إعلان حجم المشاركة السعودية في العنف داخل العراق
رسالة إلى الرياض قبل الإنسحاب
خـالـد شـبكـشـي
حين صرّح الرئيس الأميركي جورج بوش بعد إتصاله برئيس
الوزراء العراقي نوري المالكي بأن هناك دولاً تدّعي بأنها
(حلفاء) للولايات المتحدة وهي تساهم في زعزعة الأمن في
العراق، فهم المراقبون بأن واشنطن قد بدأت تفقد صبرها
حيال ضلوع مقاتلين سعوديين في دوامة العنف داخل العراق،
ولابد من توجيه رسالة تحذير واضحة الى الرياض. وكانت زيارة
الوفد الأمني العراقي الى المملكة تعبيراً عن تحوّل في
الموقف الأميركي حيال الرياض، التي تخلّصت من مقاتليها
عبر تسهيل خروجهم من حدودها الى العراق، بل الزيارة في
حد ذاتها تبطن إتهاماً الى السعودية بأنها المتورّط الأكبر
في عمليات التفجير داخل العراق.
مظاهرات عراقية ضد السعودية
|
فهمت الحكومة السعودية الرسالة على أنها بمثابة تحوّل
في الاستراتيجية الأميركية في العراق، وهذا ما ظهر في
كلمة وزير الداخلية الأمير نايف أمام حشد من رجال الدين،
والوعّاظ، والخطباء حين أفشى لهم بما يرضي الخارج بدرجة
أساسية وقبل وصول الوفد الأمني العراقي الى المملكة، حين
كشف عما هو مكشوف منذ فترة طويلة أن المقاتلين السعوديين
معدّون للعمليات الإنتحارية فحسب، وأنّهم يفجّرون أنفسهم
بين المدنيين الأبرياء.
الإعتراف السعودي غير المسبوق بنوعية المقاتلين الذين
يتدفقون من المملكة الى العراق تزامن مع حملة انتقادات
واسعة في أوروبا والولايات المتحدة ضد السعودية، التي
باتت في مركز الاتهام بوصفها الطرف الأكبر للعنف في العراق.
وقد كشفت صحيفة لوس أنجلس تايمز منتصف الشهر الفائت عن
أن نصف المقاتلين العرب داخل العراق هم من السعوديين،
وهو ما حاولت نفيه الحكومة السعودية، على لسان مصدر مسؤول
في تصريح لصحيفة (الشرق الأوسط) السعودية حيث اعتبر الرقم
غير صحيح ومبالغ فيه، وقال بأن (المقاتلين الحقيقيين في
العراق هم من الجيش العراقي المنحل..).
ولكن مسؤولاً أميركياً قال لصحيفة لوس أنجلس تايمز
بأن أغلب المنتحرين في العراق هم من السعودية. وبحسب الصحيفة
فإن 45 بالمئة من المنتحرين والذين يستهدفون المدنيين
والشرطة في العراق هم من السعودية و15 بالمئة من سوريا
ولبنان و10 بالمئة من شمال أفريقيا، وقال المسؤول الأميركي
بأن أكثر من نصف الـ 135 معتقلاً أجنبياً في السجون الأميركية
في العراق هم من السعوديين. وقالت الصحيفة أيضاً بأن السعوديين
هم أكثر من نفّذوا العمليات الإنتحارية في العراق من أي
جنسية أخرى. وصدّق المسؤول الأميركي ما قاله الأمير نايف
في وقت سابق بأن 50 بالمئة من السعوديين يأتون الى العراق
ليفجّروا أنفسهم، حيث نجحت التفجيرات في آخر ستة أشهر
في العراق في قتل أربعة آلاف مدني وشرطي. ويقول المسؤول
الأميركي للصحيفة بأن المجموعات المسلحة في العراق وخصوصاً
في العاصمة بغداد تعتمد على المقاتلين الأجانب في تنفيذ
العمليات الإنتحارية لعدم قبول العراقيين بتنفيذها، على
الرغم من أن تلك العمليات تستخدم لزيادة الإنقسام الطائفي
في البلاد باعتباره الهدف الأول لها.
ما يلفت إليه المسؤول الأميركي بالغ الأهمية حيث يقول
بأن الحكومة السعودية لا تخفي ذهاب أبنائها الى العراق،
ولكنها لا تفعل شيئًا من أجل إيقاف النزيف العراقي، من
جانبه علق منصور تركي المتحدث باسم وزير الداخلية السعودي
على هذا الموضوع قائلاً إن هناك من يساعدهم للذهاب الى
العراق (في اشارة الى المقاتلين السعوديين)، وهناك من
يساعدهم في العراق، هناك من يقوم بتجنيدهم ليكونوا انتحاريين
، نحن لا نمتلك أي فكرة من يقف وراء كل ذلك، مضيفًا (نطلب
معلومات من الحكومة العراقية حول السعوديين الذين تم اعتقالهم
في العراق، وبالتالي نستطيع ان نساعدهم).
الأمر إذاً لم يعد خافياً، ولكن الحديث يدور حول كيف
وصل هؤلاء الى العراق ومن سهّل خروجهم، ومن أوعز إليهم
بأن الانتحار خيار ديني، وماهي المحفّزات الأيديولوجية
والسياسية التي تدفع بشباب الى وضع نهاية دموية لحياتهم.
لا يمكن الدخول في المجهول من أجل إقفال ملف مقاتلين يمزّقون
أجسادهم رغبة في جنة موعودة فيسقط الأبرياء من الأطفال
والنساء والرجال ضحايا لنزوات طائشة. بالنسبة للعراقيين،
فإن التبرير السعودي حول عدم معرّفة من يساعد هؤلاء الانتحاريين
الى العراق غير مقنع، فهم يمسكون بدلائل على تورّط مسؤولين
في الحكومة السعودية وأمراء في العائلة المالكة في تحريك
مياه الموت من الخارج الى الأنهار العراقية.
فقد إتهم المتحدث بإسم وزارة الدفاع العراقية محمد
العسكري الحكومة السعودية بسعيها لخلق حالة فوضى داخل
العراق، وقال بأن للسعودية جهاز مخابرات قوي ومن الصعب
التفكير أنهم لا يعرفون شيئاً مما يحدث هنا. وأكّد العسكري
على أن مجموعة من شيوخ الدين في السعودية يدعون إلى الجهاد
في العراق أو الى الحرب المقدسة ضد العراقيين الشيعة،
وقد وجدت الحكومة العراقية أن هناك مجموعات همّها الأساسي
إقلاق الأمور في الجنوب بالاستعانة بسنّة متطرفين يعتقدون
أن الشيعة كفار. فيما ذكر مسؤول عراقي آخر أن ما يحرّك
السعودية للقيام بزعزعة الأوضاع الأمنية في العراق أنها
تشعر بأن العراق أصبح الحديقة الخلفية لإيران، ولذلك لا
تريد له أن يستقّر.
ويتساءل المسؤولون الأميركيون عن الإجراءات السعودية
التي تحول دون انتقال بعض رعاياها من السلفيين الى العراق
لتنفيذ عمليات إنتحارية. هل يقوم السعوديون بكل شيء من
أجل وقف هذا التوافد؟ يجيب مسؤول أميركي: بالطبع لا. ويضيف:
عليهم فعل المزيد. بل طالب المسؤول الأميركي الحكومة العراقية
بالوقوف في وجه الحكومة السعودية وأن تقول لها: إن هناك
من ينتمي إلى السعودية ويقتل آلالاف العراقيين، وهي أي
السعودية تترك جهادييها للذهاب الى العراق وربط أنفسهم
بجماعات عنفية غير قانونية.
وفيما يدّعي المسؤولون الأميركيون بأنهم طالبوا الحكومة
السعودية مراراً بوقف مرور مقاتليها الى العراق، الا أن
مسؤولين عراقيين قالوا بأن القوات الأميركية لم تكن تشارك
العراقيين المعلومات التي تستقيها من المعتقلين السعوديين،
وهو أمر تغيّر مؤخراً حيث تم تزويد مستشار الأمن القومي
العراقي موفق الربيعي بكل المعلومات عنهم قبيل زيارته
الى السعودية، بحسب صحيفة لوس أنجلس تايمز.
المعلومات التي نشرتها الصحف الأميركية وأثارت فضول
وسائل إعلام أميركية وأوروبية لمتابعة موضوع المشاركة
السعودية في العنف داخل العراق، أعادت تسليط الضوء على
السعودية بوصفها وكراً للإرهاب ومصدّراً أساسياً للإنتحاريين
المؤدلجين، الأمر الذي وضع العائلة المالكة في زاوية حرجة
بعد أن كانت تعتقد بأنها قد تخلّصت من تبعات حوادث الحادي
عشر من سبتمبر التي تورّط فيها 15 سعودياً من أصل 19 إنتحارياً
قادوا الطائرات الانتحارية ذلك اليوم. وكالة رويترز نشرت
في العشرين من يوليو الماضي تقريراً خلصت فيه الى أن مشاركة
السعوديين في القتال في العراق ولبنان قد أحرج الحكومة
السعودية. ونقلت رويترز عن مستشار الأمن القومي العراقي
موفق الربيعي أن العراق حاكم 160 سعودياً لضلوعهم في أعمال
عنف. وكان الربيعي قد صرّح لصحيفة عكاظ الشهر الفائت بأن
المئات من مواطنين سعوديين لا يزالون في الإعتقال بانتظار
المحاكمة. وقال بأن عدد السعوديين في العراق يتجاوز المئات
والكثير منهم قتلوا بهجمات إنتحارية، وهناك عدة مئات مازالوا
في السجون والمعتقلات العراقية بخلاف من تم قتلهم خلال
الأعوام الأربعة الماضية.
هذه التصريحات جاءت بعد أن كشفت صحيفة لوس أنجلس في
السادس عشر من يوليو عن أن نصف المقاتلين في العراق هم
سعوديون. يتزامن ذلك مع تصريحات لمسؤولين لبنانيين تفيد
بأن هناك عشرات السعوديين ضمن جماعة فتح الإسلام التي
تقاتل الجيش البناني منذ شهرين في مخيم نهر البارد شمال
لبنان.
عبد الرحمن الراشد، مدير قناة (العربية) الفضائية كان
قد ذكر في مقالة في صحيفة (الشرق الأوسط) في السادس عشر
من يوليو بأن السعودي صار مشكلة عالمية. ويعلل بالقول
(لماذا السعوديون.. لأنهم مهيأون عقلياً وسياسياً كقنابل
موقوتة صالحة كألعوبة في يد أنظمة ذات مشاريع سياسية بالغة
الخطورة)، وهو هنا يحاول الدفاع بصورة غير مباشرة عن حكومة
بلاده، في محاولة لتوجيه الإتهام الى أطراف أخرى، وخصوصاً
سوريا وإيران التي لا يخفي الراشد موقفه الخصامي منهما،
كتمظهر لحالة الاستقطاب التي تعيشها المنطقة منذ سقوط
نظام البعث في العراق، ومقتل الحريري في لبنان، وحرب يوليو
العام الماضي. والسؤال هنا: كيف نجحت ايران وسوريا في
استدراج آلاف من المقاتلين الى العراق ومن ثم الى لبنان
لقتال حلفائهما في البلدين! ولماذا لم تقدّم الحكومة العراقية
أسماءً بمقاتلين إيرانيين ينفّذون عمليات إنتحارية ويقتلون
المدنيين والشرطة العراقية على طريقة الانتحاريين السعوديين.
يعلّق نيل بارتريك من المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات
على حراجة الموقف السعودي بالقول (لا مفر أمام السلطات
من الشعور بالحرج). مصدر الحرج يعود الى أنها أطاحت بالرواية
الأميركية التي تضع المسؤولية على إيران وسوريا في تدهور
الوضع الأمني داخل العراق، حيث أكّدت الصحيفة الأميركية
بأن السعوديين وليس السوريين أو الايرانيين يمثّلون غالبية
المقاتلين الأجانب والانتحاريين في العراق، فيما أوضحت
الشرطة العراقية أن الايرانيين المسجونين في العراق متّهمون
بالعبور غير الشرعي للحدود العراقية ولا علاقة لهم بجرائم
عنف أو الإرهاب.
في الأول من أغسطس الحالي، كرر مسؤولون أميركيون إتهامهم
للحكومة السعودية بتمويل الإرهاب، وذهب النائب الديمقراطي
أنتوني وينر، وهو أحد المشرّعين الأميركيين الذين يرفضون
بيع الأسلحة الى السعودية ودول خليجية أخرى الى اعتبار
السعوديية بأنها رقم واحد في تمويل الإرهاب في الشرق الأوسط،
وهي تقوم أسبوعياً بتصديرر المقاتلين الى جهة الحرب في
العراق. واعتبر وينر في حديث لشبكة سي إن إن أن إتمام
الصفقة يعني مكافأة لاعبين في المنطقة يدّعون أنهم حلفاء
لأميركا ولكنهم لم يتصرفوا كذلك، مشيراً الى أن السعودية
تصدّر أسوأ مشاكلها الإرهابية وقتوم بالقليل للتخفيف من
ذلك. وأضاف renieW أن السعوديين كانوا محرك التمويل لكل
ما يجري في المنطقة.. وتابع (كنا في طور الاعتقاد بأننا
كلما سلحنا المنطقة كلما كانت الأمور أفضل، لكن ذلك غير
صحيح)، مضيفاً أنه يعارض أيضاً صفقة السلاح مع إسرائيل.
وأشار إلى أن الأميركيين يسيرون في الإتجاه الخاطئ بتسليح
السعودية وتقديم الأسلحة للإسرائيليين حتى يستطيعوا الإستمرار،
معتبراً أن ما تقوم به أميركا هو تحويل الأسلحة إلى منطقة
لا تملك أدنى فكرة أين ستصل هذه الأسلحة في السنوات القادمة.
وأوضح renieW بأن ما لا يجب القيام به هو توفير المزيد
من الأسلحة لبلدان تملك الكثير من منها، لافتاً النظر
إلى أنه إذا أراد السعوديون مساعدة أميركية فعليهم أن
يكونوا أهلا لها وعليهم البدء بتغيير سلوكهم وبمساعدة
أميركا بوقف تمويل الإرهاب ووقف تصدير الوهابية عبر العالم
وأن يبدؤوا بالتصرف كحلفاء أفضل لأميركا لأنهم كانوا يعملون
بوجهين سابقا.
وكان السفير الأميركي في الأمم المتحدة خليل زاد قد
إتهم السعودية بتقويض جهود إنهاء العنف في العراق. وأقرّ
زاد في مقابلة مع شبكة سي إن إن الأخبارية أنه كان يشير
الى السعودية في مقال له نشرته صحيفة نيويورك تايمز في
يوليو الماضي عندما قال أن (العديد من الدول المجاورة
للعراق ـ وليس فقط سوريا وايران ولكن بعض الدول الصديقة
للولايات المتحدة ـ تتبع سياسات تزعزع الاستقرار). وأضاف
زاد لشبكة سي إن إن (نعم، لا شك في أن السعودية وعدداً
من الدول الأخرى لا تبذل كل ما بوسعها لمساعدتنا في العراق).
وقال بأن بعض الدول مثل السعودية (لا يكتفي بعدم تقديم
المساعدة بل إنهم يفعلون أشياء تقوّض جهود تحقيق تقدّم).
وأعرب عن أسفه بأن بعض الدول المجاورة للعراق ليس لها
تمثيل دبلوماسي في بغداد. وقال بأن (مستوى الجهد الايجابي
الذي تقوم به هذه الدول مقارنة مع المخاطر على المنطقة
قليل للغاية). وتأتي تصريحات خليل زاد قبل يوم من توجه
وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ووزير الدفاع
روبرت غيتس الى الشرق الاوسط للسعي للحصول على دعم للعراق
ومناقشة مبيعات الأسلحة للدول الحليفة لها.
وكانت الإدارة الأميركية قد أعلنت في وقت سابق من تصريحات
خليل زاد عن خيبة البيت الأبيض مما وصف بمحاولة سعودية
لتقويض حكومة نوري المالكي. ذكرت صحيفة (نيويورك تايمز)
في تقرير لها في السابع والعشرين من يوليو الماضي بأن
مسؤولين سعوديين أفصحوا لخليل زاد عن عدم إمكانية وثوقهم
بالمالكي، بناءً على وثيقة تكشف عن طلب المالكي من مقتدى
الصدر الإختفاء خلال تطبيق حفظ النظام في بغداد، وكون
المالكي عميلاً لإيران، وقد رفض زاد هذه الوثائق مؤكّداً
أنها مزورة. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين قولهم
أن الإدارة الأميركية تشعر بـ (خيبة أمل) من الدور الذي
تؤديه السعوديية في العراق وتتهمها بمحاولة تقويض الحكومة
العراقية عبر دعم معارضيها، وعدم القيام بما يكفي لمنع
المسلّحين من عبور حدودها للإلتحاق بـ (المتمرّدين) هناك،
والذين يشكّلون نصف (المتطوّعين) الأجانب الذين يدخلون
ما يصل الى 80 منهم العراق، كل شهر.
وذكر التقرير أن المسؤولين في واشنطن قاوموا طويلاً
إلقاء اللائمة على السعودية ومقاتليها في إذكاء العنف
المذهبي في العراق، وأنهم اختاروا، عوضاً عن ذلك، إلقاء
اللوم على إيران وسوريا معاً، خشية خسارة الدعم السعودي
لجهودهم في العراق والمنطقة. لكن هؤلاء، وفق الصحيفة،
بدأوا مؤخراً ينتقدون السعودية بالفعل، في إشارة إلى افتتاحية
نشرتها (نيويورك تايمز) لخليل زادوقال فيها (إن العديد
من دول جوار العراق تسعى لزعزعة سياسته، ليس فقط سوريا
وإيران، بل أيضاً بعض حلفاء الولايات المتحدة).
وقد أثارت وزيرة الخارجية رايس ووزير الدفاع غيتس القضية
مع المسؤولين السعوديين الذين قدّموا إشارات إيجابية عاجلة
منها إعلان إعادة فتح السفارة السعودية في بغداد.
من جهة ثانية، دعا مجلس النواب العراقي في نهاية يوليو
الماضي الحكومتين السعودية والكويتية إلى العمل على منع
رجال دين في البلدين من إصدار فتاوى تحرّض على الفتنة
الطائفية والمذهبية في العراق، وتدعو إلى هدم المراقد
المقدسة فيه وناشد الحكومة إلى تحرّك دبلوماسي لتوضيح
مخاطر هذه الفتاوى وإرسال وفود دينية إلى البلدين للإتصال
بالهيئات الدينية هناك وتوضيح خطأ ومخاطر هذه الفتاوى.
وفي مستهل جلسة لمجلس النواب العراقي في الثلاثين من
يوليو قالت لجنة الأوقاف والشؤون الإسلامية في بيان حول
الفتوى التحريضية (إنه في الوقت الذي يتعرض فيه الشعب
العراقي الصامد لمختلف انواع المآسي من قتل وتهجير وترويع
تطالعنا بين الحين والآخر فتاوى ما أنزل الله بها من سلطان
تدعو إلى هدم مرقد الامام الحسين في كربلاء وتبيح دم العراقيين
الذين لا ذنب لهم سوى انتمائهم المذهبي والقومي) في إشارة
الى الشيعة والاكراد.
وشجبت اللجنة هذه الفتاوى التي وصفتها بـ (الضالة المعادية
لأهل البيت) مؤكدة أن العراق جزء لا يتجزأ من العالمين
العربي والإسلامي ويرفض التدخل في شؤونه الداخلية) حيث
(تسهم هذه الفتاوى في زيادة سيل الدماء وقتل العراقيين
والمساس بالرموز المقدسة لهم وجرهم الى نعرات طائفية ومذهبية
بغيضة).
ودعت اللجنة الحكومة والبرلمان العراقيين الى مخاطبة
الجهات الرسمية في السعودية والكويت لاستيضاح حقيقة الموقف
الرسمي لهما من هذه الفتاوى خاصة. وناشدت العراقيين الى
الحذر من خطورة هذه الفتاوى والوعي بأهدافها (الضارة المنحرفة)
التي تستهدف النسيج الاجتماعي والوطني للعراقيين وتجنب
الإنجرار لمزالق الطائفية. وأشارت اللجنة إلى أن الحفاظ
على رموز ومقدسات العراق الوطنية والحضارية أمر مهم وناشدت
الامم المتحدة ومنظمة اليونيسيف والمؤسسات الثقافية العربية
والاسلامية الى التدخل لوقف هذه الفتوى ودعواتها لتهديم
المراقد المقدسة. ودعت منظمة المؤتمر الاسلامي إلى تحمل
مسؤولياتها والعمل على توحيد الخطاب الاسلامي الهادف الى
صيانة العالمين العربي والاسلامي.
وفي مداخلات لهم حول الموضوع دعا عدد من النواب الى
تحرك دبلوماسي لوزارة الخارجية العراقية وإرسال وفود دينية
الى السعودية والكويت للاتصال بالمسؤولين فيهما وبرجال
الدين الذين يقفون وراء هذه الفتاوى وبرجال دين ومؤسسات
اخرى تقف ضدها لتوضيح مخاطرها على العراقيين وعدم شرعيتها
دينيا. فيما طالب آخرون بغلق الحدود مع السعودية بالتزامن
مع تقارير أفادت الى مغادرة شبان منها متوجهين الى العراق
للمساهمة في تنفيذ هذه الفتاوى والمشاركة في عمليات تستهدف
تهديم المراقد المقدسة على حد قولهم.
|