المتّهم فيصل أكبر يدلي باعترافات خطيرة
من هو السعودي الذي قتل الحريري؟
محمد قستي
رغم الإغفال المقصود للتفاصيل الواردة في إضبارة التحقيقات
الأمنية مع عدد من المشبوهين في قضية إغتيال رئيس الوزراء
السابق رفيق الحريري في الرابع عشر من فبراير 2005، ورغم
تعمّد فريق رسمي لبناني وكذلك فرقاء آخرين بمن فيهم السعودية
تقليل أهمية ما ورد في تقرير رئيس لجنة التحقيق الدولية
القاضي سيرج براميرتز حول هوية الفاعل والمنطقة التي ينتمي
إليها، حيث قام فريق من لجنة التحقيق برفع بعض العيّنات
من تربة في منطقة ظلم التابعة لمحافظة الطائف وتبعد عنها
نحو 250 كيلو متراً، إلا أن ثمة في إفادات واعترافات الموقوفين
لدى السلطات الأمنية اللبنانية ومن بينهم سعوديون موقوفين
على ذمة التحقيق في قضايا الإرهاب ما يلفت الى قضية بالغة
التعقيد.
في العدد السابق من (الحجاز) ذكرنا طرفاً من رواية
السعودي فيصل أكبر الذي أورد اعترافات بالغة الخطورة عن
مخطط إغتيال الحريري. حيث اعترف فيصل أكبر، وهو أسم وهمي
آخر بعد أن كان يحمل إسم فهد اليماني، بتفاصيل دقيقة عن
تنفيذ أحمد عدس عملية إغتيال الحريري. وفي السابع عشر
من أكتوبر الماضي نشرت صحيفة (الأخبار) البيروتية جزءً
من وثائق التحقيقات الأمنية التي يربو عددها عن خمسين
وثيقة. وبحسب رئيس التحرير إبراهيم الأمين أن الصحيفة
لم تتدخل بحال في نص الوثائق بل نشرتها كما هي دون تحرير
أو تصحيح، حفاظاً على كينونة النص.
فيصل أكبر الذي وصف الأيام السابقة على عملية الاغتيال
بصورة دقيقة، تقدّم بمعلومات عن حركة الإتّصالات بين المجموعات
الراصدة وجميل، الشخص الذي يتولّى تحضير المجموعة المنفّذة
وأحمد أبو عدس. كذلك يصف أكبر في إفادته كيفيّة تنفيذ
الإستطلاع الأخير وقيادة الشاحنة بأحمد أبو عدس نحو النهاية
المعروفة. إلا أنّ فيصل أكبر تراجع بصورة مفاجئة عن إفاداته
رغم تطابق كثير منها مع المعلومات التي حصلت عليها السلطات
الأمنية اللبنانية، وخلال جلسة التحقيق نفسها، فتحدّث
عن تأليفه الكامل لكل المعلومات الواردة من قبل ويشير
إلى نقطة قد تكون أشد أهمّية من تكرار سياق التحقيق الدولي
للقاضي ديتليف ميليس. وبعد اعتراف الموقوف السعودي فيصل
أكبر بتفاصيل عملية اغتيال رفيق الحريري، يعود ويتراجع
عن كامل روايته في جلسة التحقيق نفسها، وهنا ننشر نص الإفادة
الثانية للمدعو فيصل أكبر، والتي قدّم معطيات أخرى تكاد
تكون أشد خطورة من السابقة، حين أكّد ضلوع شخص سعودي ينتمي
الى قاعدة الجهاد في بلاد الحرمين في عملية اغتيال الحريري.
مجموعة الـ 3 وجريمة اغتيال الحريري
س: من خلال متابعة الأحداث ما قبل الانفجار، ونعني
كاميرات المراقبة المركّزة في محيط مكان الانفجار، وبناءً
على معطيات متوافرة لدينا، وما ورد في إفادتك هذه، يتبيّن
أنّ الشاحنة كانت تسير قبيل الانفجار. وهناك معلومات تفيد
بأن أبو عدس لا يسوق، ولم تذكر لنا خلال الدورة التي أخضعته
لها أي درس عن السَوق قد أعطي له، إضافة إلى أنّ الحديث
عن السَوق، وفي هكذا ظروف، لن يتمكّن من السيطرة على سَوق
شاحنة بمعدّل السرعة التي شوهدت بها على كاميرا المراقبة.
ثم إن هناك خطورة نوعاً ما في استعراض أبو عدس في المدن
السورية، دمشق وحلب وحمص، وتهريبه عبر الحدود البرية ووضعه
في وسط العاصمة، التي هو منها، وإمكان تعرّف أي شخص إليه
بالصدفة وإفساد مخططكم. كما أنه قد ثبت أنه لم يتبيّن
وجود أي حمض نووي DNA يشير إلى
وجود أحمد أبو عدس في مسرح الجريمة. المؤكد أنك خبير بالعمليات
التفجيرية، وقد لاحظنا ذلك عند تفتيش شقة الروشة، حيث
عثرنا على سدّادات للأذن وعلى قطرة للأذن خاصة بك، وتعاني
أعراضاً في أذنيك، كما أفادنا طبيبكم المرافق شفهياً.
والواضح أيضاً أنّ أبو عدس قد سجّل شريط الفيديو، لكن
من غير المعلوم ما حدث بعد ذلك.
الآن أخبرنا كيف جرت عملية التفجير، وأين انتهى الأمر
بأبو عدس، ومَن هم المشاركون الحقيقيّون والمنفّذون والفاعلون
والمراقبون والذين تدخّلوا في إعداد السيارة والمتفجّرات
وكلّ لوازم الجريمة؟. أخبرنا عن ذلك بكلّ صدق، وعن المكان
الذي لبثتم فيه؟
ج (والكلام للسعودي فيصل أكبر ـ توضيح): الحقيقة أنّ
أحمد أبو عدس قام بتسجيل شريط الفيديو، وقد أحضره خالد
الطه من بيروت بتاريخ 16/1/2005 إلى الشيخ راشد، إلى مقره
في حلب. وفي هذه الأثناء، كنت أنا في بيروت قبل شهرين
مع فريق العمل، وكان معنا جميل وعدنان وفواز وثامر وبسام
ومهند، وكنّا نقيم في شقّة في الضاحية. لحق بنا ـ بعدها
ـ خالد الطه لإكمال عملية المراقبة، علماً بأنّ مَن قام
بعملية التفجير هو شاب سعودي، حضر من قاعدة الجهاد في
بلاد الحرمين، وقد أُرسل من جانب أبو هاجر (المقصود عبد
العزيز المقرن الذي قتل في 18 يونيو 2004)!، وهو مَن قام
بعملية اغتيال الحريري بالشاحنة نفسها التي ذكرتها لكم.
بعدها أقدمنا على كسر الشرائح العائدة لهواتفنا الخليوية،
وغادرنا الأمكنة التي كنّا فيها، ثمّ عبرنا إلى سوريا
عن طريق التهريب.
وكان الاستشهادي يدعى أبو مقاتل الأسدي، علماً بأنّ
الشاحنة قد جُهّزت في مخيّم عين الحلوة من أبو عبيدة.
س: هل باستطاعتك تذكّر أيّ من الأرقام التي استعملتموها
خلال فترة الشهرين التي ذكرتها لنا؟
ج: كلا، لا أستطيع تذكّر أي منها.
س: نعرض عليك لائحة بأحد عشر رقماً، هل باستطاعتك تذكّر
أيّ رقم من الأرقام التي استعملت في ما ذكرت؟
ج: إنّ الأرقام التي استعملت هي سبعة، وليست أحد عشر،
وبعد الاطلاع عليها لم أستطع تذكر أي منها.
س: هل باستطاعتك إفادتنا عن عنوان أو كامل هوية أبو
مقاتل الأسدي؟
ج: كلا لا أستطيع إفادتكم بذلك.
س: هل بالإمكان إذا ما اصطحبناك معنا أن تقوم بالدلالة
إلى الشقة التي مكثتم فيها خلال مراحل الإعداد للعملية
التي ادّعيت أنك شاركت في فصولها؟
ج: كلا لا أذكر كيف أصل إلى تلك الأماكن.
س: لماذا إذاً تنسج أحداثاً ربما من خيالك أو من مصدر
قد سمعته عن تفاصيل لم تشارك فيها؟
ج: أفيدكم بأن الشيخ راشد، ومنذ حوالى أسبوعين وكنا
في لبنان في شقة الشاطئ الذهبي، قد طلب مني إعلام الشباب
بأن الأجهزة الأمنية في لبنان لا تعرف أي معلومة عن موضوع
أحمد أبو عدس. وأضاف أن أعلمهم بأنّه إذا أوقف أيّ منهم
لدى هذه الأجهزة، ألا يعترف بموضوع أحمد أبو عدس. وعلى
هذا الأساس، ولمعرفتي وعلاقتي الوطيدة بأميري الشيخ راشد،
تخيّلت أن تكون التفاصيل كما ذكرت لكم، وقد وضعت نفسي
في هذه التفاصيل لكوني اعتقدت بأنّكم لن تصدّقوا عدم مشاركتي
إذا ما أخبرتكم بهذه التفاصيل من دون وجودي في مراحلها.
س: طلبنا منك تكراراً إفادتنا بكلّ صدق ورويّة، علماً
بأنّك أنت مَن أوردت أنّ أبو تراب هو لقب أحمد أبو عدس،
وأنّه حضر إليك في سوريا عن طريق خالد الطه. والثابت أن
الأخير مرتبط فيك، وقد عمدت إلى تهريبه إلى مخيم عين الحلوة.
وبسؤالنا لك عن أبو تراب هذا، أفدتنا بأنك علمت إسمه الحقيقي
لاحقاً لدى مشاهدتك أبو عدس يظهر على التلفاز.
أنت مَن أردت الإدلاء بهذه المعلومات المفصّلة، التي
تقاطعت مع نتائج تحرياتنا وتطابقت مع جوانب عدة من التحقيقات
حتى الآن. فهل تعرف أحمد أبو عدس، وهل قمت بتهريب خالد
الطه إلى المخيم، وهل مرّ في دوراتك الأمنية كل من: خالد
الطه وهاني الشنطي وعامر حلاق وسليم حليمة وبلال زعرورة؟
ج: لقد كذبت عليكم في موضوع مقابلتي لأحمد أبو عدس.
أما عن هاني الشنطي الملقّب بمروان، وبلال زعرورة الملقب
بجلال، وعامر حلاق الملقب بوسيم، وسليم حليمة الملقب بسامر،
فقد خضعوا لديّ لدورات أمنية، ومن ثم قاموا بمبايعة الشيخ
راشد.
س: لمَ هذا الاستثناء، كون المذكورين جميعاً على معرفة
وعلاقة بأحمد أبو عدس، ولماذا هو المستثنى من لائحتك،
علماً بأنه يتبع النهج نفسه. ما الغاية من حذفه خارج اللائحة؟
ج: أؤكد لكم أنني لم أرَ أحمد أبو عدس في دوراتي الأمنية.
س: أخبرنا عن معدل الدورات التي أقمتها لطالبيها خلال
السنتين الأخيرتين؟
ج: أفيدكم أنني أخصص الدورات لحوالى أربعة أشخاص كل
أسبوع، على امتداد السنتين المنصرمتين، على أنه يحضر شباب
من كل جنسيات الدول الإسلامية، ومنها لبنان والمقيمون
فيه من فلسطينيين.
س: هل شغلك أي شاغل خلال الفترة التي تحدثت عنها، ما
ألهاك عن موضوع تدريب المجاهدين. في الحالة الإيجابية،
أخبرنا متى ولكم (من الوقت) ولماذا؟.
ج: كلا لم أترك عملي بإلقاء المحاضرات في الدورات الأمنية
سوى مرّة واحدة ولمدّة أسبوع في شهر حزيران 2005، حيث
قصدت العراق لمقابلة الشيخ أبو مصعب الزرقاوي لمناقشته
في أمر الحدود السورية العراقية.
س: هل باستطاعتك تذكّر شبّان حضروا إليك خلال الشهر
الأول والثاني من عام 2005، وخاصة أي لبناني أو فلسطيني
مقيم في لبنان وتسميته؟
ج: لا أذكر أيّاً من هؤلاء الشبان في تلك الفترة.
س: بالتدقيق في لوائح الاتصالات العائدة لسبعة خطوط
هاتفية استخدمت من 4/2/2005 لتاريخ 14/2/2005 حتى الساعة
الثالثة عشرة، أي توقيت اغتيال الشهيد الرئيس الحريري،
لم تتصل هذه الأرقام إلاّ في ما بينها، وقد ظهرت حركتها
الجغرافية الموازية بتواريخ مختلفة لتحرّكات الموكب الخاص
بالشهيد ومحيط مجلس النواب وفندق السان جورج والأماكن
المطلة عليه، وقد أقفلت في وقت الانفجار أو بعيده بثوانٍ
ولم تعد تنشط لتاريخه، بالإضافة إلى انقطاع نشاط هذه الخطوط
بعد ظهر يوم 14/1/2005 لتنشط مجدداً صباح 20/1/2005، علماً
بأن أحمد أبو عدس اختفى صباح 16/1/2005 وتزامن ذلك مع
حضور خالد الطه مساء 15/1/2005 ومغادرته لبنان عن طريق
المصنع صباح 16/1/2005.
أضف إلى ذلك توزيعك لعناصر المراقبة والرصد، كما سمّيتهم
في إفادتك، على الأمكنة التي ذكرتها والتي طابقت تحركات
مستعملي الخطوط ومواعيد استيقاظهم مع الأوقات التي ذكرتها
لنا عن حركتكم في الشقة في الضاحية. كما أننا، وللتأكيد،
عرضنا عليك لائحة هذه الأرقام لتتذكّر الأرقام التي استعملت
كما أفدتنا، وقد أضفنا عليها أرقاماً وهمية أربعة، فأفدتنا
بأن الأرقام المستعملة هي سبعة، وليست أحد عشر، ممّا يطابق
الألقاب التي ذكرت: خمسة مراقبين وأنت وجميل تصبحون سبعة،
وهذه حقائق لم تظهر لا في نشرات الأخبار ولا في وسائل
الإعلام. كيف تفسر معرفتك بهذه التفاصيل، وكيف باستطاعتك
وصف شوارع بيروت وعلاماتها. أيكون ذلك كله عن طريق الصدفة؟
ج: لقد خطر في بالي تسمية خمسة أشخاص مراقبين، فذكرت
لكم ألقاباً خيالية، وأنا وجميل نصبح سبعة. لذا خطر الرقم
7 على بالي فذكرته لكم، ولا علم لي أبداً بأنّ الأرقام
التي تقولون إنّها استعملت في مراحل اغتيال الحريري هي
سبعة.
كما أنني ابتكرت الأمكنة التي أفدتكم بها، وأن فريق
الرصد تمركز فيها، وكان (ذلك) من نسج خيالي، وقد اعتمدت
على معرفتي بتلك الشوارع وفندق السان جورج لكوني كنت أتردّد
إلى لبنان في تواريخ سابقة وأعرفها منذ ذاك الحين، وهي
تصلح لأن تكون مراكز مراقبة لمكان الاغتيال الذي شاهدته
على شاشات التلفزيون. أما بالنسبة لاختفاء أحمد أبو عدس،
فلا أعرف عن هذا الموضوع أي شيء، إلا ما ذكره راشد لي
مؤخّراً كما ذكرته لكم، أي بتحذير الشبان مروان وخالد
طه من البوح للأجهزة الأمنية بأي شيء يخصّ أبو عدس.
س: كونك مُلقّن دورات أمنية للعديد من الشبان، وقد
اطّلعنا على مضمون الدروس التي تعطيها في هذا الشأن من
محفوظات الموقوفين المضبوطة، تبيّن لنا بأنّ هناك دروساً
عن تشتيت المحقّقين وأساليب أخرى، ونصائح للدارسين في
حالات التحقيق معهم بتحوير مسار التحقيق لتضييع الوقت
وعدم إظهار الحقائق، وقد وضح هذا جلياً بإفادتك. فلمَ
تعمد إلى هذا الأسلوب؟
ج: لم يكن قصدي أن أضيع التحقيق أو إخفاء المعلومات،
إنّما الآن أقول ما لديّ بصدق.
س: تتراجع إذاً عن إفادتك بمشاهدة ومقابلة أبو عدس؟
ج: نعم أتراجع عنها وإنني لم أرَه ولم أقابله في أي
فترة سابقة. وقد شاهدته فقط على التلفاز لثلاث مرات، وبالتأكيد
بعد الانفجار.
س: عمَّ تتراجع في إفادتك أيضاً؟
ج: أتراجع عن معرفتي ومشاركتي بمراحل اغتيال الحريري
في 14/2/2005.
س: لاحظنا أثناء ضبط إفادتك بمراحل التحقيق أنّك تحتفظ
بألقاب لأشخاص وتحذف الألقاب لأشخاص آخرين. لمَ هذا الأمر؟
ج: لقد اعتدت مثلاً على قول الشيخ أسامة بن لادن أو
الشيخ أبو عبد الله، لكون الاسم بلقبه يردد أمامي على
الدوام، وخاصة أنه من صلب عملي كمجاهد في القاعدة. أما
بالنسبة للحريري، فأقول ذلك من دون لقبه لكونه لا توجد
أية نية أو قصد معيّن لذكر هذا اللفظ بهذه الصورة.
س: لماذا تعمّدت اتخاذ إجراءات أمنية، كما تذكر لنا،
متدرّجة من ناحية الأهمية، وذلك بإخفاء خالد الطه في المخيم،
بينما عزلت مروان، أي هاني الشنطي، في شقة البسطة وعامر
حلاق وسليم حليمة في شقة طريق الجديدة، دون أن يهتدي بعضهم
إلى سبيل البعض الآخر. ما الغاية من هذه الإجراءات، ولمَ
يتمتّع خالد الطه بدرجة عالية من الأهمية الأمنية؟
ج: لقد كنت أتبع أوامر الشيخ راشد كما هي في الترتيب
الأمني، لكون خالد على علاقة بزياد رمضان، والأخير قد
ذكر إسمه في تقرير ميليس.
س: ذكرت لنا أنك تتبع وتنظّم، بالإضافة إلى آخرين،
حركة جهادية مقصدها القتال في العراق. أما في لبنان، فقد
ضبطنا من الشقق التي تديرها أسلحة وصواريخ وقنابل وأجهزة
اتّصال ومسدّسات وقناعاً وأحزمة يستدلّ منها أنها أحزمة
ناسفة، وأدوات لصبغ الشعر وشرائح كهربائية للتفجير، وضبطنا
أيضاً أجهزة لاسلكية. ومن الموقوفين الذين اتصلوا بك وأوقفناهم،
ضبطنا برامج قتاليّة وتدريبيّة تفوق المستوى الأمني الذي
نعرفه نحن. أفدنا عن سبب حيازة هذه المذكورات، وخاصة أنه
قد تبين لنا أن الحركة لم تحدث من سوريا للعراق، بل من
سوريا للبنان. فلماذا هذا الوجود بطريقة حذرة مع تزويد
كل فرد منكم، أقلّه، مستند هوية مزوراً. كما تبيّن أنّ
لكل واحد من رفاقك، وأنت ضمناً، عدة بطاقات (تلي كارت)،
يستعمل كل بطاقة شخص واحد، وقد سُجّل لقبه على ظهر البطاقة.
إضافة إلى طلبنا منك إفادتنا باسم شخص واحد من الذين تابعوا
دورات وبايعوا، قد تمكّن من الوصول إلى العراق للقتال
لتحقيق هدفه؟
ج: لقد قدمنا إلى لبنان هرباً من الحملات الأمنية السورية
ومتابعة العمل الجهادي المسلح في لبنان وتوابعه من القنابل
والصواريخ. أما بالنسبة إلى الأحزمة الناسفة، فهي تدخل
في عملنا أيضاً. أما أدوات صباغ الشعر فهي للتنكر، ويستعملها
الشيخ راشد لا أنا. أما الشرائح الكهربائية، فهي تخص قسم
الإلكترونيات في الجماعة بإدارة جميل. أما الدراسات المحفوظة
في كومبيوترات الإخوة، فهي دراسات قتالية حديثة، مثل دورة
الشهيد إسماعيل الخطيب لتركيب دوائر إلكترونية لتركيبها
على المتفجرات، ودورات صناعة المتفجرات، ودورات في أجهزة
الاتصال المتقدم. أما عن الإخوة الذين قاتلوا في العراق
وقد قدموا من لبنان، أذكر لكم الشهيد أبو عمر اللبناني،
أي والد محمد رمضان الذي استشهد إبنه أيضاً في العراق،
وذلك منذ سنتين. أما حالياً فقد أقفلت الحدود منذ حوالى
شهر ونصف.
س: ماذا شاهدت في التلفاز لدى ظهور أحمد أبو عدس وما
تتذكّر منه؟
ج: أذكر أنني شاهدته على قناة (الجزيرة) بفيلم مقطّع
إلى جزأين أو ثلاثة، يتلو فيه بياناً لجماعة النصرة والجهاد،
متبنّياً عملية اغتيال الحريري. ولا أذكر كلّ الأسباب،
إنّما أذكر منها انتقاماً لشهداء الحرمين وسرقة أموالهم.
والشائع بيننا نحن الجماعة أن الحريري قد وقّع على إعدامات
بعض المجاهدين السلفيين في لبنان.
س: هل يمكن أن تكون حياة خالد الطه في خطر الآن لكونه،
وكما ذكرت، يعاني مشاكل؟
ج: إن خالد موجود في مخيم عين الحلوة لدى عصبة الأنصار،
وهم إخوة لنا وبيننا وبينهم تنسيق، وهم يعتنون به، كما
كان اتفاق الشيخ راشد مع الملقب بأبو بصير، وهو مسؤول
الجماعة. وأفيدكم بأن خالد الطه قد ترك مسدّسه في شقة
عين الرمانة لدى هاني الشنطي، لشعوره بالأمان، لكونه يعلم
أنه سينتقل إلى مخيم عصبة الأنصار.
ابوعدس كما ظهر في شريط الجزيرة
|
س: من الاطّلاع والتدقيق في حاسوبك المحمول، شاهدنا
رسائل إلكترونية مرمّزة محفوظة في ملفّ سرّي. فسّر لنا
هذه الرسائل، وما المقصود بها وبالرموز الموجودة فيها؟
ج: هذا الملف الذي يتضمّن رسائل إلكترونية مرمّزة هو
خاص براشد، ولا أستطيع فك أو حل أو ترجمة الرسائل لكم.
وراشد هو الوحيد القادر على قراءة الرسائل هذه، لكونه
يملك الشيفرة ونحن لا نملكها.
س: كيف ذكرت لنا خلال إفادتك أن سعر شاحنة الميتسوبيشي
هو سبعة آلاف دولار، وقد تطابق هذا الثمن مع سعر الشاحنة
المذكورة في الأسواق اللبنانية؟
ج: لقد حدث ذلك صدفة.
س: اللائحة بأدوات التزوير والرسائل والكومبيوتر المحمول
وتوابعه والأسلحة والمبالغ المالية وبطاقات الهواتف والأشياء
الأخرى المضبوطة من شقة الشاطئ الذهبي لمَن تعود؟ أخبرنا
عنها بالتفصيل؟
ج: إنّ الورقة المدوّن عليها أدوات الكترونية وقرطاسية
وخريطة بيروت وطرابلس هي طلب من جلال، الملقب بسلطان أو
مراد، وهو مَن يجيد التزوير في الجماعة. وقد طلبها مني
على أن أشتريها له لكونه يريد العمل بها في مخيم عين الحلوة.
أما الكومبيوتر المحمول فهو لراشد، وتعود توابع هذا الكومبيوتر
أيضاً لراشد. أما الرسائل، وبعد أن عرضتموها عليّ، تعرّفت
عليها وهي رسائل إلى أبو مصعب الزرقاوي من الإخوة في عصبة
الأنصار في مخيم عين الحلوة، من خلال راشد. وإن الرسالة
الموجهة إلى الحجي، وهو لقب أبو مصعب الزرقاوي، ورسالة
أبو الليث النجدي الذي استشهد، فهاتان الرسالتان لراشد.
علماً بأنني، ولدى تلقّي أي رسالة وبعد قراءتها، أقوم
بإحراقها، ولا أعلم لماذا لا يزال راشد يحتفظ بهذه الرسائل.
أما عن المسدّسين والقنبلة، فقد أحضرهم معه الطبيب
الملقّب بموفّق، والموقوف لديكم. والمبالغ المالية هي
للتنظيم، وهي بيد راشد. والبطاقات البلاستيكية نوع فيزا
بأسماء أشخاص سعوديين هي لراشد، حيث يكون بإمكانه سحب
المبالغ منها بعد أن يودع أصحاب البطاقات مبالغ تبرّعات
للتنظيم. وبطاقات الهاتف هي للاتصال بيننا وبين الشباب
في لبنان وسوريا. أما الأحزمة فلا أعرف استعمالها، باستثناء
واحد هو لتقويم الظهر. والهويات والبطاقات المزوّرة هي
باستلام راشد لتوزيعها على الشباب.
إنّ عدّة الصباغ المضبوطة من شقّة الشاطئ الذهبي هي
خاصة راشد، لكونه أراد تغيير شكله، لأنه معروف ولأسباب
أمنية. أما القناع فقد أحضره الطبيب معه.
س: لماذا تعمد إلى تغيير الألقاب؟
ج: للظروف الأمنية تغيّر الألقاب كل فترة.
س: متى أبدل خالد الطه لقبه من بدر إلى نور، وبأية
ظروف؟
ج: لا أعلم.
س: هل قام مروان بتغيير لقبه منذ انتسابه إلى الجماعة،
ونعني هاني الشنطي؟
ج: كلا لم يغيّر مروان لقبه، بل بقي كما هو.
س: هل أبدل عامر وسليم لقبيهما منذ ذاك الوقت؟
ج: كلا لم يبدّلا لقبيهما.
س: هل أبدل بلال زعرورة لقبه؟
ج: نعم لقد أبدله من جلال إلى رمضان.
س: لمَ هذه الخصوصيّة والظروف الأمنية التي دفعت فقط
خالد الطه وبلال زعرورة لتبديل ألقابهما، وخاصة أنّهما
أُرسلا إلى المخيم للاختفاء؟
ج: إنّها ضرورة أمنية.
س: هل باستطاعتك تفسير هذه الضرورة الأمنية فيما خلا
موضوع ارتباطهما بأحمد أبو عدس؟
ج: ليس لديّ إجابة على هذا السؤال.
س: ما رأيك بتنكّر راشد لأي إمارة أو مبايعة أو نشاط
أو علمه بالنشاطات التي أقرّ بها رفاقك بكل رحابة صدر؟
ج: إن راشد هو أمير، وأعتقد بأنه يفكر للمدى الطويل
كي لا يبقى مدة طويلة في السجن، فيخرج ليتابع نشاطه الجهادي.
ولكونه أميراً، يحقّ له ادّعاء وقول ما يراه مناسباً.
س: في مرحلة من مراحل هذا التحقيق، أدليت لنا بإفادة
صريحة عن استقبالك للمدعو أحمد أبو عدس، ومن ثم مشاركتك
في تصوير فيلم الفيديو، وشرح تفاصيل دقيقة خلال التصوير،
لجهة تقسيم تصريح أبو عدس على الفيلم إلى أربعة أقسام،
ومن ثم إفادتنا بالأسباب والدوافع التي ذكرها أبو عدس
في الفيلم، ومن ثم أدليت بهذه الإفادة شفوياً أمام المقدم
رئيس الفرع، ومن ثم تراجعك عنها. فسّر لنا هذا الأمر؟
ج: لقد ذكرت لكم أموراً ابتكرتها من نسج خيالي، ولا
تمتّ إلى الواقع بصلة، وهي تقسيم الفيلم إلى أربعة مقاطع،
وهي المقدمة الشرعية، وتتضمن آيات قرآنية، ثم حديث شريف،
والثالثة وهي الأسباب السياسية التي تتضمن سرقة أموال
لبنان، وإن الحريري وقّع على إعدامات للشباب المجاهدين
في لبنان الذين أقدموا على اغتيال نزار الحلبي وانتقاماً
لشهداء الحرمين مثل أبو هاجر عبد العزيز المقرن، والرابعة
وهي الوصية لوالدته وللمسلمين عامة. وأؤكد لكم أن جميع
هذه التفاصيل قد اعتمدتها من خيالي وليست حقيقية.
س: تتطابق التفاصيل التي تبتكرها مع حقائق لا تقبل
الدحض، تبيّنت في تحقيقات كثيرة عن موضوع محضرنا هذا بجريمة
اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري واختفاء أحمد أبو عدس،
ما يستدل به على أنك على معرفة بأمور ودقائق أفدت بها
أو حوّرتها، ومن ثم تراجعت عنها. ننصحك بقول الحقيقة كما
هي، وإفادتنا عن الأشخاص الذين قد تراهم، ولأسبابك الخاصة،
رؤساء شرعيين أو إخوة في الجهاد؟
ج: إن السبب الحقيقي الذي ذكرته وأنا متأكد منه هو
أمر عام وشائع بين المجاهدين، وهو أمر توقيع الحريري لإعدامات
المجاهدين في لبنان. وقد سمعت هذا الأمر من راشد بعد اغتيال
الحريري، ومتابعتنا الأخبار على التلفزيون في المكتب الأمني
في سوريا في النهار نفسه الذي اغتيل فيه الحريري.
س: هل كان ذلك في 14/2/2005، وفي أي وقت إن كنت تذكر؟
ج: نعم لقد كان هذا الأمر بمشاهدة التلفزيون وسماع
بيان أبو عدس في 14/2/2005، وأذكر أنه كان بعد صلاة العصر.
س: ماذا قال حينها راشد، ومَن كان معكما؟
ج: لم يكن معنا أي أحد، وقد قال راشد حينها، بعد عرض
الفيلم على قناة الجزيرة، (إن الحريري متورط ومسؤول عن
توقيع الإعدامات للمجاهدين في قضية نزار الحلبي)، ولم
أكن أعرف هذا الأمر قبل أن يخبرني به راشد.
س: هل أنت مستعد لمواجهة راشد بهذا القول، وماذا إذا
طلب منك الانصياع لأمره لكونه الأمير كما تذكر؟
ج: نعم إنني مستعد لمواجهة راشد حسن النبعة في ما قاله
بذلك التاريخ، ولن أنصاع لأمره إذا طلب مني أن أمتنع عن
الإفادة أو موافقة أقواله، لأنني الآن أتكلم بكل صدق ولا
مراوغة في كلامي.
س: ماذا عن تراجعك بعد قليل عما ذكرته الآن إذا سألناك
سؤالاً آخر؟
ج: إنني أؤكد لكم أن ما ذكرته الآن هو صادق وحقيقي،
وأن ما ذكره راشد بخصوص إعدام المجاهدين في قضية نزار
الحلبي قد علمته منه. أما الشائع، فقصدت به أن الإعدامات
عموماً، التي وقع عليها الحريري، هي بأمور اللبنانيين
المجاهدين القدامى مثل بديع أو وديع. وهذا أمر يختص باللبنانيين،
ومعروف من جانبهم مثل راشد، ولا علم لي فيها. وقد أدليت
بإفادتي هذه بملء إرادتي وبكل صدق، وليس لديّ ما أقوله
خلاف ذلك.
تُليت عليه إفادته فصدّقها ووقّعها معنا.
أبو هاجر أمير (القاعدة) في بلاد
الحرمين
يقول السعودي فيصل أكبر في إفادته أمام المحقّق (علماً
أن من قام بعملية التفجير هو شاب سعودي، حضر من قاعدة
الجهاد في بلاد الحرمين، وقد أُرسل من قبل أبو هاجر وهو
من قام بعملية اغتيال الحريري بالشاحنة نفسها التي ذكرتها
لكم، بعدها أقدمنا على كسر الشرائح العائدة لهواتفنا الخلوية،
وغادرنا الأمكنة التي كنا فيها (...) وكان الاستشهادي
يدعى أبو مقاتل الأسدي (...).
وأبو هاجر هو عبد العزيز بن عيسى بن عبد المحسن المقرن،
الملقّب بأبو هاجر، يبلغ من العمر 33 سنة، ومتزوج. ولد
عبد العزيز المقرن في جزيرة العرب عام 1971، وتوقفت دراسته
عند المرحلة الثانوية بسبب التحاقه بالمجاهدين العرب في
أفغانستان.
وتلقى عبد العزيز المقرن تدريبات مكثفة في معسكر (وال)
القريب من مدينة خوست الأفغانية قبل أن ينتقل إلى الجزائر
في منتصف التسعينيات للقتال إلى جانب المجموعات المسلحة
التي أعلنت رفضها تدخّل الجيش الجزائري، وإعلانه إلغاء
نتيجة الانتخابات، لكي لا تتمكن الجبهة الإسلامية للإنقاذ
التي فازت بأغلبية الأصوات من تأليف الحكومة.
بقي في الجزائر إلى أن استطاعت قوات الأمن الجزائرية
القبض عليه في عملية تهريب أسلحة. لكن أتباعه استطاعوا
تهريبه خارج الجزائر. عاد المقرن للتنقل بين المملكة العربية
السعودية وأفغانستان ومنها انتقل إلى البوسنة والهرسك
للمشاركة في عمليات تدريب وقتال ضد القوات الصربية هناك.
شارك أبو هاجر في الحرب في البوسنة والهرسك خلال الفترة
من عام 1992 حتى 1995، ثم عاد بعدها إلى بلاد الحرمين.
بعد فترة قصيرة استطاع التسلّل إلى الجمهورية اليمنية
ومنها إلى الصومال حيث شارك في القتال ضد القوات الإثيوبية
في إقليم أوغادين الذي تسكنه أغلبية مسلمة. لكنّه وقع
أيضاً ـ كما حدث له من قبل في الجزائر ـ في يد القوات
الإثيوبية، التي حبسته لمدة عامين ونصف عام قبل تسليمه
إلى سلطات الأمن السعودي عام 1998.
الإنفجار الذي أودى بالحريري
|
حكمت عليه محكمة سعودية شرعية بالسجن مدة 4 سنوات،
لكنه لم يمض في السجن غير نصف المدة فقط، بعدما أفرج عنه
(لحسن أخلاقه وإتمامه حفظ القرآن الكريم).
بعد شهر واحد فقط من إطلاق سراحه، قرر المقرن مغادرة
جزيرة العرب متوجهاً إلى أفغانستان، وقد نجح في الوصول
إليها عبر عدة عواصم أجنبية عام 2001، وهناك التحق مع
مجموعة من الشباب السعودي للقتال جنباً إلى جنب مع قوات
طالبان والقاعدة ضد الجيش الأميركي، الذي قرر غزو أفغانستان
وإسقاط نظام حكم طالبان بعد أحداث الحادي عشر من أيلول.
بعد سقوط نظام حكم طالبان، عاد المقرن إلى منزل أهله
في حي السويدي بالرياض في بلاد الحرمين ثم اختفى عن أنظار
الأمن السعودي قبل 13 شهراً.
اتّهمه الأمن السعودي بتدريب معارضين للنظام في مناطق
وعرة بالمنطقة الوسطى والمنطقة الغربية في بلاد الحرمين
وأعلن عزمه القبض عليه.
بدأ اسم عبد العزيز المقرن (قائد تنظيم القاعدة في
جزيرة العرب) يلمع في وسائل الإعلام، وخاصة بعد العمليات
المسلحة التي استهدفت حياة الأجانب الموجودين على أرض
المملكة، ولا سيما الأميركيّين والبريطانيين.
ونشط الأمن السعودي في البحث عنه وأصبح محط الاهتمام
بعد اختطاف الرهينة الأميركي بول مارشال جونسون، المهندس
في فرع شركة لوكهيد مارتن، المتخصصة في صناعة طائرات الأباتشي
بالرياض.
منح تنظيم القاعدة سلطات الأمن السعودي مهلة 72 ساعة
للإفراج عن معتقليه في سجون بلاد الحرمين مقابل الإفراج
عن الرهينة الأميركي، لكن الحكومة السعودية رفضت هذه الصفقة.
نفذ تنظيم القاعدة وعيده بقتل الأميركي وظهر رأسه المفصول
عن جسده. وفي 19 يونيو من عام 2004 أُعلن مقتل أبو هاجر،
أو عبد العزيز المقرن.
وعلى رغم هذه الواقعة المسجّلة إعلامياً، إلا أن المحقق
اللبناني لا يلحظ أن الماثل بين يديه يضلله بهذا الاعتراف،
هذا إذا كان فيصل أكبر قد أدلى بالاعتراف هنا.
إرسال السيوف إلى العراق
س: ورد في إفادة أحدهم في هذا المحضر بأنه كلف مرة
بشراء سيف من بيروت وتحديداً من الدورة، وأرسله إلى راشد
في سوريا، ما صحة هذا الأمر؟
ج:: إن راشد يقوم بإرسال السيوف إلى العراق لأبي مصعب
الزرقاوي، ولا علم لي بمَن يحضرها من لبنان من الشباب.
س: مَن هو برأيك؟
ج:: إن أميري المباشر هو راشد.
س: بماذا يُلزمك هذا الأمر، فصّل لنا ذلك؟
ج:: أُلزم بالسمع والطاعة في ما يقول لي ويوكل إلي
من قبله وعدم رفضها إلا بمسوّغ شرعي.
س: بحكم ما ذكرته هل يُلزمك هذا الأمر بإخفاء بعض الحقائق
لعدم الإضرار بالمجموعة أو بأميرها أو بالنهج العام؟
ج: نعم ألتزم تنفيذ الأوامر، وخاصة إن كانت صادرة عن
الأمير، بإخفاء حقائق أو تفاصيل.
س: أين تعرّفت براشد وكيف ومتى؟
ج: لقد تعرّفت براشد الموقوف لديكم وعلمت الآن أنه
يدعى حسن نبعة، في أفغانستان خلال عام 2000 في أحد معسكرات
التدريب وبقينا معاً لحوالى خمسة أشهر، ثم أرسله أبو مصعب
الزرقاوي إلى لبنان لتنظيم مجموعات لتهيئة الأرضية للجهاد
في لبنان، فحضر راشد وكان حينها يلقب بـ(أبو مسلم).
رحلة فيصل أكبر في شوارع بيروت
يتحدث فيصل أكبر عدة مرات عن شوارع بيروت، ويشرح للمحقق
كيفية إجراء الاستطلاعات في شوارع عدة من بيروت من عين
المريسة حيث استهدفت عملية التفجير موكب الرئيس رفيق الحريري،
إلى فردان حيث (مكتب) رفيق الحريري كما يقول أكبر في اعترافاته،
ويحاول المحقق الاستفهام عن مدى معرفة أكبر بالطرق، علماً
أن المحامية مهى فتحة تتحدث عن عجزه عن التعرف بمناطق
في محيط الأماكن التي يصفها في محاضر التحقيق.
س: ذكرت لنا أنك تعرف شوارع بيروت لكونك حضرت في فترات
سابقة إلى لبنان، متى حضرت وأين مكثت وما الغاية من حضورك
في تلك الأوقات؟
ج: لقد حضرت إلى لبنان في أواسط عام 2001 مكلفاً من
قبل أبو مصعب الزرقاوي للقاء جماعة جند الشام الموجودة
في مخيم عين الحلوة. قدمت من تركيا إلى لبنان، ومكثت في
فندق وايت هاوس ـ الحمرا باسمي الحقيقي لمدة ساعة فقط،
بعدها انتقلت برفقة الملقب معين إلى مخيم عين الحلوة للتباحث
مع جند الشام في موضوع المبايعة والخروج للجهاد في أفغانستان،
وبقيت في المخيم لحوالى أسبوعين. سافرت بعدها إلى تركيا
ومن ثم إلى أفغانستان، ونزلت في العام نفسه من سوريا إلى
لبنان عن طريق المصنع باسمي الحقيقي أيضاً وانتقلت مباشرة
إلى مخيم عين الحلوة. التقيت مجدداً بالإخوة جند الشام
لحوالى أربعة أيام لمراقبة موضوع الخروج للجهاد وتفحص
إمكانية جماعتهم وجهوزيتهم.
في ذلك الحين، أصبحت مطلوباً في لبنان للقضاء اللبناني
لكون معين قد أوقف في سوريا وسُلّم إلى لبنان بجرم تزوير،
وكنت ألقّب في حينها بـ(قويظ) (قوس). تمكنت من الخروج
إلى سوريا وعدت إلى لبنان بعدها في تواريخ لا أذكرها لحوالى
ثلاث مرات أيضاً إلى مخيم عين الحلوة. بعد هذه الفترة
أصبحت أدخل لبنان بجواز السفر السعودي المزور بإسم فهد
اليماني، وكنت أحضر فقط ليوم أو يومين من أجل الأختام
لدى الأمن العام السوري لأظهر أن الجواز عليه أختام وهو
المزور، وكنت أستخدم لدى حضوري إلى لبنان شققاً مفروشة
في الحمراء والروشة، ونزلت في محلة الشويفات في شقة برفقة
نبيل الملقب بـ(أبو الغادية)، الذي استشهد في العراق.
مكثت ليومين هناك، رجعت بعدها لسوريا بينما بقي نبيل هنا،
وذلك في عام 2003، فأكون قد حضرت إلى لبنان حوالى ثماني
مرات، ولذا أعرف شوارع بيروت.
وفي تحليل للرواية الثانية لفيصل أكبر، يبدو أن ثمة
ما يثير فضولاً صحافياً وتحقيقياً لجهة المقارنة بين الافادتين
المتعارضين، وصدقية كل منهما، وطبيعة الإفادات التي أدلى
بها فيصل أكبر، وما تضمنته من حقائق أو نصف حقائق أو حتى
أضاليل. صحيفة الأخبار التي نشرت نص التحقيقات أثارت في
العشرين من أكتوبر سؤالاً: من أين يأتي التضليل وأية رواية
نصدّق؟ وقد كتبت الصحافية فداء عيتاني مقالاً حاولت فيه
الإجابة أو بالإحرى إنتاج المزيد من الأسئلة، إذ لا يمكن،
بحسب قولها، محضر تحقيق مشابهاً لما نشرته (الأخبار) إلا
أن يثير المزيد من التساؤلات، ولا يمكن أحداً أن يدّعي
امتلاك وجهة نظر متكاملة عن اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
بيد أنّ ما نُشِر يثير الاستغراب لأكثر من ناحية، أوّلها
عدم تقديم هؤلاء الشبّان للمحاكمة بتهمة التورّط من ناحية
ما على الأقلّ في مقتل الحريري، أو تقديم من حقّق معهم
إلى المحاكمة بتهمة تزوير إفادات والاستحصال عليها تحت
الضغط والتعذيب، وربما تضليل التحقيق الدولي.
تحصل الصحيفة على ملف التحقيقات مع مجموعة الـ13، بعد
أشهر طويلة من العمل في هذا السياق، وبعدما حُوِّلت المجموعة
إلى المحاكمة، وبعد التأكد من صحة الملفات، ومن حق النشر،
تبدأ (الأخبار) بنشر المحضر. وعلى خط موازٍ، كانت مجموعة
من القوى السياسيّة تضغط على المعتقلين وعلى غيرهم من
الوسطاء لمنع النشر، أو وقفه، أو الطعن بصدقية المنشور
والصحيفة. ودفع حسن نبعة ثمناً باهظاً لعناده، وصار، وبأمر
من سجّانيه، ينام كل ليلة في زنزانة، وهو المضرب عن الطعام،
ويعيش وضعاً صحياً صعباً، ويُداوى بمستوصف مرتجل في السجن.
غير أن نشر أقسام التحقيق يستكمل بحسب خطة الصحيفة،
وإن كانت الردود على الصحيفة وصلت حد التلويح بتهديدات،
فيما الردود الصادرة عن المسجونين لا تعدو كونها شرحاً
لوجهة نظرهم في ما حلّ بهم.
بعد قراءة محاضر التحقيق، لا بد من الإشارة إلى ثلاثة
أقسام رئيسية مندمجة في النص الطويل: القسم الأول هو المتعلّق
باغتيال الحريري، وهو يحمل جانبين، الجانب الأول يتوافق
مع تحقيقات ديتليف ميليس، وهي صادرة بعد إعلانه بعض نتائج
تحقيقاته، والجانب الآخر يتناقض معها ويتطابق مع تحقيقات
سيرج براميرتس (المعلن منها على الأقل) وقد صدر قبل إعلان
هذه النتائج عبر تقارير براميرتس. القسم الثاني هو المتعلق
بأحمد أبو عدس، ويدور من دون أن يصل إلى نتيجة محددة،
ويقدم أيضاً روايتين متناقضتين. أما القسم الثالث فيتعلق
بالمجموعة بصفتها تدعم المقاومة العراقية، وحركتها وملاجئها
السرية، وأساليبها وتقنياتها، والشخصيات العربية والجهادية
التي تطل عليها هذه الشبكة، وهو القسم الأكبر في التحقيقات.
ولعل أبرز ما في التحقيق كان إفادة فيصل أكبر، الذي
يقدم رواية تنفيذ أحمد أبو عدس لعملية الاغتيال، ثم يتراجع
عنها. وفي كلتا الحالتين، يقدم اسماً لمنفّذ الاغتيال
(أحمد أبو عدس، وأبو مقاتل السعودي). إلا أنّ المحقق يبتعد
عن متابعة أي من جانبي الروايتين المتناقضتين. وتراجُع
أكبر عن إحدى الروايتين لا يعفي من التساؤل عن الدقة التي
وصف بها أكبر عملية تنفيذ أحمد أبو عدس لعملية التفجير،
أو للمعلومات عن أبو مقاتل السعودي، علماً بأن أي إنسان
عادي لا يمكنه رواية هذه ولا تلك. ولماذا يُفترَض أن نصدّق
رواية المفجّر السعودي مثلاً، ولا نصدّق رواية أحمد أبو
عدس (علماً بأنه لم يُعثر على دي.إن.أيه لأبو عدس في موقع
التفجير)، ولماذا يجب ألا نصدّق أنّ هذه المجموعة هي مَن
تعاون مع الانتحاري السعودي لتنفيذ عملية الاغتيال، علماً
بأنّ براميرتس وصل إلى نتائج مشابهة، وزار المملكة السعودية،
وتفحص التربة هناك وأورد في تقاريره تلميحاً إلى هذه الزاوية.
ويورد المحقق اكتشاف رموز كودية وفك تشفير لملفات إلكترونية،
إلا أن المحقق نفسه (أو كاتب المحضر) يجهل الفرق بين
usp وusb،
ويجهل كتابة Toshiba، وغيرها
من ألف باء عالم الإلكترونيات المعقد، بينما يكتشف أن
المجموعة ترسل بريدها الإلكتروني بشكل مموّه، وهي تقنية
معقدة جداً في عالم الإنترنت، تعتمد على تجاوز
IP spoofing، ولا يمكن تحقيقها
أو تجاوزها بسهولة، علماً بأن المحقق يقرّ في أحد أسئلته
بأن هذه المجموعة أكثر تطوراً على المستوى التقني والأمني
من أجهزة الدولة، فبمن استعانت جهة التحقيق لفك الكودات
والترميز على الوثائق والملفات الإلكترونية، وهل تم ذلك
بطريقة رسمية تمنع فك التشفير من زرع أو إخفاء معطيات
غير تلك التي كانت ملكاً للمجموعة المتهمة؟ وما هو دور
الأميركيين في التحقيقات وفك الشيفرات؟ ولماذا وصلت أسئلة
مترجمة إلى اللغة العربية من عمان؟
أضف إلى ذلك أنّ الأسئلة أتت مطوّلة وحاملة وقائع أحياناً
أكثر مما تحمل الإجابات، وهي كانت توحي للمستمع إليه بما
يدلي به من إفادة، وهذه الوقائع لم تُستخرج من أجوبة سابقة
للموقوفين، وإن المحقق يتحدّث عن حزام ناسف كان بحوزة
أحد الموقوفين، ويجيب الموقوف عن الأمر كمسلّمة، على رغم
أن جدول المضبوطات لا يلحظ وجود حزام ناسف، وبالتالي يعترف
الموقوف بحزام غير موجود.
ويشير التحقيق إلى أن فيصل أكبر تعرّف بحسن نبعة في
أفغانستان عام 2000، علماً بأن القضاء اللبناني كان يطارد
حسن نبعة في لبنان في العام نفسه بتهمة انتمائه إلى مجموعة
الضنية، وهي المجموعة التي أُطلق عليها اسم مجموعة (الهجرة
والجهاد) حينها، ولم تنسب إلى تنظيم القاعدة.
وبعد كل ما تقرّ به المجموعة، وبعد ثبوت كونها جزءاً
من المقاومة العراقية، يُسطّر بلاغ بحث وتحر (بجرم الاشتباه
بالتخطيط للقيام بأعمال إرهابية والانتماء إلى مجموعة
إرهابية).
ويقع التحقيق في تناقض كبير بين تصوير هذه المجموعة
عصابةً متطرفةً تكفيريةً عاطلةً عن العمل بمستوى فكري
متدنٍّ، وبين وقائع تثبت تفوقها العلمي، واختلاط أفرادها
ببيئات فكرية أخرى، وزواج أحد المتّهمين من امرأة شيعية،
وغيرها من الوقائع العلمية، إضافة إلى سعيها إلى امتلاك
مستشفى في سوريا بشكل سري لتطبيب الجرحى القادمين من العراق.
أمّا الأسئلة الرئيسيّة، فقد أجاب التحقيق نفسه عنها
بالكامل، وبعدّة روايات، وخاصة على لسان فيصل أكبر. ولكن
المجموعة لم تُحَل على القضاء المختصّ بجريمة اغتيال رفيق
الحريري، بل أحيلت بجرم الإرهاب والتحريض الطائفي، وهما
عمليّاً جريمتان لا إثبات لهما. فما الذي يفترض أن نصدّقه
من اعترافات المعتقلين؟ قتل رفيق الحريري أم المشاركة
في دعم المقاومة العراقية؟
يبقى أن المحقق لا يتبع جهةً مختصةً بالتحقيقات، وهو
على رغم ذلك يصر على استكمال تحقيق طويل في قضية شائكة
من هذا النوع، قبل أن تأتي الإشارة بختم المحضر وتحويله
إلى المحكمة العسكرية.
إلا أن السؤال الذي لا بد من أن تجيب عنه الجهات القضائية،
وكذلك الجهات السياسية التي تدخّلت وضغطت على فرع المعلومات،
هو: إذا كان هؤلاء ينتمون إلى تنظيم القاعدة، فلماذا تأخير
محاكمتهم لأكثر من عام؟ وإن كانوا ضالعين في تنفيذ عملية
اغتيال رفيق الحريري، فلماذا لم يحالوا على المحكمة الدولية،
وإذا لم يتورّطوا، فمن أين أتت اعترافاتهم؟
السؤال الأشد خطورة، لماذا بدّل فيصل أكبر إفاداته
بعد وصول المحققين الأمنيين السعوديين والأميركيين الى
لبنان ولقائهم مع الموقوفين بصورة منفردة، وهل لذلك علاقة
بسير التحقيق أو بصورة أدق بتبدّل الإفادات؟
وزير الاعلام بين فكي التضليل
والتوضيح
أوضح وزير الإعلام غازي العريضي أنه حصل أن وجّه أحد
الوزراء سؤالاً في جلسة مجلس الوزراء في الثامن عشر من
أكتوبر عمّا تنشره (الأخبار) من تحقيقات في شأن جريمة
اغتيال الرئيس رفيق الحريري واعترافات مجموعة الـ 13.
وكان أن سمع جواباً من أحد المعنيين، أن السؤال عن التحقيق
بملف أحمد أبو عدس قديم جدّاً وقد بدأ منذ كان القاضي
عدنان عضوم مدعياً عامّاً.
وأوضح العريضي أنه لفت انتباه الحاضرين إلى أن البحث
في الأمر يجب ألا يطال المؤسسات الإعلامية التي تقوم بواجبها
أو بعملها في معرفة الأخبار والحصول على وثائق. وأن التدقيق
في كيفية وصول هذه المحاضر إلى الإعلام يجب أن يكون في
المؤسسات الإدارية المعنية ولا يجوز تحويل النقاش إلى
وسائل الإعلام.
وكان ملفّ التحقيقات واعتراف الموقوفين قد استدعى تجاهلاً
غير مسبوق من الطبقة السياسية، لهذا السبب أو ذاك. إلا
أنّ التجاهل الإعلامي لا ينطبق على ما يجري في صالونات
الطبقة السياسيّة الفخمة، حيث يتمّ ابتزاز بعض الموقوفين
وأهاليهم مقابل تقديم تصريحات نافية أو مسيئة لصحيفة (الأخبار).
وتصل الخفّة بالوزير أحمد فتفت إلى القول في حلقة تلفزيونيّة،
مباشرة بعد بحث موضوع التحقيقات في مجلس الوزراء، إنّ
هذه التحقيقات تؤلّف (واحداً في المئة من التحقيقات التي
جرت، وقد انطوت صفحتها وأصبح هناك معطيات مختلفة، وهي
لا تمثّل سبقاً صحافياً ولا تضيء على الجريمة، بل هي محاولة
لتضليل التحقيق الدولي)!.
والوزير، بقوله هذا، إنّما يتّهم الجهة التي قامت بالتحقيق
(فرع المعلومات) بتضليل التحقيق الدولي، وهو أمر، في حال
ثبوته، يتطلّب استدعاء رئيس الجهاز للتحقيق. إلا أنّ الوزير
ربّما يعتمد على كون رئيس فرع المعلومات ينتمي إلى فريق
السلطة.
|