثبت غانم الدوسري، من فيديوهاته، وتغريداته،
بأنه قاهر آل سعود!
|