تيمور جنبلاط: سلطان خدع والدي
كشف نجل رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي في لبنان وليد
جنبلاط، عما كنا قد ذكرناه في أعداد سابقة بأن السعودية
تخطط لإسقاط نظام بشار الأسد في سوريا، بالتعاون مع نائب
الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدّام الذي يعيش في المنفي
منذ أعوام. وقد نشرت تقارير صحفية في الثاني والعشرين
من أكتوبر 2006، بأن لقاءً تمّ بين خدّام والملك عبد الله
وولي العهد الأمير سلطان من أجل التباحث في تغيير النظام
السوري الحالي.
وليد جنبلاط الذي اعتبر نفسه (جزءً من المشروع الأميركي)
كما صرّح في مقابلة مع قناة (الجزيرة) القطرية في أكتوبر
الماضي، قرر الإلتفاف على المشروع الأميركي، في أول مؤشر
على إنخفاض درجة التوتر في العلاقات بين واشنطن ودمشق،
وبداية انكسار الطوق المفروض على الأخيرة من قبل المجتمع
الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، الأمر الذي دفع بالزعيم
الدرزي إلى الإقرار بهزيمته في معركة إسقاط النظام السوري،
ولابد له من التعاطي مع حقائق جديدة على الأرض، ما أجبره
على تخفيف حدة لهجته ضد خصومه السياسيين في الداخل والخارج،
والذي غمرهم بعبارات قاسية مثل العمالة، والغدر، وحمّلهم
مسؤولية الاغتيالات في لبنان.. كل ذلك، لأن ثمة وعداً
أميركياً ـ سعودياً بأن فجراً سعيداً سينبلج مع سقوط النظام
السوري..
لم يسقط بشار الأسد، ولم تعتذر واشنطن ولا الرياض عن
خسارة الرهان، فقد تركتا من أسرف في خصومته وحيداً، بلا
غطاء سياسي ولا حتى أمني، ما جعله يكون أول من يقرر الإنسحاب
بعد أن كان أول من حمل السلاح في وجه خصومه.. طالب ضمانة
من الملك عبد الله قبل عام حفاظاً على حياته، وكان يدرك
بأن تلك الضمانة متّصلة بموقف سعودي متشدد من النظام السوري،
يصل الى حد الرغبة والتخطيط من أجل إسقاطه.
نجل جنبلاط، كان يعبّر بلغة نادمة لم يكن والده في
وضع نفسي يسمح له باستعمالها، رغم استعداده للإنقلاب على
مايقوله قبل ساعة، فقد ألف اللبنانيون والمراقبون للشأن
اللبناني تقلّبات جنبلاط، وإن كانت تفقد من يتحالف معه
الثقة به، ولذلك، يثبت جنبلاط مرة تلو أخرى بأنه لا يعدو
أن يكون سوى حليف تكتيكي وليس استراتيجي، ولكن أخطاء التكتيك
تفقده حتى ميزات التحالفات المؤقتة بسبب لغة الخصومة المتطرّفة
التي لا تدمّر طريق العودة، وإن عاد فإنه يعود في طريق
مدمّرة.
تيمور جنبلاط، قال في حوار مع الصحافية الفرنسية جيرمين
غراتون مراسلة وكالة أخبار مونتريال الكندية في باريس
في بداية شهر ديسمبر بأن والده أخطأ وصار دمية امريكية،
حاملا لواء سحق المقاومة اللبنانية، مطالباً اياه بالاعتراف
قبل فوات الآوان. وأنه (تورط في مواقف تتعارض مع مصلحة
من سلموه أمانة مستقبلهم السياسي و الوجودي). وأرجع تيمور
سبب وقوع والده في الورطة السياسية الى (المعلومات الخاطئة
التي قدّمها له الأمريكيون و بعض العرب خصوصا آليوت إبرامز
و الأمير سلطان بن عبد العزيز) عن الأوضاع المتغيرة في
الشرق الأوسط. وفي سؤال حول ماهية المعلومات التي قدّمها
هؤلاء الى والده ما دفعت به الى الحافات الخطرة، أجاب:
لقد قدمت له معلومات تتحدث عن أن السعوديين و معهم بعض
العرب تلقّوا ضمانات من جورج بوش بأنه سيعمل على قلب النظام
السوري في موعد أقصاه بداية عام 2006، و كان المطلوب منه
تقديم أوراق إعتماد للأمريكيين لكي يتم ـ بحسب زعمهم ـ
تحييده وما يمثل بين الدروز عن السوريين وحلفائهم في لبنان).
وأضاف قائلا (كان والدي يظن بأنه سينقذ زعامته و ينقذ
الدروز في لبنان من تحمل نتائج تغيير النظام السوري، فسارع
إلى تلك القفزة الخاطئة في المجهول). واستطرد قائلا :
(السعوديون تولوا إقناع وليد جنبلاط بصدق الأمريكيين،
وأعطوه ضمانات مالية و أمنية يستعيض بها عن الدعم الإيراني
المالي السخي الذي كان يتلقاه سابقا).
وكشف تيمور عن خطة السعوديين التي اعتمدها والده في
حربه ضد سوريا وخصومه في لبنان وقال (للأسف، فإن وليد
بك ذهب بعيدا جدا هذه المرة في لعب دور الدمية الأمريكية،
و حمل لواء سحق المقاومة اللبنانية، وزرع الكراهية في
نفوس المسؤولين و الشعب السوريين). وختم تيمور بأن (جنبلاط
أضحي اليوم، الرجل الأكثر كراهية لدى اللبنانيين الموارنة
والشيعة و السنة الموالين للمعارضة، وأن أخشى ما أخشاه
هو أن يدفع الدروز ثمن أخطاء وليد بيك).
وكانت صحيفة (النهار) قد كشفت في الثامن من ديسمبر
الماضي عن لقاء بين السفير الأميركي السابق في إسرائيل
مارتن أندك ووليد جنبلاط، تكللت بقناعة لدى الأخير بأن
(الادارة الاميركية تؤيد انتقاداته اللاذعة للنظام السوري).
وأضافت الصحيفة بأن (ان وليد جنبلاط راهن خطأ على اسقاط
النظام السوري بواسطة اميركا وحلفائها في المنطقة) طيلة
السنتين الماضيتين. ولكن بعد زيارته الأخيرة لواشنطن عاد
جنبلاط الى بيروت ليتحدث عن (ضرورة اعادة نظر شاملة في
المواقف التي فرضتها الواقعية)، وهو ما انعكس على تفكيره
السياسي الجديد أثناء اعتراضه على خيار النصف زائداً واحداً
لانتخاب رئيس الجمهورية، وكذلك مواقفه من حزب الله التي
تبدّلت بوجه عاجل، (وبرر حركة انعطافه المفاجئ بالقول
أنها نتيجة رؤية جديدة للتيارات المتقلبة في المنطقة).
|