إصلاحيون سعوديون طالبوا بملكية دستورية
الرد: إعتقالات، وحجب مواقع، وتهديدات
قال الكاتب السعودي محمد حديجان الحربي، أحد الموقعين
على عريضة تطالب الملك عبدالله بن عبدالعزيز بإرساء ملكية
دستورية في البلاد في الثالث من أبريل أن 4 من الموقعين
على العريضة أعتقلوا. وأضاف الحربي أن عملية الاعتقال
هذه خطوة استباقية ضد إصدار بيانهم، مبينا بأنه لا يستبعد
حدوث مزيد من الاعتقالات. وقال إن العريضة تم إرسالها
في الاول من أبريل إلى 15 من الأعضاء المهمين في أسرة
آل سعود، بما في ذلك ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز
ووزير الداخلية الأمير نايف.
وقال الحربي (نعتقد أن الملك عبدالله من أبرز المدافعين
عن الإصلاح في السعودية)، مضيفا أن الموقعين على العريضة
يعتقدون بأن لديهم الآن فرصة أفضل من ذي قبل للحصول على
استجابة متعاطفة مع مطالبهم.
وقال الحربي إن (مطالبنا تؤكد شرعية الأسرة الحاكمة
الكريمة وتقترح تحركات شعبية وسلمية لتأسيس دولة حديثة
مبنيّة على الدستور الإسلامي)، مشيرا إلى أنهم قرروا إرسال
العريضة بالبريد بدلاً من المطالبة بلقاء الملك عبدالله
مباشرة لأن التجارب السابقة تُثبت أن فرصتهم ضئيلة في
لقائه.
وأوضح التقرير بأن الموقعين على العريضة، الذين يطلقون
على أنفسهم (حماة المجتمع المدني) ويضمّون 5 سيدات، طالبوا
بتشكيل برلمان يُنتخب من قبل كل البالغين رجالاً ونساء
في السعودية المحافظة.
من جهة أخرى، تواترت معلومات في مارس الماضي عن تدهور
الحالة الصحية لعدد من الاصلاحيين المعتقلين منذ أكثر
من شهرين على خلفية توقيعهم على عريضة تطالب بإجراء إصلاحات
سياسية ودستورية في المملكة، فيما تشن السلطات السعودية
حملة على المدونات التي تطالب الخوض في مسائل تتعلق بالإصلاح
السياسي شملت حجب إحدى هذه المدونات.
وكشف مصدر مقرب من ذوي الإصلاحيين العشرة المعتقلين
لـموقع (إسلام أون لاين.نت) أن أحد المعتقلين د.موسى القرني
أصيب بجرثومة في معدته عقب عملية إعتقاله، دخل على إثرها
المستشفى، ولكن لم يتضح بعد إذا كان لهذه الإصابة علاقة
بظروف إعتقاله. وبيّن المصدر نفسه أن باسم العالم محامي
المعتقلين العشرة تم منعه من السفر.
وكان باسم العالم قد اشتكى قبل ذلك من أن السلطات منعته
من مقابلة موكليه على الرغم من إرساله برقيات متكررة بهذا
الشأن إلى مساعد وزير الداخلية للشئون الأمنية، الأمير
محمد بن نايف بن عبد العزيز آل سعود. وكانت قوات الأمن
السعودية قد داهمت فيلا المحامي عصام بصراوي في جدة يوم
2 فبراير الماضي، حيث كان يجتمع مع 5 من رفاقه المعروفين
بدعواتهم الإصلاحية في السعودية، واعتقلت الرجال الستة
جميعًا، إضافة إلى مُساعد شخصي لبصراوي، كما تم اعتقال
رفيق آخر له في سيارته بجدة، وتعرض آخران للاعتقال في
المدينة المنورة.
ومن بين المعتقلين: سليمان الرشودي، قاض سابق يزاول
حاليٌّا مهنة المحاماة، والدكتور سعود مختار الهاشمي القرشي،
أكاديمي بجامعة الملك عبد العزيز، وعبد العزيز بن سليمان
الخريجي، طبيب ورجل أعمال، وعبد الرحمن الشمري، أكاديمي
بجامعة أم القرى، والشريف سيف الدين آل غالب، رجل أعمال،
وعصام بن حسن بصراوي، محام. كما اعتقل موسى بن محمد القرني
أستاذ الشريعة الإسلامية بالمدينة المنورة والذي قدم في
2006 طلبًا للملك عبد الله بن عبد العزيز من أجل السماح
له بتأسيس منظمة مجتمع مدني إسلامية، لكن طلبه لم يلقَ
ردٌّا.
وجاء في بيان صدر في حينه للداخلية السعودية أنها اعتقلت
10 أشخاص بينهم أجنبي، (في إطار جهود مكافحة الإرهاب)،
حيث اتهمتهم بالقيام (بأنشطة ممنوعة تضمنت جمع التبرعات
بطرق غير نظامية وتهريب الأموال وإيصالها إلى جهات مشبوهة
توظفها في التغرير بأبناء الوطن وجرِّهم إلى الأماكن المضطربة).
وكانت زوجات الإصلاحيين قد ناشدن قبل شهرين الملك عبد
الله بن عبد العزيز بالإفراج عن أزواجهن، ووجهن شكوى للملك
ضد ما قامت به وزارة الداخلية من (انتهاكات ومخالفات جسيمة)
خلال وبعد اعتقال أزواجهن، وأشرن إلى أنهن لم يتم السماح
لهن بتوصيل الأدوية لأزواجهن.
وفي إطار الحملة الإلكترونية للمطالبة بإطلاق سراح
الإصلاحيين، دشن نشطاء الإنترنت مدوّنة تحمل إسم (الحرية
للإصلاحيين)، و(تهدف إلى التعريف بقضية الإصلاحيين العشرة
المعتقلين).
ونقلت المدوّنة عن مصادر حقوقية سعودية أن السلطات
السعودية كانت قد أكّدت لهم وللمنظمات الدولية التي طالبت
بالإفراج عن الإصلاحيين العشرة المعتقلين أنها ستقوم بالإفراج
عنهم في أقرب فرصة إلا أنها تراجعت عن وعودها. وأضافت
المصادر الحقوقية أن السلطات السعودية تحتجز المعتقلين
في مكان غير معلن عنه إلا أن مصادر مقرّبة من الإصلاحيين
أكدت معرفتها بمكان احتجازهم رغم التكتم الشديد من قبل
السلطات السعودية.
في سياق متصل، أعلن نشطاء إنترنت أن جهات حكومية سعودية
تشنّ حملة لإجبار المدونين السعوديين على عدم الخوض في
مسائل تتعلق بالإصلاح السياسي في المملكة. وبيَّن (مرصد
المدونين) أن 4 مدوّنين سعوديين حتى الآن تعرضوا للاستجواب،
وإلى ضغوط من قبل جهات حكومية وأجبروا على إغلاق مدوناتهم
أو التوقف عن الكتابة فورًا.
وأفاد المدوّن مسفر الودعاني في مدونته أن السلطات
السعودية قامت بالتحقيق مع المدون الإصلاحي خالد بن أحمد
الناصر صاحب المدونة المعروفة (ماشي صح)، وتهديده والضغط
عليه إلى أن أعلن في مدونته (التوقف عن التدوين إلى أجل
غير مسمى). وبيَّن أن هذا جاء على خلفية توقيعه على عريضة
إصلاحية بعنوان (معالم في طريق دولة العدل والشورى) يعتزم
مجموعة من الإصلاحيين دعاة الدستور الإسلامي بتوجيهها
إلى الملك عبد الله بن عبد العزيز يوم 20 مارس الجاري،
ومطالبته بتنفيذ بعض الإصلاحات الأساسية المتعلقة بالدستور
ونظام الحكم.
وقد تم تخصيص موقع الكتروني www.dostor-islami.com؛
لجمع مزيد من التوقيعات على هذه العريضة الإصلاحية الجديدة،
حيث بلغ عدد الموقّعين بالمئات، من بينهم أكاديميون وإصلاحيون
ورجال أعمال. وقد تعرّض الموقع للحجب داخل المملكة، وذكرت
صحيفة القدس العربي اللندنية في السادس من أبريل أن إصلاحيين
وصفوا هذه الخطوة بأنها تهدف للحد من انتشار ثقافة الإصلاح
داخل البلاد، وتصب في إطار الهجمات التي بدأت تشنها السلطات
على المواقع الإلكترونية الإصلاحية. يأتي ذلك فيما تواترت
أنباء حول إضراب أحد المعتقلين على خلفية سعيه للتوقيع
علي العريضة، عن الطعام احتجاجا علي اعتقاله بدون اتهام.
وقال الكاتب السعودي مسفر بن صالح الوادعي وأحد الموقعين
على العريضة لموقع (إسلام أون لاين) إن الموقع تعرض لحجب
جزئي، حيث حجب عن مناطق أو (سيرفرات) معينة، فيما أصبحت
هناك صعوبة في الدخول على الموقع في مناطق أخرى. ولكنه
رأى أن الحجب كان متوقعا منذ وقت مبكر عند نشر العريضة،
ويأتي في إطار المضايقات والهجمات التي بدأت تمارسها السلطات
على المواقع الإلكترونية الإصلاحية أو المتعاطفة معها.
وعن ماهية الجهة التي تقف وراء الحجب قال المهندس مسفر
بن علي الميموني أحد الإصلاحيين، والمسؤول عن الموقع في
تصريحات صحافية إن مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية
هي الجهة المنوط بها الحجب داخل المملكة، ولكنها تقوم
بالحجب بإيعاز من جهات أمنية، مشيراً الى أن هناك جهات
من مصلحتها عدم انتشار البيان، وعدم الترويج لثقافة الإصلاح
والتوعية داخل المجتمع.
|