حلف السعودية يدعو لتحرير قطر
هاشم عبد الستار
هناك انسداد في الحلول السياسية.
تركيا ترسل المزيد من القوات الى قطر، والسعودية وحلفاؤها
يتهمون قطر بالتصعيد العسكري ويهددون باحتلال الدوحة،
وليس فقط الفراق والطلاق.
امريكا تقول ان المشكلة عائلية وليس لديها حل، وقد
حاول وزير خارجيتها تيلرسون ذلك ففشل امام تعنّت الرياض،
والمهم انه اصطف مع قطر، التي دفعت الثمن لأمريكا مالياً
وسياسياً، ما جعل الرياض وحلفها في حرج بالغ، فلا هي قادرة
على التصعيد، ولا هي قادرة على التراجع.
ممثلة امريكا في الأمم المتحدة نيكي هايلي قالت علنا
في استجواب الكونغرس ان امريكا تؤيد صراعاً سعودياً قطرياً.
ولأن الرياض تتوق للتدخل العسكري والمغامرة، فليس مستبعدا
ان تغامر وتحرك القوات السعودية الى الحدود القطرية (دون
أن تدخل عملياً في الأراضي القطرية) وإنما لتشجيع محاولة
انقلاب تعمل الرياض والإمارات على طبخها بعجل، مثلما كان
الحال في 1996، حين فشلت المحاولة.
بهذه الخلفية نقرأ دعوات السعوديين والإماراتيين المتواصلة
في الصحافة ومواقع التواصل لتحرير قطر! والغرض هو تهيئة
الرأي العام، بل ان الحملة السعودية كشفت عن نية السعودية
لإحتلال قطر أو تحريرها من تميم ووالده، واختيار امير
لقطر من عائلة آل ثاني. اذن هي خطة متكاملة هنا في الاجراءات
والأهداف.
الامير فيصل بن فهد يقول لم يبق الا خيار تحرير قطر
من نظامها الفاسد؛ وظهرت الدعوات الكثيرة مثل: (القوات
السعودية ستحرر قطر وشعبها من طغيان حكومته الداعمة للإرهاب،
والاقتصاص من آل ثاني مصدر الارهاب). وكما برر أحد الاعلاميين:
(الشعب القطري تضرر كثيراً من تميم الذي ادخل الايراني
والتركي، فاستنجد بدرع الجزيرة لانقاذه)!
ثم مالمانع من احتلال قطر؟ يسأل احدهم. ويجيب: انقذنا
الكويت، وفزعنا للبحرين، ونصرنا اليمن، والآن نفعلها ونحرر
قطر. هناك ايضاً مبرر للتحرير، فقطر يحكمها عملاء الموساد
الاسرائيلي!، وهم خونة وارهابيون ويجب التدخل لاقصائهم
وتنصيب الشرفاء!
ومن التبريرات التي تهيء الجمهور لتقبل عمل عسكري،
ان قطر لا تلتزم بالاتفاقيات، بل ان المملكة تريد انقاذ
العالم من قطر الارهابية، زد على ذلك ان عزمي بشارة يعتدي
على اهل قطر؛ وان تحرير قطر يعني وقف اختراق اليهود للإعلام
العربي، ووقف اختراق ايران وتركيا للأمن القومي العربي؛
ووضع امير قطري ولاؤه خليجي عربي سنّي، لا تركي ولا اخونجي.
اكثر من هذا فتحرير قطر من تميم وأبيه وأمه، يقضي على
الحقد والكره والفتنة وتشويه الدين ودعم الارهاب وموالاة
المجوس والترك! وحماية الشعوب وانقاذها من ارهاب الدوحة.
وعلى المستوى الشخصي، يقول الاعلام السعودي: لا بد
من ازالة تميم لأنه انسان قذر بلا ذمة ولا ضمير، كما قالت
اروى الشهري. وظهرت مناشدات في الإعلام السعودي من أسماء
يُدّعى انها قطرية تناشد سلمان: (انقذنا، فكنا من ولد
موزة، واسلماناه. نريد قواتك يا سلمان الحزم عاجلاً حتى
تطهر قطر من الخُبث والخبائث).
إزاء هذا الجنون السعودي انتفض احد المواطنين فقال:
(يا دولتنا يا مسخرة، قبل الذهاب الى تحرير قطر، علّمونا
كم عدد قتلى الجيش السعودي في حربنا الظالمة والخاسرة
في اليمن). وقال آخر: (يجب ان تتحرر فلسطين إن كنتم صادقين)،
وحذرت الاعلامية وجد وقفي من تكرار سيناريو صدام بغزو
الكويت: ويلٌ لمن يلعب بالنار. ودعا الإخواني عبدالله
الغامدي قطر وتركيا بأن تتغدّى بآل سعود، قبل ان يتعشّوا
بقطر!
تشبيح سعودي: لا وسطية، معنا أو ضدنا!
الحرب السعودية وحلفاؤها على قطر بأوامر
ترامب مستمرة. حتى الآن فهي معركة سياسية اقتصادية أمنية
نفسية بامتياز، قد تتدحرج في اقرب فرصة الى مواجهة مسلحة،
وقد تنتشر لتصبح أزمة اقليمية كبرى.
بمعنى ان الصراع بين وزراء الخارجية، وبين
وسائل الاعلام والفضائيات، وبين جيوش تويتر لكل دولة يعجل
بالحرب المسلحة بعد ان يخرب النفوس ويحرضها على القتال.
الجميع يستخدم الاسلحة المتوفرة بما فيها
الأدب والشعر. هذه مشاركة الامير عبدالرحمن بن مساعد في
الحرب القائمة.
الانتهازيون كثر، دولاً واحزاباً واشخاصاً
وشركات. ففي المواجهات يكثر طلاب المال، وبائعو الضمائر
والسلاح. حتى من ليس لديه شيء يمكن ان يجد ما يفيد في
المعركة ويقدم عروض البيع. كويتي أسمى مولودته الجديدة
قطر، فنال مكافأة؛ فخرج سعودي وأسمى مولودته الجديدة:
السعودية، فلعلّ وعسى.
انصاف الحلول غير مقبولة، ودعاة العقل
والتعقل منبوذون، فحالة الاستقطاب حادة، غير مقبولة لا
من الباكستان ولا من الكويت ولا من السودان حتى: إما معنا
او ضدنا، وعلى طريقة الملك سلمان وهو يسأل نواز شريف:
انت معنا ولاّ مع قطر؟
اعلامي السلطة محمد آل الشيخ يريد تعليم القطريين بعد
انتهاء الازمة مادة عنوانها (فضيلة الوفاء وعدم الغدر)،
ومدارس الكويت (فضيلة ردّ الدَّيْن وعدم النكران)، في
اشارة الى دور السعودية في تحرير الكويت ولكنها لم تقف
مع الرياض ضد قطر. واضاف بان مجلس التعاون انتهى، وان
البديل اتحاد بين الامارات والسعودية والبحرين فقط. ومواطنو
باقي الدول يدخلون بفيزا. وهاجم ال الشيخ الكويت بأنها
تريد الرياض وقت ازماتها، اما في الرخاء فتنساها، وسلطنة
عمان شريك نائم.
رد عليه احدهم: عيب يا ولد الشيخ مجلس التعاون ليس
منزلكم.
لكن ابن الشيخ لا يعرف العيب، فكتب مجدداً: (موقف المملكة
المنقذ للكويت من براثن صدام، يجب ان نرى ثمنه موقفاً
مسانداً لنا في موقفنا المناهض للإرهاب وتقليم أظافر قطر)؛
وطالب آل الشيخ من أمير الكويت بأن يتصدى لأحد الصحفيين
القطريين (اذا كان فيه ـ اي الشيخ صباح ـ ذرة من وفاء
وفروسية وإباء)!
الاعلامي السلطوي عبدالعزيز الخميس هاجم الكويت لأنها
لم تنصع للإرادة السعودية كاملاً وارادت حل الأزمة بالحوار!
وكذلك فعل آخرون ارادوا ان تحدد الكويت مصيرها من خلال
الموقف من الأزمة مع قطر!
وظهر في الاعلام السعودي حملة تشبيح رسمية من اعلاميين
سلطويين ضد من لم يعلقوا على الأزمة مع قطر، واعتبروهم
(سعوقطريين) اخونجيين. كما ظهرت قوائم عار تشهر بهم، فيما
التغريدات المؤيدة للصهاينة تتزايد في قائمة عار حقيقية
أخرى. ومع هذا يكتب اعلامي السلطة محمد آل الشيخ في صورة
فظيعة: (أيها السعوديون؛ عدوكم الحقيقي: الحمدين ـ يقصد
حمد بن خليفة امير قطر السابق، ورئيس وزرائه حمد بن جبر
آل ثاني ـ قبل ايران وقبل اسرائيل. التسامح او التراخي
مع هؤلاء الحقدة الأشرار، يعني أن تقرأوا على وطنكم السلام)!
كثير من المثقفين السعوديين لا يرغبون في التعليق على
الأزمة القطرية السعودية. ولا يريدون اعطاء موقف مؤيد
للنظام؛ وهم في مجملهم يدركون بأن فتح معركة مع قطر، عمل
فاشل، يضاف الى قائمة الفشل الطويلة لمحمد بن سلمان.
بعضهم ـ وبينهم مشايخ ـ اجبروا على التأييد. وبعضٌ
طلبوا منه الإنسحاب من تويتر نهائياً. وبعضٌ ثالث احتجز
وقامت المباحث بالتغريد نيابة عنه تأييداً للموقف ضد قطر.
وفي المقابل هناك مؤيدون للنظام ويعملون مع استخباراته
ومباحثه. ومن بين المثقفين من يؤيد النظام لقناعة لديه
بأنه يخوض معركة وجود مستمرة في اليمن وسوريا والعراق
والبحرين والآن مع قطر ايضاً، وهي معركة عنوانها: الحرب
على إيران.
الاخواني أحمد بن راشد بن سعيّد، توقف عن الكتابة بحجة
ان أمّه ألحّت عليه بذلك، وقال انه لن يعود حتى تأذن له
أمّه (أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين)!
والأم المقصودة هي جهاز المباحث!
|