إمبراطورية النار والسلاح
فريد أيهم
ما هذه الإمبراطورية العظمى المتعطشة الى الأسلحة؟!
الإمبراطورية السعودية كالنار، يقال لها هل امتلئت
وتقول: هل من مزيد؟!
أكوام هائلة من الأسلحة، من آخر ما أنتجته المصانع
الغربية البريطانية والألمانية والفرنسية والأميركية،
تتدفق على السعودية، وكأن الأخيرة في حرب مع اسرائيل،
أو كانت في يوم ما في حرب مع اسرائيل، أو أنها تتعرض لتهديدات
خطيرة مصيرية إقليمياً، أو كأنها قادرة على استيعاب هذا
الكم الهائل من الأسلحة في حين أن جيشها لا يزيد عن مائة
ألف جندي متكرّش غير قادر حتى على التصويب.
أمرٌ مدهشٌ وعجيب حقاً.
عشرات المليارات تتدفق خلال الأعوام الثلاثة باتجاه
الغرب، فيما عشرون بالمئة من الشعب يعيشون تحت مستوى الفقر،
كما تقول الإحصاءات الحكومية.
مليارات تنفق، والشعب يُفقر، في معادلة يعجب منها من
يعجب، ويضحك منها من يضحك.. حتى أن التحذيرات بدأت تتزايد
من انكماش الطبقة الوسطى وتخلخلها ما يفضي الى مشكلات
اجتماعية وسياسية عاصفة!
الإنفاق على التسلح، وبشكل اسطوري، كما واردات النفط
نفسها، لم تحل مشكلة المواطن الحالم بمدرسة نظيفة يدرس
بها أبناؤه، فلا زالت المدارس بيوتاً مستأجرة، تتساقط
أحجارها على رؤوس الطلاب، ويتبرع المواطنون لها بأجهزة
التبريد وبكلفة الصيانة! ولم تحل مشكلة المواطن في مستشفى
حكومي لا تنطبق عليه مواصفات (مجازر الحيوانات)!
هل نحن في بنغلاديش؟!
هل نحن على خط النار، ونحن لا نشعر؟!
من يهددنا ونحن لا نشعر؟ من هو هذا العدو الذي أطلق
روع العائلة المالكة الى عنان السماء، فراح الأمراء يندفعون
على السلاح وهم ليسوا أهلاً لحمله؟!
في كل يوم تسجل لنا أرقام غينيس أضخم صفقات السلاح،
وكأن السعودية اللاعب والمنافس الوحيد لنفسها! فهي كل
عام تسجل رقماً أعلى مما سبقه، حتى ليخيل اليك أن السعودية
صارت دولة عظمى، أو دولة إقليمية قادرة على قهر إسرائيل،
في حين أن مراكز الدراسات الإستراتيجية تضعها دون مستوى
(اليمن)! نعم دون مستوى اليمن عسكرياً!
هذا موسم قطف الأموال السعودية.. موسم الجنون الملكي
السعودي.. موسم التفريط بالثروة الوطنية.. موسم تباع فيه
الأسلحة للسعودية باعتبارها أرخص وأسهل وأسرع وسيلة لجني
الأرباح، وجني الأموال عبر الرشاوى للأمراء.
كلما زادت إيرادات النفط، كلما زاد اللصوص، وزادت الصفقات
الجنونية، وزاد (الخطر الموهوم) على السعودية، مع أن الأخيرة
محمية غربية، وبقرار غربي، لن يسمح لأحد بالتقرب منها.
فلماذا السلاح، إذا كان آل سعود سيدفعون ثمن حمايتهم لأميركا،
ومادامت أميركا تحميهم بسلاحها ورجالها؟!
خلال عشرين عاماً حصلت بريطانياً على نحو 200 مليار
دولار من السعودية، على شكل طائرات حربية وصيانة!
وفرنسا وقعت عقوداً للبحرية السعودية اعتبرت هي الأخرى
أسطورية، ولاتزال لها عقود عديدة مع البحرية السعودية،
وهي بعد أن فقدت صفقة التايفون لصالح بريطانيا تبحث عن
مجالات تسليح في مضامير أخرى للحرس الوطني والبحرية السعودية.
أما ألمانيا فدباباتها ليوبارد وعرباتها من بين صفقاتها
مع السعودية. أما أميركا التي تمنعت خلال السنوات الماضية
في بيع السعودية بعض أسلحتها، بسبب أحداث 9/11، فإنها
لم تقاوم المال السعودي، فبعد الأواكس والإف 15، جاءت
الآن لتعقد صفقة بقيمة عشرين مليار دولار، حرص الكونغرس
بقيادة انطوني وينر حسب نيويورك صن 13/11/2007 ان لا يمضيها
قبل أن توقع السعودية بأنها لن تستخدمها لا ضد الجنود
الأميركيين ولا ضد إسرائيل.
لمن السلاح؟ ومن هو العدو؟ لقد تاهت البوصلة منذ زمن،
وآل سعود يكدسون السلاح ـ في أحسن الفروض ـ لتستخدمه أميركا
إذا ما أرادت في حربها ضد إيران أو سوريا أو غيرهما. لا
ننسى دعوة نائب وزير الدفاع السعودي الأمير عبدالرحمن
بن عبدالعزيز لنظرائه الخليجيين في 9/11/2007، للإستعداد
لمواجهة التهديدات الإيرانية، او حسب تعبيره تنامي قوى
إقليمية!
هل السعودية تستطيع أن تواجه إيران؟ بالقطع لا؟ وإيران
لا تبحث عن مواجهة، بل السعوديون الذين شربوا حليب السباع،
خاصة بندر وجماعته السديرية يبحثون عن أزمة ليبرروا انحيازهم
لأميركا. افتعال الأزمة يقضي بتصعيد الخطر الإيراني، وتوجيه
الرأي العام العربي للخطر الإيراني المحتمل، أما الخطر
الإسرائيلي الذي يخرق الأجواء السعودية متبختراً فهو غير
موجود، بل اصبحت اسرائيل حليفاً. ألم ينقل عن أولمرت أن
دولاً عربية بينها السعودية طلبت من اسرائيل استمرار عدوانها
على لبنان حتى إنهاء حزب الله في حرب تموز 2006؟
إذا كان ولا بد أن تعود أموال النفط الى الغرب، فنحن
نقترح على الحمقى من آل سعود، أن يوقعوا صفقات تبني مدارس،
وجامعات، ومستشفيات، وتشق شوارع لعشرين سنة قادمة. نريد
آل سعود، أن يصرفوا الأموال الى الغرب من أجل بناء منازل
للفقراء، ويبنوا محطات كهرباء أو تستخدم الطاقة الشمسية
والرياح، لا أن يحصروا أموالهم ورشواتهم في السلاح فحسب،
فإن الله لم يخلقهم رجال حرب، بل هم أجبن من أن يدخلوا
معركة لا يتكؤون فيها على اسرائيل وأميركا.
إن عنتريات وزير الخارجية وتصريحات نائب وزير الدفاع
البلهاء، ولصوصيات سلطان ولي العهد، كلها تبين أن العائلة
المالكة فقدت بوصلتها، ولم تعد ترى ما ينفعها أو يضرها.
هذه العنتريات نريد إظهارها يوماً ضد إسرائيل والدفاع
عن سماء الوطن في الشمال فوق قاعدة تبوك، واسترجاع الجزر
التي تدعي السعودية ملكيتها في نزاعها مع مصر: صنافير
وتيران، والتي صمتت عنها بعد أن خسرتها مصر لصالح اسرائيل!
ونريد من آل سعود أن يستعيدوا جزرهم في جنوب البحر الأحمر
والتي سيطرت عليها ويا للغرابة اسرائيل، وأصبحت ترعى فيها
الغنم!
|