المتعاطفون مع «القاعدة»
حسين شبكشي
في يومين متتاليين كانت العاصمة الرياض على موعد مع
مصيبة التطرف من جهة والإرهاب من جهة أخرى. ففي اليوم
الاول أطلت مجموعة مقتضبة الحواجب حمراء الاعين تتحدث
بصوت غاضب محتقن على قاعة المحاضرات والندوات المصاحبة
لمعرض الرياض الدولي للكتاب، وقاموا بتقديم صورة قبيحة
للاعتراض وتطاولوا على رموز وطنية ودينية وثقافية وإعلامية،
مشككين في دينهم وعلمهم وأخلاقهم، بشكل هو أقرب للهمجية.
وفي فجر اليوم الثاني كانت القوات السعودية تطارد في احدى
استراحات مدينة الرياض مجموعة ارهابية منتمية لتنظيم القاعدة
البغيض، وتجد بحوزتهم الاسلحة والقنابل والمال وأدوات
الترهيب المختلفة، وسرعان ما تناقلت الاخبار أن قوات الأمن
قبضت على شخص واحد حي وأن خمسة ارهابيين آخرين قد لقوا
حتفهم.
والخبر الأهم أن الشخص الذي أُلقي القبض عليه كان،
كما تردد بكثرة، أحد الذين قاموا بالتصرفات الشاذة والخارجة
عن الأدب واللياقة والأخلاق في معرض الكتاب! بالفعل من
الممكن من الجانب النظري على الأقل أن نسمي الذين اعترضوا
على المتحدثين في ندوات معرض الكتاب بالشكل غير اللائق،
الذي حدث أنه هو الفرع الفكري المتعاطف والمغذي لتنظيم
القاعدة الفكري.
فبينما كان تنظيم االقاعدة المجرم يقوم بمحاولته الدنيئة
لتفجير مصافي البترول الأكبر في العالم بأبقيق، وبالتالي
القيام بتدمير الاقتصاد السعودي، كان الفرع الفكري المتعاطف
يقوم بمحاولاته لتفجير الحدث الثقافي الأهم في السعودية،
الحدث الذي سيساعد على تقديم العديد من الافكار الدينية
الاسلامية المغيبة، وتقديم نماذج من أعمال العالم الادبية
الفكرية المختلفة في اطار انساني نادر، لا يقدم «البعض»
فقط إلا أنهم على حق والباقي على ضلال ولا نفع ولا رجاء
منهم.
من الواضح جدا أن هناك تعاطفا موجودا مع القاعدة وإرهابييها
من الناحية الفكرية، وأن مقدار التغطية الاعلامية لقيادة
المرأة للسيارة ويوم الحب وأيام العوائل في معرض الكتاب
ورواية بنات الرياض، وعدم تصوير قسم الاعمال الحرفية النسائية
بالجنادرية، (بعد السماح بذلك من قبل وزارة الثقافة والإعلام)،
كل هذه المواضيع وغيرها تنال نصيب الاسد من التغطية والمقالات
وخطب الجماعة وأحاديث التلفزيون، مقابل تفتيت هذا الفكر
المنفر الارهابي الذي فرق الامة وأثار الذعر والقلق فيها.
الموضوع واضح وصريح وجلي، تبقى فقط تسمية الامور بأسمائها
والتعامل معها على هذا الاساس.
الشرق الاوسط اللندنية ـ 4 مارس 2006
|