وراثة العرش السعودي
الصراعات الخفية
الوثيقة: FCO 8/1209/1/120050
بتاريخ: 21 نوفمبر 1968
ـ مذكرة إدارة الابحاث:
الموضوع: وراثة العرش السعودي
أ ـ قبل قيام الحكم السعودي كانت وراثة القيادة القبلية
تتم عادة على اساس الرابطة الابوية، بالرغم من أن القانون
القاضي بكون الابن الأكبر الأكثر إستحقاقاً لا يتم تطبيقه
بالضرورة. إن اختيار الوريث للعرش يقع عادة على المرشح
المناسب والأكثر تأهيلاً، ويتطلب موافقة شعبية. وهناك
سوابق على تعيين خليفة من قبل حااكم أو شيخ قبلي ولكن
في حالات كهذه فإن موافقة الشعب تعتبر تفويضية. ووفق هذا
النظام فإن العزل ـ أي عزل الحاكم ـ محتمل.
ب ـ في بواكير الثلاثنيات، قام الملك عبد العزيز وبصورة
حذرة بترتيب تدريجي من خلال السمعة الشعبية تعيين إبنه
الأكبر الأميرسعود كولي عهد.
ت ـ في 1949 أسفر تقييم الوضع عن أن ليس هناك سبب كفوء
يمنع ولي العهد من خلافة أبيه بصورة سلمية. وعلى أية حال،
فقد تم الافصاح عن الشك حيال قدرته على الحفاظ على موقعه
في وراثة العرش وتعزيز ذلك الموقع بعد وصوله الى العرش.
وهناك عدة أسباب صالحة لهذا الشك (أنظر الفقرات من 8 ـ
18).
ث ـ وهناك استناج مماثل تم التوصل اليه في عام 1952
وفي مطلع 1953. فالشكوك حيال قدرة ولي العهد للحفاظ وتعزيز
موقعه بعد وفاة والده كانت أعظم حينئذ. وقد اعتلى الملك
سعود العرش في نوفمبر 1953 (الفقرات من 19 ـ 24).
ج ـ إن تاريخ العائلة السعودية المالكة خلال الاثني
عشر سنة القادمة هو الى حد كبير تاريخ الصراع من أجل السيطرة
الكاملة بين قوى الشمولية المنفلته من عقالها تحت سلطة
الملك سعود، والذي كان من الواضح غير مناسب للحكم، وقوى
الاعتدال تحت سلطة الملك فيصل، والذي برز بصورة تدريجية
باعتباره القائد الوحيد القادر على الحكم بصورة رشيدة
ومسؤولة. فهناك أزمات وقعت في 1958، 1960، 1962 و1963،
وفي مارس 1964، تسلّم الأمير فيصل كافة السلطات والامتيازات
التي كانت في السابق خاصة بالشخصية السيادية في البلاد
(أي الملك)، تاركاً الملك سعود محتفظاً بمجرد الاسم. وهذا
الاجراء قد تم اتخاذه بدعم كامل من العلماء والعائلة المالكة.
وقد تم عزل الملك سعود بصورة رسمية في نوفمبر 1964 وتولى
الملك فيصل العرش، بدعم كامل من العلماء والعائلة المالكة.
إن تعيين الأمير خالد في موقع ولي عهد قد بدأ يثير التنبؤات
حيال مستقبل الملكية السعودية ( الفقرات من 25 ـ 33).
د ـ إن المبادىء التقليدية التي تحكم وراثة العرش كانت
متبّعة الى حد ما في السعودية. إن الدعم الشعبي بات أقل
أهمية اليوم، ولكن العلماء مازالوا يحتفظون بسلطة ونفوذ
معتبرين. إن الاتجاه كان يسير نحو قانون ثابت لوراثة العرش،
ويعتبر تنصيب الأمير خالد ولياً للعهد من قبل البعض مدخلاً
نحو اقامة ملكية دستورية في العربية السعودية (الفقرة
34).
1 ـ نظرية وراثة العرش
خلال الفترة ما قبل توحيد جزء كبير من الجزيرة العربية
تحت السلالة السعودية الحالية وأسلافها من أمراء نجد الوهابيين،
فإن أساس السلطة السياسية والاجتماعية كان القبيلة. فممارسة
السلطة من قبل شيوخ القبائل كانت عادة وراثية داخل بعض
العوائل، ولكن جرى تحديده ضمن هذا الاطار بالنسبة لأولئك
الأفراد الذين يملكون المؤهلات الضرورية للقيادة، والخبرة
والثروة الضرورية التي تمكنهم من أن يصبحوا (آباءً لمجتمعهم).
فوراثة العرش كانت تتم عادة عن طريق النسب للأب، ولكنها
من الناحية الشكلية تتم وفق معادلة محددة. وبالرغم من
أن هناك أفضلية طبيعية بالنسبة للسلالة القائمة، فإن الخيار
يقع عادة على الإبن المرشح المقبول بصورة عامة، سواء كان
أخاً أو إبناً وليس بالضرورة الابن الأكبر. كما يعتبر
من غير الصحيح بالنسبة لخليفة الشيخ أن يكون معيّناً قبل
وفاته. فالسوابق حول هذه المقاربة لمشكلة الوراثة ربما
تكون مؤسسة على ما وجد في كل من تقليد عربي قديم وهكذا
في مثال النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، الذي تجاوز
مطلب زوج ابنته وعيّن أبا بكر لقيادة المسلمين بعد وفاته،
وتم ذلك بموافقة واجتماع المؤمنين. وقد كانت هناك مزاعم
دائمة في تاريخ الاسلام حيث أن تبرير إغتصاب السلطة، بالنظر
الى أنه دائماً ما كان هناك غطاء لاخفاء (انتخاب الشعب)
قد تم الحفاظ عليه.
2 ـ ولذلك، فمن الواضح أن العامل الجوهري في التأسيس
لمطلب وراثة العرش كان هو شكل الانتخاب الشعبي من خلال
الموافقة عبر البيعة للمتصدي الناجح. يلزم ملاحظة أنه
كان هناك شكل من أشكال الاقتراع ولكن هذا النوع من الانتخابات،
من الناحية النظرية، هو عمل مجمل أفراد المجتمع، والذي
يشكّل، من الناحية النظرية أيضاً، مجمل المؤهلين للتصويت.
ولذلك، كان ذلك التقليد من اجل استظهار الارادة الشعبية
بالرغم من أن استعلانه يعد منّسقاً بصورة دقيقة، حيث يتم
عند الاجتماع لصلاة الجمعة. وهناك سابقة تمت من قبل الخلفاء
الامويين حيث عيّنوا خليفة لهم خلال حياته من أجل انتخابات
شعبية، وقد إتبع آل سعود هذه السابقة منذ النصف الأول
من القرن الثامن عشر الميلادي.
3 ـ بالرغم من ذلك كله، فإن التقليد القائم والذي يشدد
على آهلية المرشح، داخل اطار مرن من التحدّر الابوي الساري
المفعول في بعض العوائل، قد جرى استعماله في السلالة السعودية
الى حد يجعل الملك السعودي مالكاً لكافة السلطات التي
يتمتع بها شيخ القبيلة ويحظى بتقدير شعبه، ويتم تقييم
منصبه من قبل أتباعه على أساس امتلاكه للخصائص الشخصية
الضرورية. إن الفشل في اظهار هذه الخصائص قد يؤدي في نهاية
المطاف الى عزله عن منصبه، كما حدث بالنسبة للملك سعود.
2 ـ الوراثة السعودية في الثلاثينات
4ـ في سياق محاولات الملك عبد العزيز من اجل منح دفعة
أكبر وادامة الوحدة الجغرافية للمملكة في أواخر العشرينيات
وبدايات الثلاثينات، فإن ثمة عرائض قُّدمت الى الملك في
عام 1932، أولاً من قبل فؤاد حمزة، نائب وزير الخارجية،
وخمسة عشر زميلاً له، وبعد ذلك مباشرة من قبل كل مجموعة
يمكن تصوّرها في المملكة، بما في ذلك العلماء والقيادات
القبلية، ورعاة الماشية، والذين طالبوا الملك من أجل اتخاذ
خطوات دستورية محددة بما في ذلك الوحدة الرسمية للحجاز
ونجد، والتحضير لدستور أساسي، وتأسيس هيكلية حكومية مناسبة
وتشريع قانون لوراثة العرش. وقد اعتبر ذلك بصورة عامة
أن هذه الحركة العفوية الواضحة في طول المملكة وعرضها
كانت في حقيقة الأمر معدّة سلفاً بصورة دقيقة سواء من
قبل الملك عبد العزيز ومستشاريه المقربين، أو من قبل فؤاد
حمزة وبعض مستشاري الملك، مع علم وموافقة الملك نفسه.
وقد أدرك بصورة عامة بأن القرارات التي نادت بها العرائض
قد تم اصدارها قبل تسليم العرائض باستثناء المشكلة الصعبة
لوراثة العرش. في رد فعله أصدر الملك في الثامن عشر من
سبتمبر 1932 مرسوماً ملكياً والذي يعلن بصورة رسمية توحيد
المملك تحت إسم (المملكة العربية السعودية) والذي يدعو
مجلس الوزراء لبدء مهامه بصورة فورية من أجل وضع الدستور
الاساسي، وصياغة قانون التنظيم الحكومي وتشريع نظام لادارة
قضية وراثة العرش، ولابد من أن تحظى على موافقة الملك.
5 ـ إن قضية هذا المرسوم قد ألحقت في 1933 بتنصيب رسمي
للإبن الأكبر للملك، أي الامير سعود، ولياً للعهد. ومن
الواضح، فإن هذا التحضير كان ضرورياً بين القرار الذي
أتخذ من حيث المبدأ في 1932 وقضية البيان الرسمي في الثاني
عشر من مايو 1933 والاهتمام الكبير المتوازي الذي تم إتخاذه
من أجل ضمان أن اختيار الأمير سعود يجب أن تتم الموافقة
عليه من قبل مجلس الوزراء ومن هناك يمكن تلقي اكبر نسبة
موافقة ممكنة. إن الاجراء لذلك كان متمركزاً حول البيعة
التي تمت صياغتها كوثيقة رسمية من قبل مجلس الوزراء وتم
توقيعها من قبل الأمير فيصل، رئيس المجلس، وأعضاء المجلس،
وأعضاء المجلس التشريعي، وعدد من الشخصيات الدينية. وبعد
اعطاء موافقته على الوثيقة التي تم تسليمها الى الملك
في الحادي عشر من مايو 1933 ، صدر بيان رسمي في الجريدة
الرسمية (أم القرى) في الثاني عشر من مايو.
وفي الخامس عشر من مايو، تلقى الأمير فيصل قسم البيعة
من قبل ممثلين محددين في المسجد الحرام بمكة المكرمة،
فيما تلقى حكام المناطق والمدن في الحجاز البيعة من قبل
كبار الشخصيات الوطنية (في الحجاز) بنفس الطريقة. وفي
السابع عشر من مايو أقيم احتفال مماثل في الرياض، حيث
قدّم الأمير فيصل بصورة رسمية فروض الطاعة والاحترام للأمير
سعود وقد تبعه على ذلك العديد من الأمراء، وممثلون عن
عائلة الرشيد من قبيلة شمر، والشخصيات الدينية الهامة.
من الضروري التشديد على أنه بالرغم من تنصيب الأمير سعود
كوريث معلن كان نتيجة لقرار الملك عبد العزيز، فإن اهتماماً
كبيراً قد جرى اتخاذه من اجل ضمان اضفاء صبغة الانتخاب
الشعبي على الموافقة، وأن الملك كان قادراً على التأكيد
على أن الخطوة التي قام بها إنما هي رد فعل على المطلب
الشعبي.
6 ـ وبالرغم من الاهتمام الكبير ذاك، فقد كان هناك
توقع بأن فرص الأمير سعود من اجل وراثة والده بصورة سلمية
صعبة، وخصوصاً بعد أن ظهرت شائعات بأن ذلك لم يكن بالاتفاق
بينه وبين أخيه الامير فيصل الذي كان يعتبر بصورة عامة
أكثر ذكاء والذي اعتلى منصب والي أبيه في الحجاز، المنطقة
الأكثر أهمية في المملكة السعودية، وايضاً منصب الرئيس
الدائم لمجلس الوزراء الى جانب كونه نائباً، من الناحية
القانونية، عن أبيه في إدارة البلاد حال غيابه. وعلى أية
حال، فإن فيصل لم يتخذ أي خطوة تذكر من اجل مخالفة رغبات
والده وأن التكهنات قد تلاشت حتى نهاية الاربعينيات حيث
أن تطلعات الوراثة قد إنبعثت من جديد، حيث كان واضحاً
أن الملك عبد العزيز لم يكن بالامكان بقائه على قيد الحياة
لفترة أطول. وعلى أية حال، فإن الملك العجوز قد واصل منذ
تعيين الامير سعود وريثه المعلن، التأكيد بصورة علنية
على أن الامير سعود كان لا يزال نائبه المعيّن وخليفته
النهائي. بالنسبة للأمير فيصل الذي كان يعتبر المناسب
الوحيد المحتمل لولي العهد ـ الامير سعود، فقد توقف حينذاك
عن لعب دور كبير في الشؤون العامة، جزئياً لكونه يعاني
من المرض، وجزئياً كنتيجة لخموله الظاهر وافتقاره للطموح
الشخصي.
7 ـ يلزم ملاحظة أنه الى جانب احتفالات البيعة عام
1933، فإن الملك عبد العزيز قد حصل من العلماء على وعد
في سنة 1929 بأنهم سيقدّموا الدعم للأمير سعود بوصفه الخليفة
الشرعي للعرش. اضافة الى ذلك، فقد أقنع أبناءه خلال موسم
الحج سنة 1944، بأن يبايعوا إبنه الأمير سعود في حال وفاته.
3 ـ الوضع في عام 1949
8ـ في سنة 1949 جرى تقييم عام لمسألة وراثة العرش،
وقد انتهى التقييم الى أنه ليس هناك سبب كافٍ يمنع الامير
سعود من وراثة العرش السعودي بصورة سلمية، جزئياً، لأن
الملك عبد العزيز قد فعل كل شيء ممكن من اجل ضمان أن دعوى
الامير سعود لوراثة العرش تكون واضحة ومحسومة، وجزئياً
لأنه ليس هناك منافس آخر لهذا المنصب بالفعل او بالقوة
بما يجعل هناك تحد ناجح. على أية حال، كان سهلاً الى حد
ما تقييم فرص ولي العهد لتعزيز موقعه كملك والاحتفاظ بالسلطة
على المملكة السعودية. وكان من الواضح أنه بالرغم من ان
الامير سعود كان مرتبطاً الى حد كبير بمشروع الحكومة منذ
تعيينه ولياً للعهد في 1933، فإن الملك عبد العزيز كان
الى حد كبير أتوقراطياً الى حد إطلاق يده. وقد كان من
المستحيل قبل وفاته ان يمنح ولي عهده سلطة حقيقية مستقلة
عن الملك، أو أن يبدي كما لو أنه يملك قدرة ضرورية لمزاولة
دور جوهري لادارة ماكينة الحكومة، أو يمتلك المؤهلات الضرورية
لقيادة الشعب.
9 ـ كان يُعتقد بأن المشاكل ذات العلاقة بإعادة تنظيم
ماكينة الحكومة هي الأكثر عناداً بين مشاكل اخرى تواجه
الأمير سعود. فلم يكن وزراء الملك ومستشاروه وحدهم الذين
بدأوا يستشعرون الفائدة، ولكن أيضاً المصلحة الكامنة في
الحفاظ على الوضع القائم لحكومة رجعية وفاسدة، مع الحاجات
المعقّدة لحياة حديثة ستقودهم الى معارضة أية محاولات
للاصلاح. وعلى أية حال، فإن عجز الملك عن إدارة حكومة
كفوءة بأي طريقة تملي عليه إما إجراء تغييرات من قبله
أو السماح لأي شخص آخر بالقيام بتغييرات في النظام والذي
بالرغم من كونها مكيّفة مع الاوضاع منذ بداية عهده، فإنه
ـ أي الملك سعود فشل في الحفاظ على إيقاع ثابت مع زيادة
التعقيد لادارة اقتصاد متنام بوتيرة متسارعة.
ولذلك، فقد انتهى الأمر الى أن فترة انتقالية طويلة
من الصعوبة البالغة التي تواجه الملك الجديد، وكلما طالت
الفترة قبل ان يسيطر على التركة كلما يصبح الصعب والأطول
ممكناً.
10 ـ وبالرغم من أن عدداً من الاعضاء في العائلة المالكة
كان، من الواضح، يتطلع في الماضي الى وراثة العرش، فإن
العائلة ككل يظهر أنها ملتزمة بالرغبات المعلنة للملك
عبد العزيز. إن إعضاء العائلة المالكة هؤلاء والذين كانوا
يشكّلون من وقت لآخر تهديداً لموقف الأمير سعود كانوا
هم: عبد الله، فيصل، محمد، خالد، منصور، وهؤلاء جميعاً
أخوة للأمير سعود. بالنسبة لأمير عبد الله فإن طموحه السياسي
يبدو قد انتهى لصالح مكسبه الجديد في الزراعة ولم يعد
منذاك مرشحاً خطيراً. وبالرغم من أن الامير فيصل كان يعتبر
غالباً الملك المحتمل للحجاز في حال انقسام مناطقي، فإنه
لم يكن هناك أي مؤشر على أن تطلعاً كهذا كان قائماً لديه
أو أنه يتطلع الى معارضة وراثة أخيه في العرش الى جانب
كون سوء حالته الصحية وخموله كانت عوامل تحول دون بروزه
المحتمل كمنافس جاد. ومهما كان الأمر، فإن الدور الذي
كان يلعبه في الشؤون العامة قد تقلص الى حد كبير، بالرغم
من كونه لا يزال والياً إسمياً على الحجاز ووزيراً للخارجية.
بالنسبة للأمير محمد فقد كان لديه في وقت ما طموحات لازالة
الامير سعود، ولكن هذه الطموحات كما يبدو قد تراجعت في
السنوات الاخيرة، وبالرغم من أنه قد يكون لايزال منافساً
خطيراً بسبب شعبيته بين القبائل، ولكن يعتقد الآن بأنه
من المحتمل أن يرمي بثقله وليس نفوذه المعتبر خلف ولي
العهد ـ الامير سعود. ونفس الشيء يقال عن الأمير خالد،
الذي يقع في التسلسل بعد الأمير محمد، والذي كان من المحتمل
ان يتبع قيادة الاخير، بينما الامير منصور، ورغم كونه
طموحاً الا أنه بصورة عامة لم يكن محبوباً من قبل اخوانه،
الذين قد ينظمون معارضة ضده في حال قيامه بإثارة المشاكل.
11 ـ بالاضافة الى هؤلاء الاعضاء في العائلة المالكة،
والذين قد يكون لهم تأثير متصوّر على موقع الأمير سعود،
فهناك عدد من المصالح المختلفة وربما المتضاربة داخل المملكة
السعودية والتي ربما تفيد من إضعاف السلطة المركزية للحكومة
عقب وفاة الملك. وتشمل هذه المصالح المطالب الهاشمية بالحجاز،
والشعور الانفصالي في الحجاز، السياسة القبلية، موقع وطموحات
عائلة الرشيد، والعائلة السديرية، وعائلة ابن جلوي، ونفوذ
العلماء، وطموحات الوزراء الحاليين. وعلى أية حال، فمن
غاير المحتمل أن تكون هناك اي امكانية لنشوء تحالف مؤثر
لبعض او كل هذه المصالح والتي قد تشكل تهديداً خطيراً
للعائلة السعودية، أو أن يكون بمقدور اي تحالف الاحتفاظ
بوحدته لفترة طويلة بحيث يكون خطراً.
12 ـ بالرغم من أن ملك شرق الأردن عبد الله لم يحاول
قط اخفاء نزعته الى استعادة الحجاز تحت الحكم الهاشمي،
فإنه قد اعلن مؤخراً عن تصميمه على الاحجام عن النشاطات
المصممة لهذا الغرض على الاقل حتى وفاة الملك عبد العزيز،
ومن المحتمل بسبب أنه في نهاية المطاف وافق على أن هناك
القليل الذي يمكنه فعله من أجل تغيير الوضع في هذا الوقت
بالتحديد. وعلى أية حال، فقد كان واضحاً بأنه سيكون محثوثاً
بالتدخل في حال توفى الملك عبد العزيز قبله، بالرغم من
حقيقة أن هناك دعماً شعبياً ضئيلاً داخل المملكة او في
الحجاز بالنسبة لتطلعاته.
بالنسبة للعراق، فبالرغم من ان الحاكم الذي يأوي السخط
المتنامي ضد ابن سعود وحكومته لم يكن متوقعاً منه دعم
نظام بصورة فاعلة طالما ظل لفترة طويلة يعارضهم، فليس
هناك مؤشر على أن عبد الله لم يتطلع قط لحكم الحجاز، بينما
من المحتمل أن يتورط اعضاء حكومته في قضية ليس فيها فائدة
ايجابية مرجوّة أو ظاهرة بالنسبة لسياساتهم.
13 ـ إن الحجازيين الذين لا يتوقع منهم الميل بصورة
وديّة الى فرض السلالة النجدية، قد يحاولون اسقاط الحكم
السعودي في حال موت الملك ـ عبد العزيز، وهناك بالتأكيد
سجّل من الانتقادات المعتبرة في الحجاز حيال عدم آهلية
النظام الحاكم، وضد رفض الملك عبد العزيز منحهم أي دور
في الشأن الداخلي. وعلى أية حال، فإن هناك مؤشراً قليلاً
لاستمرار ولائهم للحكام الهاشميين السابقين، وأنهم يميلون
الى التطلع نحو الامير فيصل بوصفه القائد المنظور في حال
منحوا درجة من الحكم الذاتي.
وبالرغم من المظلومية المشروعة لدى الحجازيين كون المملكة
بكاملها تموّل عن طريق المداخيل التي يتم تحصيلها من الحج،
فإن معظم الحجازيين تنبّه الى أن إزدهاره المتنامي كان
ناشئاً في نهاية الأمر من حقول النفط في الاحساء، وهذا
يوفّر حافزاً مادياً جوهرياً بالنسبة لهم للبقاء كجزء
من المملكة السعودية. وحيث أن تنامي ازدهارهم واتصالهم
بالعالم الخارجي قد شجّع تطلعاتهم السياسية، فقد كان هناك
احساس بأن بعض التنازلات حيال مطلبهم بالحصول على يد في
تسيير شؤونهم كان ضرورياً، بالرغم من أن عملية ارضائهم
تبعد كثيراً عن الحصول على سلطة مستقلة بصورة كاملة.
14 ـ إن القبائل في السعودية مازلت تشكل تهديداً خطيراً
لأي حاكم سيما وأن عملاً قليلاً قد تم من اجل توطين هذه
القبائل بصورة دائمة في الارض. وعلى أية حال، فإن سلطتهم
والتي كانت واحدة من مصادر قوة الملك عبد العزيز خلال
توحيد وتعزيز امبراطوريته، قد انتكست بصورة ملحوظة بعد
جيل واحد تقريباً من الحكم السعودي والدعم السعودي، وبالتالي
فقد كانوا الى حد ما ملتزمين بالهدوء لسنوات عديدة. إن
استمرار هذا الهدوء سيكون من المحتمل معتمداً على الدفع
المستمر للمساعدات السخية التي أمضاها الملك عبد العزيز
بالرغم من أن العادة السعودية من أجل توشيج الزواجات السياسية
وشعبية الأمير محمد وسط رجال القبائل، الى جانب عادة الامير
سعود في رؤية عدد أكبر ممكن من رجال القبائل خلال فترة
الزيارة السنوية للرياض والتي من دون ريب ستعزز نزعة المحافظة
الفطرية لدى القبائل من أجل منع وقوع مشاكل خطيرة، في
حال أبدى الأمير سعود بأنه يمتلك الشروط الضرورية لأن
يكون قائداً.
15 ـ ونفس الشيء يقال عن سلطة العلماء التي تضاءلت
الى حد كبير منذ تأسيس الدولة السعودية، وبالرغم من أنهم
لا يزالوا قادرين على مزاولة سلطة ونفوذ محددين، ولكن
يعتبر ذلك بصورة عامة مرهوناً الى حد كبير بالعائلة السعودية
المالكة بما يجعل من غير المحتمل انضمامهم لحركة معارضة
ما لم يتم اتباع سياسة لبرلة بوتيرة متسارعة تكون على
عكس رغبتهم. وفي الاخير، فإنه بالنظر الى العلماء والقبائل،
فإنهم يعتبروا ملتزمين بإعلانهم البيعة الى الامير سعود
بوصفه الخليفة الشرعي للعرش.
16 ـ بالنظر الى العوائل البارزة في الملكة السعودية،
فإن السديريين لديهم سمعة معتبرة في الولاء للعائلة السعودية
، بينما من غير المحتمل أن يشكل الجلويون متاعب طالما
سمح لهم بالاحتفاظ بموقعهم في الاحساء، والتي كانوا يحكموها
لأكثر من خمس وثلاثين عاماً بدرجة كبير من السلطة المستقلة.
وتبقى عائلة ابن الرشيد، التي سيطرت على جبل شمر وحتى
الرياض نفسها لبعض الوقت قبل ان يتم كسر سلطتهم في نهاية
المطاف على يد الملك عبد العزيز، فأفراد هذه العائلة كانوا
صانعي مشاكل محتملين. وعلى أية حال، فإن الحقيقة أن الاعضاء
البارزين في العائلة قد تم إحتجازهم في مكان مرموق في
الرياض، جنباً الى جنب حقيقة كون الملك عبد العزيز والامير
سعود قد اتخذا احتياطات ضرورية عبر الزواج من هذه العائلة
وكلها كانت موانع من أي مشاكل من جانبهم، الى جانب كون
سلطانهم ونفوذهم كان قليلاً بما يحول دون أخذهم أي عمل
مستقل.
17 ـ وأخيراً، فإن وزراء الملك ومستشاريه لديهم مصلحة
في الحفاظ على الوضع القائم حتى بعد وفاة الملك ـ عبد
العزيز. فالغالبية منهم، وخصوصاً المهاجرين، لن تتردد
في التآمر ضد الامير سعود في حال بدا أن ذلك من مصلحتهم،
بالرغم من غير المحتمل إستبعاد عمل مستقل من جانبهم. وفي
كل الاحوال، فقد أشيع بأن الامير توصل الى تفاهم معاهم،
فيما كان يعتقد بأن عدم شعبتيهم تقف مانعاً أمام أي مؤامرة
ناجحة.
18 ـ وبالرغم من المشاكل الداخلية العميقة والتي ستواجه
دون ريب الأمير سعود حين ورث العرش، وبالرغم من الشكوك
حول قدرته على التعامل معها، فإن الاستنتاج النهائي كان
بأنه سيرث العرش بصورة سلمية.
إن حقيقة كونه منغمساً الى حد كبير بمزاولة السلطة،
رغم أن ذلك كان تحت وصاية والده، فإن الحقيقة أنه ناب
عن والده في المناسبات، وأن الحقيقة أنه يمتلك مدعى نظرياً
قوياً بتولي العرش، وان الحقيقة أن الملك عبد العزيز قد
أعطى نظراته في هذا الموضوع بصورة واضحة وعلنية وكلها
يُعتقد بأنها تمثل موانع لأي عمل محتمل من قبل المنافسين
الآخرين، في وقت يبدو، على أية حال، هناك مؤشر على معارضة
خطرة. إن الشكوك كان على اية حال يفصح عنها حيال قدرته
على التعامل مع هذه المشاكل والتي يبدو أنها ستواجهه،
وحول إمكانية وقوع انقلاب في المستقبل قد يطيح به من العرش
الذي سعى والده بصورة مستمرة وجادة من أجل تأمينه له.
|