المالكي يرفض إدماجها في أجهزة الدولة
إرتباط مجالس الصحوة بالسعودية
محمد الأنصاري
هناك سبيل واحد لفهم غضب الحكومة السعودية من حكومة
المالكي في حملة اعتقالات عناصر (الصحوة). الجواب واضح،
هو الإرتباط السعودي بمجالس الصحوة. في مقابلة في 23 أغسطس
الماضي مع الباحث الأكاديمي المتخصص في الشؤون السعودية
جريجوي جاوس تحت عنوان (السعوديون متلّهفون للغاية لسماع
وجهات نظر بوش حول إيران) قال فيها: (إن التطوّر اللافت
في 2007 من وجهة النظر السعودية هو انبعاث مجالس الصحوة،
في إتحاد قبلي وجماعات سنية ضد القاعدة والتعاون مع الولايات
المتحدة. ليس لدينا أدلة كافية بهذا الصدد لأن السعوديين
كتومون بهذا الشأن، ولكنني على ثقة تامة بأن السعوديين
شجّعوا تلك المجالس بكل ما أتوا من نفوذ ومال. وأن مجالس
الصحوة تلك هي نوع من الإمتداد الطبيعي للنفوذ السعودي
داخل العراق).
ولكن هل تعتقد بأن ذلك من صنيعة السعوديين وحدهم، أي
هل هي مبادرة مستقلة ومعزولة؟ الجواب يعكسه تقرير صحيفة
(الحياة) السعودية في 24 أغسطس: مجالس الصحوة بين الخلافات
السياسية والمذهبية. وجاء في التقرير: أن قضية مستقبل
مجالس الصحوة، والتي تعرّفها الصحيفة بـ (تشكيلات مسلحة
من المقاتلين السنة) عادت الى الواجهة مجدداً بعد تسريبات
رسمية أشار بعضها إلى إمكانية حل هذه المجالس واحتواء
جزء منها في الأجهزة الامنية، فيما ذهبت أخرى الى وجود
قوائم بمئات المطلوبين للقوى الأمنية داخل مجالس الصحوة.
وتوقّع سياسيون تحوّلها الى قوى مناوئة في حال تخلي الحكومة
عنها فور رحيل الاميركيين.
وبمقابل دعوة الأطراف السياسية السنية الى دمج تجربة
الصحوة العشائرية في القوى الأمنية لا تزال أطراف سياسية
شيعية تضغط لمنع قرار الدمج خشية اختراق جماعات مسلحة
للمؤسسات الامنية.
ونقلت الصحيفة عن تقارير أمنية من محافظة ديالى أن
القوات الأمنية أصدرت أوامر اعتقال بحق المئات من أعضاء
مجالس الصحوة في المحافظة، كجزء من العمليات الأمنية التي
يقوم بها الجيش العراقي هناك.
السعودية لاتزال ترى السياسة بعين طائفية
|
وقال المتحدث الرسمي بإسم وزارة الدفاع العراقية اللواء
محمد العسكري لـ (الحياة) أن (الأجهزة الأمنية من الجيش
والشرطة هي جهات تنفيذية للقانون، والأوامر التي صدرت
من جهات قضائية باعتقال مطلوبين في المحافظة ليس للجيش
والشرطة أي علاقة بها، إنما فقط لتنفيذ الواجبات المكلفة
بها). وأضاف: (القانون فوق الجميع ولا يوجد أي شخص فوق
القانون سواء من مجالس الصحوة أو من أي جهة أخرى حكومية
كانت أم مدنية، وعندما تأتينا أوامر قضائية باعتقال مطلوبين
ننفذها على الفور، والقضاء يتكفّل بحل الإشكالات مع المعتقلين
وليس قوات الجيش والشرطة).
ونقلت الصحيفة عن مصادر برلمانية، أن ملف مجالس الصحوة
والتنظيمات التي شكلتها القوات الاميركية لمحاربة تنظيم
(القاعدة) في مناطق متفرقة من العراق، لايزال عالقا في
أروقة مجلس الوزراء، وأنه لم يتم وضع حلول كفيلة لإنهائه
من قبل اللجان الحكومية والبرلمانية التي تشكلت للنظر
بهذا الملف الذي بدأت أوراقه تتبعثر نتيجة الإعتقالات
المستمرة التي تقوم بها قوات الامن الحكومية لبعض قادة
وعناصر هذا التشكيل المسلح.
وطرح مراقبون القضية مجددا في تزامن مع بحث الحكومة
العراقية والادارة الامنية قضية جدولة الإنسحاب الأميركي
واحتمال تحول هذه المجالس المدعومة أميركيا الى قوة مناوئة
في حال تم تخلي الحكومة عنها. وما تحاول الصحيفة تفاديه
في هذا الشأن، أن الهدف من إبقاء مجالس الصحوة ودمجها
في الجيش والقوات المسلّحة هو تحوّلها الى قوة ضاربة داخل
الدولة ومهدّدة لها، ويجري تمويلها من مصادر خارجية سعودية
وإماراتية بدرجة أساسية، ولا تخضع تحت سلطة الدولة بصورة
مباشرة، فقد وضعت إدارة لها في الإردن وترتبط قيادات مجالس
الصحوة بالحكومة السعودية وبالأمير مقرن بن عبد العزيز،
رئيس الاستخبارات العامة ويجري التنسيق بشأنها مع رئيس
الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي.
وقد تنبّهت الأجهزة الأمنية العراقية وحكومة المالكي
الى الإختراق الخطير في مجالس الصحوة من قبل قوى خارجية
سعودية وأردنية وكذلك جهاز الإستخبارات المركزية الأميركية
ما دفع قيادات وشخصيات سياسية عراقية الى معارضة الدعوات
التي تنادي بضم أفراد مجالس الصحوة الى أجهزة الجيش والشرطة
أو حتى إلى بعض المؤسسات الحكومية غير الأمنية، مؤكدة
بأن تلك الشخصيات القيادية تضغط على وزراء كتلتها داخل
مجلس الوزراء من أجل عدم الموافقة على أي قرار من شأنه
أن يحقن الدولة بدماء فاسدة قد تؤدي في نهاية المطاف الى
إفساد جسد الدولة، حسب تعبير مسؤول عراقي مقرّب من رئيس
الوزراء نوري المالكي.
للسعودية، بطبيعة الحال، تفسيرها الخاص في معارضة وزراء
في حكومة المالكي فكرة إدماج مجالس الصحوة في أجهزة الدولة
العسكرية والأمنية، حيث يتم تصنيف القوى الداعية للإدماج
على الجانب السني فيما يتم إدراج القوى الممانعة على الجانب
الشيعي، الأمر الذي يعكس طبيعة التدخّل السعودي في هذا
الملف العراقي بامتياز، كما يعكس صراع النفوذ والمصالح
بين السعودية والقوى الأخرى المحلية والخارجية في العراق.
مصادر عراقية حكومية ذكرت بأن الإعتقالات طالت عناصر
من الصحوة متورّطة في جرائم قتل ضد المدنيين، وبعضهم من
مثيري الفتن، ومرتبطين بتنظيم القاعدة أو التنظيمات المتشددة
المرتبطة بها. وكانت مصادرعسكرية عراقية حكومية ذكرت لصحيفة
الحياة (في كل مرة تتحرك قوات الجيش العراقي لإلقاء القبض
على مطلوبين بتهم قتل واختطاف وتهجير يتبين أن المتهمين
من عناصر أو قيادات في مجالس الصحوة، وعند إلقاء القبض
عليهم وإحضارهم الى المعسكرات تأتي قوة عسكرية أميركية
وتطلق سراحهم وتأمر الضباط بعدم القيام بأي عملية اعتقال
مستقبلاً بحق عناصر الصحوة).
|