العنصرية تأكل الدولة السعودية
السعودية بلد العنصرية بامتياز.
نخبتها المناطقية الأقلوية التي تحتكر السلطة.. عنصرية
ضد الغريب، ما لم يكن غربيا ابيضاً!
وهي عنصرية تجاه الفئات الضعيفة من العمالة الوافدة
عربية وغير عربية.
وهي ـ فضلاً عن طائفيتها ـ عنصرية تجاه كل مكونات المجتمع
مناطقياً وقبلياً.
بل هي عنصرية حتى في التعاطي مع الدول. انظروا كيف
ينظرون الى السودان مثلاً، او الدول الافريقية، او حتى
ايران وتركيا. اقرأوا تصريحات ولي العهد الأخيرة مع سي
بي اس، وتعليقات الاعلام السعودي، فسترونها شوفينية استعلائية،
ولا علاقة لها بالسياسة.
هذه الأيام يتعرض الحجازيون الى حملة كراهية وعنصرية
غير مسبوقة، حيث التركيز اليومي عليهم بأنهم مُجنّسون
يجب أن يطردوا من البلاد، وأنهم غير وطنيين، وأنهم مفسدون،
وأنه يجب ان يُزاحوا عن مناصبهم.
هذه الحملة يقوم بها فصيل من الجيش الالكتروني بالتضامن
مع الكتاب: مثل عبدالله الجهيمي، ومحمد آل الشيخ، وهيلة
المشوح، ونورة الشنار وأضرابهم. والغرض من تهديد الحجازيين
بالطرد والإهانة، رغم أن وجودهم في الحجاز بمئات السنين،
سابق على الاحتلال النجدي السعودي لمناطقهم.. هو إبقاء
الحجازيين صامتين، وأن يكونوا اكثر مطواعية، فضلا عن ان
الحملة تأتي في سياق انتعاش الثقافة الحجازية والتراث
الحجازي، وعليه لا بدّ من تحجيمهم واخراسهم من قبل السلطات
النجدية.
وتبدو القضايا كلها مختلطة في المفاهيم والتطبيقات.
فأبناء السعوديات موضوعهم ليس تجنيساً وانما حق تطبيع
وضعهم كمواطنين؛ ومن يسمون في الحجاز بالمواليد فهؤلاء
ولدوا وآباؤهم واجدادهم في السعودية وليس لديهم بلد آخر
ولا هوية أخرى، ولهم الحق في الحصول على الجنسية. وموضوع
التجنيس في الأصل له علاقة بأولئك الذين يمكن ان يفيدوا
البلاد اقتصاديا وعلمياً من الأجانب. وهناك قبائل سعودية
هاجرت ثم عادت وليس لديها جنسية؛ وهي تقع على الحدود مع
العراق بالذات. وهناك قبائل استتبعت هي واراضيها من اليمن،
ولم يحصل السكان على الجنسية رغم الحاق ارضهم!
واخيراً هناك العمالة الأجنبية التي يُعتدى عليها بالعنف
او باللسان، وهي متهمة بأنها سبب البطالة!
الموضوع طاغ، ويهدد بتفتيت المجتمع اكثر مما هو مفتت
بسبب غياب الهوية، وتعمد آل سعود تقسيم المجتمع، وكذلك
تعمد النخبة النجدية الاستئثار بالسلطة وتبرير ذلك طائفياً
ومناطقياً وقبلياً.
الإعلامي طراد الأسمري يرى وجوب شن (حرب مجتمعية على
العنصرية تكون شرسة ومستمرة ولا هوادة فيها. نحن أمام
عدو سفاح مجرم لا يرحم). وجمال خاشقجي الذي لاحقته الشتائم
العنصرية منذ فرّ بجلده الى الخارج، قال بان العنصري يسفر
عن عنصريته دون أن يخشى المحاسبة. وتساءل: بماذا ينبئنا
هذا؟ ويجيب: عندما يتردّى خطاب الكبار (ويقصد ال سعود)،
يزداد الصغار تردياً. وختم: (كأن قدرنا ألاّ نعتدل ونتوسّط:
إما سلفية متشددة تكفّر؛ او وطنية متطرفة تخوّن)! وسأل:
(لماذا حسابات الخليّة الحكومية ومن حولها من الذباب الإلكتروني
يشيعون أجواءً عنصرية في البلد؟).
الإعلامي الحجازي غسان بادكوك قال: (من يظن نفسه في
مأمن من بذاءات العنصريين فهو واهم. العنصرية هي سرطان
يتفشى.. الصمت عن العنصريين او الخوف من تسلطهم، لن يجعلكم
في منأى عن قذاراتهم. مواجهتهم هو السبيل الوحيد الى حين
صدور قانون تجريم العنصرية). وغمز من قناة تساهل الحكومة:
(تصبحون على وطن ينبذ التطرف العنصري، ولا يتساهل مع رموزه
ودعاته ومروّجيه). رد الكاتب النجدي محمد العثيم محرّضاً
جهاز المباحث بأنه تبين من مجادلات غسان ان وراء الأكمة
ما وراءها (فوجب التنبّه للخطر على الوطن من هذه التظاهرة)!
الدكتور سعيد الغامدي طالب بإيقاف الحسابات العنصرية
في تويتر، وكذلك المقولات والأعمال التي تمارس العنصرية
ضد أهل الحجاز، كعبارة (طرش بحر، ومجنسين، وبقايا حجاج)،
كما طالب بالكف عن اتهامهم بلفظة (الانفصاليين). وحذّر
من أن هذه التصرفات الرعناء قد تقوّض وحدة البلاد وتنشر
البغضاء والتمزق والفتنة.
معظم الكتاب النجديين لم يتحدثوا ببنت شفة عن هذا الفتنة
العنصرية. لأنها في جوهرها تتضمن دفاعاً عن نجد، وعن الحكم
النجدي السعودي، وعن مصالح النخبة النجدية التي تسيطر
على البلاد رغم اقلويتها.
عثمان العمير امتعض: (ما كدنا نتخلص من الصحونجية،
حتى داهمتنا ملاريا الشعبوية الداعية للكراهية والانغلاق
ونفي الآخر وتقسيم المجتمع وايقاظ الفتنة). والإعلامي
سعود العيدي التفت الى الممارسات العنصرية ضد الوافدين،
محذراً من ان خطاب الكراهية والعنصرية ضدهم (وصل الى مراحل
خطيرة جداً ستجعلنا شعباً منبوذاً). وطالب العيدي بسن
قانون يجرم الكراهية والعنصرية ليغلق الباب على كل من
يدعي حب الوطن وهو ملطّخ بالعنصرية.
ورأى المفكر محمد علي المحمود ان العنصرية ليست جهلا،
وضيق أفق، وإرادة انغلاق فحسب، بل هي تتضمن جوهر الكراهية
وشح النفس والأنانية بل والكفر بالإنسان. وقال انه ليس
من حق أي مكوّن اجتماعي ان يحتكر الوطن لنفسه: (لا تتصور
ان الوطن هو أنت وأمثالك فقط).
اليوم يكثر الخطاب ضد العنصرية، والحكومة ساكتة لأنها
وراءه، ولكنها لن تستطيع مقاومة التيار العام، ولا تستطيع
ان تظهر بمظهر المؤيد علناً للعنصرية التي تبثها سمومها.
يقول الأديب محمد زايد الألمعي منددا باستخدام الوطنية
لتمرير العنصرية: (ما أثقل وطنيّة بعض أصدقائي على قلبي.
ليس لأنهم كاذبون، ولكن لأني أعرفهم جيداً، واعرف أنهم
لا يعرفون الفرق بين الوطن والحكومة!).
وانتقد انس زاهد الحملة العنصرية على الحجازيين، والتي
تحركها جهات رسمية، فقال: (يشكك في عروبتك، وهو لم يقرأ
ولا يستطيع ان يتفاعل مع كتاب في الأدب العربي، قديمه
وحديثه. العنصري غبي بالفطرة).
|