الخسارة الجماعية والحلقة المفرغة
في غزوة قطر.. (التمّ المنحوس على خايب الرجا)!
خيار (الإحتواء) والدحرجة في (العقوبات) على مدى طويل،
هو الراجح، وذلك لإرغام الدوحة على الاذعان، وهو ما
لم يتحقق، ولن يتحقق، كما خطط له
توفيق العباد
نضبت الخيارات وتبددت جهود الوساطات على ضروبها، فيما
يظهر أن ثمة أطرافاً إقليمية ودولية مستفيدة من إطالة
أمدها وانسداد أفق الحلول فيها. ويبقى السؤال المحوري:
متى تنتهي؟ ومالخيارات المتوافرة للوصول الى نهاية حاسمة
للأزمة الخليجية؟
في تتبّع مسارها، نتوقف عند تكتيات ثلاثة لجأ اليها
التحالف الثنائي (السعودي الاماراتي) زائد 2 (المصري البحريني)
ضد قطر على النحو التالي:
تكتيك المباغتة للخصم القطري
|
|
خطاب امير قطر: لا تنازل للرياض وحلفها! |
المباغتة بدأت من قصة التصريحات المنسوبة للأمير القطري
الشيخ تميم حول العلاقة مع إيران، والمقاومة في فلسطين
ولبنان، فانطلقت حملة اعلامية كثيفة ومنظّمة من الامارات
والسعودية ضد قطر، وفي اليوم التالي اعلنت الرياض وأبو
ظبي والمنامة والقاهرة قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة،
وسحب السفراء، وإغلاق الحدود البرية والجوية مع قطر..
وفي 22 يونيو الماضي أعلن عن قائمة المطالب الـ 13، الواردة
جزئياً في وثيقة الرياض في إبريل 2014، وأضيف اليها لاحقاً
مطالب أخرى من قبيل: تخفيض مستوى العلاقة مع إيران، وإغلاق
القاعدة العسكرية التركية وقناة الجزيرة الفضائية، واعتقال
وتسليم مطلوبين متواجدين حالياً على الأراضي القطرية،
ودفع تعويضات إلى البلدان المذكورة..
تكتيك العقوبات (الحصار الشامل) + المطالب
تنسيق الجهود لناحية تنظيم جملة تدابير عقابية دبلوماسية،
واقتصادية، ومالية، واعلامية، عبر «شيطنة» قطر وتحويلها
الى الدولة الراعية للإرهاب في العالم، تمهّد لعزلها وصولاً
الى «تغيير» سياستها و»سلوكها».
التحرّك الدبلوماسي القطري الكثيف أوروبياً وأميركياً،
إلى جانب التفاهمات العاجلة مع أطراف إقليمية فاعلة (سلطنة
عمان، ايران، تركيا، العراق) أفضى الى كسر الحصار نسبياً،
وأضعف الى حد كبير من تأثير التدابير العقابية للتحالف
الثنائي+2 الى القدر الذي كشف عنه اجتماع القاهرة في 5
تموز الماضي، والذي بدا باهتاً برغم من انعقاده عقب استلام
الرد القطري على المطالب الـ 13 السعودية الاماراتية والتي
وصفت بـ «المطالب المستحيلة» كونها تمسّ بالسيادة القطرية،
حسب تعبير وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل
ثاني.
في اجتماع القاهرة جرى تمويه المطالب بما يوحي بتقليصها
الى ستة (ما حصل في واقع الأمر أن المطالب الـ 13 أدمجت
في «مبادىء» ستة)، ويأتي ذلك في ظل انقسام واضح داخل الادارة
الاميركية على الأقل بين البيت الأبيض ووزارة الخارجية
حول الأسباب الموجبة للأزمة وحزمة العقوبات المفروضة على
قطر. فقد وصف وزير الخارجية الاميركية ريكس تيرلسون المواقف
القطرية بالمنطقية وطالب برفع الحصار الاقتصادي عن قطر.
في الوقت نفسه، نقلت وكالة رويترز في 11 يوليو الماضي
عن آر سي هاموند وهو مستشار كبير لتيلرسون- أن المطالب
الـ13 التي وُجهت إلى الدوحة قد انتهت ولا جدوى من العودة
إليها.
في النتائج، إن اختزال «المطالب» الـ 13 في ستة «مبادىء»
يؤشّر الى أن قطر كسبت الجولة، وهو الذي دفع التحالف الثنائي+2
الى تعديل في لائحة المطالب وتخفيضها. أكثر من ذلك، نجحت
قطر في إحداث زعزعة في التحالف الثنائي+2، ولاسيما بين
أبو ظبي والرياض، من خلال التصويب على محمد بن زايد، ولي
عهد أبو ظبي، بتحميله مسؤولية التخطيط لـ «مؤامرة» تخريب
العلاقات القطرية السعودية بدرجة أساسية. تكشف سلسلة تغريدات
لنجل الملك فهد، عبد العزيز، على تويتر نبرة الغضب ضد
إبن زايد، حيث نعى والده، زايد، وأن أفعال أبنائه من بعده
لاتجلب السرور له، واستخدم نعوتاً من التراث الشعبي تحط
من قدره.
وبعد أيام من انتشار التغريدات، أقفل الأمير عبد العزيز
بن فهد حسابه بدعوى «اختراقه». ولكن التغريدات تحوّلت
الى موضوع وسم على تويتر (إبن فهد يجلد إبن زايد)، وأشير
الى تغريدة للأمير عبد العزيز بن فهد في 21 يوليو الماضي
يعلق فيها على تغريدة لأحدهم حول الامارات والهدف من تدخلها
في اليمن عسكرياً «اشتهاء الموانىء» والسعي «للسيطرة على
موانىء باب المندب وعدن»، فعلّق قائلاً: «لا أعلم صحة
هذا من عدمه، ولكن يستحق البحث من المسؤولين»، ما يفيد
بأن تغريدات الأمير حول إبن زايد لم تكن حاصل «قرصنة»
في الأصل.
يتآزر ما سبق مع مضمون تقرير نشرته صحيفة (واشنطن بوست)
في 16 يوليو الماضي نقلاً عن مسؤولين في وكالة الاستخبارات
المركزية الأميركية حول ضلوع الامارات في عملية «القرصنة»
لوكالة الانباء القطرية، والتي أشعلت فتيل الأزمة الخليجية.
تغيير النظام عبر الانقلاب أو التدخل العسكري
|
|
عبدالعزيز بن فهد يشن هجوماً على الامارات
ومحمد بن زايد |
اللجوء الى خيار راديكالي من هذا القبيل يشي بفشل خياري
الصدمة والحصار، برغم من وحدة الهدف في الأطوار جميعاً.
هذا لا يلغي، بطبيعة الحال، وجود إشارات مبكّرة انطلقت
من مواقع التواصل الاجتماعي وتعكس أجواء التحالف الثنائي+2،
أو بالأحرى التحالف الثنائي السعودي الاماراتي، تتحدث
عن تغيير النظام في قطر.
على أية حال، فإن الإنقلاب أو التدخل العسكري المباشر
يبقى سؤالاً أكثر من كونه خياراً. ومنشأ السؤال يعود الى
أن تقديرات المدى الزمني لمفاعيل العقوبات الاقتصادية
معطوفاً على الحملة الاعلامية والدبلوماسية المكثفة لم
تكن دقيقة، بل إن بعض التدابير القطرية المضادة أحبطت
جزءاً جوهرياً منها، عن طريق الحراك الدبلوماسي القطري،
وفك الحصار التجاري، والجوي وتعويض المجال البري بالبحري
وفتح آفاق شراكة مع عمان وايران وتركيا..
فصل تصعيدي جديد انطلق فور انتهاء زيارة وزير الخارجية
الأميركية للمنطقة. وكان تيلرسون وقع في اتفاقاً أميركياً
قطريا بشأن تمويل الإرهاب، في محاولة للمساعدة في تخفيف
الأزمة، لكن دول التحالف الثنائي+2 قالت إن الخطوة غير
كافية لتهدئة مخاوفهم.
وفي 13 يوليو نقلت صحيفة (الاتحاد) الإماراتية ذات
الصلة بحكومة أبوظبي عنواناً في صفحتها الأولى يقول: «لا
تنازل عن المطالب الـ13»، في إشارة إلى قائمة المطالب
التي قدمتها الدول الأربع لقطر. تلك خلاصة اجتماع جدة
بين وزراء خارجية التحالف الثنائي+2 مع وزير الخارجية
الأميركية تيرلسون ووزير الخارجية الكويتي.
ذهب أنور قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية،
للقول بأنه «لن تكون هناك نهاية سريعة للخلاف بين قطر
والدول العربية الأربع التي تقاطعها وبينها الإمارات»،
كما جاء على حسابه الرسمي على «تويتر في 14 يوليو الماضي.
وأضاف قرقاش:»متجهون إلى قطيعة ستطول..الحقيقة أننا بعيدون
كل البعد عن الحل السياسي المرتبط بتغيير قطر لتوجهها،
وفي ظل ذلك لن يتغير شيء، وعلينا البحث عن نسق مختلف من
العلاقات».
في 19 يوليو، نقل موقع بي بي سي البريطاني عن دبلوماسيين
سعوديين وإماراتيين وبحرينيين ومصريين لصحفيين في الأمم
المتحدة إن دولهم تريد الآن من قطر أن تلتزم بستة مبادئ
عامة، تشمل الالتزام بمكافحة الإرهاب والتطرف وإنهاء الأعمال
الاستفزازية والتحريضية. ولكن في اليوم نفسه، نشرت صحيفة
(عكاظ) تغريدات للمستشار في الديواني الملكي سعد القحطاني
يؤكد فيها على أن المطالب الـ 13 قد تزيد مبرراً ذلك «بعد
أن اتضح للعالم سوء نية الدوحة».
يؤشر ذلك الى غياب موقف موحد لدى التحالف الثنائي+2،
وأن المواقف تتبدّل بناء على الفعل ورد الفعل، الأمر الذي
يفسح في المجال أمام تبدّلات سريعة ومفاجئة أحياناً، وإن
زمام المبادرة لم تعد بيد التحالف الثنائي+2 دائماً، بل
قد يكون الموقف القطري نفسه حافزاً على موقف متغيّر لدى
الرياض وأبو ظبي بدرجة أساسية.
خطاب الأمير القطري في 22 يوليو الماضي بدّد التكنهات
كافة لناحية الرضوخ للمطالب الـ13، إذ أعاد تأكيد ثوابت
الدولة القطرية فيما يرتبط بالسيادة واستقلال القرار القطري،
بما يعني رفض الرضوخ للإملاءات الخارجية، فيما شدّد على
التزامه بالقضايا الخلافية مع السعودية والامارات لاسيما
الوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني والعلاقة مع تركيا، وأبقى
مفتوحاً للحوار فحسب. وعليه، دخلت الأزمة منعطفاً جديداً،
وتقلّصت الخيارات في ظل إصرار التحالف الثنائي+2 على استجابة
الدوحة للمطالب فحسب.
|
|
انور قرقاش يستشعر خسارة المعركة |
على أية حال، في ظل فشل الوساطات جميعاً، برغم من الدعم
المتواصل للوساطة الكويتية باعتبارها المرجعية في أي حل
للأزمة الخليجية، إلا أن الجانب القطري على ما يبدو فهم
من الاقتصار على الوساطة الكويتية حصرياً هو لتفويت الفرصة
على أي طرف آخر، وتعطيل أي حل يمكن أن يأتي من الخارج،
ولذلك أعلن وزير الخارجية القطري في 27 يوليو الماضي بأن
بلاده سوف تطلب من الامم المتحدة لعب دور أكبر لناحية
تسوية الخلاف مع السعودية والامارات والبحرين ومصر، وأعزى
استمرار الخلاف الى «عناد» هذه الدول. ومرد ذلك، كما كشفت
عنه المتحدّثة باسم الخارجية الأمريكية هيثر نويرت في
28 يوليو: «أن أزمة قطر وصلت إلى «طريق مسدود».
وسائل إعلام أمريكية أشارت الى أن أزمة قطر مع دول
التحالف الثنائي+2 دخلت إلى ما وصف بـ»المنعطف الخطير»،
ونقلت وكالة «بلومبرج» الأمريكية عن مسؤول خليجي، طلب
عدم الكشف عن هويته، قوله إن «أزمة قطر وصلت حاليا إلى
طريق مسدود، بعدما توقفت جهود الوساطة بالكامل».
المسؤول الخليجي كشف عن الهدف من وراء المقاطعة الشاملة
على قطر وهو الرغبة «بمزيد من التنازلات من الدوحة» ولأن
الأخيرة ترفض، فإن النتيجة هي «توقّف جهود الوساطة تماماً
في الوقت الحالي». في المقابل، فإن مقترح التفاوض، بحسب
واشنطن ولندن، لم يلق قبولاً لدى التحالف الثنائي+2 لأنه
يتعارض مع أهداف المقاطعة، بينما يحظى بترحيب شديد من
الدوحة. ولذلك، فإن اعتصام كل طرف بخياره يجعل أي أفكار
لا تخدم أي من الخيارين عقيمة.
إن النزوع نحو فتح ملفات خلافية قديمة والعودة الى
الماضي ونبش ما اندثر من نزاعات وإعادة تظهيرها وتوظيفها
في الأزمة الخليجية الراهنة يبعث برسالة واضحة بأن لا
نية لدى قادة التحالف الثنائي+2 أو بالأحرى مهندسي الأزمة
بحل الخلاف، بل بتعقيد المشكلة ومنع الحل، أو مضاعفة الثمن
المطلوب من قطر. فقد تحدّث الاعلامي السعودي المقرّب من
السلطة عبد الرحمن الراشد عمّا أسماها «مشكلة قديمة وتراكمية»
وأن الشكوى من قطر بدأت «منذ زمن طويل، عشرين عاماً تقريباً».
في الخيارات، أبقى الراشد على خياري الإعلام والحصار
الاقتصادي، ولفت الى هبوط «التراشق إلى أدنى مستوياته»،
وأن المتضرر بشكل أساسي هو الدوحة، في إشارة واضحة الى
السياسات الاعلامية المتبعة في دول التحالف الثنائي+2.
وتحدّث الراشد بأن التحالف «لا يزال يملك الذخيرة لإيصال
رسالته». وبرغم من أن الراشد أبقى الباب مفتوحاً في مسألة
الحل للأزمة، رغم حتمية نهايتها في آخر المطاف، ولكنه
خلص للقول: «ولا نستطيع أن نقول متى ولا كيف، ربما في
العام المقبل»..
في سياق التجاذب تحوّلت أوروبا والولايات المتحدة الى
ساحة حرب بين طرفي الازمة الخليجية، حيث يستثمر كل طرف
علاقاته الدبلوماسية، وأمواله، ونفوذه السياسي والمالي
في تحطيم الآخر، ولا يكف أي منهما عن استغلال كل ما يمكن
لتأليب الرأي العام ضد الآخر. فقد لجأت الامارات الى مجلس
النواب للتحريض على قطر ودعمها للجماعات الارهابية، وإثارة
قضية نقل قاعدة العديد الى مكان آخر.
|
|
عبدالرحمن الراشد: لازال هناك ادوات لإرغام قطر!
|
في حقيقة الأمر، أن طلب النواب الأميركيين بمراجعة
ملف قاعدة العديد في قطر ونقلها الى مكان لآخر لم يرد
إلا في الاعلام الاماراتي، ولم يتحدث عنه الاعلام الاميركي
والاوروبي.
في السياق نفسه، كرّس سامح شكري، وزير الخارجية المصري،
جولة أوروبيية للتحذير من أن الدول التي تقاطع قطر لن
تقبل أي حل وسط من الدوحة بشأن مطالبها، وأبلغ الاتحاد
الأوروبي، في بروكسل، أنه «لا يمكننا التنازل أو الدخول
في أي شكل من المفاوضات».
اجتماع المنامة على مدى يومي 29 ـ 30 يوليو، خصّصت،
بحسب أحمد أبو زيد، المتحدّث باسم وزارة الخارجية المصرية
«متابعة التزام قطر بالمطالب الـ13 من عدمه»، مؤكدًا أن
الدول الأربع «متمسكة بمواقفها تجاه قطر، ولا توجد هناك
أي تنازلات أو مساومات».
الموقف القطري كان واضحاً وليس فيه أدنى تغيير، وكما
عبّر عنه بوضوح مدير مكتب الاتصال الحكومي في قطر، سيف
بن أحمد آل ثاني، خلال تصريحات أدلى بها لوكالة الأنباء
الفرنسية، ونشرت في 28 يوليو بأن السعودية والإمارات والبحرين
ومصر تحاول «مصادرة قراراتنا السياسية الخارجية؛ حتى لا
تعود تُصنع في قطر، وهو ما لن نقبله على الإطلاق».
وقد نظرت الدوحة الى لائحة الارهاب التي ضمّت أفراداً
وكيانات يعتقد بأنها مرتبطة بقطر على بمثابة «إنذار نهائي».
ولكن المسؤول القطري لفت الى أن «قطر تملك دعم الولايات
المتحدة»، وأن الرسائل الملتبسة التي صدرت في بداية الازمة،
لاسيما تصريح الرئيس الاميركي ترامب حول ضلوع قطر في تمويل
الارهاب، والتي وظّفتها الرياض لصالحها، ما لبثت أن تبدّدت
لاحقاً بصدور تصريحات مضادة من الجانب الاميركي ولاسيما
من وزير الخارجية تيرلسون ووزير الدفاع ماتيس.
على أية حال، فإن فشل الوساطة الأميركية (تيرلسون في
11 ـ 13 يوليو)، والتركية (أردوغان في 23 ـ24 يوليو) كان
يبطن نزوعاً نحو خيارات تصعيدية. بدأ ذلك فور مغادرة أردوغان
المنطقة، إذ أعلن عن قائمة من المنظمات والشخصيات الجديدة
على لائحة الارهاب، تشمل ثلاث منظمات تتخذ من اليمن مقراً
لها وست منظمات فى ليبيا متّهمة بإقامة علاقات مع تنظيم
القاعدة، وثلاثة قطريين وثلاثة يمنيين واثنين من الليبيين
وكويتي متورطين في «حملات لجمع التبرعات لدعم جبهة النصرة
وغيرها من الميليشيات الإرهابية في سوريا»، حسب بيان التحالف
الثنائي+2 في 25 تموز الماضي.
قطر وصفت القائمة بأنها «مفاجئة مخيّب للآمال»، فيما
تحدّث اعلام التحالف الثنائي+2 عن قوائم أخرى «كبيرة»،
قالت صحيفة (عكاظ) في 27 يوليو الماضي بأنها «ستزلزل قطر»
من المقرر إعلانها في ختام اجتماع المنامة. وعاد التأكيد
على تمسّك بالمطالب (المضمنة في المبادىء الـ 6) بالكامل.
وكأننا أمام تلاعب بالألفاظ للتفريق بين «المطالب» و»المبادىء».
في سياق تصعيدي آخر، جرى الحديث عن «تغيير» نظام الحكم
في قطر، عن طريق تمرّد داخل الأسرة المالكة. نشر (مجتهد)
في 24 يوليو الماضي تغريدة على حسابه في تويتر جاء فيها:
«استضاف ابن سلمان شخصاً من آل ثاني من أجل تنفيذ دور
في مخطط للإطاحة بتميم..فشل المخطط وأصبح الضيف عبئاً
ثقيلاً، لا يعرف كيف يتخلص منه». وفي 28 يوليو تحدّث الاعلامي
الفلسطيني المقيم في لندن عبد الباري عطوان عن وجود أمير
قطري بديل عن تميم في الرياض، في إشارة الى عمل عسكري
أو انقلاب يطيح نظام قطر الحالي.
على أية حال، فإن الجانب القطري كان متأهباً للذهاب
إلى أقصى ما يمكن أن تصل اليه خيارات التحالف الثنائي+2
بما في ذلك الخيار العسكري. وقد أكد السفير القطري بواشنطن
مشعل بن حمد، في كلمة القاها خلال جلسة عقدها مركز العلاقات
العالمية للأبحاث بواشنطن، في 28 يوليو «أن بلاده ليست
قلقة من احتمال اندلاع مواجهة عسكرية في المنطقة».
من المؤكد أن أي عمل عسكري ضد قطر سوف يكون خارج القانون،
مهما تكن المبررات، وسوف تكون له تداعيات خطيرة على المنطقة،
كونه سوف يثبت سابقة تصفية الحسابات بين الدول عن طريق
القوة وليس القانون، لاسيما مع حلول ذكرى احتلال النظام
العراقي السابق للكويت في آب 1990 وبذلك يبعث برسائل خاطئة
الى دول المنطقة والعالم.
من الضروري الاشارة الى أن تغيير النظام في قطر سوف
يثير قلق الكويت وسلطنة عمان بدرجة أساسية. ومن وجهة نظر
الكويت، فإن ما يحدث مع قطر يحمل تداعيات على الكويت.
وبحسب أحد الناشطين الكويتيين، لو تعمل الدول المقاطِعة
على إجبار قطر على تغيير قيادتها، أو تفرض بالقوة على
القيادة الحالية في الدوحة إعادة توجيه سياستها الخارجية
بالكامل، فإن ذلك سيشكل تهديداً للاستقلال السياسي الكويتي
أيضاً.
في النتائج، يبدو أن خيار (الاحتواء) والدحرجة في (العقوبات)
على مدى طويل هو الراجح بانتظار ما يمكن أن يحققه من نتائج
بأرغام الدوحة على الاذعان، وهو ما لم يتحقق بحسب مجلة
(التايم) الأميركية بل ترك نتائج عكسية تماماً بأن الدوحة
اجترحت لنفسها خيارات، وإن مكلفة نسبياً، ولكن فاجأت دول
التحالف الثنائي+2، كما تفاجأت الرياض وأبو ظبي من عقم
دور جماعات الضغط المرتبطة بها في واشنطن في مقابل جماعة
الضغط القطرية، وبالتالي لا خيار أمام دول التحالف الثنائي+2
سوى التفاوض والدخول في ترتيبات مع الولايات المتحدة في
مكافحة الارهاب.
في الوقت نفسه، فإن إطالة أمد الأزمة سوف يدرّ أرباحاً
طائلة لأطراف دولية ولا سيما الولايات المتحدة التي تحصد
ثماراً جنيّة من طرفي الأزمة، فعلام الاستعجال في حلّها؟!
|