في انتخابات مجلس حقوق الانسان للأمم المتحدة
الرهان السعودي بلا رصيد حقوقي
كانت السعودية على موعد في التاسع من مايو مع جولة
إنتخابات على مستوى دولي.. فقد شجّعها الطلاء الجديد لوجهها
الحقوقي المفتعل على الترشيح لمقعد في مجلس حقوق الانسان
التابع لهيئة الامم المتحدة والذي من المقرر أن يطوّر
ويحل مكان هيئة حقوق الانسان السابقة، التي فشلت في إلزام
الدول الاعضاء بإضبارة حقوقية.
وفيما تبدو غمامة النفط بأسعاره المتصاعدة عاجزة عن
حجب الحقائق الاخرى المتصلة حصراً بسجل حقوق الانسان والوضع
السياسي الداخلي، بعد أن أحجمت العائلة المالكة عن السير
في خط إصلاحي واضح وثابت، كان بالتأكيد أمراً ملفتاً مطالبة
السعودية بمقعد في الهيئة الحقوقية التابعة للأمم المتحدة
بمؤهلات حقوقية شبه معدومة.
فقد أصبحت السعودية آخر دولة غير ديمقراطية بسجل حقوقي
سيء تطالب بمقعد في مجلس حقوق الانسان التابع لهيئة الامم
المتحدة. وقبيل اقتراب موعد الانتخابات، فإن القضية الخلافية
الرئيسية تمحورت حول الاعضاء الذين سيصعدون الى المجلس،
فيما يناضل الناشطون في مجال حقوق الانسان لجهة تكريس
جهودهم من أجل ضمان توفير أفضل عضوية ممكنة. إذ ليس من
المعقول أن تتسنم حكومات معروفة بسجّلات حقوقية سيئة مناصب
في هذا المجلس وأن تشارك في صناعة قرارات حقوقية على مستوى
عالمي.
مجلس حقوق الانسان الذي تأسس في رهان من أجل استعادة
موقعية هيئة الامم المتحدة في مجال حقوق الانسان بعدما
فقدت مؤسستها الرائدة، هيئة حقوق الانسان، مصداقيتها حين
أصبحت الحكومات المنتهكة لحقوق الانسان أعضاء فيها حيث
قاموا بمنع الانتقادات المصوّبة اليهم ولحلفائهم.
المناصرون لقرار هيئة الامم المتحدة بتشكيل المجلس
يرون بأن الاخير سيكون أشدّ تأثيراً وفاعلية من سابقه،
لأن الوثيقة تطالب الدول الاعضاء المائة والحادي والتسعين
في هيئة الامم المتحدة بالأخذ بنظر الاعتبار سجلات حقوق
الانسان للمرشحين قبل التصويت. إضافة الى ذلك، فإن كل
عضو سيخضع الى مراقبة دورية، بالرغم من أن فصل أي عضو
يتطلب ثلثي اصوات المجلس.
وبالرغم من هذه التطورات المشجّعة، فإن من بين الدول
الخمس والستين التي أعلنت حتى الآن عن مرشحيها لمجلس حقوق
الانسان المؤلف من سبع وأربعين عضواُ، هناك عدد من هذه
الدول التي يخضع احترامها لحقوق الانسان للمسائلة الدائمة،
وتشمل كلاً من ايران، وكوبا، والصين، وتونس، والكاميرون،
والجزائر، وباكستان، وروسيا، وأذربايجان، والآن السعودية
كقادم جديد الى قائمة المرشّحين.
وفي رسالة الى الدول الاعضاء الاخرى في هيئة الامم
المتحدة، لمطالبة الدعم لترشيحها، ذكرت الحكومة السعودية
بأنها (أكّدت على التزامها للدفاع وحماية وتطوير حقوق
الانسان. وأن هذه الالتزام قد ظهر في أدائها كعضو في هيئة
حقوق الانسان).
ولكن هذه الدولة الدينية تقع على قائمة (الانظمة الأكثر
قمعية في العالم) حسبما تقييم هيئة حقوقية مستقلة (Freedom
House) كما أنها مصنّفة كواحدة من بين ثمان (بلدان باعثة
على القلق الخاص) بحسب تقرير وزارة الخارجية الاميركية
حول انتهاك الحرية الدينية.
وكانت واشنطن قد ذكرت في بداية أبريل الماضي بأنها
لن تترشح لانتخابات مجلس حقوق الانسان في الجولة الحالية.
وكانت الولايات المتحدة، من بين أربع دول، صوّتت ضد قرار
تأسيس المجلس على أرضية أن هيئة الامم المتحد لم تبذل
مساعي كافية لحلحلة مشكلات الهيئة السابقة.
وتعد منظمة هيومن رايتس وواتش وأمنستي انترناشيونال،
من بين منظمات حقوقية غير حكومية، داعماً لقرار تأسيس
مجلس حقوق الانسان، وترى هذه المنظمات بأنه على الرغم
من بعض القلق حيال الضغوطات المحتملة التي قد يواجهها
المجلس فإنه سيقدّم أفضل فرصة منذ عقود لتأسيس هيئة حقوقية
أكثر فاعلية بالنسبة للامم المتحدة. وقد أسست كل من المنظمتين
موقعين خاصين لتسليط الضوء على انتخابات التاسع من مايو
لمجلس حقوق الانسان، كما فعل الشيء ذاته عدد من المنظمات
الحقوقية.
في موقعها على الانترنت، وثّقت هيومن رايتس وواتش سجّل
التصويت لكل مرشح في آخر جلستين للاجتماع العام لهيئة
الامم المتحدة، لقياس نسبة أصواتها التي كانت لصالح حقوق
الانسان. وقد جاءت معدلات المرشحين الآسيويين لمجلس حقوق
الانسان بين 10 بالمئة في حالات مثل إيران وأندونيسيا
وماليزيا الى 95 بالمئة بالنسبة لليابان. وسجّلت السعودية
25 بالمئة و15 بالمئة لكل من الصين وباكستان.
وبالنسبة للمرشّحين من أميركا اللاتينية، صوّتت كل
من كوبا وفنزويلا لصالح حقوق الانسان بنسبة 20 بالمئة،
بينما في المقابل سجّلت كل من نيكاراغوا وبيرو نسبة 100
بالمئة.
بالنسبة للمعدلات المنخفضة بين الدول التي تطمح الى
الترشيح في مجلس حقوق الانسان وتشمل روسيا بنسبة 25 بالمئة
والبحرين 20 بالمئة وبنغلادش 20 بالمئة. أما المنافسون
الافارقة، فإن نسبة التصويت لصالح حقوق الانسان فقد تراوحت
بين 35 الى 55 بالمئة، بينما بلغت النسبة في أوروبا الغربية
والمجموعات الاخرى 100 بالمئة.
وقد ذكرت منظمة هيومن رايتس وواتش على موقعها في شبكة
الانترنت بأنه في الخامس عشر من مارس، صوّتت الاغلبية
المطلقة في الاجتماع العام لهيئة الامم المتحدة، في خطوة
لافته تجاه ضمان إخضاع الحكومات المسيئة لحقوق الانسان
للمسائلة في مجال انتهاكات حقوق الانسان، على إنشاء مجلس
حقوق الانسان، والذي سيقوم بإستبدال هيئة حقوق الانسان
سيئة الاداء والبائدة الآن. وذكرت المنظمة بأنها لعبت
دوراً ريادياً في مجال منع تكرار ترشيح حكومات مخالفة
لحقوق الانسان كأعضاء والاخفاق في انتقاد ممارسات المخالفين
لحقوق الانسان مثل السودان والسعودية وزمبابوي. وتعلّق
المنظمة بأننا في دعم انتخابات عضوية المجلس في التاسع
من مايو سنقوم بدفع الحكومات من أجل تصميم إجراء يسمح
بإستعراض عالمي بصورة دائمة للتحقيق في سجلات حقوق الانسان
لكل الدول.
في السياق نفسه، فقد وضع مشروع معهد هدسون تقييماً
لمرشحي مجلس حقوق الانسان. ونقل معدلات فريدوم هوس، وتوصل
الى أن 13 من المرشحين هم (غير أحرار) وأن 20 مرشحاً آخراً
هم (أحرار جزئياً) وأن 32 مرشحاً هم (أحرار). وسيعقد مجلس
حقوق الانسان أولى جلساته في جنيف في 19 يونيو القادم.
حرية اقتصادية متدنية
من جهة أخرى، نشرت منظمة إنديكس للحرية تقريراً لهذا
العام 2006 صنّفت فيه السعودية في قائمة الدول التي تتمتع
بقدر ضئيل من الحرية الاقتصادية حيث حازت على مرتبة 62
وسجّلت معدلاً وصل الى 2.84.
وذكر التقرير بأن السعودية تشتمل على احتياطات نفطية
ثابتة تبلغ أكثر من 260 مليار برميل النفط وتمثل ربع الامدادات
العالمية. وتواجه السعودية نمواً سكانياً متسارعاً، ومعدلات
بطالة مرتفعة، وتحديات سياسية من قبل المتطرفين الاسلاميين.
وقد واجه التحالف التقليدي بين العائلة المالكة والمؤسسة
الدينية كبحاً من قبل العلماء الشباب المتطرفين الذين
استنكروا فساد العائلة المالكة والروابط الوثيقة مع الولايات
المتحدة.
وقد حاولت الحكومة السعودية تنويع اقتصادها لتخفيض
اعتمادها الكامل على صادرات النفط (وتمثل 78.84 بالمئة
من إجمالي مداخيلها) وتقوية القطاع الخاص. وفي ديسمبر
2004 تم بيع شركة التأمين التعاونية المملوكة للدولة وهي
أكبر شركة تأمين في العالم العربي الى القطاع الخاص، وهناك
خطط لخصخصة عدد من الشركات المملوكة من قبل الدولة. وقد
سجّل السوق السعودي أداءً سيئاً بمعدل 0.5 هذا العام،
وإن كانت السياسة التجارية والنشاط البنكي والمالي سجّلت
نقطة واحدة أفضل مما هي عليه في العام الماضي. وبلغ حجم
التضخم في الفترة ما بين 1995 وحتى 2004 بمعدل سنوي 0.34
بالمئة.
وفي مجال الاستثمار الاجنبي، فقد سجلت السعودية 4.0
بحسب تصنيف منظمة إنديكس، حيث ذكرت بأنه بالرغم من أن
السعودية أخذت خطوات لفتح إقتصادها أمام الاستثمارات الاجنبية،
فلايزال هناك موانع أساسية. في عام 2003، خفّضت الحكومة
(القائمة السبية) للقطاعات التي تصنّف باعتبارها محظورة
امام المستثمرين الاجانب من 22 الى 19 قطاعاً. فقد يتملّك
المستثمرون الاجانب عقارات، تخضع للقيود، دون الحاجة الى
شريك محلي. وكانت وزارة التجارة الاميركية قد أفردت قائمة
(متطلبات حكومية بالنسبة للشركات لتوظيف مواطنين سعوديين،
ودفع بطيء بالنسبة لبعض العقود الحكومية، وسياسة التأشيرة
الصارمة بالنسبة لكل العمال، وفرض تمييز على اساس الجنس
في كافة مجالات التجارة والمؤسسات الاجتماعية) كخصائص
مميزة للاستثمار. ويجب على المشاريع الاستثمارية الاجنبية
للحصول رخصة من الحكومة السعودية. وبحسب الممثل التجاري
الاميركي فإن (الشركات المملوكة من الاجانب والحصة المملوكة
من قبل الاجانب في المشاريع المشتركة تخضع لضريبة الدخل،
والتي تتراوح بين 20 الى 30 بالمئة من صافي الربح). وبالنسبة
للشركاء المتعاونين المحليين فيخضعون الى 2.5 بالمئة من
الضريبة على الاصول المالية. وذكرت مؤسسة النقد الدولي
بأن المقيمين قد يحصلون على حسابات بالعملة الاجنبية ولكن
بالنسبة لغير المقيمين فإنهم بحاجة الى موافقة. وليس هناك
قيود أو مراقبة على المرتبات وتحويلات الاموال. وقد يكون
مواطنو وشركات السعودية ومجلس التعاون الخليجي قادرين
على الدخول في نشاط استثماري في الشركات السعودية المصنّفة
أو شراء ضمانات وقيود واستثمارات في السوق المالية، أما
غير المقيمين فهم بحاجة الى إذن استصدار في السعودية،
ويجب الموافقة على عمليات التبرئة المالية.
وفي المجال البنكي والمالي، ذكرت وزارة التجارة الاميركية
بأن هناك 11 بنكاً يعمل في السعودية، منها عشرة بنوك في
الغالب سعودية وبنك تابع لمجلس التعاون الخليجي وهو (بنك
الاستثمار الخليجي ـ البحرين). وهناك ثلاث بنوك خليجية
حاصلة على رخص للعمل في المملكة ولكن لم يفتح أي منها
أبوابه حتى الآن. وفي عام 2003، منحت مؤسسة النقد العربي
السعودي (ساما) رخصة بنكية للبنك الهولندي، وهو أول بنك
أجنبي من خارج مجلس التعاون الخليجي يحصل على رخصة منذ
عشرين عاماً.
وبناء على إيكونوميست انتيلجينس يونيت (هناك عشرة بنوك
تجارية محلية منكشفة على الحكومة والمتعاقدين المعتمدين
على مدفوعات الحكومة). ومعظم البنوك هي مشاريع مشتركة
مع بنوك أجنبية. وتملك الحكومة 50 بالمئة من البنك التجاري
الوطني وخمس مؤسسات إعتماد خاصة. وقد خصصت الحكومة مؤخراً
70 بالمئة من شركة التأمين الكبرى، المملوكة من قبل الدولة،
وهي الشركة الوطنية للتأمين التعاوني. وقد سمحت الحكومة
للاستثمار الاجنبي في القطاع التأميني. وهناك ما يشير
أيضاً الى أن الحكومة تقوم بفتح القطاع المالي أمام الاستثمار
الاجنبي، حيث سجّل القطاع البنكي والمالي في السعودية
أداء أفضل بمعدل نقطة واحدة.
وفي مجال الرواتب والاسعار، فإن السوق يحدد معظمها.
وقد ذكر تقرير الايكونوميست بأن (القانون الاسلامي يمنع
السيطرة على الاسعار، وعليه فإنها غير قانونية في السعودية.
وبالرغم من أن ذلك ينطبق على البضائع التي يزوّدها القطاع
الخاص، فإن بضائع القطاع العام تحظى بدعم كبير في الغالب
وتباع بأسعار غير السوق.. وتصرف الأدوية على أساس مدعوم
عبر الخدمات الصحية ولكن ليس عبر شركات بيع المفرد. إن
مراقبة الاسعار على الاسمنت المدعوم ومواد البناء تدار
على مستوى المعامل وبيع الجملة، اعتماداً على المادة المنتجة
محلياً أو المستوردة من الخارج. وتسيطر مؤسسة الشراء الحكومية
على الاسعار بالنسبة للقمح والشعير، فليس هناك حد أدنى
للمرتبات.
في مجال الحقوق الملكية، ذكرت اكيونوميست انتيليجنس
يونيت أن (المستثمرين والعمال الاجانب العاملين في المملكة
مازالوا يتساءلون حول فعالية نزاهة المحاكم السعودية..إن
اعمال المحاكم التجارية بطيئة وغامضة.. ويعتقد البعض بأن
المحاكم تميل لصالح الاطراف السعودية، وخصوصاً أولئك الذين
لهم ارتباطات بالنخبة الحاكمة، في الخلافات مع الشركات
الاجنبية أو الافراد الاجانب. إن تعزيز ومن ثم أمن العقود
يضعف من خلال الطبيعة المعقّدة والسيرورة الطويلة والحيادية
المشكوكة للنظام القضائي).
وهذا يستدعي الحديث حول التشريعات، حيث ينظر اليها
بأنها غير شفافة في السعودية، وأن البيروقراطية تشكّل
عائقاً أساسياً أمام التجارة. إن تطبيق القوانين قد يكون
متضارباً ومتناقضاً. وبحسب وزارة التجارة الاميركية (هناك
قلة من الجوانب في النظام التشريعي للحكومة السعودية التي
يمكن أن يقال عنها شفافة، بالرغم من أن سياسة الاستثمار
السعودية أقل غموضاً بالنسبة لمناطق أخرى. فقوانين وسياسات
الضريبة والعمل تنزع الى أن تكون لصالح التحويلات التكنولوجية
العالية وكذا توظيف السعوديين أكثر من فتح باب المنافسة..إن
الاجراءات البيروقراطية بطيئة، ولكن يمكن التغلب على السياسة
الروتينية بصورة عامة عن طريق المثابرة والاصرار). بالاضافة
الى ذلك، فإن الشركات الاجنبية توصّلت الى أن الفساد هو
عائق أمام الاستثمار.. فالرشاوى يتم تلبيسها غالباً رداء
الكموسيون كيما تكون مألوفة ومقبولة.
اما بالنسبة للسوق غير الرسمية والتي سجّلت معدل 3.5،
فإن الشفافية الدولية لعام 2004 سجلت 3.4 للسعودية. وعليه
فإن السوق السعودية غير الرسمية سجّلت هذا العام 3.5،
أي أنها 0.5 أسوأ من العام الماضي.
|