بندر ودحلان وجهان لعملة واحدة
يحـي مفـتي
شاءت الأقدار أن يكون مقت مناصب رئاسة مجلس الأمن القومي
مرتبطاً بسقوط مدوٍ للقائمين عليها، ولربما ساهم من تولى
هذا المنصب بإثبات حقيقة كونه ليس سوى جهازاً قمعياً على
المستوى الداخلي وعميلاً على المستوى الداخلي.
تشكّلت هذه المجالس لأغراض غير محلية، بل هي أميركية
بامتياز، ونشأت في ظرف احتداد الصراع السياسي في الشرق
الاوسط، وعملت على تهيئة ظروف مناسبة لتمرير مشاريع تسوية
بالشروط الأميركية ـ الاسرائيلية. لم تنبع هذه المجالس
من الحاجة المحلية، بل هي حاجة خارجية تماماً كما أن القائمين
عليها لم يمثّلوا قضايا بلدانهم. ولأنها مشدود بمركز خارجي،
أميركي بخاصة، فقد كان التعاون بين رؤوساء هذه المجالس
قائماً منذ تشكيلها، وكذلك اللقاءات الدورية مع الراعي
الاميركي التي تجري لمناقشة قضايا إما محلية ذات أبعاد
خارجية مثل تصفية حركة حماس أو خارجية محض، كالتخطيط لضرب
قوى الممانعة في المنطقة.
سقوط قطاع غزة وتمزق مجلس الامن القومي الفلسطيني كبيت
عنكبوت رفعا الغطاء عن معلومات بالغة الخطورة عن الدور
الموكول لدحلان الذي شعر بأنه بات شخصاً مكروهاً ولا مكان
له في أي حكومة أو تسوية سياسية فلسطينية، فقد أثبت فشلاً
ذريعاً في إدارة المجلس المستحدث لأجله. المثير في قصة
إنهيار دحلان، أنه ارتبط بشخصية سعودية ممثلة في رئيس
مجلس الأمن الوطني الأمير بندر بن سلطان. الارتباط تعلّق
بالتمويل في حدّه الأولي، ولكن الحقيقة أن ثمة رابطة عميقة
وتنسيقية تتصل بالتخطيط لمؤامرات ذات طبيعة أمنية، منها
ما يجري في مخيم (نهر البارد)، حيث كشفت مصادر فلسطينية
أن جماعة دحلان منعت أي تسوية بين فتح الاسلام والجيش
اللبناني، بل تم استدراج بعض الفلسطينيين لمعركة مشبوهة
خطّطت لها أطراف لبنانية رسمية وسعودية بالتنسيق مع خط
دحلان في حركة فتح. وهناك من يتحدث عن وجود تنسيق بين
بعض الجماعات المسلّحة في مخيم عين الحلوة على أطراف صيدا
اللبنانية.
وشأن مصادفات أخرى، فإن سقوط دحلان في عملية غزة، زاد
في تعقيدات الجماعات المسلّحة داخل مخيم نهر البارد، حيث
وجد عناصر فتح الاسلام أنفسهم أمام مواجهة مصير بعد أن
تخلى عنهم الرعاة المحليون والخارجيون. لقد توقفت مصادر
التمويل عن دحلان وجهازه الأمني سواء داخل فلسطين أو خارجه.
مستشار الأمن القومي الفلسطيني فقد مصادر قوته، وكان
آخر مقاتله مصادر رئيس حكومة الطوارىء الفلسطينية فيّاض
الذي أصدر قراراً بمصادرة ملايين الدولارات من حساب دحلان،
وهي أموال انتقلت من قبل هيئات دولية بما يشمل الولايات
المتحدة والأمير بندر بن سلطان. وكان يفترض توظيف هذه
الأموال في المواقع التي تكون القوى الأمنية بحاجة إليها،
ولكن جرثومة الفساد فعلت فعلها في دحلان وفريقه الأمني،
الذي تحوّل الى مجرد غبار متطاير مع بدء أول هبّة داخل
القطاع، بل أخضع دحلان تحت الرقابة وخصوصاً موارده المالية
التي منع من التصرّف فيها قبل رحيله للخارج، للعلاج العصبي
والسياسي.
مصادر فلسطينية إتّهمت دحلان بسوء إدارة الأموال، وقبول
تمويلات بطريقة غير قانونية والفشل في حرب فتح ضد حركة
حماس. دحلان الذي كان مقرراً أن يدافع عن نفسه في بيان
أو مؤتمر صحافي قرر تحت ضغط حلفائه في الخارج الاحتجاب
عن الإعلام، لأن ما حصلت عليه حماس من وثائق قد يكشف معلومات
بالغة الخطورة بشأن شخصيات سياسية عربية متورّطة في الخلاف
الفلسطيني ـ الفلسطيني، وخصوصاً الأمير بندر بن سلطان
الذي زوّد حكومة عباس وجهاز دحلان بمال وفير من أجل تصفية
قيادات حركة حماس، بما يتعارض مع رغبة الملك عبد الله
في إنجاح إتفاق مكة قبل عدة أشهر.
نشير هنا الى أن محمد دحلان وبندر بن سلطان كانا قد
شاركا قبل شهر بحسب مصادر صحافية سورية ولبنانية بالقيام
بعملية اغتيال الامين العام لحزب الله حسن نصر الله. وقد
نقلت حينها مجلة (المدار) السورية أن أجهزة الاستخبارات
السعودية، والأميركية والاسرائيلية كانت تبحث عن الخنادق
السريّة لحزب الله كجزء من مخطط إغتيال نصر الله. أشارت
المجلة أيضاً الى دحلان وبندر كشركاء في المخطط.
|