حقوق الإنسان في السعودية عام 2008 في تقرير هيومان
ووتش
حقوق الإنسان في السعودية متدهورة لم تتطور
في عام 2008 كان هناك زهاء 2000 شخصاً معتقلاً ـ بعضهم
منذ سنوات ـ بتهمة التعاطف أو التورّط في أعمال إرهابية،
ولم يحاكموا أو يسمح لهم بمقابلة محامين
ما زالت أوضاع حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية
متدهورة. وما زالت الضغوط الدولية والمحلية الرامية لتحسين
ممارسات حقوق الإنسان هناك ضعيفة، ولم تقم الحكومة بأية
إصلاحات كبرى في عام 2008. وتقمع الحكومة حقوق 14 مليون
امرأة سعودية وما يُقدر بـ 2 إلى 3 ملايين من الأقلية
الشيعية بشكل منهجي، ولم تقم بحماية حقوق العمال الأجانب.
ونال الآلاف من الأشخاص محاكمات غير عادلة وتعرض آخرون
للاحتجاز التعسفي. وما زالت القيود على حرية تكوين الجمعيات
والتعبير والتنقل وكذلك غياب المحاسبة الرسمية من بواعث
القلق الجدية. وفشلت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان التي
تعمل بموافقة الحكومة في إصدار تقريرها السنوي الثاني
في عام 2008. وافتتحت هيئة حقوق الإنسان الحكومية فرعاً
للمرأة، لكن مجلس إدارته مُكون بالكامل من الرجال.
حقوق المرأة
تستمر الحكومة في معاملة النساء بصفتهن قاصرات حسب
تعريف القانون للقُصر، وتحرمهن من جملة من الحقوق الإنسانية
الأساسية. وتطالب الحكومة النساء باستصدار إذن من ولي
الأمر الرجل للعمل والدراسة والزواج والسفر بل وحتى استخراج
أوراق الهوية الوطنية. ولم تنفذ وزارة الداخلية توصية
صادرة من الوزارة منذ شهر يوليو/تموز بغية إلغاء المطلب
الخاص باستصدار إذن ولي الأمر من أجل إصدار أوراق الهوية
للنساء.
فضلاً عن أن الحكومة لم تحدد سناً دنيا للزواج، فإنها
لم تتبنّى أية سياسات شاملة لمكافحة الزواج القسري أو
الزواج في سن مبكرة. وتم في عام 2008 الإبلاغ عن تزويج
فتيات سعوديات يبلغن من العمر العاشرة، من رجال أكبر سناً
بكثير، رغم أن هيئة حقوق الإنسان تدخلت في واحدة من هذه
الحالات لتأخير الزيجة لخمسة أعوام إضافية.
ويعرقل الفصل الصارم بين الجنسين من قدرة النساء السعوديات
على المشاركة بشكل كامل في الحياة العامة. وممنوع على
النساء العمل في المكاتب العامة أو دخول المباني الحكومية
التي لا توجد فيها أقسام للمرأة، أو السعي لنيل درجات
جامعية في حقول معرفية لا يتم تدريسها في كليات النساء
السعودية. وقد بدلت وزارة العمل حظرها على الاختلاط في
محل العمل بالتزامات فضفاضة ومبهمة. وتحرم وزارة العدل
المرأة من الحق في أن تعمل بمنصب القاضية أو في صفوف المدعين
العامين، أو أن تزاول مهنة المحاماة. وفي فبراير/شباط
2008 اعتقلت هيئة الأمر بالمعروف سيدة أعمال سعودية تبلغ
من العمر 36 عاماً جراء (الاختلاط غير القانوني) أثناء
مقابلة لها مع زملاء من الرجال في مقهى ستارباكس في الرياض.
حقوق العمال المهاجرين
ثمة ما يُقدر بثمانية ملايين من العمال الأجانب، أغلبهم
من الهند وأندونيسيا والفلبين وسريلانكا، يشغلون وظائف
في مجالات البناء والخدمات المنزلية والصحة والأعمال.
ويعاني الكثيرون منهم جملة من الإساءات والاستغلال في
محل العمل، وأحياناً ما ترقى هذه الإساءات إلى أوضاع شبيهة
بالاستعباد.
ورغم إعلانات متكررة صدرت في يوليو/تموز عن وزارة العمل،
فلم تقم بعد بتنفيذ ما تعهدت به من وقف لنظام الكفالة
التقييدي. وهذه السياسة تربط ما بين تصاريح إقامة العمال
المهاجرين وأصحاب عملهم، مما يزيد من الإساءات من قبيل
مصادرة أصحاب العمل لجوازات السفر، ومنع الأجور، وإجبار
المهاجرين على العمل لشهور أو سنوات ضد إرادتهم.
كما لم تقم الحكومة بتنفيذ تعديل تم عرضه للمرة الأولى
عام 2005 بمد تدابير الحماية المذكورة في نظام العمل إلى
1.5 مليوناً من عاملات المنازل الوافدات في السعودية.
وتقدم السفارات الآسيوية الآلاف من الشكاوى كل عام ضمن
ما يرد إليها من عاملات المنازل اللاتي يضطررن للعمل بين
15 إلى 20 ساعة يومياً، طيلة أيام الأسبوع، ويُحرمن من
أجورهن. ويكابد الكثيرون جملة من الإساءات تشمل تقييد
الإقامة في محل العمل والحرمان من الطعام والإساءات النفسية
والبدنية والجنسية.
والمهاجرات اللاتي يلجأن إلى نظام العدالة الجنائية
أحياناً ما يواجهن التأخير لفترات مطوّلة ولا يحصلن على
خدمات الترجمة الفورية أو المساعدة القانونية أو هن يتمكنّ
من مقابلة الممثلين الدبلوماسيين لدولهن. أما المهاجرون
الذين يسعون للانتصاف في قضايا جنائية ضد أصحاب العمل
المسيئين فلا أمل واسع لديهم في الحصول على الانتصاف.
وفي مايو/أيار 2008 أسقطت محكمة في الرياض جميع الاتهامات
عن صاحب عمل سعودي أساء إلى عاملة المنازل الأندونيسية
نور مياتي إساءات جسيمة لدرجة أنها اضطرت لبتر أصابع قدميها
ويديها.
الاحتجاز التعسفي والمحاكمات غير العادلة
كثيراً ما يتعرض المحتجزون - ومنهم الأطفال - للوقوع
ضحايا للانتهاكات المنهجية والمتكررة لإجراءات التقاضي
السليمة والمحاكمة العادلة، بما في ذلك الاعتقال تعسفاً
والتعذيب والمعاملة السيئة رهن الاحتجاز. واعتاد القضاة
السعوديون الحكم على المدعى عليهم بآلاف الجلدات، وكثيراً
ما يتم تنفيذها علناً. وفي عام 2008 نفذت المملكة 88 عملية
إعدام حتى أواسط نوفمبر/تشرين الثاني (مقارنة بـ 150 إعداماً
في الفترة الموازية لهذه المدة في عام 2007).
ولا يوجد في السعودية قانون يحدد سناً دنيا لا يمكن
تحتها محاكمة الأطفال بصفتهم من البالغين، ويحق للقضاة
أن يحددوا الأسس اللازمة لتوقيف الأطفال ومدة احتجازهم.
وفي يوليو/تموز 2008 أمرت محكمة استئناف بإعادة محاكمة
سلطان كحيل في محكمة للبالغين، وكانت محكمة أحداث قد حكمت
عليه فيما سبق بالسجن لمدة عام وبمائتي جلدة جراء تورطه
وهو في سن 16 عاماً في شجار في المدرسة أسفر عن مقتل أحد
الصبية. وإذا تمت إدانته فسوف يواجه كحيل عقوبة الإعدام.
ورغم صدور قرار في عام 2006 برفع سن المسؤولية الجنائية
للصبية - ولا يوجد قرار مشابه عن الفتيات - من سبعة أعوام
إلى 12 عاماً، فلم تتم مراعاته على النحو الواجب.
ولم تحرز السعودية أي تقدم على مسار تنفيذ نظام القضاء
الذي تم إقراره في أكتوبر 2007 والذي ينص على إنشاء محاكم
متخصصة، ولم تقم بعد بوضع قانون جنائي مُدون أو هي ضمنت
التزام مسؤولي إنفاذ القانون بنظام الإجراءات الجنائية.
ونادراً ما تخطر السلطات المشتبهين بالجريمة بما يُنسب
إليهم من اتهامات، أو بالأدلة الثبوتية بحقهم. وفي غياب
قانون جنائي فإن المدعين العامين والقضاة يتحملون مسؤولية
تقرير ما يُشكل جريمة وما هو ليس كذلك. ولا يتمكن المحتجزون
من مقابلة المحامين أثناء الاستجواب، ويواجهون التأخير
بشكل مفرط في الاحتجاز على ذمة المحاكمة، وفي المحاكمة
كثيراً ما لا يتمكنون من استجواب الشهود أو الطعن في الأدلة
أو عرض دفاعهم.
واحتجزت المباحث في عام 2008 أو استمرت في احتجاز زهاء
2000 شخص مشتبه في تعاطفهم مع الإرهاب أو للاشتباه في
تورطهم في أعمال إرهابية، وهذا دون محاكمة أو إتاحة مقابلتهم
لمحامين، وبعضهم محتجزون منذ سنوات. وفي أكتوبر أعلنت
الحكومة أنها ستقدم 991 مشتبهاً إرهابياً في السعودية
للمحاكمة للمرة الأولى.
حرية التعبير
تدهور وضع حرية التعبير في السعودية كثيراً في عام
2008. ولم ترد الحكومة علناً عندما صدق كبير القضاة صالح
اللحيدان في سبتمبر على فكرة استحقاق أصحاب قنوات التلفزيون
الذين يبثون حسب الزعم برامج (فاسدة) أثناء شهر رمضان
المعظم للقتل. ولا فرضت الحكومة العقوبات على رجل الدين
المعروف عبد الرحمن آل براك في مارس عندما دعى إلى قتل
الصحفيين عبد الله بجاد العتيبي ويوسف أبا الخيل جراء
مقالات لهما ينتقدان فيها التفسيرات المتطرفة للشريعة
الإسلامية.
وقد بدا التسامح الرسمي إزاء التحريض على العنف على
تناقضٍ بيّن مع عدم التسامح الكامل إزاء الآراء المُعارضة.
وقام مسؤولو المخابرات باحتجاز المُدون فؤاد فرحان دون
نسب اتهامات إليه منذ ديسمبر 2007 وحتى أبريل 2008 بعد
أن انتقد الاعتقال التعسفي لغيره من المنتقدين السلميين.
ووجه الادعاء في مايو الاتهام إلى رائف بدوي، (الليبرالي)
حسب تعريفه لنفسه، الذي يطعن في آراء المؤسسة الدينية
بـ (إنشاء موقع إلكتروني يهين الإسلام)، وهو اتهام تلاه
الحكم بالسجن لمدة خمسة أعوام بناء على قانون عام 2007
لمكافحة جرائم المعلومات. وفي مايو أيضاً اعتقلت المباحث
متروك الفالح، الناشط الإصلاحي البارز والأستاذ الجامعي،
دون أن تنسب اتهامات إليه.
الحريات الدينية والتمييز الديني
تُميز السعودية بشكل منهجي ضد الأقليات الدينية فيها،
وعلى الأخص فرقة الإثنا عشريين الشيعية المتركزين في المنطقة
الشرقية وحول المدينة المنورة، والإسماعيلية، وهم فرقة
من الشيعة في نجران جنوب غرب البلاد. والتمييز الرسمي
ضد الشيعة يشمل التوظيف الحكومي وممارسة الشعائر الدينية
والتعليم ونظام العدالة. ويقوم المسؤولون الحكوميون باستبعاد
الإسماعيلية من دوائر صناعة القرار ويكيلون الإهانة علناً
لمعتقدهم الديني. وفي عام 2006 و2007 نعت القاضي اللحيدان
ومجلس كبار العلماء الإسماعيليين بأنهم (كفار) وهو الموقف
الذي تعكسه الكتب الدراسية الحكومية التي تذكر أن الفرقة
الإسماعيلية تقترف إثم (الشرك بالله) وهو من الكبائر.
وفي نجران لا يوجد ضمن رؤساء الأقسام في الحكومة المحلية
- وعددهم 35 شخصاً - إلا شخص إسماعيلي واحد، ولا يوجد
أي إسماعيليين تقريباً في وظائف أمنية هامة أو في وظائف
التدريس الديني. ويواجه الإسماعيليون مشقة في الحصول على
تراخيص بناء لمساجدهم التي يمولونها بأنفسهم، فيما تمول
الدولة المساجد السنية وتدفع الأجور لأئمتها. وبعد أن
قابل الزعيم الإسماعيلي شيخ أحمد بن تركي الصعب الملك
عبد الله في أبريل 2008 للتظلم من المعاملة الرسمية للإسماعيليين،
اعتقلته المخابرات السعودية واستمرت في احتجازه حتى نوفمبر.
|