مع فقاعة الأسهم مرة أخرى
توقعنا في العدد الماضي سقوطاً مريعاً لسوق الأسهم
السعودية، واخترنا الموضوع عنواناً للغلاف.
ولم تمضِ سوى أيام حتى بدأ السوق بالهبوط والإنحدار.
قيل في البداية انها عملية تصحيح لازمة لمسار الأسهم
السعودية التي تضاعفت مكررات ربحها الى أرقام قياسية لم
تعرفها سوق أسهم عربية أو أجنبية! حتى أن إحدى الشركات
الخاسرة ارتفعت خلال سنة واحدة بما نسبته 1300%!
ولكن التصحيح تحوّل الى ما يشبه الكابوس أو الكارثة،
فقد مضت أيام وأيام والمؤشر يخسر كل يوم حدوده القصوى
من النقاط المسموح بها.
وضجّ الناس. وبدأوا يطالبون بتدخل الحكومة!
بعض المواطنين خرج عن سويته وقام بأعمال غير طبيعية!
وبعضهم أدخل المستشفيات نتيجة الذبحات القلبية.
وبعضهم ارتفع ضغط دمه، وساءت حياته الخاصة والعامة.
وبعضهم قام بالقتل! وبعضهم مات بالذبحة!
كان الغضب المتوقع أن يتحوّل باتجاه الحكومة.. وكان
في طريقه للإتجاه نحو ذلك، وقد بدأت الإشارات الصريحة
والشتائم تتوجه الى الرموز الكبيرة، وليس فقط الى هيئة
سوق المال (الحكومية) التي تتولى تنظيم سوق الأسهم.
الحكومة خشيت من التداعيات السياسية، في وقت حفلت الأخبار
بمظاهرات في الأردن والكويت لذات السبب: انحدار سوق الأسهم
في ذينك البلدين!
ماذا تصنع الحكومة؟
الصحيح ان لا تتدخل، فليس من مصلحة السوق على المدى
البعيد ان تتدخل.
وقد أعطت اشارات بهذا المعنى على لسان وزير التجارة
الذي قال بأن الحكومة لن تتدخل. وأضاف بأن أحداً لم يطلب
من الحكومة أن تتدخل للجم حركة السوق التي لم تكن تتوقف
عن الإرتفاع. فلماذا يطلب منها الآن التدخل؟
كلام صحيح!
لكن التداعيات السياسية بدت مخيفة لدى المسؤولين، فتدخلوا
وهم غير واثقين من ان عملهم سيؤتي ثماره، حيث تراجع السوق
من أكثر من 21 الف نقطة الى حدود 14 ألف نقطة (حدود 35%).
طلب الملك عبدالله من الوليد بن طلال أن يعطي بعض التصريحات،
وأن يتدخل بفلوس الأمراء فيشتري أسهماً تحرك السوق، واعلن
أنه سيستثمر في السوق المحلية بين 5-10 مليار ريال. وكان
ذاك كافياً لانطلاق المؤشر الى الأعلى، فبعد أن تراجع
في الجلسة الصباحية الى حدوده القصوى (5%) عاد وصحح فزاد
الى حدوده القصوى (5%) في أقل من ساعة!
واجتمعت وزارة المالية مع بعض المستثمرين لتطمينهم،
ودفعتهم لإعلان ثقتهم بالسوق، والتقى الملك مع الوزير
وآخرين في نفس يوم تصريحات الوليد بن طلال الى العربية،
وأعلن في ختام اللقاء أن الملك أمر بأن يُسمح للمقيمين
بالشراء المباشر من سوق الأسهم السعودية بغية تحفيزه،
كما طالب بتجزئة السهم لتحقيق ذات الغرض.
كلا الأمرين أديا الى ارتفاع مؤشر الأسهم السعودي من
جديد، لعدة أيام متتالية (حتى الآن).
ويبدو أن المستثمرين الذين كانوا يبحثون عن أي أحد
يشتري اسهمهم فلا يجدون، غيروا رأيهم فصار الطلب عاليا،
وحلق بالمؤشر من جديد.
وعادت حليمة الى عادتها القديمة!
فتصحيح التصحيح! أخذ المؤشر الى قريب من معدلاته السابقة،
أو بدا هكذا. وهذا يعني يا جحا لا رحنا ولا جينا.
يبدو أن عقلية المواطنين عادت الى ذات اللعبة المقامرة
القديمة، ولكن مع استبدالها من أسهم المضاربة الى الأسهم
القوية التي كانت هي الأخرى ذات أسعار مرتفعة بلا مبرر.
بمعنى آخر، فإن السوق السعودية إن لم يتعلم المسثمرون
فيه درساً مما جرى في مايو من عام 2004، وفي فبراير 2006،
فإنهم لن يتعلموا قبل أن يتحطم السوق على رؤوسهم.
هناك بين المحللين والمستثمرين من يتوقع سقطة أكبر
للسوق السعودية خلال الأشهرالقادمة، تفتق فقاعة الهواء
الى الأبد.
|