كتاب جديدة للشيخ اليماني (الإسلام والمرأة)
الإسلام ركز على دين المرأة معياراً لتقويمها
الأحكام الإسلامية الخاصة
بالمرأة ثورة لصالحها ماضياً وحاضراً
اشتدت الهجمة على الإسلام، واتخذت صوراً عديدة، ووسائل
مختلفة، وفق مخططات معلنة أو خفية ويتبوأ موضوع المرأة
في الإسلام أهمية خاصة عند المهاجمين، بحجة أن الشريعة
الإسلامية قد حطَّت من قدرها، وجعلتها شيئاً من المتاع،
وأشبه ما تكون بالإماء والإسلام من ذلك براء. فهو الدين
الذي كرّمها، ورفع شأنها، وفتح الأبواب أمامها. ولئن تصدّت
التقاليد، عند بعض الشعوب التي دخلت في الإسلام وأيَّدتها
بعض التقاليد البدوية، كي تكون عائقاً أمام تقدمها والاستفادة
مما شرعه الله لها، فمن الجور أن ننسب ذلك للإسلام. ومهما
كانت تلك الآراء منسوبة إلى فقهاء فهي إجتهاد شخصي، أو
مستندة إلى أحاديث أسيء تفسيرها، أو ضُعًفت أسانيدها.
تصم آذاننا أصوات صراخ وجدل بين أطراف يتشنج بعضها
يريد أن ينزع من المرأة إنسانيتها، أو يبقيها وسيلة للخدمة
والإنجاب، بينما يهاجم أعداء الإسلام دين الإسلام مستندين
إلى تصرفات بعض المسلمين أو آراء ذلك النفر الذي قلل من
شأن المرأة معتبراً أن تلك الآراء والتصرفات هي الصورة
الحقيقية لدين الإسلام. وهناك طائفة ثالثة تريد أن تجعل
من المرأة المسلمة نسخة طبق الأصل من المرأة الغربية تتخلى
عن جميع التقاليد المنبثقة من قيم الإسلام.
وفي هذه الأجواء المؤلمة والأصوات المزعجة وجدت نفسي
مضطراً إلى المشاركة بما أراه حقاً مستنداً، في مشاركتي،
إلى آراء الفقهاء والعلماء المشهود لهم بالحكمة وصواب
الفقه، محاولاً رسم صورة حقيقة ما شرَّعه الإسلام للمرأة
المسلمة قبل العادات القبلية والأعراف الشعوبية، مدفوعة
بمشاعر العظمة والفوقية عند فحول الرجال.
الحمد لله الذي خلقنا من ذكر وأنثى (يأيها الناس إنا
خلقناكم من ذكر وأنثى)(1)، وجعل للرجال المسلمين وللنـساء
المسلمات ولايـة على بـعضهم بـعضا (والمؤمنون والمؤمنات
بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر).(2).
والصلاة والسلام على النبي الأمي الذي بُعث في قوم
كانت المرأة في نظر بعضهم رمزاً للذل والهوان. وتستحق
أن تدس في التراب حيّةً حتى يزول عن أبيها الكظيم ما قد
يلقاه بسببها من مستقبل أليم، فرفع عليه الصلاة والسلام
برسالته من شأن المرأة وجعلها مساوية للرجل، إلاّ إذا
اقتضت الظروف الماليـة غير ذلك، فهي شقيـقة الرجل وليست
دونه (النساء شقائق الرجال) (3).
إن حضارة الإسلام تختلف عن حضارة الغرب، وإن نظرة الإسلام
إلى المرأة ترتكز على معايير وأسس ليست بالضرورة ما ترعاه
وتتبناه الحضارة الغربية وتسعى لتطبيقه.
فالإسلام يركّز على (دين) المرأة معياراً أساساً لتقويمها،
والدين يشمل الخلق الكريم، والعلم الواسع مع مخافة الله
وإطاعة أوامره ونواهيه. فالمرأة تُنكح لدينها ومالها وجمالها
وحسبها. ورسول الله يأمر أصحابه وأتباعه بأن يظفروا بذات
الدين، وجمال المرأة في الإسلام غير مُعدّ للعرض والبيع،
وليس من الوسائل العامة للترويح عن نفوس المشاهدين، فهو
ثروة لصاحبته مخصصة لمن تختاره من الرجال زوجاً لها. ولا
تُظهر من تلك الثروة للعامة إلاّ ذلك الجزء الذي لا يثير
الشهوات أو الرغبات.
والحضارة الغربية، على الرغم مما تحتويه من مبادىء
وعلم وتقدم تقني فإنها بصفة عامة تركز في نظرتها للمرأة
على أمور كثيرة يأتي في مقدمتها جمال المرأة وجسدها، فيتبارى
مصممو الأزياء لإظهار مفاتنها كما تتبارى وسائل الإعلام
المرئية في استخدام ذلك الجمال وتلك الفتنة وسيلة للترويج
لها واستقطاب اهتمام المشاهدين.
وتجارة الجنس، وإن كانت حتى الآن في معظم بلاد الغرب
خارج حدود القانون، إلاّ أنها من الأمور الواقعية التي
يُغض الطرف عنها، إلاّ إذا استفحل أمرها.
والمرأة قيمتها في دينها وخلقها وعلمها وإنسانيتها،
وبعض المسلمين الذين يضعون حدوداً لإنسانيتها وقيوداً
على تعليمها ونشاطها يخطئون ويخالفون روح الإسلام ونصوصه.
وأولئك الذين ينتمون للإسلام ويريدون للمرأة المسلمة أن
تكون نسخة من الفتاة الغربية، يُحْدثون في مجتمعهم الإسلامي
شرخاً يؤدي إلى تفاقم حدة المتزمتين فيزدادون تشدداً وتنطعاً
ويدفعون في الوقت نفسه المرأة المسلمة إلى هاوية الحضارة
المادية فيلتهمها طوفان العولمة فيحتقرها أهلها دون أن
تسعدها حضارة غيرها.
الإسلام جاء بأحكام خاصة بالمرأة تعد ثورة حقيقية على
المفاهيم التي كانت سائدة في جزيـرة العرب، وتحولاً جذرياً
عن الأفكار الفلسفية والدينية التي سادت قبله أو في بداية
عصره. فالشريعة الهندية البرهمية اعتبرت المرأة ناقصة
الأهلية، ليس لها الحق في القيام بأي عمل وفق مشيئتها،
إذ تنتقل من تبعيتها لأبيها لتبعية زوجها، فإذا مات انتقلت
التبعية لأبنائه أو لعشيرته الأقربين(4).
إذا انتقلنا إلى اليونان، وجدنا المرأة محرومة من التعليم
تابعة للرجل. وعندما حاول أفلاطون أن يطبق في مدينته (الجمهورية)
مبدأ مساواة المرأة بالرجل في مجال التعليم والثقافة فشل
في المحاولة لهجوم المفكّرين والفلاسفة على ذلك المبدأ.
وقال أرسطو: إن المرأة للرجل كالعبد للسيد، والعامل للعالم،
والبربري لليوناني. كما قال يوستن خطيب اليونان المشهور:
إنّا نتخذ الزوجات فقط ليلدن لنا الأبناء الشرعيين(5).
أما موقف الديانة اليهودية من المرأة فأقل ما يوصف
به هو أنه موقف عدائي، فالتلمود مثلاً ينصح عامة اليهود
بأنه خير للإنسان أن يمشي وراء أسد من أن يمشي وراء امرأة.
وقد جاء في الكتاب المقدس أن المفروض على المرأة أن تـكون
تحت سلطان الرجل وهو يتسلط عليها(6).
الديانة المسيحية، عند بعض أتباعها، لا تختلف عن اليهودية
فالمرأة شر لا بد منه، وإغواء طبيعي، وكارثة لازمة، وخطر
منزلي، وفتنة مهلكة، وشر عليه طلاء، ومن أقوال الراهب
الإيطالي توماس الأكويني: (المرأة خاضعة للرجل بضعف طبيعتها
الجسمية والفعلية معاً والرجل مبدأ المرأة ومنتهاها. وقد
فرض الله الخضوع على المرأة)(7).
القانون الروماني وضع للفرد حقوقاً تجاه الدولة تمثل
تطوراً قانونياً هاماً ومع ذلك فإن الوضع بالنسبة للمرأة
بقي لمدة طويلة يشبه ما كان سائداً في اليونان. إذ كان
للرجل الوصاية الكاملة عليها، فالأنوثة كالجنون من أسباب
الحجر على الشخص.
في الإمبراطورية السفلى تحسن الوضع قليلاً فكان للمرأة
حق اختيار الوصي عليها، ولم تحصل المرأة على أهليتها الماليّة
إلا في عهد الإمبراطور (تيودرز هوتوريوس) إذ أنهى الوصاية
المالية عليها مع ضرورة الحصول على موافقة الزوج(8).
فالأحكام الإسلامية الخاصة بالمرأة تعتبر ـ كما أسلفت
ـ ثورة حقيقية إذا قورنت بما كان سائداً في المجتمع الذي
أضاءت فيه الرسالة المحمدية، أو ما كان سائداً في العصور
الغابرة والحضارات المعاصرة لها. حيث أعطى الإسلام للمرأة
أهليتها الماليّة كاملة غير منقوصة. فكان للإسلام الريادة
والسبق في هذا المجال كأول نظام يفعل ذلك في التاريخ.
وإن كنا نلاحظ الآن اتجاهاً لوضع قيود على تلك الأهلية
في بعض المجتمعات الإسلامية.
اختلاف الآراء حول المرأة قديم العهد، قدم الإسلام
نفسه. وقد أسهم العرف والبيئة في اختلاف تصرفات المسلمين
وآراء فقهائهم. ومن أوضح الأمثلة على تأثير البيئة ما
كان سائداً في مجتمع مكة قبل الهجرة، وما كان سائداً آنذاك
في مجتمع المدينة. وخير وصف لذلك ما جاء على لسان أمير
المؤمنين عمر بن الخطاب(رض) إذ قال: (كنا معشر قريش نغلب
النساء، فلما قدمنا على الأنصار إذ هم قوم تغلبهم نساؤهم،
فطفق نساؤنا يأخذن من أدب نساء الأنصار. فصحت على امرأتي
فراجعتني، فأنكرت أن تراجعني. فقالت: ولم تنكر أن أراجعك؟
فوالله إن أزواج النبي (صلى الله عليه وسلم) ليراجعنه،
وإن إحداهنّ تهجره اليوم حتـى الليـل. فأفزعتني)(9). ولقد
انصاع ابن الخطاب رضي الله عنه للتوجيه النبوي بعدم منع
نسائه من الخروج لصلاة العشاء والفجر رغم غيرته رضي الله
عنه. وهو نفسه الذي أراد في خلافته أن يحدّد المهور (فراجعته
امرأة برأي مخالف). فقبل اعتراضها وانصاع لرأيها. ولقد
بدأ تأثير البيئة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، إذ رفض
أحد أبناء عمر رضي الله عنه السماح للنساء بالذهاب لصلاة
العشاء والفجر وأقسم ليمنعهن حتى لا يتخذنه ذريعة للفساد
رغم التوجيه النبوي. وقد أورد الإمام النووي ذلك في شرحه
لـ (صحيح مسلم)، وفي ذلك عودة لتقاليد بيئة مكة المكرمة.
وبالرغم من ممارسة المرأة في عصر النبوة والخلافة الراشدة
لحقوق لم تكن من قبل معروفة، فإن العصور التي تلتها قد
شهدت نكسات متتالية وآراء مختلفة مردها اختلاف البيئة
والظروف الاجتماعية.
كان مجتمع المدينة مجتمعاً تشارك فيه المرأة الرجل
جنباً إلى جنب في جميع مظاهر الحياة الاجتماعية. واستمر
الأمر على ذلك المنوال في بداية العصر الأموي. إذ احتفظ
العرب بتقاليدهم. فكانت المرأة تظهر في المجتمع سافرة
الوجه، حتى برز لدى بعض خلفاء بني أمية اتجاه لفرض الحجاب
على نسائهم (ثم بدأ بعض أشراف الأمويين في تقليد الخلفاء.
ولم تكن دمشق مدينة عربية بل كانت من المدن القديمة التي
خضعت لحكم الإغريق الذين كانوا يفرضون النقاب على نسائهم،
ولذلك انفردت دمشق قبل الإسلام دون بقية المدن الإسلامية
بالنقاب والفصل بين الجنسين)(10).
وجاءت الدولة العباسية في بغداد لينحو خلفاؤها العباسيون
منحى الأمويين، ثم قام ابن المقفع بالدعوة إلى فرض نقاب
المرأة لعامة النساء اللاتي لم يكنّ ملزمات بذلك، وساد
العرف الجديد الذي يمجد المرأة التي تختفي عن الأنظار(11).
بعد أن أبرزتُ تطور العرف وأثره على المرأة يجدر بي
في هذا الصدد أن أفرّق بين الشريعة الإسلامية بنصوصها
القطعية ومقاصد أحكامها ـ وهي ملزمة دون شك ـ وبين الفقه
الإسلامي، وهو إنجاز إنساني إسلامي نفخر به ونعتز وللمؤهلين
من أبنائه في العصور التالية فسحة من الاجتهاد حسب الزمان
والمكان.
الفقه الإسلامي يتغيّر باختلاف الزمان وتغير البيئة،
وخير مثال لذلك آراء الإمام الشافعي الفقهية عندما كان
في بغداد مقارنةً بآرائه عندما ذهب وعاش بمصر فالفقيه
هو الفقيه. والنصوص هي النصوص، وما تغير كان هو المكان
والبيئة، فكانت آراؤه المختلفة رضي الله عنه تسمى للتمييز
بينهما. على القديم وعلى الجديد، ومن قواعد الفقه أنه
(لا ينكر تغيّر الأحكام بتغيّر الأزمان).
ونحن في بداية قرن ميلادي جديد تغيرت فيه ظروف الحياة.
وتطورت وسائل التعليم وانتشرت وذُللت وسائل الاتصالات
وانتقال المعلومات، فأصبحت في متناول اليد دون قيود أو
حدود، وواكب هذه التغيرات أن أثبتت المرأة جدارتها في
ميادين العلم والتجارة والاقتصاد، ونافست الرجل في أمور
كانت حكراً لـه ووقفاً عليه فلم تمنعها أنوثتها من أن
تصبح جندية باسلة في ميادين القتال، أو مخترعة بارعة داخل
المعامل، أو باحثة متميزة في مجال البحث العلمي.
في هذه الظروف المتغيرة، والتطورات السريعة المتلاحقة
ترتفع أصوات بعض علمائنا تدعو إلى بقاء المرأة في بيتها،
لا تشارك الرجال في بيئتها، ولا تباشر من الأعمال إلاّ
ما يعتقدون أنه ملائم لطبيعتها متوافق مع شريعتنا ويدفعهم
خوفهم من فساد الغرب وانهيار الفضيلة فيه إلى تضييق دائرة
نشاطها حتى تكاد تنعدم. ويتوسعون فيما يعتقدون أنه أحكام
شريعتنا حتى يخرجوا عن دائرتها وروحها ونصوصها ونحن لا
نشك في صدق نواياهم، ونعرف قوة العقل الباطن الذي يحركهم
لحماية نسائنا، وقوة التقاليد التي نبتوا في تربتها وترعرعوا
في كنفها. ولكن الأمر أخطـر بكـثير من أن يعالـج بطريقتهم
هذه مهما كانت مبرراتها وصدق نواياها فإن ما يدعون إليه
ويروجون لـه أضيق كثيراً من الساحة الرحبة التي كانت المرأة
المسلمة تعيش فيها في خلال العصر النبوي.
رحم الله الإمام ابن قيّم الجوزية الذي عمّق الله فهمه
ومنحه فقهاً في الدين حين قال: (إن على الفقيه أن يزاوج
بين الواجب والواقع (12)، ولو كان بيننا اليوم لعرف الواقع
الذي نعيشه، ولتصرف عكس تصرفات بعض علمائنا، فزاوج بين
واجب قابل للتوسيع وواقع يستحيل تغييره، فهو آت كالطوفان،
ولابد أن نبني سـفينة تنقذنا من الغرق فيه، بالرجـوع إلى
روح الشريعة، والثابت من نصوصها فالانعزال خطير، ولن يكون
هناك جبل يعصمنا من الماء، وإن لم نفعل فسوف نكون كالنعام
حين تخشى الصياد فتدفن رؤوسها في الرمال.
عندما أكتب عن مساواة المرأة بالرجل في ميزان الإسلام
أهدف إلى توصيف حقيقة تلك المساواة وإيضاح الفوارق في
الأحكام بين المرأة والرجل، متى وجدت، وهي فوارق تعود
إلى طبيعة الأنثى مقارنة بطبيعة الرجل، ولا تزيد من الرجل
على حساب المرأة، ولا تنقص من المرأة لحساب الرجل، ولا
تخل بالمساواة الكاملة.
الأنوثة من صفات المرأة التي تُحترم لأجلها، ولا تنتقص
من قدرها، والرجولة من صفات الرجل التي يُمدح بها، ولا
تكون من وسائل تفضيله على المرأة، فهي تلقي عليه أعباءً
دون أن ترفع في ذاتها لـه شأناً. والمرأة المسترجلة معابة،
والرجل المخنث محتقر، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه
وسلم المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال
بالنساء(13). وقضية المساواة، إذن، يجب أن ينظر إليها
على ضوء هذه المفاهيم وعلى ضوء التشريعات المالية الإسلامية
التي ألقت على الرجل أعباءً أعفت المرأة منها.
المناداة في الغرب بفكرة الجنس الموحد، التي ترفض أن
يكون تقسيم العمل مبنياً على اختلاف الجنسين، مناداة لا
تستقيم مع روح الشريعة الإسلامية التي وإن أباحت للمرأة
ممارسة العمل في حقولـه الكثيرة إلاّ أنها تركز على الوظيفة
الأساسية لها كزوجة وأم، وهي وظيفة تمنحها جل الاحترام
في المجتمع المسلم.
وفكرة الجنس الموحَّد في الغرب أثبتت نتائجها أنها
أدت إلى تعصب للذكورة، فأصبح دور الرجل في مجالات العمل
محلاً للتقدير والاحترام أكثر بكثير مما حصلت عليه المرأة
من تقدير في تلك المجالات.
الإسلام لا يغفل الفوارق البيولوجية بين الاثنين ولا
يضخم من آثارها فيخرجها عن نطاقها، فأمومة المرأة ودورها
زوجة وحسن قيامها بتربية أبنائها يضعها في أعلى المراتب،
ويكسبها الإجلال والاحترام، في الوقت الذي لا تمنعها تلك
الفوارق البيولوجية من ممارسة ما تحسن عمله في الحقول
الأخرى.
عندما أشير إلى أهمية الظروف الاجتماعية في تفسير النصوص
الشرعية يبرز موضوع الولاية العامة للمرأة كواحد من الموضوعات
التي تتأثر بتغيّر الظروف والبيئة والمكان، وتناوله يجب
ألاّ يغفل الواقع، إذا كانت النصوص لا تصطدم به ولا تعارضه،
ومن باب أولى إذا كانت تمهّد لـه وتناصره.
موضوع الأهلية السياسية للمرأة المسلمة تعددت الآراء
حوله واختلفت، وتضاربت، لتعكس بذلك العرف السائد، والتقاليد
المتبعة، قبلية كانت أو زهواً بالرجولة، أو تعكس فهماً
حقيقياً لروح الشريعة ومقاصد النصوص وتطور الظروف والتزاوج
مع الواقع.
لا أعرف في بلادنا الإسلامية موضوعاً شائكاً تشتد حولـه
الخصومات مثل موضوع المرأة بصفة عامة وموضوع ولايتها العامة
بصفة خاصة، وهذا الأخير تشتد قوته وتزداد حدته إذا اتجه
في سيره لمصلحة ولاية المرأة العامة، حتى إنّ مجتمعاً
مثل مجتمع الكويت يأخذ بقدر واضح من الديمقراطية لا تزال
بعض عناصره الإسلامية ـ أو القبلية ـ تقاوم بشدة أن يكون
للمرأة الكويتية حق الترشيح لمجلس الأمة أو حتى انتخاب
أعضائه، وذلك بالرغم من أن بعض الجيران ممّن أوشكوا على
الوقوف عند أبواب الديمقراطية أعطوا نساءهم حق الترشيح
والانتخاب. وبالرغم من أن المرأة في الجمهورية الإسلامية
الإيرانية تقدمت بترشيح نفسها لرئاسة الجمهورية وانتخبت
عمدة لحكم العاصمة طهران، وأصبحت قبل ذلك قاضية، وهي عضو
منذ قيام تلك الجمهورية في مجلس الشورى.
وتجري الحكومة الكويتية حالياً محاولة ثانية مع مجلس
الأمة عساه يوافق على اقتراحها بالسماح للمرأة الكويتية
بممارسة حقها في الترشيح والانتخاب، وقد انتهيت من الكتابة
قبل أن يصدر من مجلس الأمة ما يعطي المرأة حقها الذي شرعه
الله لها.
فجوة الخلاف تزيد لو أضفنا إلى كفّتي المعسكرين ما
كانت تمارسه دولة طالبان التي حرمت المرأة من واجب ديني
إسلامي وهو التعليم، أو كالسعودية التي أصبحت قيادة السيارات
فيها هدفاً سامياً تتطلع إليه النساء، وهو يبدو لهن كالسراب
ودونه خرط القتاد.
والحقيقة الإسلامية في هذه الشؤون كلها وسط بين الإفراط
والتفريط، وبين الجمود على التقاليد الراكدة أو السقوط
في هوة التقاليد الوافدة. وهدفي من هذا الكتاب إبراز الحقيقة
الإسلامية حاولـت جاهداً أن أستقيها من كتاب الله وسنة
نبيه صلى الله عليه وسلم، ومما كان سائداً في مجتمع المدينة
المنورة في العهد النبوي والخلافة الراشدة مع إيراد أقوال
ومذاهب الفقهاء في العصور السالفة، فإن أصاب كتابي الهدف
فمن الله وله المنّة وإن أخطأ فمن صاحبه ومن الشيطان والله
ورسوله صلى الله عليه وسلم منه بريئان.
وضع المرأة في العهد النبوي
كانت المرأة في الجاهلية قبل الإسلام مهانة وضيعة،
وكان العربي يعتبرها مصدر ذل وعار يَسْودّ وجهه إذا بُشّر
بمولودة أنثى ويحتار بين أن يمسكها على هون أم يدسها في
التراب حيث وصفهم الحق عز وجل بقولـه: (وإذا بشر أحدهم
بالأنثى ظلّ وجهه مسوداً وهو كظيم. يتوارى من القوم من
سوء ما بُشِّر به، أيمسكه على هون ام يدسه في التراب ألا
ساء ما يحكمون)(14).
وكانت المرحلة المكيّة بعد البعثة النبوية وقبل الهجرة،
مرحلة دعوة إلى التوحيد في مجتمع وثني وإلى المساواة في
بيئة تؤمن بالفوارق الطبقية والحسب والنسب، لم يكن العهد
المكي مرجعاً لأحكام المعاملات التي تحدد أهلية المرأة
ومركزها في المجتمع مقارناً بالرجل. ومع ذلك، فقد أبلت
النساء بلاءً حسناً في الدعوة إلى الله والصبر على أذى
المشركين، فكانت خديجة رضي الله عنها أول من آمن بالرسالة
وكانت سـمية بنت خياط أمّ عمار بن ياسر أول شهيدة في الإسلام
وشاركت النسوة الرجال في الهجرة إلى الحبشة وكان من بين
مَن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيعة العقبة
الثانية اثنتان من نساء الأنصار.
ثم جاء العهد المدني حيث أقيمت أول دولة إسلامية، وأول
مجتمع مسلم، فحدثت أول ثورة قانونية واجتماعية جعلت للمرأة
مكانة لم يعرفها العرب من قبل، فكانت للرجل نداً، وفي
الحياة الاجتماعية شريكاً، وما كان سهلاً على المكي القرشي
الذي هاجر إلى المدينة أن يتقبل الوضع الجديد للمرأة لولا
الإيمان بالله والطاعة المطلقة لأوامره. ومما أسهم في
تقبل هذا التغير أن نساء الأنصار كن يحظين بعلاقة مع أزواجهن
تمكنهن من النقاش والجدل، فبدأت المهاجرات يفعلن فعل نساء
الأنصار.
والنماذج المختلفة التي سوف أستعرضها فيمـا بعد من
الواجب أن تكون مؤشراً لأحكام يمكن التوسع فيها في الظروف
الحالية، التي تغيَّرت تغيّراً جذرياً عن بيئة المدينة
وأوضـاعها الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، أما أن يحدث
العكس في بعض بلادنا الإسـلامية فتُفرض على المرأة قيود
تنبثق من التقاليد الاجتماعية والقبلية، بعد أن يُخلع
عليها رداء إسلامي ينسب إلى الشريعة وهي منها براء، فذلك
تصرف سوف يؤدي إلى انفجـار قد يبعدنا حتى عن المعايير
الإسـلامية والمفاهيم الشرعية. فطوفان العولمة ووسائلها
من الفضائيات والإنترنت، لن يحمينا منه إلاّ التطبيق الواعي
لروح الشريعة متحررين من مفاهيمنا التي توارثناها من الماضي
في عهود التخلف الإسلامي والجمود الفكري.
إن العهد النبوي المدني لم يعرف شيئاً إسمه منع مشاركة
النساء الرجال، مثله مثل العهود التي تلته في عصور النهضة
الإسلامية، فكل ما حرّمه الإسلام هو الخلوة غير الشرعية،
بأن يكون الرجل مع المرأة الأجنبية في مكان لا يـراهما
فيه أحد، ولا يكون معهما ثـالث. فقد نهى رسول الله صلى
الله عليه وسلم أن يدخل رجل على مُغيبة (التي غاب عنها
زوجها) بقولـه: (لا يدخلن رجل بعد يـومي هذا على مغيـبة
إلا ومعه رجل أو اثنان)(15)، فزيارة اثنين أو أكثر لزوجة
غاب عنها زوجها هو، ولا شك، نوع من أنواع الاختلاط المحتشم،
مثله مثل ارتياد النساء للمساجد، وحضور صلاة الأعياد،
ومشاركتهن الرجال في سماع خطبه عليه الصلاة والسلام. بل
كان من النساء في المدينة في العهد النبوي من تفتح دارها
للضيفان، فينزل عليها المهاجرون من الصحابة. وهذه أم شريـك
يصفها عليه الصلاة السلام بأنـها امرأة (كثيرة الضيفان)(16)
حين أرادت فاطمة بنت قيس أن تعتدَّ في بيتها المليء بالرجال،
وكانت النسوة يخرجن إلى الأسواق لقضاء حاجاتهن وشراء ما
يرغبن، وطُبق ذلك حتى على أمهات المؤمنين بعد أن فُرض
عليهن الحجاب، والدليل على ذلك أن ابن الخطاب رضي الله
عنه حين اعترض على أم المؤمنين سودة بنت زمعة. لمّا رآها
في الطريق إلى السوق فعادت وأخبرت رسول الله فقال لها
عليه الصلاة السلام: (إنه قد أُذًن لكُنّ أن تخرجن لحاجتـكن)(17).
فكيف بنساء المؤمنين اللاتي لم يفرض عليهن الحجاب؟
وقد وصل دور المرأة في المجتمع المدني إلى أعلى المستويات،
حين ولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه الشفاء بنت عبد الله
المخزوميـة على حسبة السوق(18). والحسبة، في رأينا، تحمل
الصفة القضائية والتنفيذية معاً، كما هي تجسيد للأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر، والسوق بمعاييرنا المعاصرة هو المركز
الرئيس للنشاط التجاري، فكيف تمارس المرأة المسلمة ذلك
النشاط المهم لو كانت حبيسة الدار؟
كما أعطى ابن الخطاب رضي الله عنه سمراء بنت نهيك الأسدية
التي تولت المنصب نفسه على سوق مكة سوطاً تضرب به من يغش
في البيع أو الكيل(19). وهي بذلك قد جمعت بين ما يشبه
السلطة القضائية وما يشبه السلطة التنفيذية.
كانت المرأة في العهد المدني النبوي جزءاً لا يتجزأ
من المجتمع تشارك الرجل في جميع مرافق الحياة الاجتماعية،
فإذا التقيا سلّم الرجل على المرأة، وسلّمت المرأة على
الرجل وقد أورد البخاري تحت باب (تسليم الرجال على النساء
والنساء على الرجال) من الأحاديث ما يُرد به على من قال
بأن المرأة لا تُسلّم على الرجل إذا التقيا، والأحـاديث
في هذا المضمـار كثيرة ومتعدّدة.
وكانت المرأة تلبي الدعوة لاجتماع عام، فإذا نادى المنادي
(الصلاة جامعة) هرعت إلى المسجد لمشاركة الرجال في ذلك
الاجتماع، ومثال ذلك حديث فاطمة بنت قيس التي لبت نداء
المنادي للصلاة جامعة (20). كما كانت المرأة تفتح عيادة
للتمريض تداوي فيها المرضى، مثل خيمة بني غفار لصاحبتها
رفيدة الأسلمية التي أقامتها عند مسجد رسول الله صلى الله
عليه وسلم تداوي فيها الجرحى(21).
وكان المسجد مكاناً للعبادة تعتكف فيه المرأة مثلها
مثل الرجل(22)، كما كان صرحاً للعلم حيث تشترك المرأة
مع الرجل في تلقيه، والأحاديث الدالة على ذلك كثيرة جداً
في الصحيحين، ولا داعي لاستقصائها أو ضرب أمثلة عليها.
وكان المسجد منتدىً إجتماعياً تمارس فيه ضروب الترفيه
المباح كرقص الأحباش، الذي شاهدته أم المؤمنين عائشة رضي
الله عنهــا. وقد فُرض عليهــا الحجاب، وكـان عليه الصلاة
السلام يسترها بردائه(23). وقد ورد في (فتح الباري) تحت
عنوان (الرد على من أنكر اللعب في المسجد)(24).
وامتد نشاط المرأة في عهد الرسالة ليشمل الزراعة والتجارة،
والأحاديث في هذا الصدد كثيرة، منها حديـث أم مبشر الأنصارية
صاحبة مزرعة النخل(25)، وحديث خالة جابر بن عبد الله الذي
زجرها حين أرادت الخروج لتجدّ نخلها وهي في عدتها، فلما
جاءته عليه الصلاة السلام أذن لها. وقال: (بل فجدّي نخلك
فإنك عسى أن تصدّقي أو تفعلي معروفاً)(26).
لم تكن المرأة حبيسة النقاب إلاّ من اتخذته منهن عادةً،
وكنَّ من النوادر، وقد حُرّم النقاب في الصلاة والحج والعمرة،
بل كانت المرأة تتجمل للخُطّاب إذا رغبت في الزواج مثل
سـبيعة بنت الحارث التي تجملت للخُطّاب فسألها أبو السنابل:
مالي أراك تجملت للخُطّاب ترجين النكاح؟ فخطبها فأبت أن
تنكحه(27) فخطبها رجلان: شاب وكهل فخطبت إلى الشاب (28).
إن من أهم الأدوار التي أدتها المرأة في العهد النبوي
الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن الجهاد
فرضاً عليهن كالرجال، ولكنه كان رخصة في الغزوات إلاّ
إذا كانت حرباً دفاعية فحينذاك يصبح الجهاد واجباً عليها.
وكان دور المرأة في الجهاد آنذاك ينحصر في التمريض
وسُقيا المجاهدين العطشى وما إلى ذلك، ولكنها كانت تمارس
الحرب الحقيقية شأنها شأن الرجل إذا دعت الحاجة لذلك،
والأمثلة على ذلك كثيرة، من أهمها أم عمارة نسيبة بنت
كعب الأنصارية المازنية التي شهدت أحداً والحديبية وخيبرَ
وحنيناً وعمرة القضاء ويوم اليمامة. وروى عمر بن الخطاب
رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (ما
التـفت يميـناً ولا شمالاً يوم أحد إلا وأنا أراها تقاتل
دوني)(29). وكانت رضي الله عنها مع أم أيمن وأم سليم ولما
رأين تفوّق المشركين تركن سقاية الجرحى ومداواتهم وألقين
بالدلاء وأخذن السلاح من القتلى، ووقفن مع الصحابة يذدن
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويذكر الواقدي: (قاتلتْ
يوم أحد وجُرحتْ اثنتي عشرة جراحة، وداوت جراحاً في عنقها
سنة)(30). وخرجت في خلافة أبي بكر في الردة، فباشرت الحرب
بنفسها حتى قتل مسيلمة، ورجعت وبها عشر جراحات من طعنة
وضربة (31).
وروى ابن سعد في (الطبقات) أن أم سليط شهدت خيبرَ وحنيناً(32)،
وروى مسلم في صحيـحه عن أنس رضي الله عنه: (أن أم سليم
اتخذت خنجراً يوم حنين فقالت: إن دنا مني أحد من المشركين
بقرت بطنه)(33).
ومن أبطال يوم أحد من النساء أم أيمن التي رأت أحد
المشركين يسدد سهماً نحوه عليه الصلاة والسلام فانطلقت
تحميه بجسدها، فأصابها السهم في عاتقها(34). وفي غزوة
خيبر أبلت السيدة أمية بنت قيس الغفارية أحسن البلاء في
قتال اليهود فقلدها الرسول صلى الله عليه وسلم قلادة،
مثل الأوسمة الحربية التي تعلق على صدور القادة والأبطال.
واستـمرت المرأة تمارس القتـال الحقيقي بعد عهد المصطفى
صلى الله عليه وسلم(35). فهذه أسماء بنت يزيد ابن السكن
بنت عم معاذ ( قتلت يوم اليرموك تسعة من الروم بعمود فسطاطها(36).
وشهدت أم موسى اللخمية، زوج نصير اللخمي والد موسى ابن
نصير معركة اليرموك فقتلت حينئذي علجاً وأخذت سلبه(37).
وقصة أم حرام التي دعا لها رسول الله صلى الله عليه
وسلم أن تكون ممن يركب البحر يجاهد في سبيل الله، فاستجاب
الله دعاءها، وركبت البحر إلى قبرص في عهد عثمان بن عفان
رضي الله عنه واستشهدت هناك، وقبرها معروف في لارنكا(38).
والأمثلة على بطولات المرأة المسلمة في الحرب كثيرة
لا مجال للاسترسال فيها فقد برزت منهن من لا تقل عن الرجال
الصناديد في الشدة والقتال والضرب بالسيف أمثال: أسماء
بنت أبي بكر رضي الله عنهما وخولة بنت الأزور وأم حكيم
زوج عكرمة بن أبي جهل.
وما أردت أن أرمي إليه هو أنه إذا لم يكن القتال بالسلاح
فرضاً على المرأة، كما هو على الرجل، فهو مباح إذا أرادت
أن تمارسه ولا مانع شرعاً أن تكون المرأة اليوم من المجندات
في شتى الأسلحة البرية والبحرية والجوية، إذا روعي ما
تفرضه الشريعة. حماية واحتراماً لها، وليس انتقاصاً من
قدرها أو تقليلاً من أهميتها.
والصحابيات اللواتي روين عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم كثيرات، وهن معروفات لا داعي للاسترسال في ذكرهن،
وذكر مراكزهن العلمية، وقد ثبت كيف أن الصحابة سعوا إليهن
لأخذ آرائهن وفي مقدمتهن أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن.
ولقد شاركت المرأة المسلمة في عهده صلى الله عليه وسلم
في النشاط السياسي كالبيعة والهجرة والمشورة، ويحاول بعض
الذين ينتقصون من قدر المرأة القول بأن بيعة النساء تنصب
على عدم السرقة وعدم الزنا. ونسوا قول الله تعالى:(ولا
يعصينك في معروف)(39). ويدّعون أن الهجرة ليست عملاً سياسياً
وهي، ولا شك، قمة في العمل السياسي، لم يُستثن منه إلا
المستضعفون من الرجال والنساء، ومشورة أم سلمة رضي الله
عنها للرسول صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية أحسن
مثال نضربه في هذا الصدد، إذ عبّرت عن عمق فهمها وحسٌّها
السياسي في حل مشكلة عدم انصياع بعض الصحابة لأمره عليه
الصلاة والسلام بالتحلل من الإحرام.
نكتفي بهذا القدر من النماذج التي تحكي حياة المرأة
في العهد النبوي ومشاركتها الرجل في شتى ميادين الحياة،
ولو شئنا الاستطراد لوجدنا من الأمثلة أضعاف ما قد ذكرنا،
ولكنا نرجو أن نكون قد وُفقنا في إيضاح الصورة الحقيقية
التي تختلف عما هو سائد في بعض أقطارنا الإسلامية، أو
ما هو معتمد عند بعض علمائنا.
دور المرأة المسلمة في
العصور اللاحقة
برز دور المرأة المسلمة أكثر وضوحاً في مشاركتها الرجل
في الحياة العامة، وذلك في السنوات التي تلت وفاته عليه
الصلاة والسلام، وكذلك في العهد الأموي واستمر في ازدهاره،
ثم بدأ المجتمع الإسلامي، بعد القرن الخامس الهجري، يدخل
تدريجياً مرحلة التقهقر، ولكن بدرجات متفاوتة، وفي مناطق
مختلفة. ولم يمنع ذلك التقهقر ظهور شخصيات نسائية بارزة
أضاءت ظلام الجهل والتخلف الذي بدأ يسود في بعض أنحاء
العالم الإسلامي.
في الجهاد مثلا، ذكرنا، فيما سبق، أمثلة لجهاد بعض
الصحابيات بعد وفاته عليه الصلاة والسلام، واستمر ذلك
وبشكل أكبر حجماً وأبلغ أثراً. ففي بعض المعارك الكبرى،
كاليرموك والقادسية، وصل عدد النسوة المجاهدات إلى بضعة
آلاف امرأة. وكان لهن، ولا شك، أبلغ الأثر في تحقيق النصر.
فهذه أسماء بنت أبي بكر، بصحبة زوجها الزبير بن العوام،
في معركة اليرموك بقيادة خالد بن الوليد، تحارب على فرسها
وبسيفها تصول وتجول، إلى جانب أنها كانت تخطب في الرجال
تحثهم على القتال(40). وخولة بنت الأزور شاركت في معركة
اليرموك وفتح مصر، وقاتلت الروم وهي ملثمة لا يظهر منها
إلاَّ حدق عينها. وكان خالد بن الوليد يعجب من ذلك الفارس
الذي يضرب ذات اليمين وذات الشمال، ويخترق صفوف الروم،
ويختفي ثم يعود مرة أخرى إلى صفوف المسلمين. ولمــا أزاح
الفارس لثامه، دهش الجميع من أنها امرأة وأعجبوا بشجاعتها(41).
وهذه أم حكيم في المعركة نفسها مع زوجها عكرمة بن أبي
جهل، وكان على قيادة فيلق نيط به الدفاع عن قنطرة ومنع
الرومان من عبوره، فأصابه سهم قاتل، فاستشهد. وأراد الرومان
مباغتة المسلمين وعبور القنطرة التي تفصل بين الجيشين،
انتهازاً منهم لاستشهاد القائد عكرمة، فاندفعت أم حكيم
وأخذت سلاح زوجها القتيل ومعها فريق من نساء الصحابة،
فقاتلن الرومان على القنطرة، وردوهم على أعقابهم» فكرمها
خالد بن الوليد وأطلق اسمها على القنطرة التي لا تزال
تحمل اسمها حتى اليوم في فلسطين المحتلة(42). وكانت النسوة
يمارسن أدواراً أخرى في المعارك. ففي معركة اليرموك، مثلاً،
وضع خالد بن الوليد النسوة على ربوة خلف الجيش، وأمرهنَّ
بمنع المتراجعين بًحثٌّهم على العودة للقتال، فكنّ يضربن
من يتراجع بالحصى والتراب، ويخطبن فيهن، إلى أين تنهزمون
يا أهل الإسلام عن الأمهات والأخوات والبنين والبنات؟
أتريدون أن تسلمونا إلى أعلاج الروم؟(43). فكنَّ بذلك
يلقنّ المتخاذلين دروساً في الثبات والإقدام. وهذه هند
بنت عتبة، تضرب وجه حصان زوجها أبي سفيان، وهو يتراجع
بفرسه تحت ضغط جنود الرومان، قائلة: (إلى أين يا أبا صخر
ارجع إلى القتال وابذل مهجتك حتى تمحص ما سلـف من تحريـضك
على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الزبير بن العوام:
فلما سمعت كلام هند لأبي سفيـان ذكرت يوم أحد ونحن بين
يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم)(44). ويذكر المؤرخون
أن النساء، من شًدَّتهن على المتراجعين الذين ولوا الأدبار
في تلك المعركة، جرحن خمسة منهم، وقتلن واحداً، وذلك بأعمدة
الخيام. ويروي الواقدي على لسان منهال الدوسي ـ أحد المجاهدين
في معركة اليرموك ـ قوله: (كانت النساء أشد علينا غلظة
من الروم)(45).
ولا أظن أن التاريخ البشري قد سجل معركة كبيرة خاضها
جيش من النساء ضد جيش كله من الرجال إلاّ في معركة الرملة
بفلسطين، التي خاضتها نساء المسلمين ضد جيش الرومان وانتصرن
عليهم. فقد علم قائد جيش الرومان في مصر أن جيش عمرو بن
العاص قد ترك تموينه والكثير من عدة الحرب في الرملة،
وأن الذي يحرسها فريق من النساء، فركب الأسطول، ونزل على
الشاطىء، وحاصر النساء في الليل، وهو يعتقد أنه على وشك
تحقيق غنيمة سهلة. ولكنه فوجىء بالنساء يبادرن إلى سلاحهن
ويصرخن كالنمور، وكانت معركة ضارية بين نساء المسلمين
وجيش الرومان، مع الفارق في العدة والعدد والعتاد، انتهت
بهزيمة جيش الرومان الذي تراجع مهزوماً مخلفاً وراءه أسرى
وجرحى. وقد جُرحت خولة بنت الأزور في تلك المعركة، وسقطت
أسيرة في أيدي الرومان حتى استنقذها عمرو بن العاص (46).
لم يكن دور المرأة المسلمة مقصوراً على الجهاد، وهو،
ولا شك، أهم نشاط في المجتمع يُظهر بجلاء قدر المرأة في
أمر يظن البعض أنه من اختصاص الرجل وحده، إذ برزت المرأة
المسلمة في مجالات أخرى تُظهر أهميتها وعظيم قدرها. والأمثلة
على ذلك لا عد لها ولا حصر، ولكني سأقتصر على إيراد بعض
النماذج على سبيل المثال لا الحصر، وهي:
المصحف الشريف حين جمع في عهد أبي بكر رضي الله عنه
وضع عند أم المؤمنين حفصة، رضي الله عنها، وبقيت نسخته
الوحيدة عندها طوال خلافة أبي بكر وخلافة عمر رضي الله
عنهما(47). والقرآن هو أقدس مقدساتنا وأهم ما يبنى عليه
وجود الإسلام وتنبثق منه شريعته.
وفي مجال الممارسة السياسية فإن المرأة المسلمة خاضت
مجالات السياسة بكافة أنواع الممارسات، فقد قادت أم المؤمنين
عائشة جيشاً، لتعبر عن رأيها السيـاسي في اغتيال الخليفة
عثمان بن عفان رضي الله عنه. وكان كثير من النساء يمارسن
نشاطاً سياسياً خطابياً ضد معاوية بن أبي سفيان، ونصرة
للإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وكتب التاريخ مليئة
بقصصهن في جدلهن مع معاوية عندما استقر لـه الأمر وآلت
إليه الخلافة. ومنهن سودة بنت عمارة بن الأشتر، وبكارة
الهلالية، والزرقاء بنت عدي بن غالب بن قيس الهمذانية،
وعكرشة بنت الأطرش بن رواحة، ودارمية الحجونية، وأروى
بنت الحارث بن عبد المطلب. ولا حاجة لذكر ما دار بينهن
فرادى وبين معاوية من نقاش يظهر فصاحتهن وبلاغتهن، ويعبر
بوضوح عن قوة الشخصيـة من جهة والبراعة السياسية من جهة
أخرى(48).
وهند بنت زيد الأنصارية، فتحت دارها في العراق ليكون
نادياً سياسياً لاجتماعات معارضي معاوية» حيث كان الرجال
يرتادونه للتشاور. وكانت هند امرأة بليغة قوية الحجة والبيان،
أتى ابن جريـر على ذكرها ووصف نشاطها وبلاغـتها(49).
وتأتي في مقدمة النساء المسلمات ممن قمن بنشاط سياسي
مؤثر وقوي أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنه
التي صاحبت علي بن الحسين بن علي إلى الكوفة سنة 61هـ.
وكانت خطبها السياسية قوية المفعول والأثر في نفوس سامعيها،
حتى وصفها الإمام حذيم الأسدي قائلاً: (لم أر خفرةً والله
أنطق منها..
كأنما تنزع عن لسان أمير المؤمنين علي. وأومأت إلى
الناس أن اسكتوا فارتدت الأنفاس وسكنت الأجراس... وتكلمت
فانهالت دموعهم على لحاهم)(50).
في حقل العلم والأدب، كانت المرأة المسلمة ذات باع
طويل. فهناك سكينة بنت الحسين(51)، الأديبة الناقدة، التي
كانت تتذوق الشعر، وتفتح دارها للشعراء والأدباء، وتجالس
الأجلاّء من قريش في المدينة المنورة، إلى جانب ولعها
بالموسيقى.
وهناك من الشاعرات المسلمات الكثيرات ممن ورد ذكرهن
في كتب الأدب العربي، منهن: ولادة بنت المستكفي، وعليَّة
بنت المهدي، وحمدة بنت زياد، وعائشة الباعونية، والخنساء،
وعائشة بنت طلحة بن عبيد الله، التي كانت أديبة فصيحة
اللسان عالمة بأخبار العرب، تستقبل الرجال ولا تحتجب عنهم.
وعندما قال لها أنس بن مالك: إن القوم يريدون أن يدخلوا
عليك قالت: (أفلا قلت لي فألبس أحسن ثيابي(52).
في علوم الدين ورواية الحديث فقد اشتهر من النساء الكثيرات.
يقول الحافظ الذهبي في كتابه (ميزان الاعتدال): إنه لا
يعلم امرأة اتهمت في روايتها للحديث، ولا من تركها المحدثون(53).
ونبدأ بميمونة بنت سعد، مولاة رسول الله صلى الله عليه
وسلم التي قال عنها ابن الأثير: إن الإمام علي بن أبي
طالب رضي الله عنه تلقى الحديث عنها(54)، وذكر الذهبي
أن أبا بكر الخطيب البغدادي قرأ (البخاري) بمكة على كريمة
المروزيه(55)، التي كانت من المحدثات، وأن الحافظ بن عساكر
كان يقرأ الحديث عن بضع وثمانين امرأة من راوياته(56).
ومحمد بن أبي شامة المؤرخ، قرأ (البخاري) على أم الفضل
كريمة بنت عبد الوهاب(57). وفاطمة بنت عباس، كانت عالمة
فقيهة زاهدة واعظة، لها أثرها العظيم في نساء مصر ودمشق(58).
وأخت المزني كانت تحضر مجلس الشافعي (59)، وقد نقل عنها
الرافعي في الزكاة. ونفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن
ابن علي بن أبي طالب كان الشافعي يصلي بها في رمضان، وقد
صلّت هي على جنازته حين مات، بعد أن طلبت إدخال الجنازة
في بيتها(60)، وفاطمة بنت عبد الرحمن الحرانية الصوفية،
سمعت عن أبيها الحديث، وروى عنها ابن أخيها(61). وكانت
السيدة شُهدة، التي لقبت بـ(فخر النساء) في القرن الخامس
الهجري، تلقي في مسجد بغداد دروساً في الأدب، كما كانت
تدرس التاريخ الإسلامي، وكان يحضر دروسها كثير من العلماء
الأفاضل(62). والسيدة عائشة بنت أحمد بن قادم الأندلسية،
لم يكن في زمنها من يماثـلها علماً وفضلاً، كما كانت تجيـد
كتابة المصاحف(63). والفقيهة الحنبلية ست الملوك فاطمة
بنت علي بن الحسين بن حمزة، التي أجازت بعض علماء عصرها
في قراءة سنن الدارمي(64).
خصص المؤرخ المكي الفاسي، في كتابه (العقد الثمين في
تاريخ البلد الأمين) فصلاً عن النساء اللاتي درس عليهن،
وترجم لهن ، وحوى مائتين وخمسين ترجمة لأولئك العالمات
والشيخات الفاضلات من نساء مكة أو ممن وفدن إليها وأقمن
بها(65).
ترجم عمر بن فهد الهاشمي المكي في كتابه (الدرّ الكمين
بذيل العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين) لمائتين وست
وثمانين عالمة مكية من اللواتي أُجزن واستُجزن. كما ترجم
الشيخ محمد ابن عبد الله بن حميد، مفتي الحنابلة في مكة
المكرمة، لسبع وثلاثين من عالمات الحنابلة، لعل من أبرزهن
العالمة الشهيرة فاطمة بنت حمد الفُضَيْلي الحنبلي الزبيريـة،
والمعروفة بـ (الشيخة الفضيليـة) بضم الفاء وفتح الضاد
وإسكان الياء. وهي من أهل القصيم، ولدت بالزبير ودرست
فيها، ثم انتقلت إلى مكة المكرمة فأصبحت من كبار عالماتها،
وكتبت كتباً كثيرة في فنون شتى، وجمعت كتباً جليلة في
سائر العلوم، وكان يتردد عليها غالب علماء مكة، يُسمعونها
ويَسمعون منها (وقد أجازتهم وأجازوها) وتوفيت، رحمها الله،
ودفنت بمكة المكرمة. وانتقلت مكتبتها إلى المدينة المنورة،
وضاع أثرها بالرغم من اهتمام الشيخ ابن حميد بها، الذي
لم يبق لديه من تلك المكتبة إلا القليل. وقد ترجم لها
وذكر وفاتها سنة 1247 هـ (66).
وقد أحسن الأستاذ إبراهيم بن حمود المشيقح، من جامعة
الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالقصيم، في كتابه (تاريخ
أم القرى ومكانة المرأة العلمية فيها من خلال الدر الكمين
لابن فهد)، حيث ذكر في إيضاح المكانة العلمية لنساء مكة
العالمات اللواتي درسن وبرزن، وكن نبراساً يضيء عقول علماء
مكة المكرمة بما وهبهن الله عز وجل من العلم والدين في
القرن التاسع الهجري، حين كانت أوربا تعيش تحت سحب الجهل
الداكنة(67).
والحديث عن دور المرأة المكية في التدريس، وعن المراكز
المرموقة التي تبوأتها، موضوع يحتاج إلى مؤلَف منفرد،
ليس هذا الكتاب موضعه.
تاريخ الإسلام مليء بالمسلمات اللاتي تبوأن الحكم أو
مارسن العمل الإداري. منهن السيدة لبنى التي عينها الخليفة
الحكم بن عبد الرحمن الناصر على رئاسة ديوانه، وكانت تتولى
كتابة رسائله إلى الولاة والمسؤولين، إلى جانب كتمان أسراره
وإدارة أعماله، وقد اشتهرت بالبلاغة والشعر والعلوم والفنون(68).
والملكة أروى بنت أحمد، زوج الملك الأكرم، التي امتد حكمها
في اليمن نحواً من أربعين سنة في أواخر القرن الخامس الهجري(69).
وقد أُلفت عنها الكتب وأُعًدت رسائل جامعية تبحث في إنجازاتها
العلمية والإدارية والسياسية. والسيدة ضيفة خاتون، التي
تولت الحكم في حلب سنة 634هـ بعد وفاة أبيها الملك العزيز،
وهي ابنة أخ السلطان صلاح الدين الأيوبي، وظلت في الحكم
ست سنين(70). وفاطمة بنت الحسن بن محمد علي ملكة صنعاء
في اليمن، التي استولت على صعدة ونجران(71). وصفوة الدين
باديشاه بنت قطب الدين، سادس ملوك الدولة التطفلية، ملكة
كرمان(72). وهناك ملكتان في الهند تولتا الحكم في أثناء
الحكم الإسلامي، هما سكندر بيكم وشاه جيهان(73). والإمبراطورة
نور جهان، حكمت شمال الهند سنة 1620م، وكان اسمها منقوشاً
على النقود الهندية، واشتهرت بحزمها ورجاحة عقلها وحسن
إدارتها لشؤون دولتها السياسية والعسكرية(74). وفي إندونيسيا
تولت الحكم عدة نسوة بين عام 1641م وعام 1688م، منهن صفيـة
الدين تاج العالم(75)، ونقيـة شاه، وعنايـت شاه، وكمالت
شاه (76).
خلاصة القول: إن الكتابة عن دور المرأة في العصور اللاحقة
للعصر النبوي تستغرق حيزاً ضخماً لو أردنا أن نوفي الموضوع
حقه. وما سبق أن أوردنا من أمثلة تعطي القارىء صورة حقيقية
تصد هجمة الذين يريدون أن تبقى المرأة حبيسة دارها، محرومة
من أداء دورها الذي أراده الله لها.
هوامش
(1) سورة الحجرات. الآية 13
(2) سورة التوبة. الآية 71
(3) الجامع الصغير. جلال الديـن السيوطي. جـ 1 ص 344 الحديث
رقم .2329 رواه أحمد وأبو داوود والترمذي عن عائشة، رضي
الله عنها، عن أنس بن مالك
(4) الأسفار المقدسة في الأديان السابقة للإسلام، علي
عبد الواحد وافي ص 155
(5) المساواة في الإسلام، علي عبد الواحد وافي ص49
(6) سفر الخروج 21/7 (وسفر اللاويين 12/1ـ5) سفر التثنية
21/15/17
(7) قصة الحضارة، وول ديورنت جـ 17 ص 139(قاموس الآثار
المسيحية. جـ 5 ص 1300 وما بعدها.
(8) أبو زهرة، الفقه الإسلامي والقانون الروماني، د. صوفي
أبوطالب، تاريخ النظم القانونية والاجتماعية. دار النهضة
العربية، 1986م، ص 36
(9) فتح الباري، كتاب المظالم، باب الغرفة والعلية المشرفة
وغير المشرفة في السطوح وغيرها، جـ 5 ص137 حديث رقم 2393
(10) د. محمود سلام زناني، اختلاط الجنسين عند العرب،
دار الجامعات المصرية ( 1958م)، ص83
(11) ابن عبد ربه، العقد الفريد، جـ 1 ط 1928 القاهرة،
المرجع السابق: اختلاط الجنسين عند العرب
(12) ابن قيم الجوزية، أعلام الموقعين عن رب العالمين،
تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، 1973 م.
جـ 1، ص87
(13) رواه البخاري وابو داوود والترمذي وأحمد والنسائي
وابن ماجة عن ابن عباس، انظر الشوكاني، محمد بن علي بن
محمد. نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيـار شرح منتقى الأخبار،
دار الجيل، بيروت، 1973م، جـ 2 ص117
(14) سورة النحل الآية 58 ـ59
(15) صحيح مسلم بشرح النووي، كتاب السلام، باب تحريم الخلوة
بالأجنبية والدخول عليها، حديث رقم 2173 المسند، جـ 2
حديث رقم 6603 ورقم 6753
(16) صحيح مسلم، كتـاب الفتن، باب قصة الجساسة، حديث رقم
.2942
(17) صحيح البخاري، كتاب التفسير، جـ ،10 ص 150، صحيح
مسلم، كتاب السلام، باب إباحة خروج النساء لقضاء الحاجة
جـ 14 ص375 حديث رقم 5632، الطبقات جـ 8 ص 125، المسند
جـ 6 ص 56
(18) المحلى، ابن حزم، جـ 9 ص 429، جمهرة أنساب العرب،
ابن حزم، 150، الإصابـة جـ 7 ص ، 124 727 ، الطبقات، ابن
سعد، جـ 8 ص 268، أسد الغابةجـ 6 ص 162، الوافي بالوفيات
صلاح الدين الصفدي، جـ 16 ص 168، العقد الثمين في تاريخ
البلد الأمين، تقي الدين الفاسي، جـ 8 ص 252
(19) علي بن أبي بكر الهيثمي، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد
بيروت، دار الكتب العلمية 1408هـ ـ 1988م، جـ 9 ص 264،
الاستيعاب في أسماء الأصحاب. يوسف بن عبد الله بن عبد
البر، جـ 4 ص 1863، ثقات ابن حبان، بيروت، دار الجيل،
ط1 1412 هـ ـ 1992م، جـ 3 ص 185
(20) صحيح مسلم، كتـاب الفتن، باب قصة الجساسة، حديث رقم
2942
(21) الأدب المفرد، الإمام البخاري، 111، السيـرة النبوية،
ابن هشام جـ 3 ص 238، أسد الغابـة، جـ 6 ص 10، تهذيـب
الكمال، جـ 35 ص 174، الإصابة، جـ .8ص81 ترجمة رقم 422
(22) المدونة الكبرى، الإمام مالك بن أنس، جـ 1 ص 231
(23) متفق عليه
(24) فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، جـ 2 ص 444
(25) صحيح مسلم، باب فضل الغرس والزرع، جـ 2 ص 155
(26) صحيح مسلم. كتاب الطلاق ص 57 وكتاب الرضاع ص 122،
سنن أبي داوود، كتاب الطلاق ص 44 المسند جـ 2 ص221
(27) صحيح البخاري، كتاب المغازي، حديث رقم 3991 وفي كتاب
الطلاق، حديث رقم 5319، صحيح مسلم، كتاب الطلاق، باب انقضاء
عدة المتوفى عنها زوجها، رقم الحديث 3706 المسند جـ 6
ص 422 سنن أبي داوود، كتاب الطلاق، باب عدة الحامل، رقم
الحديث 2306، سنن النسائي، كتاب الطلاق، باب عدة الحامل
المتوفى عنها زوجها، حديث رقم 3506 ورقم 3518سنن ابن ماجة،
كتاب الطلاق، باب المتوفى عنها زوجها، حديث رقم 2028
(28) فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، جـ 9 ص 472
(29) فتـح الباري، جـ 6 ص 80 حديث رقم 2881، الإصابة في
تمييز الصحابة، جـ 8 ص 262 سبل الهدى والرشاد، جـ 5 ص
330، حياة الصحابة، الكاندهلوي، جـ 1 ص 616
(30) فتـح الباري، جـ 6 ص 93 حديث رقم 2881 صفوة الصفوة،
ابن الجوزي، جـ 2 ص 63
(31) الطبقات الكبرى، ابن سعد، جـ 8 ص 412ـ 413، البدايـة
والنهايـة، جـ 4 ص 34، كنز العمال، جـ 7 ص97، الإصابة،
جـ 4 ص 261، المغني، جـ 10 ص 391
(32) الطبقات، جـ 8 ص 419، وانظر فتح الباري، جـ 6 ص80
(33) صحيـح مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب غزوة النساء
مع الرجال، جـ 10 ص510 حديث رقم 1809، الطبقات، جـ 8 ص
424، كنز العمال جـ 5 ص 307، الإصابة، جـ 8 ص 242حيـاة
الصحابة، الكاندهلوي، جـ 1 ص597، صفوة الصفوة، جـ 2 ص
64، أسد الغابة جـ 6 ص 354 البدايـة والنهايـة، جـ 4 ص
34
(34) فتـح الباري، جـ 6، 93 حديـث رقم 2881 ( الطبقات،
جـ 8 ص 225) سبل الهدى والرشاد، جـ 5 ص 330، البدايـة
والنهايةجـ 4 ص 34
(35) الطبقات، جـ 8 ص 293، مسند أحمد بن حنبل، جـ 6 ص
380، حياة الصحابة، جـ 1 ص 485
(36) الإصابة، جـ ،8 ص 12ـ 13، مجمع الزوائد، جـ 6 ص 213،
حياة الصحابة، جـ 1 ص 597
(37) الإصابة، جـ 8 ص 285
(38) فتح الباري، كتاب الجهاد والسير، باب غزو المرأة
في البحر، جـ 6 ص 89 رقم الحديث 2877 الإصابـة، جـ8 ص
223 ترجمة رقم 1208، الطبقات، جـ 3 ص 546 جـ 8 ص 435،
البداية والنهاية، جـ 6 ص 227ـ 228 جـ 7 ص 84 ، 158، تهذيب
التهذيب، جـ 5 ص111، سير أعلام النبلاء، جـ 2 ص .5011
(39) سورة الممتحنة الآية 12
(40) الواقدي، فتوح الشام، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة
، 195، جـ 1، 45 (ابن سعد الطبقات الكبرى، جـ 8، 253)
الدر المنثور في تراجم ربات الخدور، ص 120
(41) الواقدي، فتوح الشام، جـ 1، ص 6
(42) ابن الأثير، أسد الغابة، دار إحيـاء التراث العربي،
بيروت، د.ت، جـ5، 577 (وانظر: ابن حجر العسقلاني، الإصابـة،
جـ4، الجزء8، ص .225 الإصابة، جـ 4، 443-444) الأعلام،
جـ 2، ص .269
(43) أبو عبد الله بن عمر الواقدي، فتوح الشام، جـ 1،
206، بيروت: دار الجيل، د.ت
(44) المصدر نفسه ، جـ 1،ص 207
(45) المصدر نفسه ، جـ 1، ص208
(46) الواقدي ، طبعة البابي الحلبي جـ 1، ص21
(47) صحيح البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب جمع القرآن،
حديث رقم 4987 (السيوطي، جلال الدين، الإتقان في علوم
القرآن، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، المكتبة العصرية،
بيروت- لبنان 1987،جـ 1، ص169) وانظر أيضا: الزركشي، بدر
الدين محمد بن عبدالله، البرهان في علوم القرآن، تحقيق
محمد أبو الفضل إبراهيم، المكتبة العصرية، بيروت ـ لبنان،
1972، جـ 1، ص239
(48) الطبقات، جـ 8، ص 34، الإصابة، جـ 8، ص 4 (الدر المنثور،
25) أسد الغابة، جـ 6، ص32 تاريخ الطبري، جـ 5، ص 461
العقد الفريد، جـ 1، ص 344ـ 358، بلاغات النساء، ص 37،
74 تاريخ دمشق، ص 254، جمهرة أنساب العرب، ابن حزم، ص197
حدائق الحقائق في تكملة الشقائق المسمّى ذيل الشقائق النعمانيـة،
عطا الله أمين يحيى المعروف بـ (نوعي زادة)، ص81
(49) ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج6، ص220، وانظر: عمر رضا
كحالة، أعلام النساء، مؤسسة الرسالة، 1984، جـ 5، ص 234ـ
235، وانظر أيضاً: الطبري، أبو جعفر محمد بن جرير، تاريخ
الطبري، تحقيق: علي مهنا، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت
، ط1، 1998، جـ 4، ص 500
(50) ابن الأثير، أسد الغابة، جـ 5، 469، وانظر: ابن حجر
العسقلاني، الإصابة، جـ 8، ص 100، وانظر أيضا: محمد الحسون،
أعلام النساء المؤمنات، دار الأسوة للطباعة والنشر، إيران،
ط2، 1418هـ، ص 239 وانظر أيضا: ابن طيفور، أبو الفضل بن
أبي طاهر، بلاغات النساء، منشورات مكتبة بصيرتي، إيران،
(د.ت)، ص 23
(51) عمر رضا كحالة، أعلام النساء، جـ 3، ص 202ـ224 .
(52) المصدر نفسه ، جـ 3 ،ص 137 -155
(53) الذهبي، محمد بن أحمد بن عثمان، ميزان الاعتدال في
نقد الرجال، تحقيق علي محمد البجاوي، دار المعرفة ? بيروت،
1963، جـ 4،ص 604
(54) ابن الأثير، أسد الغابة، ج5، ص 551، وانظر: عمر رضا
كحالة، أعلام النساء، جـ 5، ص 140ـ141
(55) الذهبي، محمد بن أحمد بن عثمان، سير اعلام النبلاء،
تحقيق شعيب الأرناؤوط ومحمد نعيم العرقسوسي، مؤسسة الرسالـة،
بيـروت، 1413، جـ 18، ص 277(وانظر: ابن كثير، البداية
والنهاية، جـ 12،ص 105)
(56) ابن قاضي شهبة، أبو بكر بن أحمد بن محمد بن عمر،
طبقات الشافعية: تحقيق الحافظ عبدالعليم خان، عالم الكتب
، بيـروت- لبنان، ط1، 1407، جـ2، ص13
(57) الذهبي، سير أعلام النبلاء، جـ 23، 92ـ 93 (وانظر:
الذهبي، العبر في خبر من عبر، تحقيق: محمد السعيد بن بسيوني
زغلول، دار الكتب العلمية، بيروت- لبنان، 1985، جـ 4،
ص 40) وانظر أيضا: عمر رضا كحالة، أعلام النساء، جـ 4،
ص 243ـ 243
(58) ابن كثير، البداية والنهاية، جـ 14، ص 72
(59) الشافعي، محمد بن إدريس، كتاب الأم، دار الفكر للطباعة
والنشر والتوزيع، ط2، 1983، بيروت- لبنان، جـ 1، ص 12
(60) المقريزي، أحمد بن علي، الخطط المقريزية، دار صادر،
بيروت لبنان (د.ت) جـ 2، ص441 وانظر: عمر رضا كحالة ،
أعلام النساء، ج5، ص 188
(61) ابن الجوزي، صفة الصفوة، جـ 4، ص331 ، وانظر: عمر
رضا كحالة، أعلام النساء، جـ 4، ص 71 (62) الذهبي، العبر
في خبر من عبر، جـ 3، ص 65 ـ 66، وانظر، الذهبي، سير اعلام
النبلاء، جـ 20،ص 542، 543، وانظر أيضاً: ابن خلكان، أحمد
بن محمد بن أبي بكر، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان،
دار الفكر، بيـروت، 1969م، جـ 2، ص 477، 478
(63) المقري التلمساني، أحمد بن محمد، نفح الطيب في غصن
الأندلس الرطيب. تحقيق: إحسان عباس، دار صادر، بيروت :
1988، جـ4، ص 290 وانظر: الزركلي، خير الدين، الأعلام
، قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين
والمستشرقيـن، دار العلم للملايين، بيـروت: ط8، 1989،
جـ 3، ص 239 ـ 240، وانظر أيضاً: عمر رضا كحالة، أعلام
النساء، جـ 5، ص 140ـ 141
(64) الزركلي، الأعلام، جـ 5، ص 131، وانظر: عمر رضا كحالة،
أعلام النساء، جـ4، ص 80
(65) محمد بن أحمد الحسني الفاسي المكي، العقد الثمين
في تاريخ البلد الأمين، تحقيق: محمود الطناحي، مطبعة السنـة
المحمديـة، القاهرة: جـ 8، ص 177ـ 363 .
(66) محمد بن عبد الله بن حميد، السحب الوابلة على ضرائح
الحنابلة، تحقيق: بكر بن عبد الله وعبد الرحمن بن سليمان،
بيـروت: مؤسسة الرسالة، 1996م، جـ 3، ص 1227ـ 1228
(67) راجع الصفحات 60، 106، 134 ـ 138
(68) عمر رضا كحالة، أعلام النساء ، جـ 4، ص 287
(69) الزركلي، الأعلام، جـ 1، ص 289 ـ 290
(70) الذهبي، سير أعلام النبلاء، جـ22، ص 133ـ543، وانظر:
الزركلي، الأعلام، جـ3، ص 216 وانظر أيضاً: المقريزي،
أحمد ابن علي ، كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك، دار الكتب،
القاهرة، 1972، جـ 1، ص271
(71) الزركلي، الأعلام، جـ5، ص 130، وانظر: عمر رضا كحالة،
أعلام النساء، جـ4، ص 43
(72) عمر رضا كحالة، أعلام النساء، جـ 2، ص 329
(73) البغدادي، إسماعيل باشا، هدية العارفين أسماء المؤلفين
وآثار المصنفيـن من كشف الظنون، دار الفكر ، بيـروت، 1982،
جـ 1، ص 415، وانظر: عمر رضا كحالة، أعلام النساء، جـ
2، ص 283ـ 284
(74) عمر رضا كحالة، أعلام النساء، جـ 5، ص 197 ـ 198
(75) المرجع نفسه.
(76) المرجع نفسه.
See also, P. Voorhoeve, Critical Survey
of Studies on the languages of Sumatra, The Hague 1955,5ـ8,
and P. Voorhoeve, Iskandar Muda,zoon van Ali, BTLV 107,
364/.5
|