أربع إتفاقيات أمنية بين الرياض وواشنطن
السعودية.. قلعة إستراتيجية أميركية
هيثم الخياط
بدأت تلميحات متقطعة تصدر عن الجانب السعودي بشأن إتفاقيات
أمنية في أغسطس من العام الماضي، حين بدأ الحديث عن عمليات
تطويرية لقوة امنية لحماية المنشآت النفطية في البلاد،
قوامها ألف عنصر امني. وقال اللواء منصور التركي المتحدث
الأمني بوزارة الداخلية لصحيفة (الشرق الأوسط) السعودية
في 30 اغسطس 2007، بأن (هذه القوة الأمنية تأتي في إجراء
يتناسب مع متطلبات المرحلة الراهنة). وبحسب الصحيفة فإن
التركي رفض ربط إستحداث هذه القوة الأمنية بتزايد مخاطر
إستهداف مصالح النفط السعودية، وقال (القضية لا تتوقف
عند وجود تهديدات، واعتبر التركي إنشاء القوة الأمنية
ياتي في إطار مراحل تقييم وتطوير التخطيط الأمني في المملكة.
وأرجع التركي حينذاك الإقدام على هذه الخطوة لاعتبارات
أساسية (لحماية الاقتصاد الوطني من أي تهديد، وخصوصا أن
السعودية بصدد إنشاء مدن اقتصادية جديدة ـ في إشارة إلى
شمولها بإجراءات الحماية ـ فيما اعتبر أن هذا الإجراء
يدخل ضمن الإجراءات الاحترازية البعيدة عن ردود الفعل
المضادة).
وكان وزير الداخلية الأمير نايف أعلن في مطلع يوليو
من عام 2007، عن بدء إنشاء وحدات أمنية مكلفة حماية المنشآت
النفطية في المملكة من أية عمليات إرهابية تسعى لاستهدافها،
وقال (إنه لو وقع 10 في المائة فقط من التهديدات لكنا
في كارثة). وفي سؤال عن الإتفاقية الأمنية الموقّعة بين
السعودية والولايات المتحدة لحماية المنشآت النفطية، نقلت
صحيفة (الشرق الأوسط) السعودية في 23 مايو الماضي عن الأمير
نايف قوله (إن الدور الأميركي يقتصر على العمليات التقنيّة،
كما تنصّ الإتفاقية. أما بالنسبة لحماية المنشآت النفطية
السعودية، فإن الله وحده ثم السعوديون يحمونها).
لم يمر وقت طويل على تصريحات الأمير نايف حتى بدأ ينشق
الغشاء المقدّس عن إتفاقية إستراتيجية بأربعة أضلاع تعيد
البلاد مجدداً الى دائرة النفوذ الأميركي التام. وما إن
أميط اللثام عن كوّة صغيرة في صندوق أسرار ضخم يحوي مضامين
الإتفاقيات، حتى بدأت الأسئلة الكبرى تنهمر بغزارة، للبحث
عن إجابات محددة حول الغموض المحيط بطبيعة الإتفاقيات
الأربعة التي سيتطلب أمر الكشف عنها زمناً طويلاً كتلك
التي واجهته الإتفاقية الإستراتيجية السابقة سنة 1974.
الإتفاق في الشكل والمضمون المعلن
وكانت الاتفاقيات بشأن التعاون التقني بين المملكة
العربية السعودية والولايات المتحدة الاميركية وقعها عن
الجانب السعودي وزير الداخلية الامير نايف بن عبدالعزيز
وعن الجانب الأميركي وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس. أعقب
ذلك التوقيع على مذكرة تفاهم بين الحكومتين السعودية والأميركية
بشأن التعاون في مجال الطاقة النووية ومجالات الطاقة الأخرى
وقعها عن الجانب السعودي وزير الخارجية الامير سعود الفيصل
وعن الجانب الاميركي وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس. وبذلك
تصبح السعودية ثالث دولة خليجية توقّع إتفاقا من هذا النوع
مع الولايات المتحدة بعد البحرين والامارات.
وقال البيت الابيض ان الولايات المتحدة والسعودية ابرمتا
اربع اتفاقيات مهمة لتعزيز حماية الموارد النفطية والتشجيع
على التعاون النووي للاغراض السلمية, وتوسيع الحرب ضد
الارهاب العالمي ومؤازرة نظام حظر الانتشار النووي. وأضاف
في بيان على شكل صحيفة (حقائق) ما نصه (أن هذه الاتفاقيات
تزيد من تعزيز العلاقات الطويلة والتعاون الوثيق بين البلدين
لتحقيق السلام والإستقرار في المنطقة ولشعوبها).
وقال البيت الأبيض أن السعوديين يضطلعون بمسؤولية خاصة
عن حماية المنشآت الأساسية للنفط .. وأن الولايات المتحدة
تولي أهمية كبرى لمساعدة الرياض على صيانة أمن بنيتها
الأساسية ضد الإرهاب ..موضحا أنه في هذا الإطار تم الاتفاق
بين البلدين على التعاون في حماية موارد الطاقة السعودية
من خلال حماية البنية الأساسية وتعزيز الأمن على الحدود
وتلبية الحاجات المتزايدة للملكة من الطاقة بطريقة مسؤولة
تراعي عوامل حماية البيئة.
وفي هذا الصدد سيتم تعزيز قدرات السعودية على المساءلة
والحماية لاجهزتها النووية وتطوير قدراتها على رصد ومصادرة
المواد النووية المهربة بطريقة غير شرعية وتطوير وسائلها
في تأمين المنشآت النووية المدنية وعدم توفير ملاذ آمن
أو موارد تمويل للإرهابيين ووضع أطر قانونية للمسؤولية
الجنائية للإرهابيين وتحسين قدراتها للرد على والتخفيف
من آثار أي هجوم إرهابي والتشجيع على تبادل المعلومات
الرامية إلى وأد أي محاولات للارهاب النووي.
كما يقضي الاتفاق الثاني بانضمام السعودية الى مبادرة
الأمن لحظر انتشار اسلحة الدمار الشامل التي تضم في عضويتها
85 دولة. وتقضي هذه المعاهدة بمنع نشر اسلحة الدمار الشامل
أو مكوناتها في اي مكان من العالم والتي قال البيت الابيض
انها تضم ايضا الدول المجاورة للسعودية.
ويتضمن الإتفاق الثالث تشكيل لجنة مشتركة لحماية البنية
الأساسية للمنشآت الحيوية وللحدود لتسهيل التدريب وتبادل
الخبراء والمعرفة كما تنوي السعودية وواشنطن في إطار هذه
الإتفاقية إبرام إتفاق أمني يسمح بتوسيع التعاون بين وزارتي
الداخلية السعودية والأمن الداخلي الأميركية.
ويقضي الاتفاق الرابع بتوقيع مذكرة تفاهم في مجال التعاون
النووي للاغراض السلمية وهو ما سيمهد لحصول السعودية على
مصادر للطاقة النووية تحصل من خلالها على مواد نووية ووقود
نووي آمنة لتشغيل مفاعلاتها لتضرب به السعودية مثلاً على
الإلتزام بعدم الإنتشار النووي في المنطقة. وفي هذا الصدد
تعهّدت الولايات المتحدة بمساعدة المملكة على تطوير موارد
للطاقة النووية السلمية لاستخدامها في مجالات الطب والصناعة
وتوليد الطاقة. كما إتفقا على تأسيس إطار شامل للتعاون
في تطوير مصادر هذه الطاقة النووية من خلال سلسلة من الإتفاقيات
التكميلية.
وفيما تبدأ مراحل تنفيذ الإتفاقيات الأمنية، وصل مدير
وكالة الإستخبارات المركزية الأميركية مايكل هايدن على
رأس وفد الى جده في 10 يونيو حيث التقى الأمير سلطان بن
عبد العزيز ولي العهد ووزير الدفاع، بحضور عدد من الأمراء
والمستشارين. وبالرغم من أن المعلومات عن طبيعة الزيارة
شحيحة للغاية، إلا أن ما يمكن إستخلاصه من الإتفاقية الأمنية
السابقة، أن وكالة الإستخبارات كان شريكاً أساسياً في
بناء قاعدة الملك خالد العسكرية، وقد يكون مثل هذا اللقاء
جزءً من عملية مماثلة.
منشآت نفطية سعودية: حماية أميركية
|
أسئلة ودلالات
كما يلحظ من ألفاظ الإتفاقيات الأمنية والتي جاءت عامة
ومفتوحة تعيد للأذهان محتويات الإتفاقيات الأمنية السابقة
التي اكتنفها الغموض، بما يخفي أسراراً خطيرة تطلب الكشف
عنها نحو عقد ونصف من السنوات. فنحن هنا أمام سلاسل إتفاقيات
وعقود رئيسية وفرعية بمئات المليارات من الدولارات.
السؤال الأول الذي برز في الإعلان عن الإتفاقيات الأمنية
هو: لماذا تم الإعلان عنها خلال زيارة بوش إلى الدولة
العبرية، فيما كان بإمكانه الإعلان عن ذلك في الرياض أو
حتى في واشنطن أو في شرم الشيخ قبل عودته من جولته الشرق
أوسطية؟ وماهي علاقة إسرائيل بمسألة الإعلان، فهل ثمة
في الإتفاقيات ما يتصل بها أو يعنيها من قريب أو بعيد؟
يجد بعض المراقبين رابطاً من نوع ما بين أوضاع المنطقة
وبين الدولة العبرية من جهة وبين ما يجري بين الولايات
المتحدة الأميركية والسعودية من جهة ثانية، ويمضوا في
التحليل الى أن ثمة ما يشير إلى مشروع كبير يجري الإعداد
له في المنطقة بمشاركة أطراف عربية محسوبة على معسكر الإعتدال
إلى جانب الولايات المتحدة وإسرائيل، يؤسس لنظام أمن إقليمي
تشكل الإتفاقيات الأمنية بين واشنطن والرياض جزءً جوهرياً
منه.
ما يلفت في إعلان الرئيس الأميركي جورج بوش عن الإتفاقيات
أنها جاءت في مدينة القدس وفي ذكرى النكبة، ولذلك دلالات
دينية وسياسية خاصة، خصوصاً وأنه يأتي في إطار مشاركة
بوش في الإحتفالات الإسرائيلية بإعلان الدولة اليهودية.
وفيما جرى تجاهل أية إشارة إلى النكبة الفلسطينية، كانت
الإتفاقيات الأمنية بين السعودية والولايات المتحدة حاضرة
في تصريحات الرئيس الأميركي قبل انتقاله الى الرياض لتوقيع
الإتفاقيات مع الجانب السعودي. دلالات الإعلان أنها بالمضامين
الواردة في الإتفاقيات، أن لإسرائيل دوراً أساسياً في
نظام أمن قليمي ولاشك أن حماية الدولة العبرية باتت جزءً
من نظام الأمن الأقليمي، وقد تكون تصريحات المرشح الديمقراطي
باراك أوباما حين أكد خلال كلمته في منظمة إيباك عن تطابق
وجهات النظر بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي على أن
أمن إسرائيل جزء من الأمن الأميركي يؤسس لمعادلة أمن إقليمي
جديد، وأن إعلان بوش هو تعهّد ضمني للدولة العبرية، وقد
يوحي الإعلان أيضاً بأن أية إتفاقيات أمنية مع أي من دول
المنطقة (سواء السعودية أو العراق) لن يكون على حساب العلاقة
الإستراتيجية والمصيرية بين الولايات المتحدة وإسرائيل،
وأن الأولى لن تتخلى عن عنصر التفوق العسكري الإسرائيلي
في المنطقة.
لاشك أن ثمة ما يثير قوى إقليمية ودولية أخرى حيال
هذه الإتفاقيات، كونها تؤسس لحزام إستراتيجي يستوعب الشرق
الأوسط بصورة شبه كاملة ويعيد أجواء الحرب الباردة، فإلى
جانب التهديد المباشر الذي تبطنه الإتفاقيات الأمنية على
إيران، فإن ثمة رسالة قلق تصل الى الصين والى حد ما روسيا،
حيث أن الإتفاقيات تضع الخليج بكامله تحت النفوذ الأميركي
المطلق، وبالتالي فإن الصين ستخضع تحت مساومات معقّدة
في مسائل أمنية وتجارية وإستراتيجية في المنطقة وعلى مستوى
العالم.
لابد هنا من العودة الى طبيعة الإتفاقية الأمنية التي
جرت بين السعودية والولايات المتحدة سنة 1974، أي بعد
إرتفاع أسعار النفط وكان الهدف من ذلك هو إدخال الموارد
المالية من النفط في الدورة الرأسمالية الأميركية، بحيث
يتم استثمارها كسندات خزانة في الولايات المتحدة الأميركية.
نلفت هنا الى أن الإستثمارات المالية الكويتية في هيئة
سندات خزينة أميركية والتي بلغت 49 مليار دولار تقريباً
تم اقتطاعها بالكامل في إطار تسديد فاتورة حرب الخليج
سنة 1991، أما السعودية والتي بلغت إستثماراتها في هيئة
سندات الخزينة الأميركية التي تجاوزت 120 مليار دولار،
ولم يبق منها سوى 5 مليارات في نهاية الحرب، بالرغم من
تسديد السعودية لجزء كبير من فاتورة حرب الخليج.
وكانت الرؤية الأميركية حيال المداخيل النفطية لدى
دول الخليج تتراوح بين إطروحتين:
الأولى: كما صاغها وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنرى
كيسنجر صاحب مقترح إعادة توظيف الرساميل في حال إرتفاع
أسعار النفط، بحيث يتم التحكّم في مسار ومصير هذه الأموال،
عن طريق تحويل الرساميل الخليجية الى دورة الإقتصاد الرأسمالي
الأميركي عن طريق شراء سندات خزينة.
الثانية: تثمير الرساميل النفطية عبر إبرام عقود فلكية
عسكرية وتجارية مدنية وإتفاقيات تعاون أمني واستراتيجي،
في عملية امتصاص المردود المالي الهائل، باعطاء أولوية
للشركات الأميركية في العقود التجارية في بعديها العسكري
والمدني.
وهذه العملية ليست ذات مردود حيوي على السعودية، مثال
ذلك شراء طائرات أواكس سنة 1980/81 التي أبرمها الأمير
بندر بن سلطان، وكانت وظيفة الطائرات تقديم نسختين من
تقاريرها الاستخبارية واحدة للإميركيين والأخرى لإسرائيل
وهو ما بدا واضحاً في قصف مفاعل تموز النووي العراقي في
7 يونيو 1981، حين مرّت الطائرات الحربية الإسرائيلية
فوق سماء مدينة تبوك في الشمال السعودي وتم تعطيل الرادرات
خلال عملية التحليق الى حين الإنتهاء من مهمة قصف المنشأة
النووية العراقية.
نشير إلى أن صفقة طائرات الأواكس كانت جزءً من عملية
بناء ضخمة للقواعد السعودية بقيمة ستين مليار دولار والتي
ستستخدم وقت الحاجة من جانب الأميركيين، حسب ستيفن أمرسون
في كتابه (ذي اميركان هاوس أوف سعود). وتشمل الصفقة أيضاً
برامج دفاع استراتيجية أرضية عن حقول النفط.
قاعدة عسكرية سعودية: المواجهة الأميركية
مع من؟
|
يقول لورانس كور، مساعد وزير الدفاع آنئذ (إن الإتفاق
يومها مع السعوديين أي قبل عشر سنوات تقريباً من غزو الكويت
كان يقوم على أساس أن تشتري السعودية كميات ضخمة من السلاح
الأميركي والتقنية الحديثة وتجهيز القواعد العسكرية، وفي
الحقيقة نحن حصلنا على موانىء وقواعد جوية لأميركا في
ذلك المكان من العالم ـ أي السعودية ـ دفعت تكاليفها بالكامل
من قبل السعوديين، ومن أجل أن تستخدمها الولايات المتحدة
متى احتاجت او أرادت ان تذهب الى هناك).
وحين اضطلع ديك تشيني، نائب الرئيس الحالي، بمهمة بناء
القواعد التحتية العسكرية السعودية بحجة مكافحة إيران
ولغرض الاستخدام الأميركية ركّز على موضوع بناء الموانىء
البحرية العسكرية، حيث قامت الولايات المتحدة بتجهيز نحو
عشرة من الموانىء العسكرية. أما قاعدة الملك خالد على
الحدود العراقية فقد تكفّلت ثلاث جهات ببنائها (المخابرات
المركزية، وسلاح الهندسة الأميركية، ووكالة الأمن الوطني)،
بكلفة ثمانية مليارات دولار.
وبحسب بحث طويل قام به محرر (الواشنطن بوست) أرمسترونغ
بعد عشر سنوات من تاريخ عقد صفقة الأواكس، بهدف البحث
في مواضيع التسلح السعودي، وحسب دراساته فإن ما صرف خلال
12 عاماً أي حتى 1992، يبلغ في أقل تقدير 160 مليار دولار،
بينها 95 مليار دولار على السلاح، و65 مليار دولار على
البنية العسكرية التحتية، وغطت تلك النفقات تسعة موانىء
عسكرية ضخمة، وتم تقسيم المملكة الى خمس مناطق تدار من
موقع واحد، مئات من المقاتلات الأميركية، قواعد عسكرية
متعددة، مع تحصينات سرية ضد الهجوم النووي، عشرات من المدرّجات
لهبوط الطائرات وغيرها في كل انحاء المملكة.
الإتفاقيات الجديدة ستخضع لذات الشروط، حيث تمكّن الولايات
المتحدة من السيطرة بصورة شبة كاملة على دورة الرأسمال
الوطني لخدمة أغراض إستراتيجية، من بينها بناء قواعد عسكرية
وبحرية في أجزاء مختلفة من الجنوب الشرقي، والشمال الشرقي،
وبيع السعودية صواريخ باتريوت وطائرات عسكرية متطوّرة
بحجة مواجهة المقاتلات الإيرانية.
بشأن الإتفاق الخاص بالنفط، تلزم السعودية توفير كميات
كافية لتغطية احتياجات السوق النفطية، وقد أملى ذلك على
السعودية تطوير منشآتها للوصول الى مستوى من الإنتاج المطلوب
أميركياً. نشير الى أن دعوة السعودية الى مؤتمر في الرياض
لمناقشة زيادة أسعار النفط هذا الشهر، وتندرج هذه الدعوة
في سياق مقتضى الإتفاقية الخاصة بالبترول، أي العمل على
ضبط الأسعار وتوفير كمية كافية للنفط في الأسواق الأميركية.
الأمر الآخر في هذه الإتفاقية يتعلق بالإستثمارات في
مجال اكتشاف وانتاج النفط والغاز، حيث تعطي الشركات الأميركية
أفضلية. نشير الى أن الإتفاقية السابقة المبرمة سنة 1974
تقضي بتزويد السعودية بكميات نفطية للمخزون النفطي الأميركي
الإحتياطي بأسعار تفضيلية، أي غير خاضعة لمعادلة العرض
والطلب.
في هذا السياق ترد أنباء عن دعوات سعودية وأميركية
من أجل خصخصة شركة أرامكو لفتح مجال التنافس والاستثمار
الأجنبي بما يسمح للشركات الأميركية بالعودة الى السوق
النفطية السعودية ولكن بشروط مختلفة، أي بنسبة غير المقررة
سابقاً، وقد تقدم الحكومة السعودية على هذه الخطوة في
السنوات القريبة القادمة.
الإتفاقية الخاصة بالنفط تلزم السعودية باعتماد الدولار
كعملة وحيدة في عمليات البيع والشراء، وأن يتم تثبيت الربط
بين الريال والدولار، وهذا يعني الارتهان المالي والنفطي
والمالي وأخيراً سياسياً للولايات المتحدة.
وبصورة إجمالية، فإن التحليل العام لمحتويات وأبعاد
الإتفاقيات الجديدة تضع السعودية في سياق خطة إستراتيجي
أميركية للسيطرة على المنطقة بصورة تامة، وقد يمضي زمن
طويل قبل أن تتبين آثارها الأمنية والإقتصادية والإستراتيجية
وهي تؤسس لمرحلة إضطراب في المنطقة وربما العالم، وستعود
الكرّة مرة أخرى بعد سنوات عجزاً في الميزانية العامة
للدولة، وتداعياتها على برامج التنمية (البطالة والجريمة)،
والأخطر أن هذا النوع من الإتفاقيات يغذي نزعات التطرف.
|