كلمة حق أمام (داشرٍ) جائر!
من يجرؤ على الكلام في مملكة آل سعود اللئام؟!
مغردون يختفون، ورجال (دليم/ سعود القحطاني) يكتبون
بالنيابة عن المعتقلين في حساباتهم على تويتر!
كلمة نقد ـ ولو من بعيد ـ تكلف المواطن هذه الأيام
سنوات طويلة من عمره!
فليصمت الجميع، اذن، وليفعل محمد بن سلمان ما يشاء.
ومحظوظ من يُقبل منه الصمت، صحفيا كان او كاتباً او
شخصية مشهورة.
فقد يكلف الصمت صاحبه السجن ايضاً، لأنه لم (يتكلم)
في مديح ولاة الأمر، ويمجد أفعالهم، أو لم ينتقد خصومهم
ويدخل الوحل القذر معهم.
عشرات من الكتاب والمغردين يكتبون حسب الأوامر، بعد
أن كانوا ناقدين، تنويريين.
هو الخوف اذن، في مملكة الخوف التي صنعها سلمان وابنه.
لهذا قد تجد فضيلة لدى أحدهم إن شممتَ من مقالته او
تغريدته رائحة رأي حر، او نقدٍ كتب بصيغة ملتوية، او قصد
منها الكاتب شيئاً غير الظاهر منها. هذا يعد شجاعة حقاً.
ولعلنا نسيء هنا لمن ننقل عنهم شجاعتهم، فلربما نفوا
ان يكونوا يعنون ما فهمناه مما كتبوه!
(العم) بخيت الزهراني مفاجأة، وفي أجواء القمع السعودي،
كتب دون أن يؤشر الى أحد بعينه: (الزعيم الحقيقي لا يسرق
شعبه، بل يضحي بماله الخاص في سبيلهم. لا يستوي زعيم ولصّ)!
نأمل ان لا يحقق معه أحدٌ من المباحث فيسأله: (مَنْ
كنتَ تقصد يا خبيث)؟!
الأديب محمد زايد الألمعي يلخّص في جملة واحدة المشهد
السياسي السعودي، وعلاقة التيار الوهابي بآل سعود، دون
ان يحدد المعني بالأمر: (الدولة التي توزّع سلطتها على
أوليائها، لا تحسُّ بالورطة إلا عند حاجتها لاستعادة هذه
السلطة)!
فهل قصد أن آل سعود يريدون استعادة سلطتهم التي منحوها
مشايخ الوهابية الرسميين والصحويين؟
يلخص الألمعي أيضاً انطلاق الشوفينية بالإسم الوطني
او الديني فيقول: (أصبحوا مُخبرينَ ووعّاظاً او عقاريينَ
أو سماسرة. ثم جاءت كائناتٌ من سلالةٍ غامضة لتحديد معايير
وطنيتي؛ فأصبحتُ شاعراً لا يعجبه شيء!). ويمضي فيقول حكمةً:
(الكراهية باسم الدين تفضي الى كراهية الدين باسم المحبّة)!
من يكتب في المنفى لا خطر عليه، ولديه متسع من الحرية
ليصرخ بملء الفم، كما هو المحامي المتميز في المنفى والحقوقي
عبدالعزيز الحصان، الذي كتب: (وطنٌ بلا ضمائر، مجرد خريطة
وطن). وخاطب الشوفينيين المحاربين عن النظام باسم الوطنية:
(خذوا وطنيتكم واذهبوا بها الى الجحيم. فالأرض للشعب،
والوطن لا يُبنى بالمرتزقة). ومثل الحصان، الدكتور المنفي
عبدالله الشمري والذي يخاطب عائلة آل الشيخ المتحالفة
مع آل سعود: (بأيّ مسوّغ شرعي تكون لكم مخصصات من أموال
الشعب؟ وهل هذا من المنهج السلفي الذي تدّعونه أنتم وآل
سعود؟).
الاعلامية في اذاعة مونت كارلو ـ والتي نالت الدكتوراة
حديثا ـ ايمان الحمود، والتي نسأل الله ان يستر عليها،
أغضبت حزب السلطة مراراً بكتاباتها. كتبت ذات مرة: (أرجوكم..
أوقفوا الحرب في اليمن. فلا منتصر فيها، والخاسر الوحيد
هو شعب اليمن). وهذه الدعوة جريمة بنظر آل سعود. وعلى
طريقة: إياك أعني واسمعي ياجارة، وجهت نقداً مخنوقاً لمن
يهمه الأمر: (الدولة التي تخشى على كيانها من مجرد تغريدة
أو رأي حر، هي دولة من ورق). واضافت: (عندما يكون إعلامك
ذا اتجاه واحد، يقصي الصوت المختلف، ويدفعه الى منابر
اخرى للتعبير عن رأيه.. صدقني، هي مشكلتك أولاً، قبل ان
تكون مشكلته). وعن الاعتقالات كتبت: (مهما كنت محنكاً
سياسياً.. لا يمكنك الدفاع عن مبدأ الإعتقال في اي بلد
كان.. لأنك تدافع عن قضية خاسرة.. ودفاعك سيسيء لصورة
بلدك اكثر!).
جمال خاشقجي الذي فرّ الى المنفى (أمريكا) يكتب مقالات
وله آراء جميلة هذه الأيام وجريئة، لكن قيمتها وتأثيرها
ضعيف، فالرجل كان الى الأمس (طبالاً) لدى آل سعود، فمن
سيسمع اليوم نقده فيهم، بعد أن ركلوه؟
تركي الحمد، مثقف اصطفّ كلياً مع آل سعود، لكنه قدّم
رأياً غير مسبوق. فقد دعا الى (الفيدرالية) في السعودية.
قال: (الفيدرالية أفضل أشكال الدولة لمن لديه تنوّع. فرض
الأحادية قد يستمر زمناً، ولكنه يبقى قنبلة موقوتة. خيارنا
اليوم هو بين الفيدرالية والتقسيم). وأضاف: (اميركا دولة
فيدرالية، وكذلك روسيا والبرازيل وسيوسرا الصغيرة وألمانيا
والهند.. وكلها تتمتع باستقرار تحسد عليه. أما آن لنا
أن نستفيد منهم؟).
لو أحدٌ آخر قال هذا الكلام، لكان قد وضع في السجن
فوراً! أما وقد أتى من منافح عن محمد بن سلمان ومغرمٌ
بسياساته الفاشية، فإنه قد غُفر له ذنبه!
نبش أحدهم في تغريدات تركي الدخيل، مدير قناة العربية،
فوجد الكثير مما يختلف عن تطبيلاته. من ذلك: (إذا أرادت
الأنظمة الخائفة من زحف الثورات البقاء، فلتبدأ بالإصلاح
المالي أولاً، لتوزّعْ الثروة بالعدالة، ولتُنهي الإستئثار
الذي آذى الشعوب).
طبعاً تركي ليس (صحوياً) فيُتهم بدعم الثورات ويُعتقل!
|