النائحون على الزرقاوي
لم يكن أحد أكثر نواحة على مقتل الزرقاوي مثل سلفيي
السعودية.
كيف لا وهم يشكلون عصب قاعدته، ومصدره المالي الأساس،
وبضاعته الفكرية الوهابية التي تستسهل في الإيلاغ في الدم
للمخالف في المعتقد والرأي.
لقد دبجت في الزرقاوي قصائد الرثاء المشحونة بالعاطفة
والألم والغضب على كل من يخالف الزرقاوي أو ينتقده. لم
يسلم في ذلك أحد من خلق الله أجمعين!
لقد كان الزرقاوي اميناً على فكر الوهابية التكفيري..
مطبقاً لتعاليمها ودعواتها الدموية بالقتل والسحل وقطع
الرؤوس. ولذا كان بكاؤهم ـ الوهابيون ـ على فقده مرّاً،
وخسارتهم فيه فادحة.
والنائحون الذين بعثوا بأبنائهم للقتال مع الزرقاوي
يفجرون الأسواق واماكن العبادة ويقتلون المارة وعلى الهوية
بذرائع شيطانية، ويستضيفون القتلة التفجيرين في المملكة
نفسها، لم يكونوا يبحثون عن انتصار سياسي بقدر ما هو عن
انتصار مذهبي، ينشر الوهابية في أرض (حرام) عبر قتل أهلها
او تهجيرهم.
هذا الإنتصار المذهبي المرتقب بالنسبة لهم كان يعني
إعادة فريضة الجهاد المعطلة التي ولّدت ثلاث انتفاضات
وهابية ضد الحكم السعودي. أولها على يد الجيش السعودي
الأول (الإخوان) وانتهت بنهايتهم في معركة السبلة او القرعا
عام 1928م، وقد كانت حجة قادة الانتفاضة الدموية الدويش
وابن بجاد وغيرهما قائمة على ان ابن سعود استخدم الدين
لبناء ملكه ثم عطل الجهاد ووالى النصارى. ليأتي بعد ذلك
زلزال جهيمان باحتلاله الحرم عام 1979 ثائراً على الحكم
متهماً اياه أيضاً بتعطيل الجهاد فأعاد سيرة أجداده! والآن
يأتي هؤلاء التكفيرون ليجدوا ساحة الجهاد مفتوحة أمامهم،
فما كان من آل سعود إلا أن قذفوا بكرة اللهب الى الخارج،
مرة في افغانستان وأخرى في الشيشان وثالثة في العراق.
فليجاهدوا ويقتلوا ويفسدوا هناك! وحين عادوا الى ديارهم
بعد أفغانستان وتجربتها المريرة، بدأوا بالجهاد الغائب
في السعودية، وما هي إلا فترة حتى جاءت أحداث 11/9 فما
كان من مشايخ السوء امثال الحوالي واللحيدان الخائفين
على عرش آل سعود إلا ان أقنعوا متطرفيهم ودموييهم بالجهاد
في العراق ليعيثوا الفساد هناك لا ضد الأميركان بل ضد
المواطنين كما فعل الزرقاوي.
ثبت الآن، أن الأمير سلطان ونايف دعما الزرقاوي والتيارات
التكفيرية في العراق، ويقول الأميركيون ان ذلك جاء بشكل
غير مباشر (كاش مثلاً)!
لقد نظف الأمراء ساحتهم الداخلية بأن أرسلوا رسل الموت
(كما كان الإخوان الأوائل يوصفون) الى العراق يقاتلون
خلف راية الزرقاوي، وهددوا من يعود ـ كما فعل نايف ـ بأن
مصيره القتل! إذن فليقاتلوا وليقتلوا هناك، وهو ما حدث
ويحدث. لقد كان الزرقاوي خشبة انقاذ للنظام السعودي ولمتطرفي
الوهابي على حد سواء. وبموته قد يكون القتال القادم تحت
راية سعودي وليس أردني!
|