فتوى سعودية
لا يمكن تفسير إحجام الكثير عن تذييل الفتوى بتوقيع
على أنه إحجام عن جهاد الدفع ولا يمكن فهم آراء كل من
شارك بالتوقيع على أنها مباركة للفريضة الغائبة. المؤكد
أن من بين الموقعين من لم يشم على الإطلاق رائحة معركة
جهادية، والمؤكد أن فيهم من سيحجم عن شم غبارها مادامت
على هذا النحو. هذه المعارك ليست إلا مباركات على الورق
وتأثيرها لن يطال أصابع الإبهام التي سعت للتوقيع، بل
ستطال الأرجل التي تدوس فوق الجمر وكلنا نعرف أن إخوتنا
في العراق يعيشون اليوم بين جحيم الغطرسة والإذلال الأمريكي
وسندان البيانات والفتاوى التي يكتبها الأصحاب من الغرف
المقفلة المكيفة.
كانت هذه الفتوى جوازا مفتوحا للقتل الجماعي ولنا أن
نتخيل هذه الفتوى وهي تسير للتطبيق نهار الانتخابات العراقية
القادمة وكم رصاصة سنحتاج من أجل جهاد الدفع وكم قبرا
سيفتح بل كم شخصاً سيبقى لإتمام مراسم الدفن، فالعراق
في سواده بحسب هذه الفتوى عمالة وتواطؤ مع المحتل. كان
بودي لو أن خطابنا الديني تفهم في الحالة العراقية واقع
الحال السياسي مثلما كانت فتوى الشيخ سلمان العودة في
العام الماضي حين رأت أنها فتنة لا يعرف لها راية وجحيم
يساق إليه شعب تحت احتلال واحد وعداوات متعددة فيها الداخلي
الطائفي والمذهبي والعرقي وفيها الخارجي المسلم وغير المسلم.
تجار الحروب مثل محترفي البيانات: آخر من ينزل إلى
ميدان المعركة، والمشكلة أن الفتوى تنادي بالوحدة الوطنية
فتوغل في لغة التقسيم والفرقة. نسيت أن لهذا الشعب قصته
الطويلة جداً مع البؤس والشقاء فظنت أنها ستوحده بفتوى
تأتي من الخارج لبلد له علماؤه وحوزاته الذين سكتوا لا
لشيء: إلا لأنهم أعرف من غيرهم بظروف بلدهم الذي لم يعد
يحتمل فتوى جديدة.
علي سعد الموسى
الوطن 8/11/2004
|