نهاية أمير أرعن!
لم يكن بندر مختفياً بل كان ولازال مريضاً.
هذا ما يمكن التعليق عليه بشأن المقالة التي نشرتها
الاندبندنت في 28/3/09.
فاختفاء الرجل لم يكن بسبب الصراع على وراثة العرش،
حيث حسم هذا الأمر بتعيين نايف نائباً ثانياً، وخرست الأصوات
غير السديرية عن مواجهة التعيين، اللهم إلا من صوت خافت
جاء من الأمير طلال.
لم يكن بندر طرفاً قوياً في الصراع، ولم تكن له حظوة
فيه، حتى يختفي، كما لم يقرر أحدٌ له أن يختفي في الأساس!
كل ما في الأمر، أن زمن بندر قد ولّى!
اعتاد الأضواء حين كان سفيراً في واشنطن، وكان يقرب
الصحافيين منه، بل أنه دفع للبعض ان يكتب كتباً عن سموّه
غير الكريم!
كثيرون هم الأمراء الصغار في المكانة لا دور لهم في
الصراع حول كرسي العرش، وبندر منهم.
وحين ولي في اكتوبر 2005 أميناً عاماً لمجلس الأمن
الوطني السعودي، عرف الجميع أنها مجرد زحلقة، ورغم ان
الرجل ـ أي بندر ـ حاول أن يسترد مكانته ويخرج الى الأضواء
من ذلك المنصب، خاصة خلال حرب تموز عبر تنسيقه مع الاسرائيليين،
إلا أن تعيين مقرن بن عبدالعزيز (عم بندر) في منصب المخابرات
العامة، سحب الكثير من صلاحيات بندر، وصار مقرن هو المسؤول
عن الملفات الشائكة في أكثرها، وفي مقدمها الملف العراقي.
بندر له جبهة واحدة يعتقد أنه لازال يعمل عليها، وهي
جبهة لبنان، وهناك من يشاركه فيها كوزير الخارجية والأمير
مقرن وآخرون. أي أن هذه الجبهة دخل عليها آخرون وسحبوا
بعض صلاحياته منها، اللهم إلا صلاحية التنسيق مع الأجهزة
الأمنية الإسرائيلية، حيث لقاءاته العديدة التي أزكمت
الأنوف.
وحتى اللقاءات مع الإسرائيليين، صار خلفه تركي الفيصل
(قبل ان يستقيل هو الآخر من منصبه كسفير في أميركا) يقوم
بذات المهمات، بل أنه يعتبر الأمير الأنجح على الصعيد
الخارجي حين استطاع ونجح بالفعل في تجنيد المؤسسات الأكاديمية
في العالم لخدمة العائلة المالكة، بحيث شكل طاقماً من
الأكاديميين المشترين بالمال السعودي يمتد من لندن الى
باريس الى ألمانيا الى نيويورك وواشنطن وولايات أخرى امريكية.
وهذا نجاح يحسب لتركي الفيصل.
أما بندر، فقد سبب عزله من سفارة واشنطن، وتضاؤل صلاحياته
في الموضوع الأمني الذي يحبّه، سبب له قلقاً داخلياً،
وهو يكرر دائماً بأن جهده لم يحترم من قبل أعمامه وأبناء
عمومته القابضين على السلطة، خاصة وأنه كان فيما مضى يروج
بأنه سيصبح ملكاً في يوم ما للسعودية. هذا القلق انعكس
على زيادة ادمانه المسكرات، حتى أصيب بالعديد من الأمراض.
وإذا ما كان هناك سبب إضافي لابتعاده عن الأضواء، فهو
هذا الأمر: إدمانه على المسكرات.
صحيح ان الملك عبدالله لا يرتاح لنشاط بندر كونه تجاوز
صلاحياته منذ كان سفيراً، فضلاً عن توتيره العلاقات مع
دمشق وأطراف عربية اخرى.. لكن إبعاد الأخير عن مواقعه
في واشنطن لم يأت بسبب الملك فقط، بل لأن هناك منافسين
آخرين له، وبينهم أخوته غير الأشقاء، الذين ينظرون اليه
بعين دونيّة كون أمّه (عبدة).
بندر يعتبر مثالا في الغطرسة السياسية. وهو مثال لجيل
من الأمراء الذين عميت عليهم الحدود، فصاروا يفعلون المحرمات
السياسية والأخلاقية دون خجل، ويعلنون ذلك على الملأ العام!
وهو مثال أيضاً لأمراء انهارت طموحاتهم، وابتلعتها رمال
الصحراء.
الجيل الثالث في العائلة المالكة أسوأ من الجيل الثاني
لو أمسك بكرسي الحكم!
ولربما يكون الجيل الرابع أسوأ من الجيل الثالث أيضاً.
مع ملاحظة ان الجيل الثالث في كثير من أفراده الأساسيين
صاروا عجزة فوق السبعين عاماً، وصار لهم أحفاد أيضاً!
|