هل هزمت القاعدة في السعودية؟
محـمـد الأنصـاري
يتخوّف الخبراء بأن جبهة جديدة بدأت تتشكل لجماعة القاعدة
مع تبدّل إهتمام الأخيرة من العراق الى مواقع أخرى قد
يكون من بينها الصومال وشمال أفريقيا واليمن، والتي تكون
مواقع تخصيب وحواضن نموذجية لعناصر جديدة تلتحق بالتنظيم
وتتأهب في مرحلة لاحقة لعبور الحدود الجنوبية والبدء بمرحلة
جديدة من العنف، خصوصاً حين تنتشر أنباء عودة الأميركيين
بوتيرة أقوى مما كانت عليه في المراحل السابقة.
يقول خبراء آخرون بأن الكلام عن هزيمة استراتيجية للقاعدة
يعتبر ساذجاً. يأتي ذلك بعد أسبوعين من تصريح لرئيس جهاز
الاستخبارات الأميركية (سي آي أيه) الجنرال مايكل هايدن،
الذي قال في مقابلة بأن القاعدة واجهت (هزيمة شبه إستراتيجية)
في العراق. بالنسبة لمراقبين كثر فإن هذا التصريح يعتبر
مثيراً للدهشة كونه يأتي بعد عام من التقييمات للمخاطر
التي يفرضها زعيم القاعدة أسامة بن لادن. في الواقع، مصادر
أمنية مستقلة تعارض هذا التقييم، وتضعه في سياق خطط أميركية
جديدة في المنطقة.
ليس هناك من يختلف على حقيقة أساسية بأن القاعدة فقدت
ثلاثة من قياداتها الأساسيين في ملجأهم في المناطق القبلية
في باكستان، ولكن مازالت القيادات الأساسية مثل ابن لادن
وأيمن الظواهري وعشرات من المصريين والليبيين على قيد
الحياة.
الدليل على مشاكل القاعدة في العراق لا شك أنه وازن
ومقنع. فقد ضربت بصورة قاصمة من قبل قوات الصحوة المؤلفة
من المقاتلين السنة في العراق. وكالات الإستخبارات الغربية
تقدّر بأن عدد المقاتلين الأجانب الذين يأتوا الى العراق
إنخفض الى عدّة أفراد شهرياً، وأن الحدود مع سوريا أصبحت
الآن من الصعب عبورها.
ويشير المراقبون للوضع العراقي الى الضائقة المالية
التي سبّبها إعتقال المتعاطفين مع القاعدة في السعودية،
يضاف إليها الخلافات حول رخص الكحول وصعوبات تجنيد الأشخاص
المناسبين. في مايو الماضي، كشفت دراسة قام بها موقع متعاطف
بأن 94 بالمئة من العمليات إنخفض خلال عام. وفيما تبنّت
الدولة الإسلامية في العراق 334 عملية في نوفمبر 2006،
ولكنها بعد عام ـ أي 2007 ـ لم تتبن سوى 25 عملية. فقد
انخفضت العمليات من 292 في مايو 2007 الى 16 عملية في
منتصف مايو الماضي.
وبالرغم من أن الجماعات السلفية المتشددة تلجأ إلى
إعادة إنتاج بعض (الكليبات) القديمة للإيهام بأنها مازالت
ناشطة على الساحة العراقية، إلا أن ذلك لا يخفي الأزمة
التي تواجهها، فليس لديهم ما يقولونه حول العراق، فالمواد
الدعائية المبثوثة على شبكة الإنترنت ليست مقنعة، ولا
تخدم سوى غرضاً واحداً يتمثل في القول بأننا مازلنا موجودين
على قيد الحياة. وهناك من يتحدث بأن القاعدة بدأت في إعداد
مناصريها للإعلان عن الفشل في العراق.
بات ينظر الى القاعدة على أنها تتوارى بصورة دراماتيكية
بفعل الإنتقادات الشديدة من قبل علماء المسلمين لأيديولوجية
التكفير ونبذ قتل المسلمين الأبرياء. مشاركون في (الحوار
المفتوح) الذي عقده أيمن الظواهري مؤخراً على مواقع إسلامية
قارنوا بين الأداء السلبي لتنظيم القاعدة وبين النجاحات
التي حققتها حركة حماس في فلسطين وحزب الله في لبنان.
وفيما واجهت القيادة المصرية في تنظيم القاعدة ممثلة
في أيمن الظواهري تحديات من قبل السيد إمام الشريف، مؤسس
الجماعة الجهادية في مصر، كان علماء سعوديون سلفيون نافذون
قد ساعدوا على تقويض الأسس الأيديولوجية للقاعدة. ولكن
إلى أي حد يمكن لمناظرات من هذا النوع أن تؤثر على العناصر
المتشددة في التنظيم خارج مصر والسعودية يصبح سؤالاً كبيراً،
خصوصاً وأن مصادر أمنية أوروبية تقول بأن لا دليل على
أن القاعدة تخسر نفوذها بين الجماعات المستهدفة، بالرغم
من فقدانها مجموعة من القيادات، ولكن ذلك لن يؤثر على
قدراتها العامة في المدى البعيد. وقد ينقل القاعديون ثقلهم
القتالي الى أفغانستان حيث تعجز قوات الناتو عن حسم المعركة
هناك.
السؤال هنا هل (غسلت) القاعدة (يدها) من السعودية،
بحيث لم تعد قادرة على التجنيد والعمل العسكري، حيث لم
تسجّل خلال العام الحالي حتى حوادث أمنية صغيرة؟
مصادر إستخبارية غربية تقول بأن ثمة قلقاً حول تأثير
التداعيات الكامنة المحتملة حيث يشجع قادة القاعدة مناصريهم
في باكستان و(ساحات) القتال في العراق وأفغانستان للعودة
الى بلدانهم. نشير إلى أن ليس هناك من يوافق على الرأي
العام بأن القاعدة عانت من (هزيمة وشيكة) في السعودية،
بالرغم من برنامج مناهضة التطرف الذي صمّمته السعودية
لاحتواء المقاتلين العائدين.
ولكن المخاوف تتنامى حول القاعدة في اليمن، الدولة
الضعيفة والقبلية الواقعة على تخوم الجزيرة العربية، والتي
يخشى أن تستخدمها كباب خلفي جديد وكمنفذ عبور للقيام بعمليات
لوجستية وقتالية لاحقة في السعودية، كما جرى في سنوات
لاحقة.
نلفت الى الزيارة التي قام بها رئيس الأركان السعودي
الفريق صالح المحيا الى اليمن الشهر الماضي، تناول موضوعات
مختلفة من بينها القتال بين القوات اليمنية وأتباع عبد
الملك الحوثي في منطقة صعدة، الواقعة على الحدود السعودية،
والتي تمثّل أحد المنافذ السهلة لتهريب السلاح. إلا أن
ثمة موضوعين رئيسيين كانا مدرجين على جدول أعمال الجانبين:
الحادثة المروّعة التي قضى فيها عدد من اليمنين حرقاً
على أيدي حرس الحدود السعودية، وردود الفعل اللاحقة من
بينها مقتل الملازم عبد الله الشمراني من حرس الحدود السعودية
من قبل عناصر يمنية، كرد فعل على مجزرة المواطنين اليمنيين.
الموضوع الأبرز في المفاوضات الأمنية السعودية ـ اليمنية
كان يدور حول احتمال عودة عناصر القاعدة الى اليمن والتي
تخشى السعودية أن تترك آثارها المباشرة على أوضاعها الأمنية،
في ظل الاستعدادات الجارية لتنفيذ الإتفاقيات الأمنية.
وفيما تحدّثت تقارير إعلامية يمنية بأن الجانب السعودي
بحث مع نظيره اليمني آليات التنسيق العسكري للقضاء على
التمرد في صعدة، إلا أن البحث تركز بدرجة كبيرة على خطر
عودة القاعدة بشكل كبير الى اليمن. نشير الى أن اليمن
كانت في ذروة العمل المسلّح داخل المدن السعودية في الفترة
ما بين 2003 ـ 2005 تمثل منفذاً أساسياً لعمليات لوجستية
للتنظيم، ولم تنجح السلطات السعودية في إغلاق هذا المنفذ.
نشير الى أن أسواق السلاح اليمنية القريبة من الحدود
السعودية تحفل بانواع مختلفة من الأسلحة بمختلف الأنواع،
مثل الكلاشينكوف بمختلف انواعه (الروسي والاسرائيلي والليبي)
وجي ـ 3 الروسي والرشاش البلجيكي والرشاش الكندي والمسدسات
مثل أقلام وأبو محالة والساكتون الناري، إضافة الى القنابل
اليدوية والرصاص المتفجر والبارود الأسود والمتفجرات التشيكية.
نشير الى أن أسواق السلاح اليمنية القريبة من الحدود السعودية
تحفل بانواع مختلفة من الأسلحة بمختلف الأنواع، مثل الكلاشينكوف
بمختلف انواعه (الروسي والاسرائيلي والليبي) وجي ـ 3 الروسي
والرشاش البلجيكي والرشاش الكندي والمسدسات مثل أقلام
وأبو محالة والساكتون الناري، إضافة الى القنابل اليدوية
والرصاص المتفجر والبارود الأسود والمتفجرات التشيكية.
|