الإعلام الطائفي
إن الإكتفاء بتوجيه الإتهام للتيار السلفي بكونه وحده
يحمل راية الطائفية لا يعكس كامل المشهد، فقد دخل الى
الحلبة أناس آخرون كنا نحسبهم أبعد عن الطائفية بل ومصنّفين
في الخانة العلمانية والليبرالية، فإذا بهم يخلعون رداء
الطائفية، ولم يعد القارىء يفرّق هذه الأيام بين ما يكتبه،
مثالاً سيئاً، عبد الرحمن الراشد المدير التنفيذي لقناة
(العربية) في صحيفته السابقة (الشرق الأوسط) ورئيس تحريرها
طارق الحميد وبين أي بيان طائفي يكتبه الشيخ ناصر العمر
أو فتوى تكفيرية يصدرها الشيخ عبد الله بن جبرين، فقد
جمعت النزعة النجدية الخليط الأيديولوجي غير المتجانس،
الذي يتحرك من منطلق عصبوي عارٍ.
ثمة ما يلفت هذه الأيام أن بعض الصحف المحلية دخلت
ضمن أوركسترا طائفية، فتغطي بألحانها الصارخة على مسعى
الحوار على المستوى الإسلامي في مكة أو الحوار بين الأديان
في جدة، فكلاهما حدثان غير ذي صلة، وكأنهما موجّهان لجهات
خارجية ليسوا معنيين بهما، فقد حافظ الإعلام السعودي على
نبرته التحريضية والمذهبية وتجده غارقاً في خطابه الطائفي،
وكل ذلك على خلفية ما جرى في لبنان، حيث يشعر هؤلاء بخسارة
فادحة ليس في مقابل المعارضة اللبنانية فحسب بل وإحساساً
بنقمة على تقديم (مكافأة) مجانية لقطر وقيادتها التي ملئت
صورها الشوارع في بيروت.
هذه الخسارة عبّر عنها كتّاب سعوديون بطريقة واحدة،
وكلهم يلوذ بلهجة مذهبية للبوح بألم الخسارة، وإطلاق نداءات
التعبئة الغرائزية. في العاشر من يونيو، كتب في صحيفة
(الوطن) السعودية خالد آل هميل بعنوان (فخامة الرئيس حسن
نصر الله!) حمل فيه ليس على حزب الله وأمينه العام في
لبنان فحسب بل شمل في حملته حتى على الشيعة في بلده وفي
منطقة الخليج بصورة عامة، وكتب ما نصه (أن الأحزاب الشيعية
في بعض دولنا لا تختلف بالمطلق في أجندتها الخفية عن أجندة
حزب الله، فالمسألة بالنسبة لهذه الأحزاب هي انتظار الوقت
المناسب لتعلن عصيانها المدني والعسكري إن تمكنت من ذلك)،
وأضاف (وما يحدث حالياً في اليمن من تمرد الحوثيين على
الدولة والنظام، مثال ساطع لكل من يقرأ تفاصيل اللوحة
كاملة، وقد ظهر ذلك أيضاً من انسحابات متكررة من جلسات
مجالس البرلمانات والشورى وتعطيل دورها في أوقات مختلفة
في بعض دول مجلس التعاون الخليجي بهدف تهيئة الرأي العام
الخليجي لاتخاذ خطوة مماثلة لما اتخذه حزب الله في لبنان).
هذه الخسارة عبّر عنها كتّاب سعوديون بطريقة واحدة،
وكلهم يلوذ بلهجة مذهبية للبوح بألم الخسارة، وإطلاق نداءات
التعبئة الغرائزية. في العاشر من يونيو، كتب في صحيفة
(الوطن) السعودية خالد آل هميل بعنوان (فخامة الرئيس حسن
نصر الله!) حمل فيه ليس على حزب الله وأمينه العام في
لبنان فحسب بل شمل في حملته حتى على الشيعة في بلده وفي
منطقة الخليج بصورة عامة، وكتب ما نصه (أن الأحزاب الشيعية
في بعض دولنا لا تختلف بالمطلق في أجندتها الخفية عن أجندة
حزب الله، فالمسألة بالنسبة لهذه الأحزاب هي انتظار الوقت
المناسب لتعلن عصيانها المدني والعسكري إن تمكنت من ذلك)،
وأضاف (وما يحدث حالياً في اليمن من تمرد الحوثيين على
الدولة والنظام، مثال ساطع لكل من يقرأ تفاصيل اللوحة
كاملة، وقد ظهر ذلك أيضاً من انسحابات متكررة من جلسات
مجالس البرلمانات والشورى وتعطيل دورها في أوقات مختلفة
في بعض دول مجلس التعاون الخليجي بهدف تهيئة الرأي العام
الخليجي لاتخاذ خطوة مماثلة لما اتخذه حزب الله في لبنان).
وختم مقالته مذّكراً الحكومات (لابد من التأكيد على
إدراك خطورة ذلك بالعمل الجاد على لجم هذا الخطر الذي
لا يهدد لبنان فحسب، إنما يهدد معظم الدول العربية ودول
مجلس التعاون لدول الخليج العربية على وجه التحديد، فالمسألة
لا تقبل الانتظار أو الاسترخاء أو حسن النوايا أو القراءات
السياسية الخاطئة).
أوبعد ذلك، هل ثمة حاجة لتحديد مصدر نشأة الطائفية
التي يثبت الإعلام السعودي بأنه المتكفّل الرسمي بتعميمها
وتحميل المسلمين عامة على الوقوع ضحية لغرائزية فئة لا
يشاطرها الآخرون ما يعتمل في داخلها من شعور بالخسارة
أو الخطر، بل تضعه في مشروع صراع خاص يراد إقحام المسلمين
فيه تلبية لغايات خاصة فئوية سلفية وسعودية. وهل الأمر
مقتصر على شريحة دون أخرى من شرائح التحالف السلطوي الذي
يضم رجل الدين والإعلامي والتاجر والموظف والخادم فالمصلحة
تلغي الفوراق الأيديولوجية بحيث تصبح المصلحة أيديولوجيا
بحد ذاتها، أما الوطن فله مصير ومسار آخر!
|