طلال: صراع أجنحة أم صراع إصلاح؟
من يحكم المملكة: (أبناء الحمايل) أم (أبناء الجواري)؟
هاشم عبد الستار
تصريحات طلال بن عبدالعزيز الأخيرة التي انتقد فيها
(استئثار فرع من العائلة المالكة بالسلطة) وتهميش الأمراء
الآخرين، والمقصود هنا الجناح السديري، أوجدت جدلاً في
الإعلام العربي وداخل المملكة، وقد اعتبر التصريح جزءً
من الصراع على السلطة بين أبناء الملك عبدالعزيز مؤسس
المملكة. بيد أن الإستئثار مسألة متوقعة في ظل عائلة ضخمة
العدد (عشرون ألفاً من الأمراء والأميرات) ولأن طبيعة
الحكم هو الإستئثار بالسلطة: من مَلَكَ استأثر، كما يقول
الأثر؛ أو كما يسمي ذلك ابن خلدون (الإنفراد بالمجد).
قيل أن طلال بتصريحاته قصد لفت الإنتباه الى نفسه،
ولفت الإنتباه الى أن هناك أمراء من أبناء عبدالعزيز مهمشون،
وأن قاعدة من يحكم المملكة ليست واضحة، فلا اعتبار السن
قائماً، ولا اعتبار للكفاءة، بل للعصبية والتكتلات بين
الأشقاء والإخوان. إن عوامل الصراع الداخلي بين الأمراء
ما فتئت تتصاعد، فمن يحكم المملكة اليوم بالفعل؟ ووفق
أية قاعدة؟ إن الموضوع إجتماعي/ سياسي، لهذا آثرنا أن
نطيل النظر في القضية من أجل استجلاء الصورة الواقعية
اليوم للخلافات وللرؤوس المتصارعة ومستقبلها.
طلال بن عبدالعزيز، أمير مثيرٌ للجدل، كان كذلك يوم
كان شاباً في بداية الثلاثينيات من عمره حين كان يتولى
منصب وزارة المالية، وهو كذلك اليوم وقد ذرف على السبعين
عاماً. له آراء مختلفة عن إخوته في مستقبل البلاد وفي
حقوق المواطنين السياسية والإجتماعية. وإثارته للجدل والنقاش
تكمن في جرأته في طرح المسائل المكتومة أو المراد نسيانها
أو التي لا يراد سماعها من قبل المتمسكين بالسلطة.
لقد قال طلال ما يريد مراراً وتكراراً. قال إنه يريد
برلماناً منتخباً، ودستوراً مكتوباً، وقوانين واضحة تتكئ
على الشريعة مبينة ومفصلة ومكتوبة، وقال إنه يريد إصلاح
القضاء، وإصلاح التعليم، وإيقاف تغول الفساد والتعدي على
مالية الدولة، وقال أنه مع حقوق المرأة، ومع محاسبة المسؤولين،
ومع مرجعية واضحة يمكن من خلالها ضبط أمور الدولة بشكل
عصري.
لكن كل ما قاله لم يعجب إخوته، لا في الستينيات حين
خرج مختاراً للمنفى، مضحياً بالوزارة التي بيده والمناصب
التي كان من الممكن البقاء فيها، ولا ذات الأقوال مقبولة
اليوم بعد مرور نحو نصف قرن عليها، بالرغم من تغير الأحوال
والمجتمع بشكل انقلابي، فضلاً عن تغير المفاهيم في المحيط
المحلي والإقليمي وتعدد التجارب وتغير النظم.
لماذا هذا الإصرار؟ إنه يرجع الى أن بنية الدولة في
الأساس لا تتحمل إصلاحات، والى حقيقة ان العائلة المالكة
تعتقد بان لها الحق في أن (تملك وتحكم) الدولة، وقناعتها
راسخة بهذا الحق الى حد يجعل ما تنجزه الدولة ـ وهو قليل
بالمقارنة مع الدول الخليجية المجاورة ـ مكرمة للشعب وليس
حقاً له. لا يعترف الأمراء بحق للشعب في أي شيء، حتى في
خدمات الكهرباء، التي يدفع المواطن ثمنها. حتى ان أميرة
طلبت أيام تصاعد التفجيرات في الرياض وتصاعد حمى النقد
لآل سعود، بقطع الكهرباء عن الرياض العاصمة! إن هذا يكشف
عن العقلية التي تدير الدولة.
الإصلاح يعني تنازلاً من الأمراء عن بعض مما بيدهم،
عن شيء من سلطتهم ونهبهم، مقابل استمرار أطول لحكمهم،
وقوة أكبر في شعبيتهم. عكس هذا يراه طلال ولازال حسب تصريحاته
الأخيرة.
لكن طلال الذي احترق بمعارضته في الستينيات الميلادية
الماضية لازال يبحث عن دور يلعبه، ولازال يرى أن (موج
الإصلاح) يضمن استمرار العائلة المالكة وحكمها، ويضمن
في المقابل حق الشعب، ولهذا اختار ركوب موج الإصلاح حيناً،
وصناعة وتهيئة أجوائه بالتصريحات حيناً آخر، ولكن التعليقات
من قبل إخوته على ما يقول ويدعو اليه تستسخف رأيه، وتسخر
من تفكيره، وتحذره من التمادي في إطلاق المقابلات كما
كان يفعل مع قناة الجزيرة التي اعترف من خلالها بأنه لم
يكن يعلم بأن الحديث مع القنوات الفضائية يحتاج الى إذن
من الملك وولي عهده إلا متأخراً!
عائلة مالكة مختلفة
جزء من أزمة الحكم يكمن في أزمة العائلة المالكة نفسها،
ففكرة وجود عائلة مالكة تحكم ليست جديدة في التاريخ، سواء
عند العرب أو غيرهم. وفكرة الصراع داخل الأسر الحاكمة
ليست جديدة أيضاً، وقد شهدنا أمثلة كثيرة في الحقب الماضية،
كان آخرها الصراع بين جناحي الحكم في الكويت، وإن كان
صراعاً سياسياً هادئاً، بالقياس الى ما جرى في دول أخرى.
بيد أن العائلة المالكة في السعودية تعيش مشكلة أكثر عمقاً
من العوائل الحاكمة الأخرى. العوائل المالكة عادة ما تكون
صغيرة الحجم، فقد يكون عدد أفرادها بالعشرات وفي أقصى
الحالات بالمئات، بعكس العائلة المالكة التي يصل تعدادها
ـ حسب بعض التقديرات ـ الى ما يزيد عن عشرين ألفاً. إن
هذا العدد يعقد المشكلة الوراثية ويستنزف رصيد الدولة
ويشكل عبئاً باهظاً على الشعب. فلو فكرنا أن كل أمير ارتكب
خطأ واحداً بحق مواطن فسنجد عشرات الأفواه تتألم، فكيف
بهم والحال اليوم أنهم يجرحون ولا يبالون ويسمعون الألم
ولا يشعرون، وينهبون المواطنين في وضح النهار ـ وليس خزينة
الدولة فحسب ـ بلا حياء أو وازع ضمير.
والعوائل الحاكمة عادة ما تكون متحررة من العرقيات
أو العصبيات عدا عصبية العائلة الحاكمة نفسها، وبالتالي
فهي تستطيع أن تزعم أنها تمثل الشعب كله وأنها تترفع على
الإنقسامات فيه، وأنها بالتالي الوعاء والجامع الأكبر
للمجتمع الذي تتفق عليه القوى الإجتماعية المختلفة. الأمر
ليس هكذا في السعودية، فالعائلة المالكة تنتمي الى منطقة
محددة، وتدين بمذهب ديني تريد فرضه على بقية السكان (الأكثرية).
وهذا الإنتماء أوقع العائلة المالكة السعودية في مشكلتين:
الأولى ـ مشكلة تمثيل بقية السكان، حيث يظهر وكأنها تمثل
منطقة معينة وثقافة محددة، ومذهباً خاصاً. والثانية ـ
مشكلة المرجعية القادرة على توحيد المجتمع المنقسم داخلياً
أو المتعدد ثقافياً وسياسياً ومناطقياً. حيث لا تلعب العائلة
المالكة دور الموحد بالفعل بل هي اليوم أقرب الى قيامها
بدور صانع الأزمة لا حلها، وبالتالي لا تخدم العائلة المالكة
ـ بسبب تأكيدها للإنتماءات الفرعية أو بعضها على الأقل
ـ (وحدة المجتمع) أو (وحدة الدولة) بعد أن أصبحت جزءً
من المشكلة الداخلية لا مترفعة عنها، بحيث تكون حاكمة
عليها، وقاضية بين المتخاصمين والمتنافسين فيها.
وما يميز العائلة المالكة في السعودية عن غيرها ليس
فقط تحولها الى (طبقة ملائكية) غير منسجمة حتى مع محيطها
الخاص في القضايا الإجتماعية، بل وأكثر من هذا، فإن مشكلة
(الخلافة) فيها أصعب من غيرها من العوائل المالكة. أولاً
بسبب العدد الهائل من المتنافسين، وثانياً بسبب أن الخلافة
(المقصود تسنم العرش) غير واضحة المعالم. فلا هي اعتمدت
قواعد واضحة، ولا الدستور (النظام الأساسي) أو حتى (مجلس
البيعة) خفف من مشكلة لازمة لكل العوائل المالكة وهي:
من الذي سيحكم ووفق أية أساس.
هناك عوائل مالكة رأت أن تنتقل الخلافة من الأب الى
الإبن الأكبر ثم الى ابن هذا الأخير الأكبر، كما في البحرين
(النموذج البريطاني/ والعثماني أحياناً)، وهناك عوائل
رأت تقاسم الحكم بين الأجنحة في العائلة المالكة، فمرة
هنا ومرة هناك. هذا كان حال الكويت الى أن جاء صباح الأحمد
فغير اللعبة، ولا نعلم كيف ستسير لاحقاً. في المملكة الخلافة
بعد عبدالعزيز (مؤسس الدولة) تنتقل من الأخ الى أخيه،
الأمر الذي فتح باباً واسعاً من الصراع ابتدأ منذ حياة
المؤسس ولازال الصراع جارياً. وحين جاء النظام الأساسي
ليحل المشكلة، عقدها من جديد، حيث رأى أن الحكم يتولاه
(الأصلح) من أبناء وأحفاد عبدالعزيز، أي ممن يحملون لقب
(صاحب السمو الملكي) وبالتالي فالمنافسة صارت أكبر من
تنافس الأخوة الكثر.
الصراع على السلطة
كان المتصور في عهد عبدالعزيز أن الإبن الأكبر هو من
سيتولى الحكم. وهذا ما كان واضحاً، فقد كان أكبر أبناء
الملك ـ سعود ـ ولياً للعهد. لكن بعض الأبناء، وفي حياة
أبيهم، رفضوا قاعدة السنّ، أي أن الأكبر هو الذي يتولى
الحكم. فيصل، الملك فيما بعد، والذي يأتي في المرتبة الثانية
بعد سعود، رفض الأمر، فالفارق بين الإثنين خمس سنوات (ولد
فيصل عام 1906). كان فيصل يرى في نفسه مؤهلاً للحكم أكثر
من سعود، وقد كان كذلك بالفعل. ففيصل اتيحت له فرصة لأن
يصبح حاكماً للحجاز المحتل حديثاً وهو في العشرين من عمره،
فأصبح (نائباً للملك) وكانت له سلطات واسعة، وأصبح وزيراً
للخارجية عام 1930، مع الإحتفاظ بمنصبه كنائب للملك (كان
عمره حينها 24 عاماً). لهذا كان فيصل يستسخف شأن أخيه
سعود، ويرى أنه لا يتمتع بالدراية والذكاء.
ومنصور الذي كان ترتيبه التاسع بين الأبناء (ولد عام
1922) رأى أنه أولى بالحكم من الجميع، وقد تولى وزارة
الدفاع منذ تأسيسها عام 1944 وعمره لما يكمل 22 عاماً،
وكانت شخصية منصور القيادية والحازمة الى حدود القسوة
والعنف جعلت من الدبلوماسيين البريطانيين يتوقعون أزمة
كبيرة في الخلافة.
أيضاً، كان هناك محمد بن عبدالعزيز (ابو الشرين) وقد
كان أميراً شديد القسوة والدموية، اضطر والده أن يجلده
ذات مرة لتهدئة خواطر المشايخ بسبب سكره كما ينقل أمين
المميز في كتابه (المملكة العربية السعودية كما عرفتها/
ص 227). وقد تولى محمد اسمياً إمارة المدينة المنورة بعد
سقوط الحجاز بيد الإحتلال النجدي، وبقيت في يده فترة طويلة،
وكان عمره حينها مجرد (13 عاماً)!. ويأتي محمد في المرتبة
الرابعة من حيث العمر، فقد كان من مواليد عام 1912م.
لم يكن قرار تعيين عبدالعزيز ابنه سعود ولياً للعهد
مقبولاً لا من أبناء الملك نفسه، ولا من إخوته. فالأخيرون
أرادوا أن ينتقل الحكم من الأخ الى أخيه، وحسب هذا الأمر
كان إخوة عبدالعزيز محمد وسعد وأحمد وعبدالله ومساعد أولى
بالحكم من أبناء الملك عبدالعزيز. وحين تمت إجراءات مبايعة
سعود ولياً للعهد ـ وذلك في عهد والده في 22 مايو 1934
ـ لم يحضر عبدالعزيز، وحضر أخوه محمد بن عبدالرحمن في
دلالة على أنه أُخضع للقرار، وقد تبين أنه كان نادماً
على ما فعل، وقد بذل جهده لإقناع أخيه عبدالعزيز والضغط
عليه لتغيير موقفه، لكنه فشل في ذلك. وبين الأبناء، فإن
محمد بن عبدالعزيز رفض أن يتولى أخوه سعود ولاية العهد،
وقد كتب رسالة الى الملك محتجاً على ذلك، كما تشير الوثائق
البريطانية. كل هذا الأمر دفع بالملك في العام التالي
(ديسمبر 1934) لتجديد البيعة لسعود كولي للعهد، فاحتج
أخوة الملك عبدالعزيز (محمد وعبدالله وأحمد) إضافة الى
ابن أخيه خالد بن محمد بن عبدالرحمن على ذلك التجديد وعلى
أصل ولاية عهد سعود، وكتبوا رسالة احتجاج بالأمر الى الملك.
ولكي لا يبايعوا سعود بولاية العهد رحل الجميع الى مكة
بحجة العمرة.
وقد تطور الأمر فيما بعد، فالدبلوماسيون الإنجليز في
جدة، أشاروا في تقاريرهم عام 1943م الى أن محمد بن عبدالرحمن
كان يطمع في تولي العرش ثم تسليمه لإبنه خالد. وهذا الأخير
(خالد) حاول مرتين اغتيال ابن الملك (ولي العهد سعود)،
مرة عام 1927م، ومرة ثانية عام 1930م حيث اخطأ الهدف وقتل
خادماً! وبسبب ذلك، تم قتل خالد بن محمد بن عبدالرحمن
في حادث سيارة في مارس 1938م أثناء رحلة صيد في البر،
وشاع حينها أن عبدالعزيز وبعض أبنائه هم من خططوا لذلك
الإغتيال. ومع هذا خشي الملك عبدالعزيز من نقمة أخيه محمد،
ولم يهدأ له بال إلا بعد موت أخيه محمد في 26/7/1943م،
حيث استقبل وفاة اخيه بارتياح، حسب تقرير بريطاني من جدة
مؤرخ في أغسطس 1943.
أما ولي العهد (سعود) فكان يخشى حقيقة أن أخاه فيصل
كان يعزز مواقعه في الحجاز، الذي كان مصدر الدخل الأساس
للدولة آنئذ، وكشف تقرير بعثة بريطانية زارت السعودية
آنئذ أن سعود رغم مرضه في عينه، يخشى مغادرة البلاد لئلا
تدبر مؤامرة تطيح بولايته للعهد (التقرير مؤرخ في 6/11/1934).
ومقابل ذلك عمد سعود الى تقوية علاقاته مع القبائل النجدية،
وبوجود والده معه في الرياض لم يكن الملك العجوز يعطي
هامشاً كبيراً للإبن في صناعة القرار. وكان سعود يخشى
أيضاً تصاعد نفوذ أخيه الأمير منصور، وقد انتقد تعيين
الأخير وزيراً للدفاع، خاصة وأن منصور كان قد عمد إبان
مسؤوليته مشرفاً على القصور الملكية الى تشكيل قوات مسلحة
خاصة تكن له ولاءً شخصياً. ويبدو أن أباه المؤسس كان شديد
الإرتياح له، اي لمنصور، فشخصيته القيادية كانت قد بدأت
بالتبلور، وبسبب ذلك القرب كان منصور الإبن الوحيد الذي
يستطيع مخالفة أوامر الملك، خاصة في موضوع حكم القتل.
وانزعج سعود من تمدد نفوذ منصور الى السياسة الخارجية،
فقد رافق والده في لقاء روزفلت وتشرشل في 15-17 فبراير
1945، وقام ايضاً بزيارة للإطلاع على الأوضاع السياسية
المحيطة في شرق الأردن وفلسطين وسوريا في 1943م، وترك
انطباعاً حسناً لدى من قابلهم كما يقول تقرير بريطاني،
وقد بلغت طموحات منصور حداً جعلت البعثة البريطانية في
جدة تكتب للخارجية بلندن بأن منصور له طموحات في تغيير
موازنات الخلافة على العرش، وأنه يشكل قوات موالية له
شخصياً، وأن المصالح البريطانية سوف يكون لها حصة الأسد
إذا ما قام منصور بانقلاب ناجح في الحكم (تقرير بريطاني
من جدة مؤرخ في 14 سبتمبر 1944).
وفي الجملة كان الملك عبدالعزيز يدرك حجم الخلافات
بين أبنائه، وكان كلما اشتدت تلك الخلافات هدد بالتنازل
عن العرش لسعود، فينكفئ المعترضون قليلاً ثم يعودون من
جديد للجدل وحياكة المؤامرات. وقد حاول الأب ذات مرة أن
يقرب بين سعود وفيصل بشكل يجعل الآصرة بينهما أقلّ حدّة،
فعمد الى تزويج إبن ولي العهد سعود (فهد بن سعود) على
إحدى بنات فيصل، وذلك في مايو 1943، لكن كل هذا لم يغير
من واقع الصراع شيئاً.
كان الملك عبدالعزيز ينازع الموت في الطائف والى جانبه
إبناه سعود وفيصل، وكان ينظر الى وجه أحدهما تارة والآخر
تارة أخرى حاضاً اياهما على التعاون، وآخر ما قاله لهما،
حسب الزركلي: (فيصل.. أخوك سعود! سعود.. أخوك فيصل)! أي
لا تنسيا أنكما أخوان!. اما روبرت لاسي الذي أجرى مقابلات
عديدة مع الأمراء والمسؤولين قبل أن يصدر كتابه (المملكة)
فنقل أن الملك استدعا ابنيه سعود وفيصل الى غرفة نومه
وطلب منهما أن يمسكا بأيديهما وأن يقسما بأن يعملا معاً
حين يموت، وأن يكون الصراع والجدال بينهما مكتوماً لا
يسمع به أحد من العالم. وقد أقسما وتعاهدا بحضرة والدهما.
ولكن القسم لم يكن له مفعول جيد سوى بضعة أشهر فقط.
نواف شقيق طلال، رئيس سابق للإستخبارات
|
ملخص القول أن عرش المملكة انتقل من الأب الى الإبن
(من عبدالعزيز الى ابنه سعود) بعد فترة عصيبة من الصراعات
داخل العائلة المالكة. وكان انتقال السلطة من الأخ لأخية
في الدولة السعودية الثانية (بين أولاد فيصل بن تركي:
عبدالله وسعود ومحمد وعبدالرحمن) قد سبب حرباً أهلية أدّت
في نهاية الأمر الى سقوط الدولة وسيطرة آل الرشيد على
حكم نجد.
الآن انتقل الحكم الى الإبن، ولكن سينتقل الحكم بعدئذ
الى الإخوة الكثر. فهم لم يعودوا أربعة إخوة كما في الدولة
السعودية الثانية، بل نحو 33 أخاً حياً من نحو 45 أخاً.
والمتوفون لهم ابناء أيضاً يطالبون بحصة لهم في السلطة.
لقد اصبح سعود ملكاً، وأصبح فيصل ولياً للعهد. لكن سعود
ـ اضافة الى مشكلته الإدارية ومحاولته الحكم على طريقة
والده بشكل استفرادي ـ كان يريد تعزيز موقع أبناءه في
السلطة على حساب إخوته، وعلى حساب ولي عهده فيصل الذي
لم تكن له صلاحيات كبيرة، فثار الإخوان في وجهه وأسقطوه.
طلال يتصدّى لسعود وفيصل
ابتدأ الغيث بطلال بن عبدالعزيز، فقد ضغط سعود عليه
ليقدم استقالته كوزير مواصلات، بحجة أنه يحمل أفكاراً
سياسية غير ملائمة، فاستقال ولما يبقى في الوزارة سوى
بضعة اشهر (1954). وفي عام 1957م، أزاح سعود الأمير مشعل
بن عبدالعزيز من وزارة الدفاع وسلمها لإبنه فهد بن سعود،
كما عين ابنه الآخر (مساعد بن سعود) رئياً للحرس الملكي،
وعين ابناً ثالثاً هو (خالد) رئيساً للجيش الأبيض (تحول
فيما بعد الى الحرس الوطني). وقد قدم عدد من الأمراء الكبار
احتجاجات مكتوبة لسعود تنتقد تفرده بالحكم من جهة، وتولية
أبنائه ومستشاريه الأجانب/ العرب أهم السلطات من جهة أخرى،
وتدهور الوضع الإقتصادي من جهة ثالثة وذلك بسبب البذخ
والإسراف، وتصاعد المعارضة السياسية وتكاثر الأحزاب والتنظيمات
من جهة رابعة. الأمر الذي جعل الوضع الداخلي مضطرباً في
محيط إقليمي شديد الإضطراب هو الآخر.
بحلول عام 1958، كانت المملكة في أزمة خانقة. ففيصل
انزوى عن الحكم لا يريد انقسام العائلة ولا يستطيع القبول
بما يقوم به الملك، فترك الحبل على الغارب وسافر للخارج
بين عام 1957-1958، لمدة ثمانية أشهر اجرى خلالها عملية
جراحية في المعدة. حاول طلال بن عبدالعزيز في مارس من
العام 1958م أن يقنع أخاه الملك سعود بإلقيام ببعض الإصلاحات
المالية، فتزعم اجتماعاً في قصره (الفاخرية) حضره تسعة
أخوة من أبناء عبدالعزيز، ولكنهم لم يكونوا أقوياء: (عبدالله،
ومشعل، ونواف، وطلال، وفواز، وعبدالمحسن، ومتعب، ومشاري،
وبدر) وقدموا اقتراحات لحل الوضع المالي للدولة، وحين
قدم طلال المقترحات للملك في المدينة المنورة، تم تعنيفه
من قبل الملك، الذي رفض الإعتراف بأنه دبر محاولة قتل
عبدالناصر الشهيرة عام 1958 (محاولة اغتياله من قبل عبدالحميد
السراج). بعدها طلب طلال من فيصل أن يأتي للإجتماع مع
التسعة، يوم 22/3/1958، تقرر خلاله تشكيل وزارة جديدة
وفرضها على الملك من خلال اقناع عمهم عبدالله بن عبدالرحمن
بممارسة ضغط على الملك سعود، بحيث يشارك في الوزارة عدد
من الأمراء المستبعدين، وبحيث تقوم الوزارة الجديدة بوضع
دستور، ونظام للمقاطعات، وتحسين ميكانزم الشورى داخل العائلة
المالكة (وهو ما اقترحه طلال). وافق سعود على ما تم اقتراحه
بحيث تكون الأمور المالية والخارجية والشؤون الداخلية
بيد رئيس الوزراء/ فيصل. بمعنى آخر: إعادة الإعتبار لفيصل
من خلال تعديل نظام مجلس الوزراء وإعطاءه صلاحيات كثيرة،
وبالتالي تقليص صلاحيات الملك.
تحسن الوضع في العامين التاليين، خاصة في موضوع الإقتصاد،
حيث ضبط فيصل الميزانية، كما طور أداء أجهزة الدولة. لكن
الإخوة الأمراء عادوا وانزعجوا من جديد بسبب سياسة التقشف
التي مارسها فيصل ورفضه مطالباتهم بمخصصات مالية كثيرة،
لا تستطيع ميزانية الدولة تحملها، فضلاً عن أن كثيراً
منهم يطالب بأن يكون وزيراً أو أميراً لمنطقة، ولا توجد
مناصب بحجم عدد الأمراء، ولا يمكن التعويل عليهم لكفاءتهم
المتدنية.
عاد طلال مرة أخرى الى الواجهة، فهو لم يعترض على ما
قام به فيصل، بل لما لم يقم به فيصل، ونقصد الإصلاحات
التي اتفق على القيام بها في مارس 1958: (الدستور، نظام
المقاطعات، الشورى داخل العائلة المالكة). بتحريض من طلال
استطاع سعود ان يقلب ظهر المجن لفيصل وأن يجرده من صلاحياته
حتى من وزارة الخارجية. بالتعاون مع التكنوقراط النجدي
بالذات، أقال سعود أخاه فيصل من رئاسة الوزراء في ديسمبر
1960، وشكل وزارة برئاسته، اشترك فيها طلال كوزير للمالية
وعبدالمحسن وزيراً للداخلية، وبدر وزيراً للمواصلات، وأعطى
سعود إبنه محمد وزارة الدفاع، وصار الطريقي أول وزير نفط.
لم يسقط فيصل لوحده بل أسقط معه من عرفوا بعدئذ بالجناح
السديري، حيث أقال سعود وزير المواصلات سلطان ووزير المعارف
فهد.. الأمر الذي أثارهما، فانضما لفيصل وبدءا يخططان
للسيطرة على جهاز الدولة اعتماداً على عصبتهم العددية
(سبعة اشقاء) وتحالفاتهم. لم يكن للسديريين دور كبير في
الأحداث السياسية السابقة كما هو واضح، ولم يتطور دورهم
إلا بعد عام 1964م.
لم يستطع سعود إدارة الدولة بشكل حسن وكان مريضاً،
ولم يقم بأية إصلاحات، وما كانت الدولة لتسير بدون فيصل
كعقل أساس مدبر فيها، أو تمضي القافلة في غياب أقوى الأمراء
وعصب الأشقاء من الحكم. وهكذا، تدخل الأمراء الكبار والمؤسسة
الدينية ففرضوا على سعود التنازل عن إدارة الدولة كاملة
مع بقائه ملكاً، فيما يصبح فيصل ولي العهد رئيساً للوزراء
ويسير شؤون الدولة. قبل سعود بالأمر على مضض، كان ذلك
عام 1962م، ثم ما لبث أن أخذ يخطط مرة اخرى للعودة الى
ممارسة الحكم بشكل مباشر، فجرت إقالته بشكل تام عام 1964
وأصبح فيصل ملكاً، وخالد ولياً للعهد، (وقبل ذلك التاريخ
في عام 1962م اصبح فهد وزيراً للداخلية، وشقيقه سلطان
وزيراً للدفاع).
صعود الجناح السديري
كسر فيصل قاعدة السنّ أو بالأحرى هيّأ الظروف لكسرها،
فليس الأكبر هو من يحكم. ولكن ما هو البديل؟
لم يضع فيصل بديلاً، وإنما أرسى عرفاً ثقيلاً لازال
الملك عبدالله الحالي غير قادر على تجاوزه إلا بشقّ الأنفس.
ما فعله فيصل هو أنه عيّن خالد (الخامس من حيث الترتيب
من مواليد عام 1913) ولياً لعهده متخطياً محمد (الرابع
في الترتيب ومن مواليد عام 1912). لكن هذا التخطي لم يكن
على قاعدة الكفاءة، بل لأن محمد تنازل لخالد (أخيه الشقيق)
عن الملك. لكن فيصل وضع فهد وزيراً للداخلية في المرتبة
التي تلي خالد مباشرة، أي أنه كان الرجل الثالث في الدولة،
وذلك أن فيصل ـ بعد تجربة الإنشقاق مع سعود ـ أرسى عرفاً
بأن يكون الملك رئيساً للوزراء، ويكون ولي عهده نائباً
أول لرئيس مجلس الوزراء، أما الشخصية الثالثة في الأهمية
والمكانة فتصبح النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، وقد
كان فهد نائباً ثانياً، مما عنى أنه سيكون ولي عهد خالد.
بهذه الصورة يمكن القول أن فيصل أرسى نظاماً تجاوز
قاعدة السنّ، لأن ترتيب فهد هو العاشر بين أبناء عبدالعزيز
(مواليد 1923)، ويومها كان هناك ثلاثة أمراء أحياء يسبقونه
في المرتبة ويتقدمون عليه في العمر وهم: ناصر (السادس
من حيث العمر) من مواليد 1919م، وسعد (السابع في الترتيب)
من مواليد عام 1920، وبندر (الثامن) من مواليد 1921.
بمجرد أن قتل الملك فيصل (محمد الفيصل يعتقد بأن فهد
هو من دبر مقتل أبيه) في مارس عام 1975، أصبح خالد الضعيف
ملكاً، وكان الجميع يدرك بأنه سيكون (ملك لا يحكم) أي
واجهة لا تحل ولا تربط إلا لماماً. وكان الجناح السديري
متحفّزا بقيادة فهد لتعيين سلطان نائباً ثانياً (أي ولياً
لعهد فهد) لكن محمد أكبر أبناء عبدالعزيز الأحياء فرض
عبدالله ـ رئيس الحرس الوطني ـ ليكون نائباً ثانياً لمجلس
الوزراء، وبالتالي ولياً لعهد فهد، الذي كان طيلة عهد
الملك خالد الملك غير المتوّج.
توفي خالد عام 1982م، وصار فهد ملكاً إسماً وحقيقة،
وفي تلك الأثناء أراد أن يعين سلطان ولياً للعهد، ولكن
محمد (أبي الشرين) قال لفهد بأنه لن يكون ملكاً إن لم
يكن عبدالله ولياً للعهد. بالطبع فإن ناصر وسعد غضباً
في الأساس من تعيين فهد ولياً للعهد، ولكن محمد أقنعهما
بأن قدم نفسه نموذجاً، فقال لهما بأنه يعرف أنه لا يصلح
للحكم ولهذا تنازل، وخاطب ناصر قائلاً له بأنه يسكر ويعربد،
ولو تسلم الحكم لأضاع ملك آل سعود، وعموماً توفي ناصر
عام 1983 بعد عام من تولي فهد العرش، فيما توفي سعد بعد
عامين، أي في عام 1984.
كان تعيين عبدالله ولياً للعهد فيه تجاوز لقاعدة السن
مرة أخرى، فهناك أمير آخر غير ناصر وسعد وبندر لازال حياً،
ونقصد بذلك الأمير مساعد بن عبد العزيز، وهو من مواليد
عام 1923، أي أنه في عمر فهد، ولكن مساعد كان أميراً غير
محبوب من آل فهد، فإبنه الأكبر خالد بن مساعد قاد تظاهرات
عام 1965 وقد قتله فهد، ما دفع بأخيه فيصل أن قتل عمه
الملك فيصل انتقاماً فيما يبدو. وعادة ما كان السديريون
يروجون بأن مساعد (مختل عقلياً).
بيد أن تعيين سلطان (نائباً ثانياً لمجلس الوزراء)
كان فيه تجاوز لأمراء أقوياء يكبرونه سنّاً. فهناك مشعل،
وزير الدفاع السابق وترتيبه بين الأبناء 13، وهو من مواليد
1925م، وهناك عبدالمحسن بن عبدالعزيز وترتيبه 14، من مواليد
عام 1927م، وقد تولى وزارة الداخلية في عهد سعود عام 1961،
ثم انضم لطلال فيمن عرفوا بإسم (الأمراء الأحرار) وحين
عاد واعتذر سلمه فيصل إمارة المدينة المنورة وبقي فيها
حتى مات عام 1985م. أيضاً هناك متعب بن عبدالعزيز وترتيبه
15، من مواليد عام 1928م، في حين أن ترتيب سلطان 16 ومن
مواليد عام 1928م.
وأخيراً خلال عهد فهد، كانت هناك محاولات ومؤامرات
للإطاحة بعبدالله وإخراجه من الحكم، لكي يستفرد السديريون
به، ولكن الأمور لم تأت وفق ما يشتهون تماماً، فحين مات
الملك فهد عام 2005، أصبح عبدالله ملكاً وسلطان ولياً
للعهد، ولكن لم يعين حتى الآن نائباً ثانياً لرئيس مجلس
الوزراء. ولازال الجناح السديري يريد استمرار ذلك العرف
الذي أرساه فيصل، ويريد من عبدالله تعيين نايف وزير الداخلية
نائباً ثانياً، أي الملك القادم بعد سلطان. لهذا شكل عبدالله
(هيئة البيعة) لأن تعيين نايف صار موضوعاً حساساً ويستثير
أطرافاً كثيرة، بل أن نايف لم يحظ بإجماع داخل الجناح
السديري، وهناك من يكبره من بين إخوته الأشقاء وهو نائب
وزير الدفاع عبدالرحمن.
ترتيب نايف بين أبناء عبدالعزيز 23 وهو من مواليد عام
1933م، وقد أصبح وزيراً للداخلية منذ عام 1975م وحتى الآن.
ويسبقه من جهة السن من إخوته الأحياء: متعب (ترتيبه 15)،
وطلال (18 من مواليد 1931)، وشقيق نايف عبدالرحمن (19
من مواليد 1931) وبدر (20 من مواليد 1932) وهو من الأمراء
الأحرار الذين رافقوا طلال الى المنفى عام 1961، تولى
وزارة المواصلات لمدة عام 1960-1961، وهو الآن نائب رئيس
الحرس الوطني، وأيضاً هناك أخ نايف وشقيقه تركي، نائب
وزير الدفاع السابق بين 1969-1978 (وترتيبه 21 من مواليد
عام 1932)، وأخيراً هناك نواف بن عبدالعزيز، شقيق طلال
الذي تولى في السنوات الأخيرة جهاز الإستخبارات السعودية
قبل أن يحل مقرن مكانه (وترتيب نواف 22، من مواليد 1933
حيث يكبر نايف ببضعة أشهر).
لهذا السبب يريد طلال وغيره حصتهم بالحكم، ولا يريدون
تحويل ولاية العهد الى نايف، لأن ذلك إن حدث فإن الدولة
(السعودية) ستصبح دولة (سديرية). وهذا ما عناه طلال بنقده
لتفرد فرع من العائلة المالكة بصناعة القرار. وهناك الآن
فرصة ـ ولو نظرية ـ بوجود ملك غير سديري لتعديل موازين
القوى داخل العائلة المالكة، وإشراك المهمشين من الأمراء
الذين ينتظرون فرصتهم في الحكم.
الإنفراد بالمجد
كثرة الأبناء نعمة أم نقمة؟!
|
يرى ابن خلدون: (إن الدولة تقتضي الإنفراد بالمجد..
وما كان المجد مشتركاً بين العصابة، وكان سعيهم إليه واحداً،
كانت همهم في التغلب على الغير والذبّ عن الحوزة أسوة
في طموحها وقوة شكائمها، ومرماهم الى العز جميعاً، وهم
يستطيعون الموت في بناء مجدهم ويؤثرون الهلكة على فساده.
وإذا انفرد الواحد منهم بالمجد قرع عصبيتهم، وكبح من أعنّتهم،
واستأثر بالأموال دونهم، فتكاسلوا عن الغزو وفشل ريحهم،
ورئموا المذلة والإستعباد. ثم ربي الجيل الثاني منهم على
ذلك يحسبون ما ينالهم من العطاء أجراً من السلطان لهم
على الحماية والمعونة، لا يجري في عقولهم سواه، وقل أن
يستأجر أحد نفسه على الموت، فيصير ذلك وهناً في الدولة،
وخضداً من الشوكة، وتقبل به على مناحي الضعف والهرم لفساد
العصبية بذهاب البأس من أهلها).
ويضيف ابن خلدون كيف أن الإنفراد بالمجد (الإستئثار)
يؤدي الى نهاية الدولة، بعد ان تتشتت عصبية السلطة الغالبة:
(اعلم ان صاحب الدولة إنما يتم أمره بقومه، فهم عصابته
وظهراؤه على شأنه، وبهم يقارع الخوارج على دولته، ومنهم
من يقلد أعمال مملكته، ووزراء دولته، وجباية أمواله، لأنهم
أعوانه على الغب، وشركاؤه في الأمر، ومساهموه في سائر
مهماته. هذا مادام الطور الأول للدولة، فإذا جاء الطور
الثاني وظهر الإستبداد عنهم والإنفراد بالمجد، ودافعهم
عنه بالراح، صاروا في حقيقة الأمر من بعض أعدائه، واحتاج
الى مدافعتهم عن الأمر، وصدّهم عن المشاركة الى أولياء
آخرين من غير جلدتهم، يستظهر به عليهم، ويتولاهم دونهم...
وذلك مؤذن باهتضام الدولة، وعلامة على المرض المزمن فيها،
لفساد العصبية التي كان بناء الغلب عليها، ومرض قلوب أهل
الدولة حينئذ من الإمتهان وعداوة السلطان، فيضغطون عليه،
ويتربصون به الدوائر، ويعود وبال ذلك على الدولة، ولا
يطمع في برئها من هذا الداء، لأن ما مضى يتأكد في الأعقاب
الى أن يذهب رسمها).
الإنفراد بالمجد معناه الإستئثار والإستبداد! وما أردنا
الإستشهاد به هنا، هو أن الدولة السعودية التي يحكمها
الإستئثار داخل العائلة المالكة من قبل الجناح السديري
علامة على ضعفها وفسادها، وإن ما نشهده من صراع يموج على
السطح في العلن وليس في الخفاء، يؤكد حالة ضعف الدولة،
وتصريحات طلال الأخيرة إنما هي كاشفة لواقع الحال، يسعى
من خلاله إلى إيجاد وسيلة لتوزيع السلطة بين الأمراء وإعادة
اللحمة بين الأمراء على قاعدة أن كل أبناء عبدالعزيز لهم
حق في القرار، وأن عامل السنّ محدد للحقوق في حال غاب
عامل الكفاءة ولم يعتمد.
ووفق الخلفية التي قدمها ابن خلدون، نحاول أن نقدم
تحليلاً اجتماعياً لأسباب الخلاف بين طلال وإخوته، بل
بين الكثير منهم، حيث أن التصارع على السلطة لا يجري وفق
ضوابط معترف بها بين جميع الأمراء، مثلما هو الحال مزاعم
كل طرف بأن له حقاً اهتضم. لماذا نجح التيار السديري في
الإنفراد بالمجد والإستئثار بالسلطة، بالرغم من أنهم إخوان
متكافئون؟
هناك رأي يقول بأن المشكلة تكمن في أن العصبة الكبيرة
تفككت الى عصب صغير على قاعدة الإنتساب الى الأم، فمن
ولدت من الأبناء أكثر صار هؤلاء في مركز أقوى. لكن هذا
مجرد عامل قوة واحد. وهناك عامل السن يمكن أن يستخدم وقت
الحاجة، فمن هو أكبر له حق في الحكم أكثر من غيره. وهذا
أيضاً لا يكفي، فهناك أمر ثالث يعتمد على رأي يقول بأن
الأمراء أبناء الأمهات العربيات الصميمات أصبحوا يرون
أنفسهم أحق بالحكم من إخوتهم ممن ينتسبون الى أمهات كنّ
جواري لمؤسس الدولة ـ عبدالعزيز.
والجناح السديري له أكبر عدد من الأشقاء، وله عدد من
الأمراء الكبار، وينتسب من جهة الأم الى ال السديري، وهي
عشيرة من فرع البدارين.
أما طلال الذي ينتقد هذا التفرد بالسلطة وإقصائه هو
والآخرين من إخوته، فرغم كونه من بين الأبناء ذوي الحظوة
عند الملك المؤسس (عبدالعزيز).. لا لأنه ينتمي من جهة
الأم الى إحدى العوائل التي اعتاد آل سعود مصاهرتها (السديري
بنحو خاص) وإنما لأنه شأن عدد غير قليل من الأمراء هم
(أبناء جواري) ولكنه كان ابن الجارية المحببة لدى الملك
عبدالعزيز، وإسمها (مناير). بالطبع ليس هذا اسمها الأصلي،
وإنما هو إسم جديد (خُلع) عليها ويتناسب مع البيئة التي
تعيش فيها. مناير كانت محبوبة لدى الملك، بل كانت الزوجة
المفضلة لديه، وكان يدعوها ـ كما يشير الزركلي في كتابه
شبه الجزيرة العربية في عهد الملك عبدالعزيز ـ بالبقرة
الحمراء تحبباً، وربما تمييزاً لها عن الوجوه السمراء،
و (الثور الأسمر)!
ومع أن أصل الإنتساب الى أب واحد (هو عبدالعزيز) يمنح
من الناحية النظرية الأبناء درجة متقاربة إن لم تكن واحدة
من حيث المكانة والحق في السلطة، خاصة في بلد محافظ كالمملكة
اعتاد تهميش المرأة، إلا أن الذين حكموا السعودية جميعاً،
إبتداءً من الملك سعود وانتهاءً بالملك الحالي عبدالله
لا ينتمون من جهة الأم الى (فضاء الجواري) بل ينتسبون
من جهة الأم الى عائلات أو قبائل محلية، يعتقد آل سعود
أنهم (شرفوها) بالزواج من بناتها، لا بتزويج ذكور تلك
القبائل من بنات العائلة المالكة، فهذا لازال من الممنوعات
والمحرمات، في بلد يزعم حكامه أنهم مسلمون، وأنهم من الناحية
النظرية يرفضون التأسيس القبلي للزواج على أساس (التكافؤ
في النسب). ولعلنا لا نحتاج الى التذكير بتلك الأميرة
السعودية التي قتلت في أواخر السبعينيات الميلادية الماضية
لأنها تزوجت من رجل من العامة، والتي على أساس تلك الواقعة
ظهر فيلم (موت أميرة).
المهم، ان مسألة التفاضل لاتزال جارية بين أبناء الملك
المؤسس على أساس الإنتساب من جهة الأم، بين (أبناء الجواري)
وبين (أبناء العوائل والقبائل). ولعلنا ندهش حين نعرف
بأن زيجات الملك عبدالعزيز اتخذت موجتين واضحتين: الأولى
هي الزواج من الداخل القبلي والعشائري، والموجة الثانية
هي الزواج (مما ملكت اليمين) من الجاريات، اللواتي جيئ
بهن من أماكن مختلفة من العالم. لهذا نلاحظ أن أكبر أبناء
عبدالعزيز الذين تولوا الحكم (العرش) هم من القسم الأول،
فيما نلاحظ أن معظم المهمشين من أبناء الملك عبدالعزيز
هم من أبناء الجواري، من زيجات الموجة الثانية، في الغالب.
الأمراء الحاكمون: أبناء الحمايل!
فيصل وسعود الأخوان اللدودان!
|
في الموجة الأولى من الزيجات، كانت هناك خمس منها:
ـ الأولى، حين تزوج الملك عبدالعزيز وضحاء بنت محمد
بن برغش بن عقاب، وهي الزوجة الأولى لعبدالعزيز قبل أن
يصبح ملكاً، وهي تنتمي الى آل عريعر من شيوخ بني خالد،
الذين حكموا منطقة الأحساء والقطيف في قرون سابقة مدة
طويلة من الزمن قبل أن يسقطهم آل سعود عن الحكم. وقد أنجبت
تلك الزيجة إثنان: تركي، وهو الإبن الأكبر وتوفي في عام
1919م، بسبب الحمّى الإسبانية كما كانت تعرف حينئذ، والإبن
الثاني كان الملك سعود، وهو قد ولد أواخر عام 1901م، وقبيل
قيام عبدالعزيز بانقلابه الأول على آل الرشيد بقتل أمير
الرياض ابن عجلان، ليبدأ مشواره السياسي. يلاحظ من هذه
الزيجة كما غيرها، أن آل سعود حتى ذلك الوقت لم يكونوا
يتصرفون كطبقة ملائكية، بل كانوا يرون في بعض القبائل
أنداداً حقيقيين من جهة النسب القبلي.
ـ الزيجة الثانية لعبدالعزيز كانت من طرفة بنت عبدالله
بن عبداللطيف آل الشيخ، وهو زواج يميل الى المصاهرة الدينية
ـ السياسية، وتمت بعد احتلال الرياض، وقد أولدت للملك
إبناً واحداً وبنتاً واحدة، هما الملك فيصل فيما بعد،
وشقيقته نورة.
ـ الزيجة الثالثة كانت من فرع داخلي من العائلة المالكة
(فرع آل جلوي) فكانت الزوجة الجوهرة بنت مساعد بن جلوي،
وهي أخت عبدالله بن جلوي الذي اقتحم مع عبدالعزيز أسوار
الرياض واغتال بنفسه ابن عجلان ثم تولى امارة القصيم فالأحساء.
أي أن الملك تزوج أميرة من البيت الحاكم نفسه. وقد أولدت
له محمد الذي عرف بلقب (ابو الشرين)، والملك خالد، إضافة
الى بنت أخرى اسمها (العنود). هذه الزوجة ـ كما يذكر روبرت
لاسي في كتابه المملكة ـ كانت حتى ذلك الحين الزوجة المفضلة
للملك، وكان ابن سعود ـ حسب لاسي ـ يهيم بها، بل أنه يزعم
أن الأخير كان يكتب لها الأشعار وهو عند أسوار الأحساء
المحاصرة.
ـ الزيجة الثالثة كانت من فرع داخلي من العائلة المالكة
(فرع آل جلوي) فكانت الزوجة الجوهرة بنت مساعد بن جلوي،
وهي أخت عبدالله بن جلوي الذي اقتحم مع عبدالعزيز أسوار
الرياض واغتال بنفسه ابن عجلان ثم تولى امارة القصيم فالأحساء.
أي أن الملك تزوج أميرة من البيت الحاكم نفسه. وقد أولدت
له محمد الذي عرف بلقب (ابو الشرين)، والملك خالد، إضافة
الى بنت أخرى اسمها (العنود). هذه الزوجة ـ كما يذكر روبرت
لاسي في كتابه المملكة ـ كانت حتى ذلك الحين الزوجة المفضلة
للملك، وكان ابن سعود ـ حسب لاسي ـ يهيم بها، بل أنه يزعم
أن الأخير كان يكتب لها الأشعار وهو عند أسوار الأحساء
المحاصرة.
ـ الزيجة الخامسة كانت من الفهدة بنت العاصي بن شريم،
من شمر، القبيلة المعادية لآل سعود، وقد أنجبت الملك عبدالله.
ـ الزيجة السادسة والسابعة كانتا من فتاتين سديريتين:
الأولى هي الجوهرة بنت سعد السديري، وأنجبت ثلاثة هم:
سعد، ومساعد، وعبدالمحسن. الفتاة السديرية الثانية هي:
هيا بنت سعد السديري، ويحتمل أن تكون أخت الأولى وأنها
تزوجت بالملك عبدالعزيز بعد وفاة أختها، وقد أنجبت: بدر،
وعبدالإله الذي تولى إمارة الجوف، وعبد المجيد الذي توفي
مؤخراً وقد كان أمير مكة.
ـ الزيجة الثامنة كانت من نوف حفيدة نوري الشعلان،
شيخ الرولة، وأنجبت ثلاثة أبناء: ثامر، وقد انتحر في أميركا،
وممدوح، ومشهور.
الأمراء المهمّشون: أبناء الجواري!
في حياة الملك عبدالعزيز، كان عامل السنّ محدداً أساسياً
في صناعة القرار. كما يبدو من سيرة الملك عبدالعزيز فإنه
حاول تجربة كل أبنائه القادرين على تسنّم المسؤولية. كان
الى جانبه دائماً سعود وفيصل، وكان كثير من الأمراء قد
تولوا مناصب إمارات مناطق في عهد والدهم، ولم يكن الملك
ـ كما تدل سيرته ـ يميز بين أبنائه على أساس حظوة النساء،
بل كان يرقب النابه بينهم كي يحمله المسؤولية. لقد كانت
فلسفة الملك المؤسس، أن (كثرة العيال) مفيدة! فهناك مملكة
تزيد مساحتها على مليوني كيلومتر مربع بحاجة الى رجال
يحكمونها. رجال من العائلة المالكة لا غيرهم. هناك مدن
كثيرة، ومناطق كثيرة، ومناصب تتوالد، فمن هو القادر بين
الأبناء ليرث الأعمام وأبناء نجد الآخرين في الحكم؟
اكتشف الملك مبكراً أن ابنه محمد (ابو الشرين) لا يصلح
للحكم. بل هو شخصية رعناء دموية. جرب ناصر كأمير للرياض
ثم جلده لشربه الخمر علناً! جرب آخرين واكتشف بعض مواهبهم،
فدخلوا حلقة المنافسة على الحكم ايام أبيهم وبعد وفاته.
لكن مجيء العصبة السديرية وسيطرتها الشديدة، أقصى (أبناء
الجواري) ووزع السلطة بين (أبناء الحمايل) على أساس أن
تكون للعصبة السديرية حصة الأسد فيها.
لقد زادت زيجات الملك عبدالعزيز من الجواري فيما عرفناه
بالموجة الثانية، وأمامنا الآن أبناء زيجات الجواري، الذين
هم مهمشون من الحكم:
1/ أبناء (بازة)! من هي بازة؟ ما أصلها؟ لا نعلم. إذ
يكفي أنها كانت جارية، والجواري في معظم الحالات مجهولات
النسب. وينبغي علينا أن نلتفت الى حقيقة أن الرق في المملكة
كان سائداً حتى عام 1964، والى حقيقة أن العوائل الحاكمة
في التاريخ الإسلامي كما في التاريخ القريب ـ الدولة العثمانية
ـ يفضلون إنجاب خلفاء لهم من أبناء الجواري. ربما يكون
السبب الأساس هو الخشية من أن يتمدد نفوذ العوائل أو القبائل
التي تمت مصاهرتها الى (فضاء الحكم). وربما لهذا السبب
يحرص آل سعود على تقليص (فضاء المصاهرة) في عائلتين في
الغالب: آل الشيخ وآل السديري، اضافة الى اعتماد الزواج
الداخلي من فتيات الأسرة الحاكمة نفسها.
أنجبت بازة ثلاثة من الأمراء: أكبرهم ناصر وقد توفي
عام 1984، وكان أكبر من الملك فهد، وحسب السنّ فهو أحقّ
منه بالحكم. كما أنجبت بندر الذي كان أكبر أيضاً من فهد
بثلاث سنوات، إضافة الى فواز، الذي كان أميراً لمكة حتى
نهاية 1979م، حيث عزل من الإمارة بعد احتلال جهيمان الحرم
المكي.
2/ أبناء (شاهدة) قيل أنها جارية أرمنية وقيل أنها
قفقازية، وقد أنجبت ثلاثة أمراء أيضاً كان أقواهم منصور:
أول وزير دفاع، وكان ينافس أخويه سعود وفيصل على وراثة
العرش لولا وفاته المفاجئة عام 1951م، وهناك من يشير الى
ارتياب في تلك الوفاة. وهناك شقيقه مشعل: أصبح وزيراً
للدفاع بعد وفاة شقيقه منصور، مما يشير الى ما يشبه وراثة
المنصب بين المتحدرين من أم واحدة، خاصة مع غياب العصبية
العشائرية التي تدعمهم. ثم اصبح مشعل أميراً لمكة، وكان
يعتقد الى ما قبل أربع سنوات أن هناك احتمال أن يصبح هو
ولياً للعهد بعد وفاة الملك عبدالله، والسبب أنه أكبر
سناً من سلطان، وأن لديه حسّ متنامي بما يزعمه من حقه
في تولي الحكم، وقد اعتاد في فترات عديدة الظهور الى جانب
الأمير عبدالله قبل وصول الأخير الى العرش، وكان ذلك بمثابة
رسالة موجهة للجناح السديري الحاكم. لكن أنباءً جاءت بعدئذ
لتغير المعادلة. ففيما كان مشعل يتعالج في جنيف في 2003،
زاره الأمير سلطان وزير الدفاع وولي العهد الحالي، وانتشر
خبر عن صفقة بين الأخوين يتم من خلالها منح مشعل مقداراً
كبيراً من المال، مع دفعات منتظمة تقدر بعشرات الملايين
من الدولارات، مقابل تمريره ولاية عهد سلطان بهدوء، وهو
ما تم بالفعل. يبقى الإبن الأخير لـ (شاهدة) وهو متعب
الذي كان يتولى وزارة هامشية هي وزارة الإسكان والأشغال
العامة، وبعد حلّها صار وزيراً للبلديات، وهو مقرب الآن
من عبدالله، وله نفور واضح من العصبة السديرية.
3/ أبناء (مناير) التي أنجبت إبنين هما: طلال الذي
أُحرق سياسياً منذ انشقاقه على الملك سعود وفيصل في بداية
الستينيات الميلادية الماضية، والذي تولى مناصب عديدة
بينها وزارة المواصلات ووزارة المالية إضافة الى توليه
منصب السفير في باريس في الخمسينيات الميلادية الماضية.
شقيقه الآخر هو نواف، لم يتولى مناصب ذات أهمية، ولكنه
تولى منصب رئاسة الإستخبارات العامة بضع سنوات الى أن
اعتزل او أقيل قبل نحو عامين.
4/ أبناء (موضي) وهم إثنان: سطام، الذي يتولى منصب
نائب أمير الرياض، وماجد الذي كان أميراً لمكة قبل وفاته،
وكان شديد النفور من فهد وإخوانه، وقد استقال من منصبه
من الناحية الفعلية قبل أن يموت احتجاجاً على أولئك.
5/ هناك ثلاثة أبناء من جواري، الأرجح أنهن من القرن
الأفريقي، ويطلق عليهن يمنيات، كل واحدة أنجبت ولداً واحداً:
(فطيمة اليمانية) أنجبت حمود، لا صوت له ولا حسّ في السياسة.
و (سعيدة اليمانية) أنجبت هذلول وحاله كسابقه، و (بركة
اليمانية) أنجبت مقرن الذي تولى سابقاً إمارة حائل، ويتولى
الآن جهاز الإستخبارات.
6/ بقيت زوجة الملك عبدالعزيز (بشرا) والتي أنجبت ولداً
واحداً هو مشاري، الذي توفي قبل نحو سبع سنوات. وكان مشاري
قد قتل نائب القنصل البريطاني في جدة في عهد والده لخلاف
شخصي.
وفي المجمل لاتزال العصبة السديرية هي الأقوى، فبيدها
وزارة الدفاع ووزارة الداخلية والسلطة على وزارة المالية
ومؤسسة النقد أكثر من الملك، ولها سيطرة على الإعلام الداخلي
والخارجي، وعلى جهاز الدولة البيروقراطي، كما ان لها حصة
الأسد في تولية من تريد لمناصب الدولة الرفيعة: كالوزراء
وموظفي المرتبة الممتازة والخامسة عشرة والرابعة عشرة.
ويتحكم الجناح بمفاتيح السفارات الخارجية، ويسيطر على
أهم المناطق: الشرقية مثلاً. وهو يسيطر على رعاية الشباب
(مقام وزارة الرياضة) وعلى مؤسسة السياحة (مقام وزارة
السياحة) وبيده سلطة القضاء، والسيطرة على الجهاز الديني
والتحالف مع المؤسسة الدينية، وأكثر المجالس العليا المشكلة
بيد هذا الفريق. وفي الجملة فإنه يمسك السلطة بيد من حديد،
ولم يستطع الملك الحالي عبدالله إلا أن يكون برغياً فيها!
سواء أزعج ذلك الأمير طلال أم لم يزعجه. ولا يمكن تقليص
قوة هذا الجناح إلا بتشكيل عصبة مقابلة من الأمراء تلتف
حول الملك وتحاول العمل بشكل منظم ومخطط، وإلا فإن الدولة
ستكون بعد عبدالله مزرعة حقيقية لهم وحدهم دون غيرهم،
وهو ما يتوقع أن يكون حسب المعطيات الحالية.
|