أنصار دعوة الاصلاح الدستوري في بيان تضامني
محاكمة الإصلاحيين الثلاثة باطلة
في الرابع من أكتوبر الجاري أخذت محاكمة دعاة الإصلاح
الدستوري والمجتمع المدني منحاً إيجابياً آخر كلمّا استمر
سجنهم الذي قارب على السبعة أشهر، فصمودهم خلق وعياً حقوقياً
ليس فقط عند النخبة، بل عند عموم المجتمع بطبقاته المختلفة.
تصدّرت أخبار محاكمة الدكتور متروك الفالح، والدكتور عبدالله
الحامد والأستاذ الشاعر علي الدميني، تصدّرت أخبار محاكمتهم
معظم مواقع الإنترنت والمواقع الخبرية العالمية مما انعكس
إيجاباً على التحرك الداعم للإصلاح، وانعكس سلباً على
محاولات الحكومة السعودية التعجيل بمحاكمتهم سراً وتنفيذ
الحكم عليهم.
لهذا السبب توافد مراسلون من الصحافة المحلية، ومراسلون
من وكالات الأنباء العالمية لحضور المحاكمة والتي لم تتم
بسبب محاولات فاشلة للقاضي بأن يجعل من الجلسة سرّية.
فقد حضر دومينيك إيفانز Dominic Evans المراسل الخاص بوكالة
رويترز Reuters، وكذلك حضرت دونا أبو ناصر، مراسلة الأسوشييتد
برس Associated Press وتم منعهما من الدخول إلى آخر لحظة.
تمتّ محاولة مستمية لجعل الجلسة سرّية واعتبارها صحيحة
لكن القاضي فشل في ذلك حيث أصر قادة المجتمع المدني ومحاميهم
من التوقيع على محضر الجلسة باعتبارها باطلة أصلاً. وقد
صدر بيان عما حدث في الجلسة الرابعة من أنصار دعاة الإصلاح
الدستوري.
مجريات الجلسة الرابعة
1 ـ كان التبليغ عن موعد الجلسة، يوم الإثنين 20/08/1425هـ،
طبيعيا، وعرف المعتقلون الثلاثة من دعاة الإصلاح الدستوري
والمجتمع المدني، أن لجنة المحاكمة قد قررت أن تكون المحاكمة
سرية، وقد عبر المتهمون فى خطابات سابقة الى أعضاء المحكمة
والى معالي رئيس المجلس الأعلي للقضاء عن أنهم لن يقبلوا
أن يكون سماع دفوعهم سريا، بعد أن وقع الاستماع الى المدعى
العام علنا، وانتشرت التهم فى الآفاق.
2 ـ اقتيد الثلاثة الى المحكمة الساعة التاسعة، وادخلوا
من الباب الخلفي، باب القبو، ثم اقتيدوا الى غرفة فى الدور
(الخامس) وطلبوا من مسئول الامن فى المباحث الأمور التالية:
ـ أن يلتقوا بالصحافيين، ولم يستجب لهم، فطلبوا منه
أن ينقل منهم رسالة الى هيئة القضاء مضمونها: إذا كنتم
أنتم فى الهيئة قد اتجهت الى سرية الجلسة، نريد أن نتفاهم
معها حول الموضوع، وبالفعل تبلغت الهيئة بذلك، ولم تحدد
الهيئة الآوان، فأرسل المعتقلون ورقة أخرى الى هيئة القضاء
يقولون فيها: إذا كنتم تضايقتم من كثرة الجمهور، نقترح
أن يخصص الصف الأمامي للمتهمين والمحامين والصف الثاني
لرجال الإعلام، والثالث للمهتمين بالشأن العام والرابع
لأسرنا، ويعتذر للباقين من الجمهور الذين لا تسعهم القاعة،
وقد تبلغت هيئة القضاء بذلك، ولكن لم يأت جواب.
3 ـ فى الساعة التاسعة والنصف إستأذن الدكتور عبد الله
الحامد للدخول لدورة المياة، فذهب إليها، وأثناء خروجه
سمع صوت الجمهور قريبا منه، فأطل فوجد الجمهور يترقب المحاكمة،
فوقف بعيدا عنهم وسلم عليهم وأوصاهم بالهدوء، وقال: يا
إخوان هدوؤكم يساعد على ترسيخ مبدأ علانية المحاكمات السياسية،
وعلى الراكبين فى قطار الإصلاح بقيادة الملك وولي عهده،
أن يعرفوا أن المواقف الصعبة، تحتاج الى أعصاب باردة،
وكذلك خاطب النساء بالهدوء، وحذر من أن أي خروج عن الهدوء
سيقدم لمعوقي الإصلاح مزيداً من مبررات الالتفاف على علانية
المحاكمة، وقد كان موقفه فى تهدئة الجمهور، موضع ثناء
من العديد من رجال الأمن والقضاء.
4 ـ إكتشف المتهمون أن هيئة القضاء يتواجدون بغرفة
بجانبهم، وقد طلبت منهم هيئة القضاء الدخول، فقالوا: إذا
كانت الهيئة قررت أن تكون الجلسة سرية، فلا داعي لدخولنا،
وإذا كان فى الموضوع مجال للنقاش فلا بأس، وعند باب مجلس
القضاء جرى النقاش، من دون أن يجلس المعتقلون على المقاعد،
وثار نقاش حول ما يلي:
أ ـ أن من حق هيئة القضاء أن تجعل الجلسة سرية، فقال
المعتقلون: لكن هذا الحق مقيد بالمصلحة والمشروعية، وللمتهم
السياسي حق، لا سيما عندما تصبح خصمه الدولة، ويتاح للدولة
فى الإعلام أن تبين حججها ويتاح لها فى جلسة علنية، ان
تبين من خلال المدعى العام كل ما لها من دعاوى.
ب ـ وحاولت الهيئة أن تلتف على العلانية، فقالت: يدخل
شخصان من أسرة كل معتقل، فقال المعتقلون: هذا تزييف لمفهوم
العلانية، فالعلانية معيار دولي له ضوابط منها حضور الصحافة
والجمهور والمتهمون، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يقضى
فى المسجد، ولم يقل اغلقوا الباب، ولتحضر إمراة أو رجل
أو صبي قريب للمتهم، لكي تتوافر العلانية، فهذا احتيال
على مفهوم العلانية، ولا يمكن تبريره.
ج ـ عند ذلك انبرى القاضي سعود العثمان، وهو قاض جديد،
جاء فيما يبدو بديلا عن القاضى الذي يقال أنه غائب، وتكلم
القاضي العثمان وقال: عليكم بإلتزام الأدب، وإلا أدبناكم،
وقال نحن نحكم بالشريعة، وقال نحن نلزمكم بالحضور، والإلزام
حق لنا، فقالوا نحن لن ندخل طوعاً وإنما ندخل قسرا، فأمر
الجنود بدفع المعتقلين دفعاً بالقوة المادية، فقام الجنود
بدفع المعتقلين دفعاً الى المحكمة، ودفع أربعة جنود الدكتور
الفالح، حتى أقعدوه قسراً على المقعد، ودفعوا الاستاذ
الدميني حتى سقط على الأرض، ودفعوا الدكتور الحامد، فأمسك
مقبض الباب بإحدى يديه، وأمسك باليد الأخرى طاولة المنصة،
فدفعوه حتى انخلعت يداه عند عظم الكتف، وتمزقت عضلات العضد.
وقد تولى القاضي العثمان إدارة الجلسة، مع أنه عضو
جديد، وقال: نحن نلزمكم وسنضبط الجلسة، وطلب المعتقلون
أن يتناجوا مع المحامين، فاشترط العثمان أن يكون ذلك مع
مجلس القضاء وسمح لهم، فاتفق المعتقلون مع المحامين على
ما يلي:
1 ـ إذا كانت هيئة القضاء، تريد أن تكون هذه الجلسة
علنية، وتعد فى الجلسات الأخرى بالعلانية فمن الممكن القبول
بها، وإذا كان العكس فلا.
2 ـ أن يترك فريق المحامين الكلام للمتهمين، لكي لا
تتناقض معالجة الموقف.
3 ـ ذكّر المعتقلون فريق المحامين بما اتفق عليه سابقاً،
وهو أن لا يتكلم أحد من الفريق إذا حضرنا، إلا بعد التنسيق
معنا، فإذا حضر الأصيل، فلا داعي لمبادرة الوكيل، وأنه
إذا كانت الجلسة سرية فلا ينبغي تقديم ورقة الدفوعات الشكلية.
4 ـ حاولت هيئة القضاء من خلال القاضي العثمان إجبار
المبارك على الكلام والضغط عليه، وقالت: هل معك ترخيص،
هل معك وكالة، هاتهما، هات ما معك، وحاولوا إخراجه، على
أساس أن المعتقلين قد عزلوه، فأخبرهم المعتقلون أنهم لم
يعزلوا المبارك، ولكنهم يقولون: إذا حضر الاصيل، صار من
الطبيعي أن ينسق معه الوكيل قبل الكلام، وكان المبارك
أثناء هذا الكلام المباغت قد سلّم هيئة القضاء مذكرة الدفوعات
الشكلية.
قال المعتقلون لهيئة القضاء التقديم باطل، لأن الجلسة
باطلة، ببطلان الإجراء تبطل الجلسة، ونحن لم نأذن للوكيل
بتسليم الدفوعات الشكلية، لأننا أبلغنا جميع الوكلاء أنه
عليهم أن يقدموا أي ورقة فى أي جلسة سرية.
5 ـ قال المعتقلون لهيئة القضاء: ليس لكم إجبارنا على
الحضور، ونص النظام واضح، النظام لم يقل يجبر الناس على
الحضور، لأنه لو أجبر على الحضور، لما أجبر على الكلام.
6 ـ من سياق ما حدث يبدو أن القاضي العثمان يريد أن
يعتبر الجلسة شرعية، على أساس أن المتهمين حضروا وأن المحامين
تكلّموا، ولكنه لم يظفر بما يريد فقال المعتقلون: نحن
أُحضرنا قسراً، الجنود كانوا يدفعوننا من الخلف ويجروننا
من الأمام، ليس فى النظام ما يبيح لك ذلك، هذا هدر لحقوقنا،
ليس لك إلا أن تكتب أننا امتنعنا عن الحضور، وليس لك أن
تجبرنا عليه، هذا مجلس قضاء وليس زنزانة، ونحن فى السجن
قد صودرت حريتنا أصلاً، فكيف تريد أن نأتي قسراً، من حقك
أن تبلغنا الدعوة، ومن حقنا أن نقول لن نحضر ما دامت سرية،
ومن حقك أن تستخدم العنف المادي لإجبارنا على دخول القاعة،
الجلسة باطلة، وغير شرعية، لأن الإجراء باطل.
هذا هو بيان عن محاكمة دعاة الإصلاح الدستوري والمجتمع
المدني: د. أبو بلال الحامد، د. متروك الفالح، الاستاذ
على الدميني، وعن مجريات ما حدث واعتبارهم أنها باطلة
لأنها بنيت على إجراءات باطلة.
7 ـ بالنسبة للدكتور متروك الفالح، قام المدعي العام
بطلب إضافة تهم جديدة الى اللائحة السابقة، ما ورد بلائحة
المدعى العام الاصلية، وذكر مقالة ظهرت فى (القدس العربي)
بعنوان (الاصلاحات الدستورية فى السعودية) بتاريخ 17/07/
1425هـ، عن الاستبداد السياسي والانفراد بالسلطة وأنه
وراء الجور والظلم والفساد المالي والإداري وسوء توزيع
الثروة التى ولّدت اخفاقات أدت الى تولد بيئة العنف، ويرى
المدعي العام أنه يتهم د. متروك الفالح بهذه المقالة بأنه
يقوم بتبرير العنف.
ثم سأل القاضي بن خنين والعثمان الدكتور الفالح: ما
ردك؟ فقال: لم اسمع شيء، ولا أتكلم، لأن هذه الجلسة باطلة
شرعا وقانونا.
8 ـ كتب هيئة القضاء محضراً، وطلبت من المعتقلين والمحامين
التوقيع عليه، فقالوا: الجلسة باطلة، لأن إجراءاتها باطلة،
ولن نوقع على شيء باطل.
خلاصة الموقف:
حاول القاضي العثمان، الذي يبدو أنه تولى كل الموضوع،
أن يستدرج المحامين الى الكلام، فطلب منهم الكلام، فقالوا:
حضر الأصيل، ولا داعي للوكيل، فطلب منهم الخروج، فاحتج
المتهمون على ذلك، وقالوا نحن لم نعزلهم لكي يخرجوا، نحن
نريدهم فى حضورنا مستشارين، وفى غيابنا مدافعين.
رفض المتهمون الكلام أو التوقيع على ما كتب فى محضر
كاتب الضبط الذي لا ندري ما ذا كتب، ولا نوافق على ايه
حال على ما كتب.
بلغ عدد قوات الأمن كالتالي:
1 ـ على باب المكتب رقم (14) كان هناك 21 جندي + 6
ضباط
2 ـ على باب مكتب رقم (11) كان هناك 12 جندي + 3 ضباط
3 ـ جنود متفرقون فى الردهات وفى الدرج لا يقل عددهم
عن 30 جندي وضابط.
وفى الساعة 11:00، علم الجمهور بخروج الإصلاحيين الثلاثة
وإنهاء المحاكمة، وكانوا متجمعين فى صالة الدور الخامس،
والذين بلغ عددهم أكثر من مائة من الرجال والنساء والأطفال،
وكانوا غير مصدّقين لما يجري وبعد علمهم بتفاصيل ما حصل
(حسب ما ورد فى البيان الصادر عن أنصار دعاة الإصلاح الدستوري)،
إتفقوا على رفض كل ما حصل، وعبروا عن رفضهم بأن تجمعوا
بمسيرة صامتة احتراماً للمحكمة مستخدمين سلالم المبني
من الدور الخامس الى الارضي وكانوا مثار اهتمام الناس
المتواجدين فى أدوار المحكمة وعند بلوغهم الدور الارضي
تجمعوا أمام مكتب شرطة المحكمة والذي يحتجز به المحامي
عبد الرحمن اللاحم متهما بالتصوير فى المحكمة، ونظرا لعدم
صحة التهمة، إذ أن جواله محتجزاً عند البوابه، أصر الأنصار
على التالي:
1 ـ إما إخراج اللاحم واطلاق سراحه ليذهب معهم.
2 ـ أو يعتقلوا معه.
وبعد مشاورات بين ضباط شرطة المحكمة والمسئولين من
خلال الهاتف، تم إطلاق سراح المحامي عبد الرحمن اللاحم،
وخرج مع الإصلاحيين مستقبلا بالعناق والقبلات من الجميع.
والله الموفق والمعين
أنصار دعوة الإصلاح الدستوري
الرياض فى
20 /08/1425هـ
الموافق 04/10/2004م
|